07 يوليو 2014 بقلم
إبراهيم الهضيبي قسم:
الدين وقضايا المجتمع الراهنة تحميل الملف حجم الخط
-18
+ للنشر:انتصار الدولة على الإسلام
صناعة دين الدولة لتمكين الدولة الحديثة في مصر*
محاور الدراسة:
1-مقدمة
2-ما قبل التحديث: الأنماط الاجتماعية في مصر
3-الدولة الحديثة في طور التكوين
4-الدولة من الوجود إلى الحكم
5-الإسلاميون: أبناء الدولة غير البررة
6-من بعد قوة ضعفاً وشيبة
ملخص الدراسة:
...وتذهب هذه الورقة إلى أنّ صعود الفكرة الإسلامية الحديثة المتمثلة دولتياً في خطاب تقنين الشريعة، ومجتمعياً في شعبية الحركات الإسلامية، إنما مثل انتصاراً للدولة على الإسلام، بمعنى نجاحها في تفكيك المنظومة الإسلامية التي كانت سائدة قبلها، واستبدالها بـ"دين الدولة"، غير أنّ اندلاع الثورة المصرية وتطورات صراعاتها أحدثت جروحاً قاتلة في هذه الدولة ـ بتجلياتها الإسلامية والعلمانية جميعاً، وأعطبت نمط عملها على نحو يكاد يستحيل معه الإصلاح والترميم.
فالمصرية ـ كغيرها من الهويات الوطنية - هي أمر مصطنع أو "متخيّل" بحسب بينيدكت أندرسون، وصناعتها هذه كانت ضرورية في العصر الصناعي، الذي احتاج "تناسجاً اجتماعياً في إطار وحدة سياسية"
[1]، يمكن به تنميط الأسواق وتوحيد القوانين الحاكمة لها على نحو يساعد في اتساع السوق لاستيعاب الطفرة الإنتاجية، وتولت الدولة الحديثة الناشئة مهمة إحداث هذا التنميط من خلال "الوظائف الاقتصادية الضريبية للدولة وتخصيصها للموارد وتوظيف الناس في صفوفها المتضخمة، ويستكمل ذلك بنظام تعليم قومي ينتج كفاءات للتوظيف، وحقل ثقافي من وسائل الإعلام يعمل بلغة قومية معيارية"
[2]، أدّت هذه العمليّة في المحصلة الأخيرة بحسب ميشيل فوكو إلى "صناعة" الفرد النمطي بدلاً من إجبار الناس على الالتزام بأنماط معينة، بحيث صارت "الخدعة الكبرى" للنظام التي هي السبب الرئيس في استقراره ـ كما يقول أنطونيو جرامشي ـ هي نجاحه في إيهام الناس بحرية اختيارهم، الذي يأتي في الحقيقة وفق أنماط يفرضها النظام، فتؤسس الدولة بهذه الطريقة - وبالتوازي مع تشكيلها أشكالاً للحكم - "إمكانية أشكال التزوير والتقليد والمحاكاة لأداء قوتها،"
[3]، أي أنها تضع الأنماط والأسس الحاكمة لمعارضتها والخروج عليها...