مثلما كان تاريخ الخامس والعشرين من يناير يوما فارقا
في التاريخ المصري لن يكون أبدا ما سيأتي بعده مماثلا لما كان قبله, فإن
تاريخ السابع عشر من فبراير سوف يكون تاريخا فاصلا للدولة الليبية.
فأيا كان ما سيحدث في المواجهة الداخلية الجارية حاليا في ليبيا فإن
دولة القذافي الجماهيرية لن يكون لها وجود; وما تعودنا عليه من أشكال
الغرابة والجنون لن يكون لها حياة.
تفاصيل الانتقال وما سيحدث علمها لا يزال عند الله, ولكن النتيجة محتومة
هي تغيير النظام طال الزمن أو قصر. وعندما يكون الحال كذلك في ليبيا
فإنه من المستحيل أن تقف مصر مكتوفة اليدين. صحيح أن مصر هي الأخري تمر
بمرحلة تحول صعبة, ولديها في داخلها ما يكفيها في هذه المرحلة ولكننا لا
نستطيع الصمت.
أولا لأن هناك في ليبيا مليونا ونصف مليون مصري منتشرين في كل أنحاء
ليبيا; ومهما بذلنا من جهد, وهو ما نفعله الآن بطاقة هائلة, فلن
نستطيع إلا إنقاذ بضع مئات من الآلاف بينما سيتعرض, ويتعرض بالفعل,
مئات الآلاف الأخري لأقصي درجات العنف والتهديد.
وثانيا أن الثورة في ليبيا هي امتداد بشكل أو بآخر للثورة في مصر, وإذا
كانت ثورتنا ديمقراطية, فقد آن الأوان لكي يكون زمن الثورات الديمقراطية
هو الذي يظلل سماوات المنطقة كلها خاصة في الدول المجاورة لمصر. وببساطة
إذا كنا نأخذ الفكرة الديمقراطية بجدية فإن سلامتها عندنا مرتبطة بسلامتها
في ظل دول الجوار. ولا يمكن أن نترك شعبا شقيا يثور علي الطغيان دون
تقديم المساعدة لكي يكون فريسة الطائرات والمدرعات.
وثالثا طوبي لمن يهتمون بالمستقبل, وليبيا الديمقراطية الحرة سوف تكون
دولة شقيقة فعلا لمصر والمصريين, وهي العمق الاستراتيجي الغربي لمصر.
ساعدوها بكل ما لدينا من طاقة وقدرة!.