انتصار القذافي في صراع ليبيا ربما يؤدي لقيام حرب مدن طويلة
2011-03-13
قوات
تابعة للقذافي تحتفل بسيطرتها على منطقة بن جواد
لندن- ليس من المرجح أن ينتهي الصراع الدائر في ليبيا
عما قريب لكن أي انتصار للعقيد معمر القذافي سيجعل أعداءه يتراجعون إلى
عدد محدود من المعاقل داخل المدن ليعيدوا إطلاق ثورتهم في إطار حرب مدن
طاحنة.
وما زال من غير المرجح أن تحقق القوات الحكومية انتصارا حاسما
بالمعنى العسكري التقليدي في رأي الكثيرين لكنه لم يعد مستبعدا. ومع تفوق
قوات القذافي من حيث المدفعية الثقيلة فإنها استعادت الزخم فيما يبدو في
الصراع الذي تشهده البلاد منذ ثلاثة أسابيع.
وإذا ظل زمام المبادرة في يد قوات القذافي فإنها ربما تجتاز الجهود الدولية
الحذرة التي تهدف إلى وقفه. وينظر بعض محللين إلى أن هزيمة قوات المعارضة
حتى في معاقلها الشرقية لم تعد في نطاق المستحيل.
ومع الإشارة إلى أن قوات القذافي أفضل تجهيزا وتنظيما من المعارضة قال جيمس
كلابر مدير المخابرات الوطنية خلال جلسة لمجلس الشيوخ في واشنطن يوم
الخميس إن "النظام ستكون له الغلبة" في نهاية الأمر.
لكن محللين يقولون إن النصر العسكري التقليدي لن يعيد للقذافي السيطرة
الكاملة على كل أرجاء ليبيا كما كان الحال خلال سنوات حكمه المستمرة منذ 41
سنة حتى الآن. وربما يكون هذا الوضع قد انتهى للأبد.
وبدلا من ذلك فإن مدنا شرقية مثل بنغازي التي تمثل المركز التقليدي لمعارضة
حكم القذافي من المرجح أن تقاوم السيطرة الكاملة للحكومة.
وفي هذه المنطقة ستتمكن قوات معارضة مسلحة من التمركز في المدن وحشد
التأييد من السكان الذين روعهم القمع الشديد للقوات الحكومية للمحتجين
المدنيين. كما أن هذه القوات ربما تستفيد من الخبرة العسكرية الأجنبية.
كما أن قادة مقاتلي المعارضة ربما يتمكنون من استغلال الصدوع في المؤسسة
الحاكمة التي تشهد العديد من الانشقاقات من ضباط الجيش وزعماء القبائل ومن
مسؤولي الدولة السابقين.
كذلك فإن العقوبات الدولية ستقيد القذافي والدائرة المقربة منه والتي تهدف
إلى منعه من الحصول على المال أو السلاح أو السفر إلى دول أجنبية.
وقال يزيد صايغ وهو أستاذ في قسم دراسات الحرب بكلية كينجز في لندن "إذا
استعاد القذافي السيطرة فسيكون ذلك في ظل انقسامات قبلية وإقليمية جديدة".
ومضى يقول "قطاعات كبيرة من السكان لن تكون راغبة في تقديم المعلومات التي
سيحتاجها القذافي لمواجهة تمرد مدني. ربما تكون هناك سيطرة فعلية على مبان
حكومية رئيسية لكن هذا لا يضاهي وجود سيطرة أمنية حقيقية".
وقال جراهام كاندي وهو خبير عسكري في شركة (ديليجنس) للاستشارات الأمنية
وشؤون المخابرات إنه ليس هناك نقص في السلاح والعتاد في الشرق.
لذلك فإن المراكز المدنية في المنطقة ستكون ملاذا لمجموعة من المقاتلين من
ذوي الاصرار الذين سيستندون إلى التأييد من السكان المحليين.
وقال كاندي وهو ضابط سابق في الجيش البريطاني له خبرة طويلة في حرب
العصابات بأفغانستان "كل شيء مطلوب متوفر لحملة مستمرة من المعارضة المسلحة
ضد القذافي في حالة سعيه لاستعادة السلطة".
ويقول خبراء عسكريون إن حرب المدن ضد سلطة حكم متشبثة بسدة الحكم تتطلب
وجود مناطق آمنة حيث يمكن للمقاتلين التعافي وإعادة التسلح والتخطيط. ومن
أمثلة تلك الأماكن الجبال أو الأراضي التي يسيطر عليها المعارضون أو
المناطق النائية أو دولة مجاورة صديقة أو مدن كبيرة.
وتفتقر ليبيا التي يعادل حجمها مرتين ونصف المرة حجم فرنسا إلى الجبال كما
أن الكثير من مناطقها النائية ربما ينتهي بها الحال في أيدي مجموعات ذات
انتماءات غير واضحة.
وقال شاشانك جوشي وهو زميل مساعد في المعهد الملكي للدراسات الدفاعية إن
المدن الواقعة في الشرق هي الأماكن الأكثر ترجيحا كي تكون معاقل لفلول قوات
المعارضة في حالة هزيمتها.
وتابع قوله "أعتقد أننا سنشهد بقاء الشمال الشرقي معقلا للمعارضة".
وأشار إلى أن مدينة الزاوية الواقعة في شمال غرب البلاد والتي استعادها
الجيش بعد أيام فقط من هجمات عنيفة مثال للمقاومة الضارية التي يمكن أن
تبديها قوات المعارضة.
لكن محللين يرون أن قوات المعارضة عليها أن تكثف جهودها إذا كان لها أن
تجتاز المزيد من الضراوة المماثلة.
كما يقول المحللون إن قادة قوات المعارضة يفتقرون فيما يبدو إلى استراتيجية
متفق عليها وقيادة موحدة وهي نقاط ضعف بالغة لا تعوضها الحماسة الواضحة
التي يبديها المقاتلون.
وقال نعمان بن عثمان الذي حارب القذافي باعتباره زعيما للجماعة المقاتلة
الليبية في التسعينات إن على المقاتلين تشكيل شبكات سرية وعلى عجل من قواعد
في الريف والمدن بشرق البلاد.
وأضاف بن عثمان أنه في حالة استعادة القذافي السيطرة على البلدات الشرقية
فسيكون من الضروري توفر شبكة من مخابيء الأسلحة وإمدادات الغذاء والماء
والوقود لتمكين قوات المعارضة من البقاء. ويعمل بن عثمان حاليا خبيرا في
مكافحة التشدد لدى مركز (كويليام) البريطاني للأبحاث.
وأردف قائلا "إنهم يحتاجون بشكل عاجل إلى إعادة تنظيم الصفوف في الشرق وهم
يفتقرون إلى الخبرة والتي ستكون مشكلة. لكن إذا تمكنوا من بناء تلك القواعد
فيمكنهم شن حرب دون خطوط أمامية وسيتسببون في جحيم مقيم لقوات القذافي".