ثورات عربية: فأين النساء؟
روني الوني ـ سدوبنيك
2011-02-20
إن انتفاض الجماهير في الدول العربية يثير أملا كبيرا
بأن الديمقراطية تطرق آخر الامر أبواب الشرق الاوسط. لكن كلما أصبح منظر
المظاهرات مؤثرا، وبخاصة على خلفية العدوان الجنسي على مراسلة 'سي.بي.اس'
لارا كوغين في اثناء الاضطرابات في مصر، ما يزال سؤال واحد مهم لم يحصل
على جواب كاف: هل ستحمل الثورة المدنية ايضا بشارة جديدة لمكانة النساء
المسلمات؟
هل تنتظر النساء ايضا اصلاحاً شاملا ً لمكانتهن، أم سيظللن
الآن ايضا في هامش الصورة، ويستمررن على معاناة طائفة واسعة من الحظر
والارغام الديني الذي يراهُنّ غير مساويات في حقوقهن للرجال؟ ان نظم
الحكم الشمولية في الشرق الاوسط مثل كل نظام ديني متطرف دفعت الفكرة
الديمقراطية قدر استطاعتها بالربط المريح بين جهل الشعب والفقر الكبير، وهو
الامر الذي سهل السيطرة على الشعوب. إن الربط بين الفقر والجهل كان طوال
السنين ايضا برنامجا مريحا لنشوء الاصولية الدينية المتطرفة.
وكانت
نتيجة الحفاظ على هذا الوضع أن وُطئت الفكرة الديمقراطية لكن مع الاضرار
الشديد ايضا والمباشر قبل كل شيء بالنساء اللاتي يجدن انفسهن في كل وضع
معاد للديمقراطية، ضعيفات مضطهدات في أسفل المجموعة المضطهدة العامة.
منذ
نشبت الاضطرابات في القاهرة ونحن في العالم الغربي نجلس مسحورين أمام
شاشات التلفاز والحاسوب وننظر كأننا لا نصدق الى مظاهرات الجماهير التي
انتشرت في تونس وايران وليبيا والبحرين واليمن. إن صور مئات آلاف الرجال
يلبسون القمصان القصيرة الأكمام وبنطلونات الجينز بغير لباس اسلامي تقليدي
تقريبا، مؤثرة. لكن يصعب ألا نرى الغياب المطلق تقريبا للنساء داخل
الجماهير التي تصرخ طالبة الحرية.
إن النساء القليلات اللاتي تجرأن على
الخروج الى الشوارع قد حرصن ايضا على التظاهر على حدة، وألا يختلطن
بالرجال، وبعضهن مُلففات من أخماص اقدامهن حتى رؤوسهن باللباس التقليدي،
الذي يفرض عليهن ستر واخفاء اجسادهن ووجوههن. أثورة أم لا ثورة ـ على نحو
يشبه مجتمعات أبوية متدينة اخرى، ما يزال المجال العام في المجتمع العربي
ايضا يعتبر مجالا رجاليا، وتصور الحدث الذي يقع الآن هو تصور ثورة يقوم بها
الرجال من غير النساء.
برهنت القلة القليلة من النساء الملففات بالحجاب
وأغطية الرؤوس، واللاتي أجرين المقابلات الصحافية مع كل ذلك مع وسائل
الاعلام في اثناء الاضطرابات في مصر وتحدثن بحماسة كبيرة وبمنطق، أن عندهن
الكثير مما يقُلن.
كما في حالات اخرى من تغيير نظام الحكم والثورات، من
المعقول ان النساء العربيات ايضا ينتظرن، وبحق، ان تتحسن مكانتهن
الاجتماعية وأن يستطعن منذ الآن فصاعدا المشاركة على نحو مساوٍ في الحكم،
وان يحرزن مكانة مساوية وان يحصلن على حرية ان يلبسن كما يشأن من غير ان
يعتبر ذلك عدم حشمة. وتوجد في البلدان المسلمة امور كثيرة ينبغي اصلاحها.
فالنساء هناك يضطررن احيانا الى الزواج في سن صغيرة؛ وثمة اماكن اعتيد فيها
ختان النساء؛ وإن اولئك اللاتي يحيين في رفاهة داخل البيوت يحلمن بالكف عن
تمييزهن الاقتصادي والاجتماعي.
إن هذه القيود ينبغي اطلاقها. بقيت
النساء حتى في الواقعة المعروفة من انتصار الكفاح لتحرير الجزائر ـ الذي
أفضى في الحقيقة الى اصلاح مدني وترتيبات حكم ديمقراطية ـ مكبلات غائبات عن
المجال العام.
هل ستحطم النساء المصريات التقاليد؟ لن يكون هذا سهلا.
من المعقول ان نفترض ان العناصر المتدينة، حتى لو هادنت في الشأن
الديمقراطي، ستجعل تقدم هذا الموضوع صعبا.
لهذا فان هذه ساعة امتحان
تاريخي لكل منظمات النساء النسويات في العالم الغربي. عليهن ان يستغللن
الأثر التاريخي، وان يحثثن التأييد العالمي لانشاء ديمقراطية في البلدان
العربية كي تشتمل الثورات على اصلاح حقيقي كامل لمكانة النساء.
اسرائيل اليوم 20/2