عشرات الضحايا الليبيين ... والنظام يستعد لمجازر إضافية
عاصـفـة التغيـيـر تـهـدّد عـرش الـقـذافي
|
متظاهرون في مدينة طبرق الليبية أمس (عن «الإنترنت») |
|
|
|
|
|
عصفت رياح التغيير التي تهب على المنطقة العربية،
أمس، بليبيا، التي خرج شعبها في تظاهرات لإسقاط نظام الرئيس معمر القذافي،
مستلهماً تجربتي الشعبين التونسي والمصري، في وقت لم تتأخر أجهزة الأمن
الليبية في استخدام أساليب القمع التي لجأت إليها أجهزة زيد العابدين بن
علي وحسني مبارك، لا بل تجاوزتها في دمويتها، بعدما أظهرت حصيلة أولية
لضحايا «انتفاضة 17 فبراير» سقوط عشرات القتلى والجرحى، وسط مخاوف من
ارتكاب مجازر بحق المتظاهرين خلال الساعات المقبلة.
واندلعت مواجهات
دامية، ابتداء من صباح يوم أمس، في العديد من المدن الليبية، بعدما خرج
المواطنون إلى الشوارع استجابة لدعوة وجهها إليهم معارضون يتواصلون عبر
الانترنت من دون كشف هوياتهم، أو ينشطون في المنفى، لتنظيم «انتفاضة شعبية»
لإسقاط نظام القذافي، الذي ما زال يحكم البلاد منذ نحو 42 عاماً.
واختار
المعارضون إطلاق انتفاضتهم في السابع عشر من شباط، بما يمثله هذا التاريخ
من ذكريات أليمة للشعب الليبي، حيث يصادف ذكرى اشتباكات وقعت في بنغازي في
العام 2006، حين قتلت قوات الأمن العديد من المحتجين الذين كانوا يحاولون
اقتحام القنصلية الإيطالية، وذكرى تنفيذ أحكام الإعدام بعدد من المعارضين
لنظام الرئيس الليبي في بنغازي أيضاً العام 1987.
وكانت أعنف المواجهات
التي شهدها اليوم الأول من الانتفاضة في مدينة بنغازي (ألف كيلومتر شرقي
طرابلس)، حيث أفيد عن مقتل ما بين 8 و14 متظاهراً بعدما استخدمت قوات الأمن
الرصاص الحي لتفريق المحتجين.
وحتى مساء يوم أمس، كانت بنغازي تشهد
عمليات كر وفر بين المتظاهرين وعناصر القوى الأمنية، التي استقدمت مزيداً
من التعزيزات للمدينة، فيما ذكر شهود عيان ان متظاهرين أحرقوا مع حلول
المساء مركزا للشرطة في المدينة.
كما اندلعت مواجهات في مدينة البيضاء،
قرب بنغازي، حيث قتل ما بين 10 و13 متظاهراً. ونقلت منظمة «هيومن رايت
سوليداريتي»، ومقرها في جنيف، عن شهود قولهم إن قناصة متمركزين على السطوح
قتلوا 13 متظاهرا وأصابوا عشرات آخرين بجروح.
وأظهرت تسجيلات فيديو
نشرت على الانترنت عشرات الشبان الليبيين في مدينة البيضاء وهم يرددون
«الشعب يريد إسقاط النظام» وذلك بينما كانت النيران تشتعل في أحد المباني
في حين بدت الشوارع خالية من عناصر الشرطة.
كذلك، اندلعت مواجهات في
زنتان (145 كيلومتراً جنوبي غربي العاصمة الليبية)، واعتقل خلالها عدد من
الأشخاص وأحرقت مراكز للشرطة ومقر للجان الثورية.
وذكر شهود عيان أن
العاصمة طرابلس لم تشهد، خلال النهار، أي تظاهرات سوى تلك التي شارك فيها
أنصار القذافي في الميدان الأخضر في المدينة رافعين صوره ومرددين شعارات
مؤيدة له، في وقت عمدت السلطات الأمنية إلى تعزيز إجراءاتها الأمنية في
الطرق الرئيسية المؤدية إلى طرابلس، في حين كانت حركة السير في العاصمة أخف
من العادة.
لكن ناشطين في داخل ليبيا وخارجها، أكدوا لـ«السفير» ان
المواجهات امتدت مساء إلى العاصمة طرابلس، حيث قامت السلطات بقطع خدمة
الانترنت في العديد من أحيائها، فيما كثفت قوات الأمن انتشارها في معظم
الأحياء والشوارع، وفرضت طوقاً أمنياً حول ميدان الشهداء في وسط المدينة،
فيما ذكر شهود عيان أنهم سمعوا طلقات نارية في العاصمة.
وقال الناشط
السياسي الليبي حسن الجهمي لـ«السفير» إن «الأجهزة الأمنية التابعة لنظام
القذافي ترتكب مجازر حقيقية بحق المواطنين على امتداد الأراضي الليبية»،
متوقعاً ارتكاب «مجازر إضافية» ضد المدنيين بحلول الساعات المقبلة، وخصوصاً
في مدينة بنغازي.
وأوضح الجهمي، الذي يتولى من سويسرا التغطية
الإعلامية لـ«انتفاضة 17 فبراير» الليبية عبر موقع «فيسبوك»، أن حصيلة
أولية للمواجـــهات تؤكــد مقتل 12 شخصاً في بنغازي، و10 في مدينة البيضاء،
و6 في اجدابية، فضلاً عن إصابة العــشرات بجروح، بعضها خطيرة، في مخــتلف
المناطق التي جرت فيها التظاهرات.
وأكد الجهمي أن السلطات الليبية
أوقفت الاتصالات من ليبيا إلى الخارج، موضحاً أن خدمات الهاتف تقتصر حالياً
على الاستقبال. كما أشار إلى أنّه تم قطع خدمة الانترنت في بعض المناطق.
وشدد
الجهمي على أن «الانتفاضة الشعبية ستستمر إلى أن يتمكن الشعب من إسقاط
نظام القذافي على غرار ما جرى في تونس ومصر». وأوضح أن «الشعب الليبي رفع
مطلب إسقاط النظام منذ البداية، والأجواء في ليبيا توحي أن الشعب مصرّ
سيمضي بمطلبه هذا حتى النهاية».
وحذرت اللجان الثورية، العمود الفقري
للنظام، ومعقل الحرس القديم، أنها لن تسمح لمجموعة «تتحرك في الليل»
بـ«سرقة مكتسبات الشعب الليبي والعبث بأمن ليبيا واستقرارها».
وكانت
شركتا «لبيانا» و«المدار» المشغلتان للهاتف الخلوي في ليبيا أرسلتا رسائل
نصية قصيرة من «شباب ليــبيا» تــحذر من المشاركة في تظاهرات مناوئــة
للنظام. وجاء في هذه الرسائل «من شباب ليبيا إلى كل من تسول له نفسه المساس
بالخطوط الحمراء الأربعة، تعال وواجهنا بأي ميدان أو شارع ببلادنا
الحبيبة. شباب ليبيا»، محــددة «الخطوط الحمراء» بمعمر القذافي ووحدة
الأراضي الليبية والإسلام وأمن البلاد.