قضاة: حكم الإدارية العليا يهدد شرعية رئيس مصر القادم
كتب عمر القليوبي (المصريون): |
06-12-2010 00:47 قوبل حكم المحكمة الإدارية العليا، القاضي باعتبار القضاء الإداري الجهة الوحيدة المنوط بها الفصل مدى صحة انتخابات مجلس الشعب الأخيرة وصحة عضوية نواب المجلس بترحيب شديد من جانب قضاة وقانونيين وسياسيين وصفوه بأنه بمثابة "حكم تاريخي"، كونه – من وجهة نظرهم- يثبت عدم شرعية ما استند إليه مجلس الشعب في تحديد صحة عضوية أعضائه من عدمه، وباعتباره يلغي أي شرعية لشعار "سيد قراره" الذي يرفعه المجلس عند رفضه لأي أحكام تتعلق ببطلان عضوية أي من أعضائه.
وفي الوقت الذي نفي فيه المستشار سامح الكاشف المتحدث باسم اللجنة العليا للانتخابات صدور حكم من محكمة القضاء الإداري ببطلان جميع انتخابات الإعادة، حذروا من أن عدم انصياع الحكومة لأكثر من 1200 حكم قضائي يقضي ببطلان انتخابات مجلس الشعب سيؤدي إلى افتقاد المجلس القادم للشرعية، وإثارة الغبار حول الاستحقاق الرئاسي القادم، باعتبار أن "ما بني على باطل فهو باطل".
واعتبر المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي القضاة السابق، أن الحكم يشكل سابقة تاريخية كونه ينهي ما قال إنها "بدعة وعجب عجاب اصطلحه مجلس الشعب خلال العقود الماضية، فيما أطلق عليه "سيد قراره"، مشيرا إلى أن الحكم يعني أن السلطة القضائية هي الوحيدة المخولة بالحكم على صحة العملية الانتخابية وصحة عضوية نواب المجلس، مبديا تعجبه من ضرب مجلس الشعب عرض الحائط فيما أطلق عليه تقارير محكمة النقض والخاصة بصحة عضوية النواب.
وقال في تعليق لـ "المصريون" على قرار المحكمة الإدارية العليا إن الحكم الأخير يضع الأمور في نصابها وينهي وضعا شاذا استمر لسنوات، مع ذلك رجح أن تضرب الحكومة بعرض الحائط بهذه الأحكام وتستمر في النهج الذي تعاملت به مع الانتخابات الأخيرة، لكنه حذر من أن تجاهل تنفيذ أحكام القضاء يقوض دعائم أي حكم ويفتح الباب أمام سريان شريعة الغاب.
واعتبر عبد العزيز أن الحكم ينفي الشرعية عن انتخابات مجلس الشعب الأخيرة، بعد أن أصدر القضاء الإداري حكما ببطلان الانتخابات لوجود 1200 طعن في صحة عقد الانتخابات وفي عضوية أغلبية أعضاء مجلس الشعب.
وتساءل: إذا كان مجلس الشعب موصوما بعدم الشرعية من الآن فكيف سيقوم أعضاء هذا المجلس بتأييد مرشح الحزب الحاكم لانتخابات الرئاسة وكيف سيحلف الرئيس القادم اليمين الدستورية أمام مجلس مطعون في شرعيته؟.
وكانت محاكم القضاء الإداري أصدرت أحكامًا على مدار الأسبوع الماضي بوقف إعلان نتيجة الانتخابات في العديد من الدوائر منها 12 في القاهرة الكبرى، و10 في الإسكندرية، و4 ببني سويف والفيوم، و4 في كفر الشيخ والبحيرة، واثنتين في كل من أسيوط والمنوفية والإسماعيلية.
وفي وقت متأخر مساء السبت، أصدرت محكمة القضاء الاداري بطنطا حكما بإلغاء نتائج انتخابات الجوله الاولي في 6 دوائر بمحافظة الغربية ووقف إجراء انتخابات الإعادى في دوائر السنطة ونهطاي ومحلة روح وكفر الزيات وقطور ومركز المحلة. وجاء قرار المحكمة الإدارية ليكسب الأحكام الصادرة قوة.
غير أن المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقص السابق استبعد تماما إقدام الحكومة على تنفيذ الحكم الصادر، متوقعا أن تضرب به الحكومة عرض الحائط كما ضربت بجميع الأحكام الصادرة ببطلان الانتخابات وبطلان الصفات للمئات من المرشحين، معتبرا أن "مسألة دولة القانون والشرعية لا تهم النظام في شيء، بل المهم لديه الاستمرار في السلطة وإحكام قبضته على الوطن والمواطن".
وأوضح أن "الطعن في شرعية مجلس الشعب يطعن بالضرورة في شرعية الانتخابات الرئاسية القادمة، وإن كان النظام لا يعبأ بهذا الأمر وسيستمر مجلس الشعب بوضعه غير المشروع ويليه الاستحقاق الرئاسي غير المشروع وليذهب الشعب إلى الجحيم"، بحسب تعبيره.
مع ذلك استبعد حدوث مواجهة بين السلطتين القضائية والتشريعية، مشيرا إلى أن القضاء قام بما يجب عليه القيام به، كونه لا يمتلك القوة لتنفيذ هذه الأحكام التي تحتاج إلى قوة شعبية تضغط على النظام بالالتزام بأحكام القانون، على حد رأيه.
من جهته، يرى الدكتور حسن نافعة المنسق العام السابق لـ "الجمعية الوطنية للتغيير" أن الوقت قد فات لتحديد ما إذا كان النظام سيلتزم بأحكام القضاء الإداري، فقد أعلن موقفه برفض هذه الأحكام والتصميم على إجراء جولة الإعادة، وهو ما يعني أن هذا الحكم سيكون مصيره مثل مصير مئات الأحكام التي لم ينفذها.
وأوضح أن النظام لن يلتفت لهذه الأحكام القضائية، كون ذلك سيعني إلغاء الانتخابات وإعادتها مرة أخرى وهو ثمن لن يستطيع النظام الوفاء به.
وأضاف: طبقا لهذا الحكم فمجلس الشعب غير مشروع وما ينتج عنه من قرارات له نفس الحكم، وكذلك الاستحقاق الرئاسي القادم، فمجلس الشعب الباطل لا يمكن أن ينتج انتخابات رئاسية شرعية.
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن النظام لا يأبه بأي شرعية داخلية ولا برأي الشعب ولا بمؤسساته خصوصا القضائية في هذه الانتخابات، فالمهم لديه أن يحافظ على أغلبيته ويسعى لتمرير سيناريو التوريث بشكل مريح وبعيدا عن أي إزعاج.
وراى أن الشرعية الوحيدة التي يسعى النظام إلى اكتسابها هي موافقة الولايات المتحدة وإسرائيل على ما يسمى بـ "سيناريو التوريث"، وكأن الرئاسة في مصر صارت شأنا خاصا بكل من واشنطن وتل أبيب، حسب قوله.
وحذر من أن انتخابات مجلس الشعب ستزيد من الاحتقان السياسي وستضع شرعية النظام على المحك بشكل قد يدفع القوى السياسية إلى البحث عن أدوات جديدة للتعامل مع النظام لإجباره على احترام الدستور والقانون.
من جانبه، توقع السفير عبد الله الأشعل أن يكون مصير هذه الأحكام "سلة المهملات"، حيث سيتجاهلها النظام كما تجاهل الأحكام بوقف بيع الغاز لإسرائيل وطرد الحرس الجامعي من داخل الحرم.
وأضاف "النظام لم يعودنا يوما على احترام أحكام القضاء، كونه يتعامل مع الشعب المصري بأسلوب الأمر الواقع، ومن ثم فلا حاجة للمراهنة كثيرا على أحكام الإدارية العليا فمجلس الشعب سيستمر وسينهي مدته الدستورية مهما كان مطعونا في دستورية، حيث أن النظام سيستخدمه كأداة لتمرير هادئ للانتخابات الرئاسية القادمة أو سيناريو التوريث ولتذهب الشرعية والأحكام القضائية مهما كانت تاريخية ومهمة إلى الجحيم".