من يتحدث الى الاخوان؟
تسفي برئيل
2011-02-13
قد يحل الحظ محل الحكمة التي تسبق الفعل. ما كان يمكن
ان يكون لبنيامين نتنياهو حظ أكبر من نشوء ثورة مصرية. هكذا حل ميدان
التحرير محل الشيخ جراح وبلعين والحوض المقدس، وافتتاح نفق حائط البراق
ومشكلات اخرى كانت ستُقرب ضغوط القوة الامريكية الى رأس نتنياهو.
في
ظروف اخرى، أي لو شُهر رئيس الحكومة بقدرته على التخطيط وبقدرته على
التحليل والاستشراف لأمكن حتى أن نرتاب بأنه هو الذي أحدث 'التحرش' في
القاهرة، الذي يخدم بطبيعة الامر 'الشأن الصهيوني'.
كم كان لذيذا أن
نرى كيف تتورط الولايات المتحدة كل يوم بتصريحاتها واقتراحاتها على مبارك:
اجل استقل الآن؛ لا تستقل الآن؛ وإزالة نظام الطوارئ؛ وربما حل البرلمان؛
والحديث الى الاخوان المسلمين؛ أو عدم الحديث اليهم. وماذا عن لعبة البينغ
بونغ بين كلينتون واوباما؟ هل يوجد شيء أكثر تسلية من ان نرى كيف يحاول
رئيس الولايات المتحدة الذي اعترف قبل اسابيع معدودة فقط بفشل التفاوض بين
اسرائيل والفلسطينيين انشاء دولة ديمقراطية اخرى في المنطقة.
يجوز
لنتنياهو ان يستمتع للحظة، لكن للحظة فقط. لأن هذه كما قلنا آنفا ايام
ثورة. لكن هذه الايام لا تقلب أجزاء من طريقة نظام الحكم المصري رأسا على
عقب فقط بل تنشئ معجما سياسيا جديدا يحسن ان تبدأ اسرائيل بدراسته. مثل كيف
أصبحت منظمة 'الاخوان المسلمين' المتهمة بتشجيع النشاط الارهابي ووالدة
حماس التي تريد بحسب الارتياب انشاء دولة شريعة، كيف أصبحت الممثل الشرعي
للجمهور المصري. بل انها أصبحت في وضع يدعو عمر سليمان، الرجل الذي طاردها
مدة سنين، يجلس الى ممثليها ويكون مستعدا للاستجابة الى شيء من مطالبهم.
هل
سمع أحد ما من واشنطن كلمة عن انه لا يجوز الجلوس الى الاخوان المسلمين؟
بالعكس، كانت كلينتون متحمسة لأن الاخوان شركاء في الحوار، 'الذي بادرنا
نحن اليه'. هذا تحول مهم. لقد حصل الاخوان المسلمون على شرعيتهم من الادارة
المصرية ومن البيت الابيض.
لا يجب في ظاهر الامر التأثر كثيرا جدا من
ان واشنطن تتحدث الى منظمات أصولية. فواشنطن تتحدث الى طالبان في
افغانستان، ومستعدة للحوار مع طالبان في باكستان، وانشأت صلة وثيقة بمنظمات
شيعية أصولية في العراق، بل انها تعاونت في الثمانينيات ايضا مع ابن لادن
ورفاقه على مجابهة الاحتلال السوفييتي في افغانستان. السؤال التالي هو متى
ستبدأ واشنطن بمحادثة حماس وربما حزب الله ايضا. تُعرف هاتان المنظمتان في
الحقيقة بأنهما منظمتان ارهابيتان، لكن من فشل في احراز اتفاقات سلام بين
اسرائيل والفلسطينيين وبين اسرائيل وسورية، سيفعل ما يُحتاج اليه كي يملك
على الأقل ادارة الصراعات ومنع التدهور الى صراع عنيف.
في فلسطين ولبنان
كما في افغانستان تُملي المنظمات على الدول سياستها، وكما هي الحال في
افغانستان، اذا شاءت الولايات المتحدة انشاء علاقات سليمة مع سورية،
وستشاء، فسيجب عليها ان تعترف ايضا بحكومة لبنان الجديدة التي تعتمد على
الشراكة مع حزب الله. ولن تستطيع ايضا أن تجيب جوابا مقنعا عن سؤال لماذا
هي مستعدة لقبول ديمقراطية مصرية تشمل الاخوان المسلمين لكنها تعارض حماس
التي انتُخبت انتخابا ديمقراطيا ـ شريكة للقيادة الفلسطينية في دولة قد
اعترف بها غير قليل من الدول. اعتيد أن يُقال ان كل شيء ممكن في الشرق
الاوسط. اذا أردنا الحكم بحسب السلوك الامريكي مع مصر فانه يمكن ان نقول
هذا ايضا عن سياسة الولايات المتحدة.
يستطيع نتنياهو ان يعتمد كعادته
على الحظ، وألا يتوقع هذا التطور وأن يأمل ان تحدث ثورة اخرى في الشرق
الاوسط تُزيل الاهتمام باسرائيل. لكن اسرائيل كما يبدو ستكف عن اثارة
اهتمام الادارة الامريكية لأنه قد نشأ الآن زبائن جدد ستضطر واشنطن من اجل
تسكينهم الى الفحص من جديد عن سياستها معهم ومحاولة تقريبهم، وذلك اهتماما
بمكانتها في المنطقة. وقد تعلم اوباما ان القرب الزائد كثيرا من اسرائيل
ليس ضمانا لذلك.
هآرتس 13/2/2011