سميح القاسم المد يــر العـام *****
التوقيع :
عدد الرسائل : 3206
تعاليق : شخصيا أختلف مع من يدعي أن البشر على عقل واحد وقدرة واحدة ..
أعتقد أن هناك تمايز أوجدته الطبيعة ، وكرسه الفعل البشري اليومي , والا ما معنى أن يكون الواحد منا متفوقا لدرجة الخيال في حين أن الآخر يكافح لينجو ..
هناك تمايز لابد من اقراره أحببنا ذلك أم كرهنا ، وبفضل هذا التمايز وصلنا الى ما وصلنا اليه والا لكنا كباقي الحيونات لازلنا نعتمد الصيد والالتقاط ونحفر كهوف ومغارات للاختباء تاريخ التسجيل : 05/10/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10
| | لن يشعر بصهد الجمر من رجلاه في الماء ردوا للشعب الجزائري حقوقه المنهوبة | |
لن يشعر بصهد الجمر من رجلاه في الماء ردوا للشعب الجزائري حقوقه المنهوبة
أضيف في 13 يناير 2011
العنوان مستمد من ذلكم المثل الشهير: 'قتلوا حسينا ويستفتون بشأن دم البعوض'، في إشارة جلية إلى انفصام في الشخصية مخيف، وجهل بسلوك ذاتي مرعب حقا، والتشابه الذي جعلني أذهب إلى هذا الوصف تمثل فيما ورد على لسان ممثل رئيس الجمهورية، في معرض رده على قناة بي بي سي العربية 06/01 حول موضوع الاحتجاجات التي اندلعت في الجزائر، ملخصه انتقاده لأعمال التكسير والتهشيم التي صاحبت تلكم الاحتجاجات، معبرا طبعا عن رفضه لهذا الأسلوب من التعبير، معترفا في ذات الوقت، بأن بعض المطالب مشروعة.
لن أناقش هنا عوامل اندلاع هذه الأعمال، ومدى مشروعيتها، فهذه الصفحة (مدارات) تحديدا تشهد على نشر ما يزيد عن عشرين مقالا، موجها لمن يصفون أنفسهم بالنخبة، سواء الفكرية أو الدينية أو السياسية، تصب كلها في التحذير من هذا الأمر، داعيا إياهم إلى استباقه بتأطير هذه الطاقة الجبارة التي يتمتع بها الشعب الجزائري، وتوظيفها في النهوض والإقلاع بهذا البلد لبناء أرضية أركانها العدل ترتكز عليه بعدئذ كل القواعد لتشييد نظام جمهوري ديمقراطي ضمن حدود الشريعة الإسلامية، كما ورد في وثيقة بيان الثورة المباركة عام 54، كما حذرت أنه ما لم يتم ذلك فان الشعب قد يأخذ زمام المبادرة بنفسه وحينها سيصم آذانه، ومن حــــقه، عن سماعكم، ويتجاوز كل النخب مهما حاولت تبرير صممها السابق، ولن يلتفت إليها، بل إذا تطورت ثورته فسيكنسها من طريقه، ويعمل بنقيض ما تنصحه به، وهنا مكمن الخطر، هذه سنن اجتماعية كونية، ليست قابلة للتغيير، لكن ومع الأسف الشديد لا صوتي ولا صوت غيري وجد أذنا صاغية لدى النخب الجزائرية، بما فيها الإعلامية المحلية، يقولها المرء وفي حلقه غصة.
أعود لممثل رئيس الجمهورية، لأقول له بكل صدق وأمانة - وهو يعرفني جيدا ـ احتفظ الآن بنصائحك، فلا أحد من هؤلاء مستعد لسماعك، وأمسك عليك رفضك لتكسير الزجاج على حد تعبيرك، ولعله كان يقصد تخريب الإنارة العمومية، وتأمل قليلا كيف ينظر إليكم هؤلاء الشباب أولا، هذا إن كنت تريد فعلا خيرا لهذا الشعب، هل تتصور أنكم الرجال القدوة التي ينصت إليها؟ أجيبك بصراحة ووضوح: لا، بل العكس هو الصحيح والواقع؛ وجوابه حول رفضكم التخريب بكل بساطة: ليس لمن خرب وطنا ودمر اقتصادا وفكك قيما وأحرق مبادئ أن يلومنا على تكسير مصابيح الإنارة، أو حتى واجهات المحلات، وليس لمن احتل مؤسساتنا العمومية ليجعل منها مؤسسات خاصة في خدمة أخوته وبني عمومته وعشيرته، أن يدعونا اليوم لعدم إحراقها، لو شعرنا بأنها في خدمتنا لما فعلنا؛ هذا هو الواقع المر المستقر في نفوس المواطنين، هذه هي الصـــــورة التي كرستها سياسات فاشلة بائسة في أذهانهم، نتيجة صم آذانكم وانقــــطاعكم عن واقع المجتمع، وتقوقعكم في بروج بإقامة الدولة (المنطقة الخضراء)، ثم كيف يقتنع بك هؤلاء الشباب بأنك تقيم وزنا للعمران وأنت - أقصد السلطة- تعدم قيمة الإنسان ذاته، متى كان للممتلكات قيمة بغير قيمة المالك؟ حين يفقد المواطن قيمته فلن يقيم لشيء بعدها وزنا، هذه من المسلمات التي تقفز عليها السلطة العربية عموما وبدرجة أخص الجزائرية منها؛ وقد يكون جوابكم باللغة الخشبية المعتادة، التي تهرأت ألفاظها من شدة ما لاكتها ألسنة خدمكم، وعلكت حتى فقدت طعم المعاني، بدعوى أنكم تقيمون للمواطن وزنا وتحفظون كرامته، دعني اذن أتساءل بصراحة: هل تضم مجالسكم أنتم الحكام من يقول لكم 'لا'؟ هل سمعت يوما في منبر إعلامي من منابركم من يقول لكم 'لا'؟ إن صدقت نفسك فستقول حتما 'لا' لا يجالسنا إلا من يقول نعم، ولا يتكلم من جميع منابرنا كذلك إلا من يقول نعم، لذلك خرجت هذه الـ'لا' التي تراها وليس لك على صاحبها سلطان، وهي موجودة بل وهي الأكثرية لو لم تعدم البصر. هل تصدقني لو قلت لك وأنا مواطن بسيط من هذا الشعب المغبون: إننا لا نصدقكم جميعا كما أنتم، وهل تصدق لو قلت لك ان معظم الشعب لا يثق فيكم بالمطلق، بل يكذبكم ويستخف بسياساتكم ويحتقر ما تفجر من فضائح مالية، بتنا نستحي منكم أمام العالم. هذا كلام أتحمل مسؤوليته كاملة، وانا صادق فيه ومصيب، خذه كما هو أو القه وراء ظهرك، كما جرت عادة الحكام العرب، وأنت أعلم الناس بأنني لست ممن يركب الموج، والأمر قصر أم طال فلن يدوم، وإن لم يبلغ هدفه اليوم، فثق في أن الموجة القادمة لا تقل وصفا ونتائج عن تسونامي. وإن لم يؤخذ بالتحذير في ما مضى من مقالات فسجل هذه فان الغد لا ريب آت.
أتدري يا ممثل رئيس الجمهورية متى يمكنكم معرفة ما يعانيه الشعب الجزائري؟ أقول لك ببساطة حين تكون أجرة موظف مثلك قريبة من أجرة المواطن متوسط الدخل ولنقل 300 يورو، ومنها تشتري مصروف الشهر لعائلتك المكونة من سبعة أفراد، وتدفع فواتير الكهرباء والغاز والماء وكراء السكن والنقل والدواء ـ المهم كل متطلبات الحياة، حينها فقط قد تشعر بمعاناة الجزائري، أما والحال أن أجرة الإطارات السامية كما يحلو لها الوصف، جماعة vip، تفوق 6000 يورو، ومصروف الغذاء الشهري بما فيه 5 كلغ لحم يوميا يصلكم مجانا وإلى غاية فيلاتكم حتى أنكم لا تتسوقون، والسكن وأثاثه ومستلزماته وخدماته بما فيها الكهرباء والماء والغاز، كل ذلك من خزينة الشعب، فكما يقال 'لن يشعر بصهد الجمر من رجلاه في الماء'، وهذا الشعب الأبي يقف على صفيح يزداد احمراره يوما بعد يوم، وصبره لن يكون أبد الدهر. صحيح أني أكتب هذا المقال وقد هدأت الأوضاع مؤقتا، غير أني على يقين بأنه من سوء حظ الشعب أنه لم يجد رجالا أكفاء أمناء يقودون هذا الزحف نحو المؤسسات السيادية العليا للنظام (مجلس النواب - مجلس الأمة - مقر التلفزيون- رئاسة الجمهورية) بكل هدوء ومحاصرتها، من دون اللجوء للعنف، ويفرض ساعاتها حقوقه ووجوده بشكل حضاري متمدن لا يتأتى لكم معه إلا الاستجابة والرحيل.. ولكن ذلك إن جاز التعبير من حسن حظكم.
ختاما، تعلم أن الوالد، رحمه الله، قد صدق رؤساء الجزائر السابقين جميعهم إلى غاية محمد بوضياف، أن اتقوا الله وإياكم والظلم. ومن دون تفصيل رأيتم النتائج والمصائر بأم أعينكم، هذه سنن الله التي لن تتبدل، وانتم من سائر خلق الله يجري عليكم ما جرى، وهيهات أنها دونكم تتغير، وعليه إن أردتم بأنفسكم قبل الشعب خيرا فأقيموا العدل وأقسطوا، وردوا لهذا الشعب حقوقه المنهوبة، واعطوه حرية التعبير عن رأيه، وقد ادعيت مغالطا في تصريحك لـ(بي بي سي) أن هذه الحرية موجودة، متى وأين في غير مخيلتك، ألم تمنعوه حتى من التظاهر من أجل غزة؟ ألم تنكلوا بالأطباء والمعلمين؟ أذكرك أن حالة الطوارئ مازالت قائمة منذ 18 عاما، وإن التجمهر ممنوع والمظاهرات ممنوعة، وحق التعبير بحرية ممنوع وتكوين الأحزاب ممنوع، لم يبق في ظل سلطتكم إلا الهواء، والحمد لله أنه لم يجعله بيد أحد سواه، متى استعبدتم هذا الشعب وقد نال حريته بدم فاضت به أودية الجزائر وشعابها، وإن لم تقيموا العدل فانتظروا ذات المصير... وحسبنا الله ونعم الوكيل. | |
|