«شباب البحرين» على موعد مع ثورة «14 فبراير» من وحي تونس ومصر، يجوب اليوم البحرينيون الشوارع مطلقين العنان ليوم
«الغضب»، رافعين مطالب الإصلاح السياسي واسترجاع الحقوق، التي استبقها
الملك بـ «مكرمات» اقتصادية، رفضها ناشطو «الفيسبوك» بدعوى أنها لا تمسُّ
جوهر القضية
شهيرة سلّوم
يحشد «شباب البحرين» منذ أسابيع عبر «تويتر»
و«فيسبوك» من أجل ثورة «14 فبراير»، التي تأتي في سياق الثورات العربية
المتنقّلة، رافعين مطالب مزمنة لم تنجح الإصلاحات السياسية للملك حمد بن
عيسى آل خليفة في معالجتها؛ وتحسّبّاً لأيّ تطورات تصاعدية قد تقود الى
خواتيم مصر وتونس، قام الأخير بمبادرات لتحسين الأحوال المعيشية، لكن يبدو
فضاء «فيسبوك» ملبّداً، فالدعوات تنتشر بزخم، وتتعالى بعض الأصوات إلى حدّ
المطالبة بإسقاط الملك «خير له أن يكون ملكاً سابقاً على أن يكون ملك
مخلوعاً».
وتحت توقيع «شباب البحرين»، نُشرت بيانات توجه دعوة الى «شعب» البحرين
بمختلف طوائفه وعقائده للتحرك في تظاهرات سلمية قد تستمر لأسابيع من أجل
المطالبة بالحقوق، ومصدر إلهامهم ثورتا مصر وتونس.
ويضيف بيان ثورة «14 فبراير» إنّ التظاهرات لن تتوقف حتى يُستجاب للمطالب
وهي، إلغاء دستور ٢٠٠٢ وحل مجلسي النواب والشورى، على أن يؤلَّف مجلس
تأسيسي من «خبراء وكوادر الطائفتين السنيّة والشيعية لصياغة دستور جديد»،
ينص على أن تتمثّل «السلطة التشريعية ببرلمان يُنتخَب كلياً من الشعب»، ما
يعني رفض مجلس الشيوخ الذي يعيّنه الملك، ويمثّل نصف السلطة التشريعية،
ويتألف من 40 ممثلاً.
كذلك يطلب البيان أن تتمثل السلطة التنفيذية برئيس وزراء يُنتخب مباشرةً من
الشعب، وأن تكون الملكية في البحرين رمزية، عبر استبعاد أبناء أسرة آل
خليفة من «تولي مناصب كبيرة في السلطات الثلاث: التشريعية، التنفيذية،
القضائية».
وتدعو الحركة الى إطلاق جميع الأسرى السياسيين والحقوقيين وتأليف لجنة
وطنية للتحقيق في مزاعم التعذيب، وضمان حرية التعبير والصحافة والإنترنت
واستقلالية القضاء وإنشاء لجنة وطنية للتحقيق في التجنيس ونهب الثروات
العامة.
المطالب مضمونها سياسي يتعلق بالحريات والقمع والاستئثار بالسلطة، ويرتبط
بمشاكل مزمنة في المملكة تميّزها عن محيطها الخليجي. ولجهة التنظيم، حدّد
«شباب البحرين» نقاط التجمع «داخل القرى وعند المجمعات التجارية، كل قرية
ستعتصم عند مركز تجمعها المعتاد كالمسجد أو المأتم، ونقاط الاعتصام الأخرى
ستكون في مواقف سيارات المجمعات التجارية»، على أن تبدأ «الاعتصامات
الكبيرة عند العصر»، و«الاعتصام الجماهيري المركزي المفتوح حتى تحقيق
المطالب عند دوار اللؤلؤة، بعد صلاة الجمعة في ١٨ شباط».
ووزّع منسقو التظاهرات المناشير في مختلف المناطق، ودعوا فيها المواطنين
الى المشاركة في ثورة «المظلوم على الظالم» ويوم «الغضب»، وفي مسيرة سلمية
من أجل «استرجاع كل المطالب السياسية». ونُشرت دعوات الى مسيرات سيارة
تنطلق ليل الأحد ـــــ الاثنين من «باب البحرين الى الإشارات المقابلة
لمبنى الحكومة مع ضرب أبواق السيارات»، وتحدّد المنشورات الزمان بـ 14 شباط
(الاثنين) والجمعة.
وبالنسبة إلى هوية الشباب المنظمين، تبقى طي الكتمان. وتقول ناشطة بحرينية
داعمة للتظاهر إن «الجميع حالياً يعملون تحت الغطاء، ولا توجد مجموعة
تنظيمية في الظاهر، بل لجان متفرعة عن كل منطقة، وإنّ الجميع سيكون موجوداً
في منطقته وقريته». وتشير الى أنّ «الجمعيات السياسية تقف كمشاهد» في
الوقت الحالي بانتظار التطورات على الأرض «حتى تتّضح لها الأمور».
بدوره، يوضح ناشط حقوقي في جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان لـ «الأخبار»،
أنّ مجموعة من الشباب دعوا الشعب إلى التظاهر سلميّاً، ولم تتبنَّ الدعوة
أيّ جهة سياسية أو حقوقية، لكنه يضيف إنّ جهات سياسية أعلنت دعمها لبعض
المطالب، فيما أكدت جهات سياسية أخرى دعمها الكامل للتظاهر، ودعت الى
المشاركة فيه، ومن بينها حركة أحرار البحرين، وجمعية حق وتيار الوفاء
الإسلامي.
ويشير الناشط الى أنهم في الجمعية سوف يرفعون شعارات متعلقة «بوقف انتهاكات
حقوق الإنسان» و«المطالبة بإطلاق سراح معتقلي الرأي»، إضافةً الى «رصد
الانتهاكات ضدّ المتظاهرين والأجانب».
في المقابل، فإن الملك استبق هذه التحركات عبر رفع الاعتمادات المخصصة في
الموازنة لدعم السلع الغذائية الأساسية، ومبالغ دعم الأسر الفقيرة
والمساعدات الاجتماعية في الموازنة لعامي 2011 و2012، ليعلن بعدها صرف مبلغ
مقداره 1000 دينار لكل أسرة بحرينية بمناسبة مرور 10 أعوام على الميثاق
الوطني (الإصلاحات السياسية). وقد كلفت هذه «المكرمة» الملكية الخزينة
مليون دينار، قبل أن يوجه الملك تعليماته من أجل وضع آليات لزيادة الدعم
للأجور المتدنية، وذلك خلال لقائه رئيسي مجلسي الشورى والنواب وأعضاء لجان
المجلسين.
خطوات انطوت على معايير اقتصادية بحتة، ولا تمسُّ أيّاً من المطالب
المرفوعة، إذ لم تتخذ السلطة أي إجراءات من شأنها معالجة مشكلة المعتقلين
السياسيين أو التجنيس السياسي أو القيام بإصلاحات دستورية. وهكذا يكون
الملك قد فشل في أولى خطواته لامتصاص يوم الغضب البحريني.
الديكتاتوريات العربـية بداية النهاية