العلمانية و حقوق الإنسان
العلمانية و حقوق الإنسان الدولة العلمانية مدخل أساسي لمجتمع المواطنة الكاملة و كافة حقوق الإنسان · سؤال الدولة و حقوق الإنسان و العلمانية : لن أدخل في نقاشات عميقة حول مفهوم الدولة في النظريات المختلفة الليبرالية و الماركسية و التقاطعات أو التناقضات التي يمكن أن تكون لهذا المفهوم على مستوى لحظة تاريخية معينة حيث قد "يتفق" الليبراليون و الماركسيون و حتى الأصوليون الديمقراطيون على مفهوم معين لطابع الدولة في مرحلة التحول الديمقراطي :
الدولة الديمقراطية مع التناقض الجوهري بين النظريتين في
مضمون هذه الديمقراطية و في
القوى المستفيدة منها و في
القوى المؤهلة لإنجازها في مرحلة تاريخية وفي تشكيلة اجتماعية اقتصادية ثقافية معينة .
لكن السؤال الذي يهمنا كحقوقيين هو التالي :
كيف ينظر الحقوقيون إلى الدولة ؟ ما هو دورها في نظر الحقوقيين؟ هل يلتمس الحقوقيون العذر للدولة (و هذا قائم أحيانا للأسف!) باعتبارها "ضحية"/ "سجينة" اقتصاد السوق وعلاقات العولمة الاقتصادية و هشاشة البنيات الداخلية و المناخ (!) في عدم احترام الحقوق أو عدم الالتزام بها ؟ نقاش جدي و واسع سنتركه مفتوحا.
إن الدولة في منظور الحقوقيين باعتبارها تعبير مفترض عن الإرادة العامة (و هذا ما تدعيه أحيانا ) ملزمة بحماية " الصالح العام " و الحريات / كافة الحريات و هي في البدأ لا يمكن أن تكون ديمقراطية و حقوقية إلا في الوقت الذي تلتزم فيه عبر الآليات المعروفة في اعتبار أن الشعب هو مصدر شرعية السلطة و في اعتبارها احترام كافة حقوق الإنسان إلزام شعبي و دولي .
إن الدولة عند الحقوقيين لا مبرر ظرفي لها ، و من هنا مطالبة الحقوقيين بمصادقة الدولة على كافة العهود و الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان و إعمال مبدأ سموها على القوانين المحلية ، و رفع كل التحفظات المشينة التي تفرغ المصادقة من محتواها الكوني.
إذا انطلقنا من هذا المفهوم للدولة في منظور الحقوقيين فما هو
شكل الدولة الذي ينسجم مع أطروحات الحقوقيين في الدفاع عن كونية حقوق الإنسان و شموليتها ؟ و هل يمكن للحقوقيين أن يطالبوا و يرافعوا من أجل شكل معين للدولة على اعتبار أنه الشكل الذي يمكن من ضمان أوسع احترام فعلي ممكن لحقوق الإنسان ؟
هذا السؤال يحيلنا على أشكال الدول الواقعية انطلاقا من منظوماتها القانونية و الدستورية :
يمكن لي أن أصنف الدول كالتالي(تصنيف مؤقت):
دولة أصولية / ثيوقراطية صلبة دولة أصولية / ثيوقراطية مرنة دولة ديمقراطية / علمانية مرنة دولة ديمقراطية / علمانية صلبة فما هو شكل الدولة الذي يمكن أن يكون جاذبا للحقوقيين و أن يعتبروه مناسبا لحماية كافة حقوق الإنسان؟ إنني أرى بالقطع بأن الحقوقيين لا يمكن أن ينحازوا إلى الدولة الأصولية سواء الثيوقراطية الصلبة أو الثيوقراطية المرنة لأن في ذلك ضرب سافر لحقوق الإنسان إن كليا أو جزئيا ، إذن فإن الحقوقيين لا يمكن أن يستوي خطابهم حول الكونية إلا بالمطالبة بالدولة الديمقراطية / العلمانية ، و آنذاك يمكن للسياسيين أن يتفاوضوا ما شاءوا حول نوع العلمانية أهي صلبة أم مرنة !
·
مبدأ و مطلب العلمانية يضع "دولة و قوانين و مجتمع الرعايا"خارج دائرة دولة و مجتمع كافة حقوق الإنسان : تعتمد الدولة المغربية في تدبيرها السياسي وفي إطارها الدستوري و القانوني على المبادئ التأسيسية للدولة المخزنية القروسطية المؤسسة على المفاهيم التالية: إمارة المؤمنين / البيعة / الراعي و الرعية / الحاكم المقدس / ... و إذا كانت المرحلة الكولونيالية و مرحلة الاستقلال الشكلي قد أدخلت تغييرات على الهيكلة و البناء القانوني للدولة خصوصا مع وضع الدستور المكتوب ، فإن الدستور المكتوب رغم الإستيعارات الفقهية الدستورية " الحداثية"و خاصة الفرنسية حافظ في الجوهر على نفس الأسس القروسطية كتابة و عرفا بل لاحظنا في العقد الأخير الاستعمال المتجدد لمنطق
الدولة الخلافية الراغبة في فرض ديكتاتورية المذهب بالاستعانة ببعض " منظري إعادة هيكلة الحقل الديني " (التقدميين!!!؟) وبالاستعمال القاسي للمقدس في عقاب المعارضين و ضرب الحريات وفي تناقض تام مع حقوق الإنسان (راجع العقوبات التي تعرض لها مناضلو الجمعية في أكادير و لقصر لكبير ومناضلين و مواطنين آخرين تحت يافطة المقدس) بل لم يسلم من ذلك حتى شيخ المناضلين بوكرين الملقب ب"المعتقل السياسي للملوك الثلاث" :
إن الذين يطالبون بدستور ديمقراطي بدون أن يطالبوا بدستور علماني و دولة علمانية ليس لمطالبهم سقف حقوقي كوني : و تساهم الكثير من الخطابات الحقوقية التوفيقة / غير الكونية في إضفاء المشروعية على البنيات اللاديقراطية واللاحقوقية القائمة و تساهم في إعادة إنتاجها،
إن مطلب العلمانية من شأنه أن يضع
"دولة و قوانين و مجتمع الرعايا" خارج دائرة
دولة و مجتمع كافة حقوق الإنسان بمفهومها الكوني و الشمولي . ·
المقدس السياسي في تناقض تام مع حقوق الإنسان : العلمانية كمطلب حقوقي هي المدخل نحو إلغاء مفهوم المقدس من الدستور و باقي القوانين ، لان المقدس لا يمكن أن يكون مقدسا من زاوية حقوق الإنسان إلا لصاحبه
" المواطن الحر المالك لعقله"(الغير المستلب) و لا يمكن أن يعممه على الناس فبالأحرى أن يصبح لهذا المقدس طابع الإكراه السلطوي و كل إكراه على الاعتقاد من عدمه معادي للحريات و لحقوق الإنسان و هو يستوي في فلسفة حقوق الإنسان مع
مفهوم الحق الإلهي للسلطة المعروف في العصور الوسطى الذي يصبغ على الحاكم طابع القدسية ، و يجعل الناس
رعايا بدل أن يصبحوا
مواطنين ، و يجعل السلطة مرعبة و مخيفة و يدفع المواطنين إلى
الصمت أو المقاومة المكلفة ...و يجعل السلطة و كأنها لا يمكن أن تضمن بقائها إلا بوسائل
الإكراه و ليس بواسطة
التعاقد الحر المبني على احترام حقوق الإنسان في كونيتها و شموليتها و كل مرجعيات الحكم تقوم على المقدس(الحاكم المقدس ، الراعي و الرعية ،إمارة المؤمنين ، البيعة ).
·
لا تتحقق المواطنة الكاملة بدون الديمقراطية و العلمانية: إن تحرر الحقل السياسي مدخله الديمقراطية ، لأن مدخل الديمقراطية هي سيادة الشعب كمصدر للإرادة العامة و لكل سلطة ، و هو تجاوز" للدولة" التي يميل حكامها لمطالبة رعاياهم بالخضوع الأعمى لأنهم يتوفرون على تفويض ما فوق بشري يفرض عليهم
رسالة / إرادة نازلة volonté transcendante و ليس
إرادة صاعدة / الإرادة الشعبية و الدولة الديمقراطية لا يستقيم مفهومها و مضمونها دون إقرار المواطنة الكاملة ، و المواطنة الكاملة لا تستقيم في الدولة التي تطالب الفرد / المواطن بالتخلي عن كل أو جزء من حريته وبخاصة الحريات المرتبطة بالمعتقد و الدين و كيفية تأويل المقدس فقط لأن "الدولة" شأنها شأن كل دولة قروسطية أو شبه قروسطية ترى في الدين و المعتقد و التقليد آليات للإخضاع و مراقبة "العامة" حيث يميل حكام الدولة أو الذين يرغبون في أن يصبحوا كذلك " مضطرين "لاستعمال رجال الدين للتوفر على أرضية إيديولوجية تستبطن قيم الطاعة الضرورية لاشتغال كل سلطة ما قبل ديمقراطية و علمانية ، و في الدولة الأصولية الصلبة أو المرنة فإن عدم الخضوع للسلطة السياسية هو Ipso facto عدم الخضوع للإرادة السماوية العليا ، و ما لا يفهمه مروجو استعمال المقدس لإعادة الإنتاج و السيطرة هو أن
المقدس قد يصبح
مدنسا باسم تأويل آخر لنفس المقدس حيث يصبح التنافس حول شرعية تمثيل المقدس ، و هذا يؤدي آنا أو استقبالا إلى عودة الأصوليات الدينية و الإثنية و الإيديولوجية الزائفة و غيرها و كل عودة للأصولية هي
إلغاء للمواطنة : "المواطن الحر المالك لعقله" الذي أسست له المرجعية الكونية لحقوق الإنسان .
· مطلب الحرية و المساواة لا يستويان بدون العلمانية :
الدولة الدينية الصلبة أو المرنة خطر على الحريات و خاصة حرية المعتقد ، و توظيف الدين و استعماله لقمع الحريات كان دائما ثابتا من ثوابت الدولة و النظام المغربي ، و ذلك من خلال اعترافات مسئولين رسميين ساهموا في رسم هذه السياسات خلال ما سمي بسنوات الرصاص و من خلال الاستعمال المباشر أو غير المباشر للدين في قمع الحركة الطلابية التقدمية و محاولة تصفية اليسار الراديكالي و القوى الديمقراطية و نشطاء المجتمع المدني و بالقدر الذي سيؤدي هذا الاستعمال إلى إزهاق أرواح ( المس بالحق في الحياة)(عمر بنجلون و المعطي بوملي أجلى مثال) فإنه سيوفر شروط التفكير الإطلاقي التكفيري المتبادل بين القوى السياسية بل سيجعل الدولة نفسها عرضة للمنطق التكفيري الذي يحاول نزع كل شرعية عنها بنفس المنطق الذي تفكر به الدولة و بنفس إيديولوجيتها :"المقدس"، بل أن هذا المنطق التكفيري قد طال حتى حركات و أحزاب أصولية أو زعمائها غير موالين للدولة. إن العلمانية حين ترفض الخلط بين السياسي و الديني فببساطة لأنها ترى أن الحرية كمبدأ حقوقي كثيرا ما تكون مقموعة أو مسيجة باستعمال المقدس الديني أو السلطوي. و حين تنادي المرجعية الكونية لحقوق الإنسان بالحرية و الحريات ، و حين ترى بان
الآلية القانونية و التدبيرية لإقرار الحريات هي الدولة الديمقراطية العلمانية فإن ذلك لا يعني بأية حال أن الدولة العلمانية هي ضد الدين كما يروج لذلك السفهاء أو من في قلوبهم غرض بل إن الدولة العلمانية هي الأكثر احتراما للمقدس الديني ما دام هو مقدس بالنسبة
"للمواطن الفرد الحر المالك لعقله" و المحترم لحريات الآخرين و لمللهم و مذاهبهم و حساسياتهم الثقافية و القادر هو بدوره على تغيير قناعاته متى شاء بدون تدخل السلطة / أي سلطة و هذا هو مضمون
المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان :"لكل شخص الحق في حرية التفكير و الضمير و الدين ، و يشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته و حرية الإعراب عنها بالتعليم و الممارسة و إقامة الشعائر و مراعاتها سواء أكان ذلك سرا أم مع الجماعة". و هذه المادة و ثقافتها الحقوقية هي التي سمحت للمسلمين بممارسة شعائرهم الدينية بكل حرية في العديد من البلدان العلمانية. كذلك فإن مطلب المساواة بين المواطنين لا يستوي بدون العلمانية
فالمادة الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تؤكد على
ضرورة عدم التمييز بين المواطنين على أساس المعتقد أو الدين و كل تمييز في هذا الشأن سيدخل لا محالة في باب نكران ثقافة حقوق الإنسان و سمو مرجعيتها في القوانين المحلية ، و هذا هو واقع الحال لحد الآن الذي تناضل الجمعيات الحقوقية من أجل تغييره ، وهذا ما سبق ل
"الإعلان العالمي ضد التعصب و التمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد" الصادر سنة 1981 أن عرفه في
المادة الثالثة كما يلي :
" أن التمييز بين البشر على أساس الدين أو المعتقد إهانة للكرامة الإنسانية و إنكار لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة ، و يجب أن يشجب بوصفه انتهاكا لحقوق الإنسان و الحريات الأساسية التي نادى بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و الواردة بالتفصيل في العهدين الخاصين بحقوق الإنسان و بوصفه عقبة في وجه قيام علاقات ودية و سلمية بين الأمم ". كما نص هذا الإعلان عن
التدابير و الإجراءات التي يجب أن تتخذها الدول :
"1- تتخذ جميع الدول تدابير فعالة لمنع و استئصال أي تمييز ، على أساس الدين أو المعتقد ، في الاعتراف بحقوق الإنسان و الحريات الأساسية في جميع مجالات الحياة المدنية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية ، و في التمتع بهذه الحقوق و الحريات.2- تبذل جميع الدول كل ما في وسعها لسن تشريعات أو إلغائها حين يكون ذلك ضروريا للحؤول دون أي تمييز من هذا النوع ، و لأخذ جميع التدابير الملائمة لمكافحة التعصب القائم على أساس الدين أو المعتقدات الأخرى في هذا الشأن" ·
حرية المعتقد أساسية في كل مجتمع مسلم: لا كراه في الدين و لا إكراه على الدين : لأنها الوحيدة التي يمكن أن تحرر الفرد و تجعله
"مواطن حر" و لا يمكن لهذه الحرية أن تتحقق إلا بضمان ما تنص عليه المادة 18 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
:" لكل شخص الحق في حرية التفكير و الضمير و الدين ، ويشتمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته ، و حرية الإعراب عنها بالتعليم و الممارسة و حرية الشعائر و مراعاتها سواء أكان ذلك سرا أم مع الجماعة" و لمادة 19 :
" لكل شخص الحق في حرية الرأي و التعبير ، و يشتمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل ، و استيقاء الأنباء و الأفكار و تلقيها و إذاعتها بأي وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية "و المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية التي تأكد
:"...لا يجوز إخضاع أحد لإكراه من شأنه أن يعطل حريته في الإنتماء إلى أحد الأديان أو العقائد التي يختارها..." وهذه المبادئ لا يمكن إعمالها إلا في الدولة العلمانية .
·
التوفيقية / التلفيقية في مصادر التشريع تجعل القوانين رهينة مفهوم الخصوصية و تبتعد عن إعمال مبدأ سمو المواثيق الدولية لحقوق الإنسان على القوانين المحلية و تجعل التحفظات المعلنة نحو الاتفاقيات الدولية حول الحقوق تعتمد على مصدر ديني يدعي "الاختلاف الثقافي" و الخصوصية و يبرر بهما التحفظات على العديد من الحقوق الأساسية في الإعلان و العهدين و باقي الاتفاقيات ذات الصلة بحقوق الإنسان، و ما يجب الانتباه إليه هو أن الدولة قد ترفع هذه التحفظات في زمن آخر مسقطة الدعاوي الدينية مما يؤكد على أن التأويل الديني لمعاداة حقوق الإنسان تأويل ظرفي مرتبط بموازين القوى الحقوقية و ليس ثابتا في خطاب السلطة .
·
العلمانية و الحركات الأصولية وأصحاب الدعوة إلى "فقه جديد": كثيرا ما ترفض الحركات الأصولية – بتفاوت طبعا بين تياراتها – مبدأ العلمانية بدعاوي مختلفة و بتأويل معين للدين غالب يتم استيقاؤه من المذاهب الفقهية لعصور الانحطاط في التشكيلة الاجتماعية و الاقتصادية الإتاوية للمجتمعات المسماة " عربية – إسلامية" ، ممزوجة بالطفرة النفطية لبلدان الخليج و بتوجيه امبريالي للتحكم في الأوضاع الداخلية لهذه البلدان و بالتالي في إنتاجها النفطي بعيدا عن كل "صداع للرأس تأتي به ديمقراطية ما " و باستثمار إيديولوجي عالمي مارسته و مولته الوهابية بسخاء و شجعته و استعملته المخابرات الأمريكية بذكاء في المجتمعات العربية / الإسلامية ذات الدول الأصولية المرنة في اتجاه تحويلها إلى إيديولوجيات أصولية صلبة تسمح بتوفير محيط غير مهدد لاستقرار المملكات و المشيخات النفطية و مصالح الإمبرياليات و على رأسها الأمريكية لكن هذه الحركات هي بدورها يخترقها الصراع و التناقض فبعضها – و هم أقلية للأسف – يحاولون تأسيس " فقه جديد " منذ علي ع الرازق و مرورا بعبد الله العلايلي و محمود محمد طه و شوروس و محمد الطالبي و جمال البنا و غيرهم... يقترب من العلمانية بجرأة و يحاول التأسيس لها من داخل المرجعية الإسلامية مما سيجعل هذه التيارات عند تطورها في إنتاج " فقه جديد" يتبنى العلمانية الديمقراطية و المرجعية الكونية لحقوق الإنسان أقرب إلى القوى الديمقراطية و إلى المشروع المجتمعي الديمقراطي الحقيقي حيث يتحرر الأفراد / المواطنون و يتحرر المقدس من المأسسة و من الاستعمال السلطوي بهدف الإخضاع و إعادة إنتاج مصالح طبقات لا ترى في حقوق الإنسان إلا حقوقها هي كطبقة بالتحايل عليها و تجزيئها و ادعاء أن المجتمعات المسماة "إسلامية" تتميز بفرادة و خصوصية خاصة ترافع بها هذه الدول الغير الديمقراطية في رفضها أو تحفظاتها على المرجعية الكونية لحقوق الإنسان أو في ادعاءات كتبتها بان العلمانية " لا تصلح للمجتمعات الإسلامية ".
إن الحركات الأصولية بالقدر الذي هي مطالبة بالاجتهاد نحو فقه جديد ذكرت بعض مواصفاته الأساسية أعلاه فهي مطالبة أيضا بالتخلي عن كل منطق لما يسمى ب
"الحسبة" حيث تتحول فصائل هذه الحركة إلى
"دولة داخل الدولة " تحاكم من تشاء و تدين من تشاء و تهدد الحريات الخاصة للمواطنين . ·
الجمعية المغربية لحقوق الإنسان و العلمانية : لقد حصل تطور في النقاش الدائر في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان حول العديد من القضايا و المقاربات الحقوقية لها من بينها العلمانية منذ المؤتمر السابع خصوصا ، و يبدو أن هذا النقاش قد تعمق مع المؤتمر الثامن نسبيا ، لكن الملاحظ أن الوتيرة التي يتم الاشتغال بها في الحسم في بعض القضايا كالعلمانية مثلا هي وتيرة بطيئة بالمقارنة مع التحولات التي يتطلبها المجتمع و التي تقتضي اشتغالا فكريا عميقا و جادا في القضايا الإشكالية ، و إذا كانت هذه المعضلة ليست خاصة بالجمعية ، فإن الجمعية لها مزايا الرؤية و المرجعية الواضحة التي تسمح للحقوقيين بأن يطورا باستمرار اشتغالهم الفكري في القضايا الحقوقية.
لهذا فالجمعية مطالبة بعقد ندوة للجنة الإدارية في دورة عادية للخروج بموقف واضح من قضية العلمانية و مطلب الدولة العلمانية .فقد استنزفت الجمعية وقتا طويلا في النقاش حول القضية و أظن أنه حان الوقت للخروج من دائرة لنقاش المفتوح إلى بلورة موقف واضح من طرف أجهزة الجمعية.و في انتظار ذلك أحيي كل الذين ساهموا في إثراء النقاش الحقوقي حول العلمانية.
الخميس نوفمبر 04, 2010 10:40 am من طرف الكرخ