الجنوب يستعد ليصبح الدولة 193 ... ويتعهّد عدم إيواء معارضين شماليين
البشير في جوبا ... شاهداً على تقسيم السودان
|
سلفا كير ينحني أمام العلم السوداني ويبدو البشير خلال وصوله إلى مطار جوبا الدولي أمس (أ ف ب) |
|
|
|
|
|
ودّع الرئيس عمر البشير أمس الوحدة الوطنية السودانية التي اؤتمن على
حمايتها لكنه أهدرها، وبدا خلال الزيارة الرسمية التي قام بها الى مدينة
جوبا عاصمة اقليم جنوب السودان، وكأنه يسلم بان الاستفتاء الجنوبي المقرر
الاحد المقبل، سيؤدي الى تقسيم البلد العربي الاكبر مساحة، وقيام دولة
جديدة بعد زواج رسمي بين الشمال والجنوب دام 55 عاما، بينها 38 عاما من
الحروب الاهلية، وقال انه «سيكون حزينا» إذا اختار الجنوبيون الانفصال
لكنه «سيحتفل معهم»، مؤكدا انه مستعد لمواصلة تقديم الدعم للجنوب حتى في
حال أصبح «دولة».
واستقبل البشير في جوبا كرئيس دولة أخرى، وبسط له نائبه ورئيس حكومة
جنوب السودان سالفا كير الذي خاض ضده الحرب السجاد الأحمر في مطار
المدينة، كما ألبسه عباءة ترمز للجنوب، بحضور عدد من كبار القياديين
الجنوبيين وحرس الشرف المكون من جنود شماليين وجنوبيين.
وتجمع خارج المطار نحو 500 شخص يرفعون شعار «لا للوحدة»
و«احترموا قرارنا» ويلوحون بأعلام جنوبية في أجواء احتفالية. ورفعت
منظمات غير حكومية عند مدخل المطار لافتات كتب عليها «نحن سعداء باستقبالك
من جديد للاحتفال باستقلال جنوب السودان»، و«نرحب بكم في الدولة الـ193»
في العالم. وتم نشر أعداد كبيرة من قوات الأمن في جوبا التي قام جنود
مسلحون بدوريات في شوارعها.
وقال البشير، في كلمة للمسؤولين الجنوبيين في القصر الرئاسي في جوبا
نقلها التلفزيون الحكومي مباشرة، «كنا مقتنعين أن الوحدة هي الأفضل
للمواطن السوداني في الشمال والجنوب، وأفضل للشمال والجنوب. نحن قلنا
موقفنا لكن موقفنا لا يعني أننا سنرفض رغبة المواطن الجنوبي الذي أعطيناه
هذا الحق عن قناعة. سيكون هناك حزن لأن السودان تقسم، لكن سأكون سعيدا لو
نحن بعد الاستفتاء وقيام الدولتين حققنا السلام الحقيقي والنهائي للسودان
بطرفيه الاثنين».
وأعلن البشير، الذي كان متقبلا لفكرة أن تكون نتيجة الاستفتاء هي
الانفصال، أنه أتى إلى الجنوب لتخفيض إمكانية اندلاع أي اشتباكات بعد
الاستفتاء والتباحث بكيفية عمل الدولتين معا. وقال «نحن مع خياركم. إن
اخترتم الانفصال سأحتفل معكم. لن ننصب خيمة للعزاء».
وأكد البشير رغبته في الحفاظ على روابط جيدة مع الجنوب، حتى في حال
الانفصال. وقال «حتى بعد قيام دولة الجنوب نحن جاهزون لتقديم دعم فني أو
لوجستي أو دعم بالخبرة لها. ما في زول (رجل) في هذه الدنيا أولى منا نحن
لتقديم هذه الدعم البعيد ولا القريب». وأوضح أن «حجم المصالح والروابط
بيننا في الشمال والجنوب غير موجودة بين أي دولتين في العالم»، معتبرا انه
«حتى لو حصل الانفصال فان الفوائد التي يمكن أن نحققها عبر الوحدة يمكن أن
نحققها من خلال دولتين».
وبعد أن ألقى خطابه، تباحث البشير وسالفا كير في قضايا ما بعد
الاستفتاء، مثل المواطنة والأمن وتقاسم عائدات النفط والديون الخارجية
وترسيم محتمل للحدود التي لا يزال يتعين ترسيم 20 في المئة منها. ولكن
الكثيرين يخشون أن ينشأ صراع على مصير منطقة آبيي المتنازع عليها بين
الطرفين والتي قد لا يجري على الإطلاق استفتاء خاص بشأن انضمامها إلى
الشمال أو الجنوب.
وأكد البشير، في ختام الزيارة، «التزام حكومة الجنوب بعدم السماح
بوجود معارضة شمالية في الجنوب». وقال «إن الطرفين اتفقا على المحافظة على
الأمن والاستقرار في المنطقة وتأمين المواطنين الجنوبيين في الشمال وتأمين
الشماليين في الجنوب»، مضيفا «إن الجانبين شددا على أن تتم عملية
الاستفتاء بصورة سلمية وشفافة وعلى الحوار لحل القضايا بينهما». وتابع
«تحدثنا أيضا عن مستقبل الشراكة بين الشمال والجنوب حال الانفصال»، موضحا
«نحن من جانبنا ملتزمون بعدم وجود معارضة جنوبية في الشمال».
ونقلت وكالة الأنباء السودانية (سونا) عن سالفا كير قوله إن «حكومته
اتخذت إجراءات طردت بموجبها حركات دارفور المسلحة من جوبا». وأضاف «لا
توجد معارضة من الشمال تتخذ من جوبا قاعدة لها»، مكررا التزام الطرفين
تنفيذ ما تبقى من بنود اتفاقية السلام.
وقال وزير الإعلام الجنوبي برنابا ماريال، بعد الاجتماع، إن
الزعيمين تعهدا بتسوية هذه القضايا بحلول تموز المقبل. وأكد أن البشير
«قال انه إذا اختار شعب جنوب السودان إقامة دولة مستقلة، فسيكون هو
وحكومته أول من يعترف بهذا البلد الجديد».
وسجل نحو أربعة ملايين شخص أسماءهم في اللوائح الانتخابية للمشاركة
في الاستفتاء المقرر في الفترة من 9 إلى 15 كانون الثاني الحالي إنفاذا
لاتفاق السلام الذي كان أنهى في 2005 الحرب الأهلية في السودان.
يشار إلى أن أكثر من 3 آلاف مراقب محلي ودولي سيراقبون عملية
الاستفتاء. وأعلنت وزارة الخارجية الصينية إن بكين سترسل مراقبين للسودان
للإشراف على الاستفتاء. ووصل رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ
الأميركي جون كيري إلى الخرطوم، في زيارة تستمر أسبوعا . وذكر بيان لمكتب
كيري انه سيلتقي مسؤولين من الشمال والجنوب «للتشجيع على إجراء استفتاء
هادئ وعلى اتفاق أوسع بين الشمال والجنوب». واعتبر أن «السودان في لحظة
مفصلية»، مضيفا أن التزام الولايات المتحدة حيال السودانيين سيستمر «إلى
ما بعد الاستفتاء أيا كانت نتيجته في الوقت الذي نعمل فيه على تحسين الوضع
الإنساني في المنطقة».
من جهة أخرى، أعلنت «حركة التحرير والعدالة»، التي تضم عددا من
المجموعات الصغيرة المتمردة في دارفور، إنها وافقت على اتفاق سلام مع
الخرطوم سيتقرر موعد التوقيع عليه لاحقا. وقال رئيس «حركة التحرير
والعدالة» التيجاني السيسي، في مؤتمر صحافي في الدوحة، أنها «تؤكد انتهاء
العملية التفاوضية وهي في انتظار الوثيقة النهائية للسلام». وأعلنت
الحركة، في بيان، أنها «تسلمت رد الوساطة حول القضايا الخلافية في
الثلاثين من الشهر الماضي، وقررت قبول رأي الوساطة بتلك الحلول التوفيقية
التي تلبي طموحات شعب دارفور لتصاغ بعدها في ورقة اتفاق شامل ونهائي لتوقع
عليه الأطراف».