الاستشراق أُسقط من ميدان التحرير
في لبنان.. احتفالا بثورة مصر.. |
آدم شمس الدين
14/02/2011
لسنوات
عديدة اعتمد معظم المثقفون العرب المنهجية النمطية والعنصرية التي بشر بها
المستشرقين الغربيين والإسرائيليين. تعتمد هذه المنهجية على التناقض بين
الثقافة العربية والإسلامية وبين الديمقراطية والمساواة والعدالة
الاجتماعية.
انطلاقاً من هذا التناقض، ترفض النظرة الاستشراقية أي أملٍ للديمقراطية في
العالم العربي وتبرر ضرورة حكم الأنظمة الاستبدادية. ولطالما فاخرت آلة
الدعاية الإسرائيلية أنها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة.
وفقاً لهذا المفهوم المبسط، المقتصر على اعتبار أن المجتمعات العربية مخيرة
بين القوى الإسلامية غير الديمقراطية أو الأنظمة القمعية الاستبدادية، لا
وجود لمصطلحات الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ولا يمكن تحقيقها بسبب
العائق الثقافي لهذه المجتمعات التي تحول دون تحقيقها.
هذا المفهوم الخاطئ طبق في محاولة تفسير والتعامل مع الإسلام السياسي وإسهامه في العملية الديمقراطية في العالم العربي.
في الكثير من الحالات، تم التعامل مع معظم حركات الإسلام السياسي، بما فيها
الإخوان المسلمين على أنها حركات تسعى إلى تطبيق وفرض أنظمة ثيوقراطية
صارمة.
هنا ساهمت العقلية الأمنية والعنصرية التي ميزت كيفية تعامل العقل
الإسرائيلي والغرب المستشرق في منعهم من فهم عمليات التغيير العميقة التي
طرأت على هذه الحركات الإسلامية. كما منعتهم عن إدراك تطور النظرة تجاه
العديد من المفاهيم كالديمقراطية والدولة والمجتمع وكذلك الغرب.
المقارنة بين الإخوان المسلمين والثورة الإيرانية يثبت هذه الطريقة الخاطئة في التعامل وفهم حركات الإسلام السياسي.
زيادة تأثير الشباب في سياسات الشرق الأوسط ليس بجديد. منذ منتصف القرن
الماضي، لعب الشباب العربي دوراً رئيسيا في تشكيل النخب، والتأثير على نظرة
المجتمعات العربية. قيدت الحداثة العربية، على الصعيد الوطني والديني من
جانب الطبقات الوسطى الشابة، وتمت إعاقتها وتهميشها من قبل القوى الغربية
الاستعمارية، والقوى العربية المتحالفة معها، ما أدى في نهاية إلى الأمر
إلى صعود أنظمة مستبدة متحالفة مع الغرب.
الثورة التي حصلت في تونس ومصر، ليست ثورة الفقراء، أو ثورة الشباب الذين
يبحثون عن وظائف فقط. إنها ثورة من الشباب المتعلمين، وينتمي الكثير من
قادتها إلى الطبقة الوسطى والذين يؤمنون بقيم العدالة والديمقراطية، ووائل
غنيم الذي ينتمي إلى عائلة مصرية ثرية هو مثلٌ على ذلك.
الشباب المصريون الذين نزلوا إلى ميدان التحرير أصبحوا نموذجا لجميع القوة
الديمقراطية في العالم. أولئك الذين بشروا بالديمقراطية يخافون اليوم من
الاعتراف بفشلهم الأخلاقي، مع أولئك الاستشراقيين الذين أكدوا على تناقض
الثقافة العربية والإسلامية مع الديمقراطية.
في ميدان التحرير، بدأ الشباب بتحقيق حلمهم بالوصول إلى البلد الذين
يريدونه من خلال الثورة الأكثر سلمية وفعالية وديمقراطية في التاريخ
المعاصر. في ميدان التحرير، القرارات تؤخذ بمساواة بين الرجال والنسوة، بين
المسلمين والمسحيين.، بين الفقراء والأغنياء. كل ما يطمحون بتحقيقيه هو
تحويل مصر إلى ديمقراطية انطلاقاً من ميدان التحرير. إنهم يحررون أنفسهم
ومجتمعهم تاركين المستشرقين يتخبطون بمفهومٍ أسقطوه من ميدان التحرير.