** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 حوار الفلسفة والعلم والأخلاق

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
متوكل
" ثــــــائـــــــــر منضبــــــــط"
حوار الفلسفة والعلم والأخلاق Biere3
متوكل


عدد الرسائل : 425

الموقع : صراع من اجل الاشتراكية
تاريخ التسجيل : 05/11/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 2

حوار الفلسفة والعلم والأخلاق Empty
31072010
مُساهمةحوار الفلسفة والعلم والأخلاق




برنامج
الديمقراطية


العربية

برهان غليون* :
14/3/2004

بالرغم
من
كل ما

شهده
العالم العربي
في العقدين الأخيرين من محن كان المسبب الرئيسي فيها استبعاد أي

مشاركة
أو
مشاورة شعبية، لا يزال الرأي العام مترددا جدا في تبني الديمقراطية
لا من

حيث
هي هدف
للتغيير ولكن أقل من ذلك من حيث هي مدخل ضروري للتغيير. ولا يزال

الاعتقاد

قويا لدى قطاعات واسعة من النخبة العربية التي فقدت الإيمان
بالشعارات

القومية

والإسلاموية القديمة إلى حد كبير بأن الديمقراطية ليست مسألة
أساسية في

علاج
أوجاع
البلاد العربية ولا يمكن أن تولى أجندتها موقع الأرجحية أو

الأسبقية.
فقسم
كبير
من الرأي العام المثقف والسياسي الذي يميل إلى طروحات

الإسلاميين

أو يراهن على حركاتهم السياسية يجنح إلى الاعتقاد بأنه لا حل ممكنا

لمشاكل

العرب المصيرية والداخلية من دون توجيه ضربة قوية للاستعمار
ولسياسات

الهيمنة

والسيطرة الأجنبية، والأمريكية بشكل خاص، على الأوطان العربية.
ونسيان

أسبقية
هدف
التصدي للعدوان يقود أو يمكن أن يقود في نظر هؤلاء إلى الوقوف في
صف

واحد
مع
القوى الخارجية ويهدد بقطع الطريق على أي تحولات أخرى في طريق
الإصلاح،

اقتصادية

كانت أم سياسية أم ثقافية. المهم اليوم في منظور هذا الفريق توجيه
جميع

البنادق
ضد
العدو وتحويل جميع الكلمات والشعارات والخطوات إلى بنادق ورصاص
يستهدف

الوجود

الأجنبي ويضربه. ويستدعي هذا الموقف من بين ما يستدعي تجاوز
الخلافات

العقائدية

والسياسية والاجتماعية التي تفصل المجتمعات أو النخب الاجتماعية
المهمشة

والنخب

الحاكمة، بل ربما دعم هذه النخب وتجاهل أخطائها طالما أظهرت
استقلالها أو

ساهمت
ولو
رمزيا في الوقوف في وجه القوى الأجنبية. وقسم كبير من أصحاب هذا
الرأي

يجرمون

المعارضات العربية التي تتناول بالانتقاد السياسات الرسمية وتدعو
الحكومات

إل
ى
الانفتاح والاعتراف بالتعددية واحترام حقوق الإنسان وحرياته
الأساسية. فليس

الوقت
وقت
تحقيق مثل هذه الطلبات ولن يكون لهذه المطالبات الدائمة نتيجة أخرى
غير

تقسيم
الرأي
العام والتشويش على الموقف الشعبي والحيلولة دون نشوء الإجماع
الوطني
.

أما
الفريق
الثاني من الرأي العام المثقف والسياسي فهو يعتقد أن الأجندة

الرئيسية

التي ينبغي الأخذ بها اليوم هي أجندة إعادة بناء مؤسسات الدولة
الخربة

التي
لا
تتحمل في وضعها الحالي المواجهة مع الآخر كما لا تتحمل ديناميات
الصراع

الحر
بين
القوى والعصبيات الاجتماعية والسياسية التي تفجرها الديمقراطية.
فالمواجهة

الوطنية
غير
مضمونة العواقب بينما لا يمكن للديمقراطية أن تقود إلى شيء آخر غير

الفوضى

والاقتتال، أي إلى عكس الهدف المرجو منها. ومن هنا فإن المدخل
الصحيح

للتغيير

ينبغي أن يكون الإصلاح الداخلي وفي مقدمه الإصلاح الاقتصادي
والإداري. إذ

بقدر
ما
تفترض أجندة الصراع ضد الهيمنة الأجنبية الثقافية والسياسية
والاستراتيجية

أنه
ليس من
الممكن إصلاح النظم الوطنية المحلية والقضاء على الفساد والظلم

والاستبداد

من دون تغيير أساسي بل جذري في موازين القوى الدولية تسمح للعرب

والمسلمين

أن يفرضوا أنفسهم وينتزعوا اعتراف العالم بحقوقهم وكف يد العدوان
عنهم،

تفترض
أجندة
إصلاح الدولة ومكافحة الفساد الاقتصادي والإداري أنه من المستحيل
قيام

ديمقراطية

من دون وجود بنية أساسية اقتصادية واجتماعية وإدارية سليمة وفعا
لة. وأن

التحول
نحو
الديمقراطية يمكن أن يقود إلى انفجار المجتمعات وتفتتها إذا لم
يرافقه

تحسن
مواز
في إعادة بناء التوازنات الاقتصادية الرئيسية ورفع مستوى الدخل
للفرد

والارتقاء

بمستوى الأداء الإداري والفني للنخب العلمية والتقنية
والبيروقراطية
.

وفي
المقابل
هناك فريق ثالث ديمقراطي بالمعنى الليبرالي يعتقد أن الديمقراطية

التمثيلية

وما تعنيه من التركيز على حقوق الأفراد وحرياتهم واستبعاد أي
أيديولوجية

وطنية
أو
قومية أو اجتماعية مسبقة هو الشرط الأول للتقدم في الإصلاح إذا كان
هناك

إصلاح
كما
هو الضمانة الوحيدة لتحسين شروط التفاهم مع الدول الكبرى وضمان
الحد

الأدنى
من
المصالح الوطنية المهددة بسبب فقدان النظم والنخب الحاكمة صدقيتها.
وهذا

يعني
أن
الانتخابات التشريعية هي المدخل الوحيد اليوم لإعادة بناء العلاقات
الدولية

أو
بلورة
الإصلاحات الداخلية. ومن المستحيل التقدم على جبهة الصراع الوطني
من أجل

التحرير

وتأمين السيادة والاستقلال ولا على جبهة الإصلاح الداخلي والقضاء
على

الفساد

والترهل والانكماش الاقتصادي من دون إحراز تقدم أول وأساسي في
ميدان
الحريات

الفردية
والمحاسبة
والمراقبة الشعبية على عمل الحكومات والأجهزة الإدارية والعسكرية

والأمنية.

والمشكلة
في
اعتقادي أن الكثير من المشاركين في هذا النقاش يعرضون

طروحاتهم

كما لو كانت مناقضة واحدتها للأخرى وليست مكملة لها. فالمجاهد
الوطني أو

الديني

يعتقد أن الحديث في الديمقراطية هو تبن مباشر لطروحات وأجندة أعمال
الدول

الأجنبية

المعادية للأمة العربية والإسلامية كما أن الحديث عن برنامج إصلاح
الدولة

هو
إضفاء
للشرعية على النظم القائمة الاستبدادية والطغيانية. فليس هناك في
نظره أي

أجندة

ديمقراطية أو وطنية حقيقية أي موضوعية وتستحق الاهتمام بها وكل ما
يقال في

هذا
الميدان
هو من قبيل التلاعب بالألفاظ أو التأثر بالأفكار والقيم والتقاليد

والنماذج

الغربية الاستعمارية. والإصلاحي الوطني والقومي يعتقد بالمثل أن
برنامج

الصراع
ضد
الغرب والدول الاستعمارية لم يعد ذا أولوية وأن ما يقوم به
الإسلاميون

وبعض

القوميين من حملات ضد الهيمنة والسيطرة الأجنبية السياسية
والثقافية يعكس
ضعف

تفكيرهم
وابتعادهم
عن مشاكل العصر وواقع الاندماج والتفاعل العالميين. كما أن هذا

الفريق

الإصلاحي لا يجد في أجندة الديمقراطية شيئا آخر سوى شعار يستخدم في
الصراع

على
السلطة
أو أسلوب ملتوي تستخدمه المعارضة الإسلامية لتعبئة ا لجماهير
الشعبية

والوصول
إلى
السلطة
.
وفي
المقابل
يعتقد الديمقراطي الذي يجعل من التعددية وإطلاق

الحريات

الشخصية أس الإصلاحات المجتمعية كاملة أن الاستمرار في إعطاء
الأولوية

لبرنامج

إصلاح الدولة والنظم القائمة بما في ذلك نظام العلاقات العربية
العربية في

سبيل
تعزيز
السيادة الوطنية والقومية، ليس إلا وسيلة لقطع الطريق على
الإصلاحات

الحقيقية

وتمكين النخب الحاكمة من تمديد أجل سيطرتها ونفوذها بالرغم من
الإخفاقات

الكبيرة

التي تكبدتها. أما أجندة الصراع ضد الغرب لتعديل ميزان القوى
العالمي

وإصلاح
نظام
العلاقات الدولية فهو لا يفيد إلا في تعميق عداء العالم لنا وزيادة

ضغطه
على
المجتمعات العربية التي تتحول إن لم تكن قد تحولت في نظره إلى وكر
للحركات

الإرهابية

المدانة من قبل جميع الأمم. وبمثل هذه الأجندة تستطيع قوى السيطرة


الإمبراطورية الأمريكية تبرير سياساتها العدوانية وتوحيد الصف
العالمي ضد
القوى

العربية
والإسلامية. فالديمقراطية لا تشكل المدخل الطبيعي والحتمي لأي
إصلاح للدولة

الوطنية

وإعادة الصدقية للدولة الوطنية فحسب ولكنها تقرب بين المجتمعات
العربية

الإسلامية

والمجتمعات الغربية الحديثة وتساعدنا على تجاوز العزلة التي وضعنا
أنفس

نا
فيها
وتمهيد الطريق إلى التحاور

والتفاهم
مع
المنظومة الدولية التي تكاد تتفق

على
إدانة
ثقافتنا وحضارتنا وتقف صفا واحدا ضدنا
.
في
نظري
تشكل الديمقراطية

الاجتماعية

المدخل لأي إصلاحات عربية حقيقية أو جدية. وكون الديمقراطية مدخلا
يعني

أنها
ليست
بحد ذاتها الحل الجاهز لجميع المشاكل والتحديات التي تواجه
المجتمعات

العربية.
بل
إنها لن تستقر وتصبح نهائية لا رجعة عنها ولن تتقدم هي نفسها في
البلاد

العربية
ما
لم تنجح في أن تحل، من خلال تحقيقها لبرنامجها الخاص المتمحور في

المجتمعات

العربية حول تفكيك النظم التسلطية وتوسيع دائرة الحريات والحقوق
الفردية،

مهام
ثورة
التحرر الوطني غير المكتملة في بلادنا بسبب قوة النفوذ الأجنبي
المجسد

بشكل
رئيسي
في الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي والدعم المطلق له من قبل الدول

الغربية
وما
تبع ذلك من مشاريع سيطرة إقليمية تشارك فيها الدول الكبرى منذ حلف

بغداد
حتى
اليوم. كما لا يمكن أن تتطور وتتقدم وتستقطب الرأي العام العربي
وتقنعه

بصدقيتها
من
دون أن تستوعب في برنامجها ذاته مهام ثورة إصلاح الدولة التي
حولتها

النظم

التسلطية إلى مزرعة شخصية أو فئوية أو عائلية وإعادتها إلى
المجتمعات أو

جعلها
دولة
الشعب أو الأمة بالمعنى الحقيقي للكلمة لا ناطقة باسمها لخدمة
مصالح

خصوصية.
ومن
دون ذلك سوف تبقى الد يمقراطية حركة أقلية ثقافية وسياسية من دون
جذور

شعبية.

والنتيجة
لن
يكون تحرر الفرد أساسا لتحرر المجتمع واستقلاله بنفسه

واندراجه
في
دورة الحضارة العالمية، وليس مناسبة لانهيار الدولة وتحلل الجماعة

وتشرذمها

وعودتها إلى عصبياتها الطائفية والأقوامية، إلا عندما تنجح
الديمقراطية في

أن
تستوعب
في برنامجها ذاته المهام المثلثة المطلوب تحقيقها في أي حركة خلاص
عربي،

مهام
تحرير
للفرد والمجتمع من الطغيانات السياسية والثقافية أولا ومهام
الإصلاح

الداخلي

وإعادة بناء الدولة كمؤسسة عمومية وقانونية معا ثانيا ومهام تنظيم
المقاومة

ضد
الاحتلال
والوقوف في وجه مشاريع السيطرة والهيمنة الدولية ثالثا. ودمج مهام

الحركتين

الوطنية والإصلاحية في إطار الحركة الديمقراطية هو أيضا التحدي
الذي

يواجهه

الرهان الديمقراطي العربي والذي يحول الخيار الديمقراطي إلى خيار
ثوري في
حد

ذاته.

لا
يمكن
لهذا أن يحصل بصورة عفوية وتلقائية. إن تحقيق ذلك يستدعي العمل

على
محاور
متعددة ومتوازية في الوقت نفسه. محور التعبئة الثقافية والسياسية
لمراجعة

أسس
تجديد
علاقات السلطة المطلقة والتعسفية، وهو ما يشكل جوهر برنامج
الديمقراطية

التقليدية،

ومحور توسيع دائرة التحالفات الوطنية في اتجاه جميع القوى
الإصلاحية في

سبيل
إعادة
بناء دولة العدالة والمساواة القانونية الذي يشكل جوهر البرامج
الوطنية،

ومحور
العمل
لتكوين قوة دولية أهلية من داخل الأطر والمجتمعات المدنية العالمية
تقف

في
مواجهة
مشاريع السيطرة الاستعمارية وتناضل جنبا إلى جنب مع الحركة
الديمقراطية

العربية

لتقييد هذه السيطرة وكسر شوكتها
.

بغياب
مثل
هذه الحركة الديمقراطية

العاملة
في
الوقت نفسه على تحرير الفرد وبناء الدولة وتغيير نظام العلاقات
الدولية

لن
يكون
هناك مخرج من الأزمة الطاحنة التي تعصف بالمجتمعات العربية ولا
بديل عن

برنامج

السلطات الراهنة القائم على استفراد المصالح الخاصة بالموارد
الوطنية
وتفكيك

الدولة
السابقة شبه
الوطنية وشبه الإقطاعية وبيعها كقطع غيار في الأسواق المحلية

والدولية

والارتماء في أحضان القوى الخارجية والعمل لصالح استراتيجياتها

الهيمنية.




عودة الى
الرئيسية


حوار
الفلسفة والعلم والأخلاق في مطلع الألفية الثالثة




شهِدالعقد الأخير من القرن العشرين الذي ودعناه، نهاية حقبة هامة
من تاريخ
البشرية، امتدت زهاء قرنين من الزمان، حقبة وُصِفت حقا، بأنها حقبة
الثورات
والتحوُّلات الكبرى، سواء على مستوى التوجُّهات الجديدة، التي
عرفتها
المجتمعات البشرية في مجال اختيار مصائرها، أو على مستوى سيرورة
الفكر و
تقدم العلوم و المعارف و التكنولوجيات. و حصيلة هذه العوامل
متضافرة، فرضت
على الفكر الإنساني المعاصر، ضرورة إعادة النظر، في كثير من قيمه

الأخلاقية و السياسية، التي سادت حتَّى الآن. و في هذه الآفاق
الجديدة،
يطرح كتاب " حوار الفلسفة و العلم و
الأخلاق، في
مطالع الألفية الثالثة
"، مجموعة من التساؤلات، عن ملامح
الفكر
الفلسفي، و عن السمات العامة، للجدال الدائر حاليا، بين الفلسفة و

الأخلاق، حول موضوع مظاهر التقدم العلمي المعاصر، و انعكاساتها على

الإنسان، و على الثقافة، و على القيم.






حاول المؤلف في هذا الكتاب، أن يتلمَّسَ الطريق الذي يمكن أن يقود
إلى
اقتراح أجوبة عن بعض تلك التساؤلات. و هكذا سعى، في فصوله الثلاثة
الأولى
إلى استطلاع مستقبل الفكر الفلسفي، انطلاقا من مؤشرات يكشف عنها
تشخيص
وضعيته الراهنة. وبدافع من فضول قلق و مُهتَمٍّ، تجرَّأ على
استشراف مهمة
الفكر و الفلسفة في الظروف والشروط الجديدة، التي باتت تهيمن
تدريجيا على
العالم بأسره. و هي ظروف كما نعلم، تعاظمت فيها سلطة العلم و
العلماء، و
بدأت فيها في التهافت و التدَّاعِي، سلطة الحقائق التقليدية و
القيم
المطلقة. و في هذا الصدد تساءل المؤلف هل لا يزال بإمكان الفلسفة
أن تستعيد
دورها التنويري، و تقوم في مجتمعاتنا العربية و الإسلامية، بدور
مماثل لذلك
الذي قامت به في عصر التنوير؟ أي أن تقود أشكال صراع العقل، ضد
النزعات
الظلامية و اللاعقلانية، مع ما يقتضيه الحال، من تجديد و تحيين
لمعاني
العقل واللاعقلانية، استئناسا بإنجازات الثورات العلمية الكبرى
التي يشهدها
عصرنا، و التي يبدو و كأنها بدأت لتوها، و يصعب تماما التكهُّنَ
بنهاية
مطافها؟







إن
التقدم
الحضاري يقاس، و كما قيل مرارا، بمدى قدرة العلوم، و فعالية الفكر
والنظريات، على التعبير عن المشاكل الإنسانية المطروحة في فترة
تاريخية
معينة، والمساهمة في اقتراح حلول لها. و المؤلف يفترض، أن الفلسفةَ
ليست
حرة في التخلف عن هذه السيرورة، و أن رؤية فلسفية جديدة للعالم،
باتت
تبشِّرُ بها الحالة الراهنة لتطور العلوم و التكنولوجيا، و المعارف

الإنسانية المعاصرة عموما، وهي الآن في طور المخاض و التبلور. و
هناك
علامات عديدة، تسمح باستشراف المستقبل القريب، و بتوقع أن تكون
مهمة
الفلسفة فيه، بالأحرى محاولات دءوبة لفهم و استيعاب التحوُّلات
الكبرى، و
دلالات الإنجازات الهائلة للبحث العلمي، على الصعيد العالمي، و
آثارها على
أحوال الوضعية الإنسانية البشرية. و أنها ستتفتح ربما على
السياسية، أكثر
مما فعلته في السابق، على الأقل على الموضوعات الجديدة التي
أصبحت تطرح
نفسها على الفكر الإنساني بإلحاح، و لعل أبرزها الآن، و أكثرها
وضوحا،
علاقة الأخلاق بالسياسة، ودلالة هذا الخطاب المتنامي عن
الديموقراطية و
حقوق الإنسان.



و ضمن
هذه الإشكالية ذاتها، طرح المؤلف تساؤلات أخرى، مهتمة بمستقبل
الفكر
الفلسفي العربي ذاته، و اقترح في هذا السياق عناصر لرؤية افتراضية
لتوجهات
هذا الفكر، و بدون أن يغيب عن باله قط، أن حديثه في هذا المجال، لا
يعدو أن
يكون محاولة استكشاف عن بعد، من المحتمل أن تكون محفوفة بمكامن
عديدة
للخطأ.



يلاحظ
مؤلف الكتاب أن هناك ظاهرة ثقافية لافتة للنظر، تُعَدُّ من بين
السمات
البارزة لفكر مطالع الألفية الثالثة. و تتجلى في تعاظم الوعي،
بالنتائج و
الانعكاسات الاجتماعية و الأخلاقية، المترتبة عن التقدُّم النوعي
الكبير و
المذهل، الذي صِرْنـا نشهده في ميادين علمية حيوية مثل الطب، و
علوم
الحياة، و الهندسة الوراثية، بشكل خاص. و في تقديره، إن هذه
الظاهرة، قد
قَوَّت من حظوظ عودة جديدة للفكر الأخلاقي، و تصدُّرِهِ لواجهة
الفكر
المعاصر، و ساهمت في خلق أشكال عديدة من الحوار و الجدل بين
الأخلاق و
العلم. فإذا كان التقدم العلمي، في الطب، و علوم الحياة، و الهندسة

الوراثية، يُنعِشُ الآمال، في إمكانية تحسين حياة الإنسان و
شروطها، فهو
في الوقت ذاته، بات يخلق إشكالات أخلاقية جديدة، فريدة من نوعها
في تاريخ
البشر، و لا عهد للمجتمعات البشرية بها من قبل. كما أن انعكاساتِه
تهدِّد
بزعزعة مبادئ و قيم أخلاقية، شكَّلَت منذ آلاف السنين، و إلى حد
الآن
لُحمةََ النسيج الثقافي و الحضاري للبشرية.



فبعد
الصدمة التي أحدثتها نظرية كوبرنك في القرن السادس عشر، و بعد صدمة
نظرية
التطور لشارل داروين في منتصف القرن التاسع عشر، و بعد صدمة نظرية
التحليل
النفسي، في العقود الأولى من القرن العشرين، ها هي الصدمة
البيولوجية تقرع
الأبواب في مطالع القرن الواحد و العشرين. و الظاهر الآن، أنه لم
يعد هناك
شك كبير في أن علماء الهندسة الوراثية المعاصرين، أصبحوا يتوفرون
على
إمكانيات مذهلة لمعرفة دقائق المخزون الوراثي للإنسان، و التحكُّم
فيه، و
برمجته وِفق تصميمات وأهداف موضوعة سلفا. و قد يتجرءون غدا على
انتهاك حرمة
حياة الإنسان وأسراره، و يُقدمون على إحداث تغيير جذري في إنسان
المستقبل،
يطال تركيبَه البيولوجي، وطباعَه و قدراتْه العقلية و النفسية و
الجسمية.
و هكذا سنصبح أمام بشرية تتطور بسُرعتين مختلفتين.



و
فضلا عن ذلك، فإن التقدم الواعد في ميادين التكنولوجيا الحيوية،
بدأ يتحول
إلى صناعة مزدهرة، باتت تطال أحوال الإنسان، و تؤسس احتكارات
جديدة، في
الاقتصاد الكوني. كما أن السلطة الجديدة الناشئة عن الطفرات
العلمية
الكبرى، و المتحققة في تلك الميادين أضحت تتعاظم يوما عن يوم، و
آثارها
الملموسة و المحتملة، غدت تستدعي تطوير التفكير الأخلاقي لمواكبة
التحولات
العلمية و تأطيرها. و هذا ما يمكن ملاحظته بالفعل و قراءته، في
المبادرات
المتعددة، لتوسيع الجهود المبذولة على الصعيد العالمي، لحماية حقوق

الإنسان، كي تشمل مجالات الأبحاث العلمية حول الكائن الحي ذاتها.



و
خلال التفكير في التساؤلات المطروحة، لم يغفل المؤلف إثارة سؤال
آخر بات
يفرض نفسه: فهذا الجدل، و هذا الحوار الجديد، بين الفلسفة و العلم
والأخلاق، الذي أضحى حاليا، يشكل جسورا جديدة بين الثقافات و
الحضارات
الإنسانية، هل يُفِضي في نهاية المطاف، إلى عرقلة تطور البحوث
العلمية، في
ميادين علوم الصحة و الحياة، و هي ميادين، يسعى المشتغلون بها، من
حيث
المبدأ على الأقل، إلى تحسين ظروف حياة الإنسان، و التخفيف من
معاناته و
آلامه؟ و هل يجب الحفاظ على روح التفاؤل ،والاستمرار في الاعتقاد
بأن تلك
الإشكالات الأخلاقية عابرة... و أن العلم و هو يتقدم، يشق طرقا
جديدة في
مسيرة تحرُّر الإنسان، أكثر مما تفعله السياسة؟ يجتهد المؤلف في
مناقشة هذا
السؤال، و يقترح عناصر و أفكار للإجابة عنه.و فضلا عن الإشكالية
السابقة،
تناول المؤلف بالتحليل قضايا أخرى تتعلق بالفكر المعاصر و توجهاته
الرئيسية.



إن
معظم الموضوعات التي تناولها المؤلف في هذا الكتاب، و حسب ما يصرح
به هو
نفسه، تندرج ضمن مجموعة من المحاولات و المساهمات، كان أغلبها، إما
محاضرات
جامعية، أو استجابات لظروف و مناسبات خاصة، تطلبت منه المشاركة في
ندوات
فلسفية و فكرية، مغربية و عربية و دولية. ولا يخفي أنها جميعا تضم
بين
ثناياها، سواء صرَّح بذلك أم ضمَّنَهُ، خيوطا ناظمة تلتقي كلها في
الطموح
إلى التعبير عن تصوُّرَات يتبناها عن الإنسان و عن العقل و التقدم،
في عالم
لا يفتأ يتغير و يتجدد. إنها تصوُّرَات هي بمثابة حصيلة متواضعة،
لتجربته
في ميدان الفكر و الفلسفة.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

حوار الفلسفة والعلم والأخلاق :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

حوار الفلسفة والعلم والأخلاق

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» الابستمولوجيا بين الفلسفة والعلم - ضمد كاظم وسمي
» ثنائية الفلسفة والعلم:المعاني الكلية .. وجدل العصر التكنولوجي- ضمد كاظم وسمي
» حوار مع الدكتور حسام الالوسي : الفلسفة رؤية واسعة تمتد من الانسان الى الطبيعة
»  هل الفلسفة سلعة؟ حوار مع : جاك بوفريس Jacques Bouveresse السبت 14 تموز (يوليو) 2012 بقلم: Nicolas Truong ترجمة : ترجمة وتقديم: حميد زناز
» محمد عابد الجابري والفكر النّقديّ (2) ربع قرن من حوار بلا حوار

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: استـــراجيــات متحـــــــــــــــولة يشاهده 478زائر-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: