اوباما لن يتنكر لاسرائيل


ابراهام بن تسفي





























في نهاية الاسبوع الاخير، بعد مرور ثلاثة عقود من
الصداقة الوثيقة، تخلى باراك اوباما نهائيا عن حسني مبارك، بل شبّه نظامه
بالحكم الشمولي السوفييتي في فترة الحرب الباردة.
اجل تُرك النظام،
الذي كان ما يزال البيت الابيض الى ما قبل ايام معدودة يُعرفه بأنه مرساة
استقرار اقليمي، لمصيره من قِبـَل من كان يفترض ان يكون راعيه.
وهكذا،
في حين أصبح مُحدثو الثورة المصرية يُرون في واشنطن محاربي حرية على مذهب
مارتن لوثر كينغ، أصبح الرئيس المصري توأما لخروتشوف، الذي جعل القوتين
العـُظميين تسيران في مسار مواجهة خطرة في ازمة الصواريخ الكوبية.
على
خلفية هذا السلوك الامريكي، الذي أصبح مُثبّتا في الاعتقاد الساذج بأنه قد
تم فتح نافذة فرص لاستعادة نموذج الديمقراطية الغربية في ارض النيل، يسأل
كثيرون سؤالا ً: هل يوجد احتمال ان تتبنى ادارة اوباما نهج عمل مشابها نحو
اسرائيل في ظروف وشروط تخلص فيها الى استنتاج ان سياستها تناقض أهدافا
امريكية مركزية؟.
رغم أن تخلي الراعي الامريكي عن الحليف المصري القديم
أثار قلقا عميقا في أنحاء العالم العربي المعتدل الموالي للغرب، ولا سيما
السعودية، فلا ينبغي ان نقيس اسرائيل على ذلك قياسا مشابها.
رغم الطريقة
الفظة التي قلب فيها اوباما جلده فجأة وتنكر لشريك وصديق (عرف شكل نظامه
معرفة جيدة) حينما حارب عن حياته السياسية (حتى لو كانت هذه الحرب نتيجة
اخفاقاته وبلادة حسّه)، فان البُعد بين القاهرة والقدس كبير جدا.
بخلاف
نظام حكم مبارك، الذي لم يحظ بمناصرين كُثر في الساحة الامريكية الداخلية
بعد نشوب الاضطرابات، تتمتع اسرائيل بشبكة أمن واسعة في واشنطن.
في
حواشي القاعدة الواسعة للتأييد من قبل مجلس النواب الامريكي وسائر المنظمات
والمؤسسات وجماعات الضغط، بدا في السنين الاخيرة تآكل ما لكن الجدول
الزمني لـ 'العلاقات الخاصة' بقي كما كان. تقوم هذه العلاقات على مشاعر
التعاطف والتماهي والتكافل من قبل مستويات واسعة في المجتمع الامريكي نحو
التجربة الاسرائيلية وميراثها وروحها التأسيسية، وهي صلبة مستقرة اليوم
ايضا.
لهذا، وحتى على خلفية الأزمات التي نشأت في الماضي بين واشنطن
والقدس ـ وفي ضمن ذلك ازمة 'التقدير من جديد' في 1975 وازمة 'المبادرة
المشتركة بين القوى العظمى' في 1977 ـ اضطرت الادارة الى مجابهة مجموعة
كاملة من العوامل القسرية والاعتراضات في الداخل من قبل ممثلي 'العلاقات
المتميزة'. وقد اضطروا قادة البيت الابيض الى الرجوع عن مبادراتهم التي تضر
باسرائيل أو أن يعرضوا عليها (كما في ازمة 'التقدير من جديد') تعويضا
مفرطا مقابل تنازلات طُلب اليها القيام بها.
وفي الخلاصة، حتى لو كان
نموذج التفكير الحالي للبيت الابيض نحو اسرائيل يقوم على تصور بارد تعوزه
كل صلة بالنسيج القيمي والثقافي والتاريخي الذي يربط بين المجتمعين، فانه
غير قادر في واقع الامر على اجتياز الخطوط الحمراء. لهذا فان مجال مناورته
ايضا في محاولاته المبادرة الى اجراءات تتحدى القدس محدود.
ينبغي ان
نأمل فقط ان يستمر ممثلو 'العلاقات المتميزة' في ان يؤدوا في المستقبل ايضا
مهمة الصد وكف الجماح والردع في مواجهة ادارة لا يشتمل تصورها العام على
حب للشريكة الاسرائيلية، ولم تُصغ في بوتقة العلاقات المتميزة.

اسرائيل اليوم 16/2/2011