في التعريف بحركة شباب 20 فبراير
محمد ضريف -
darif@almassae.press.ma
في
ورقة تعريفية صادرة عن حركة 20 فبراير بتاريخ 16 فبراير 2011، تقدم الحركة
نفسها باعتبارها حركة شباب مغربي مستقلة عن كل التنظيمات والأحزاب
السياسية، تحمل حبا كبيرا لهذا الوطن، وهذا الحب هو الذي حرك فيها الدافع
إلى المطالبة بالتغيير من أجل الحرية والديمقراطية والكرامة والعدالة
الاجتماعية، كما تعتبر الحركة نفسها امتدادا طبيعيا للحركات الاحتجاجية
التي يعرفها المغرب وتعبيرا عن تفاعل شباب الأنترنيت مع هذه الحركية، وهو
تفاعل عبر عن نفسه من خلال تشكيل مجموعات افتراضية عبر خدمة «الفايسبوك»،
من بينها مجموعة «مغاربة يتحاورون مع الملك».
قبل الإعلان عن تشكيل حركة 20 فبراير، بادرت مجموعة شبابية افتراضية
بتاريخ 27 يناير 2011 إلى تحديد يوم 20 فبراير يوما للتظاهر السلمي في
مختلف المدن المغربية، وأطلقت هذه المجموعة على نفسها اسم «حركة حرية
وديمقراطية الآن». وقد أعلن عن ميلاد هذه الحركة على أرضية خمسة مطالب:
إلغاء الدستور الحالي وتعيين لجنة تأسيسية من كفاءات هذا البلد النزيهة
لوضع دستور جديد يضع الملكية في حجمها الطبيعي وحل البرلمان والحكومة
والأحزاب التي ساهمت في ترسيخ الفساد السياسي والقيام بإجراءات فورية
حقيقية وملموسة للتخفيف من معاناة الشعب المغربي وإحداث صندوق عاجل
للتعويض عن البطالة وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين وتعيين حكومة
مؤقتة تقوم بالتدبير المؤقت في انتظار وضع الدستور وتوافق الهيئات
والفعاليات النزيهة من كافة فئات الشعب على ما يجب القيام به في إطار
العقد المجتمعي الجديد بين الملكية والمجتمع (البيان الأول لحركة حرية
وديمقراطية الآن بتاريخ 27 يناير 2011).
وقد عرفت حركة حرية وديمقراطية الآن نفسها بكونها حركة مغربية ديمقراطية
مستقلة تعبر عن تطلعات جميع من يؤمن بانتمائه إلى هذه الأرض وما تحمله من
تنوع جغرافي وثقافي تحت القيم المقدسة لحقوق الإنسان في الحرية والاختلاف
وإرادة العيش المشترك، وتدعو الملك إلى مواكبة التحولات العالمية في
التغيير وتحجيم تأثير الاستئصاليين ذوي المقاربات الأمنية القديمة الضيقة
(البيان الثاني لحركة حرية وديمقراطية الآن بتاريخ 30 يناير 2011).
في سياق الدعوة إلى التظاهر يوم 20 فبراير، تشكلت حركتان انطلاقا من
مجموعتين شبابيتين افتراضيتين التحقتا بـ«حركة حرية وديمقراطية الآن»،
وهاتان الحركتان هما «حركة الشعب يريد التغيير» و«حركة الانتفاضة من أجل
الكرامة». وقد أصدرت هذه الحركات الثلاث بيانا مشتركا يوم 15 فبراير 2011
وأطلقت على نفسها اسم «مجموعات شباب 20 فبراير»، وقد أبرزت مواقفها
كالتالي: اعتبار التظاهر السلمي يوم 20 فبراير تظاهرا يهدف إلى المطالبة
بإحداث التغييرات الدستورية العميقة والجذرية بنقل المغرب نحو نظام ملكي
برلماني، والتحذير من محاولات الركوب على المطالب الواضحة والسقف السياسي
للتظاهر، ودعوة عموم المغاربة إلى الخروج للتظاهر السلمي في إطار الانضباط
والمسؤولية، ومناشدة المثقفين والفاعلين الجمعويين والغيورين الخروج عن
الصمت والعمل على تحقيق التغيير المنشود (بيان مجموعات شباب 20 فبراير
بتاريخ 15 فبراير 2011).
بعد يوم على إصدار الحركات الثلاث لبيان مشترك باسم «مجموعات شباب 20
فبراير»، ستتوحد هذه الحركات في اليوم الموالي، أي 16 فبراير 2011، في ما
بينها ليظهر لأول مرة اسم «حركة شباب 20 فبراير» والتي حددت مطالبها في:
إقرار دستور ديمقراطي يمثل الإرادة الحقيقية للشعب، وحل الحكومة
والبرلمان، وتشكيل حكومة انتقالية مؤقتة تخضع لإرادة الشعب وقضاء مستقل
ونزيه، ومحاكمة المتورطين في قضايا الفساد واستغلال النفوذ ونهب خيرات
الوطن، والاعتراف باللغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب العربية
والاهتمام بخصوصيات الهوية المغربية لغة وثقافة وتاريخا، وإطلاق سراح كافة
المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي ومحاكمة المسؤولين (بيان حركة شباب 20
فبراير بتاريخ 16 فبراير 2011).
ما هو السبب الذي ساهم في دفع بعض المجموعات الشبابية الافتراضية إلى
التحول، في ظرف قياسي، إلى حركة شباب 20 فبراير؟ يكمن السبب الرئيسي في
المساندة التي حظيت بها الدعوة إلى التظاهر منذ أطلقتها «حركة حرية
وديمقراطية الآن» بتاريخ 27 يناير 2011، فقد سارعت «الحركة الحقوقية
المغربية» منذ 2 فبراير 2011 إلى التعبير عن هذه المساندة، كما دعت هذه
الحركة الحقوقية، التي تضم 20 منظمة حقوقية وجمعوية، بعد أسبوعين على ذلك
التاريخ إلى: دعم ومساندة حركة 20 فبراير وكل الحركات الاحتجاجية السلمية
المعلنة من أجل الحقوق والمطالب المشروعة للشعب المغربي، وعلى رأسها تغيير
الدستور بهدف إقرار دستور ديمقراطي ودعوة السلطات المغربية إلى التعامل
بشكل حضاري مع مبادرة 20 فبراير وضرورة احترام إرادة المواطنات والمواطنين
في الاحتجاج السلمي وضمان حقهم في التعبير بشكل حضاري عن تطلعاتهم في وطن
ينعمون فيه بالحرية والكرامة والمواطنة (بلاغ «الحركة الحقوقية المغربية»
بتاريخ 14 فبراير 2011).
إضافة إلى مساندة الحركة الحقوقية المغربية لحركة 20 فبراير، دخلت جماعة
العدل والإحسان على الخط لتدعوَ المغاربة إلى التظاهر والنزول إلى الشارع،
وفوضت قطاعها الشبيبي حق اختيار الأساليب والأشكال التي يراها مناسبة
للمشاركة في تظاهرات عشرين فبراير.
لقد طرحت تساؤلات حول من يقف وراء حركة شباب 20 فبراير، هل هي حركة مستقلة
عن التنظيمات السياسية كما ورد ذلك في بيانها الصادر بتاريخ 16 فبراير
2011 أم هي امتداد للقوى المطالبة بالتغيير في المغرب، إسلامية كانت أو
يسارية أو أمازيغية؟ وبصرف النظر عن الجواب، فإن حركة شباب 20 فبراير لا
يمكن فصلها في الظرف الراهن عن القوى الداعمة لها، وذلك من خلال المعطيين
الآتيين:
- يتعلق المعطى الأول بكون مطالب هذه الحركة تطورت في سياق دخول قوى أخرى
على الخط، فالمجموعات الشبابية الافتراضية في البداية لم تكن تطالب
بانتخاب مجلس تأسيسي لوضع دستور ديمقراطي جديد، فعلى سبيل المثال كان مطلب
«حركة حرية وديمقراطية الآن» في بيانها الأول، الصادر بتاريخ 27 يناير
2011، هو تعيين لجنة تأسيسية ليصبح المطلب بعد ذلك انتخاب مجلس تأسيسي،
كما أن هذه الحركة كانت تطالب بوضع الملكية في حجمها الطبيعي في الدستور
الجديد ثم أصبح المطلب بعد ذلك، في بيان مجموعات شباب 20 فبراير بتاريخ 15
فبراير 2011، هو إحداث التغييرات الدستورية والسياسية العميقة والجذرية
بنقل المغرب نحو نظام ملكي برلماني. غير أن التصريح الصحفي للهيئات
الحقوقية المغربية، المدلى به يوم 17 فبراير 2011 والمطالب بإقرار نظام
برلماني ديمقراطي يكرس فصل السلط، سيدفع حركة 20 فبراير إلى المطالبة
بالملكية البرلمانية.
- يرتبط المعطى الثاني بكون المشاركين في تظاهرات 20 فبراير وتظاهرات 20
مارس وتظاهرات 24 أبريل ينتمون تحديدا إلى جماعة العدل والإحسان ونشطاء
اليسار الراديكالي، بحيث أضحى من الصعب التمييز بينهم وبين المشاركين من
حركة شباب 20 فبراير.
في إطار المعطى الثاني كان من الضروري التشديد على القيمة المضافة لحركة
شباب 20 فبراير، حيث استطاعت أن تجسر الفجوة بين قوى التغيير السياسي،
خاصة بين نشطاء جماعة العدل والإحسان ونشطاء اليسار الراديكالي، فهؤلاء
جميعا احترموا سقف المطالب المتفق عليها من قبيل المطالبة بالملكية
البرلمانية عبر إقرار دستور ديمقراطي والمطالبة بمحاربة الاستبداد
والفساد، تاركين وراءهم مرجعياتهم الإيديولوجية المتباينة، فلم تعد هناك
مطالبة بإقامة الدولة الإسلامية أو إقامة الدولة الاشتراكية وإنما أصبح
هناك تشديد على إقامة الدولة المدنية العصرية: دولة الكرامة والمواطنة .
لا أحد يشكك في الدينامية التي أطلقتها حركة شباب 20 فبراير في المغرب،
مستفيدة مما جرى خاصة في تونس ومصر، هذه الدينامية التي أفضت إلى دفع
المؤسسة الملكية إلى فتح ورش الإصلاحات الدستورية من خلال خطاب 9 مارس
وتشكيل لجنة استشارية لتعديل الدستور واتخاذ مجموعة من التدابير
والإجراءات لتكريس آليات ممارسة الحريات الفردية والجماعية، من قبيل تحويل
المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان وتحويل
ديوان المظالم إلى مؤسسة الوسيط وإحداث المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان،
كما اتخذت إجراءات كانت ضمن مطالب حركة شباب 20 فبراير، كالعفو عن بعض
المعتقلين السياسيين وإحالة بعض المتهمين بنهب المال العام على القضاء.