يبقى الزمن في وصفه الإختبار الأصعب
الذي يمرّ به المنجز الإبداعي الإنساني، والأكثر انصافاً وصدقية، المعيار
الأمثل للتدليل على قيمة كل عمل إبداعي ولمعاينة قوة مفاعيله في الإنسان
الراهن؛ في فكره ووجدانه وذائقته وحواسّه وذاكرته، وتالياً إعادة تقييمه من
منطلق المتغيرات الطارئة على حياة هذا الإنسان، ومدى تأثيرها في طبيعة
رؤيته النقدية وآرائه. وإنْ كان كتّاب وفنانون عالميون كُثُر اجتازوا
بأعمالهم الخلاّقة امتحان الزمن، وفي أحيان كثيرة تجاوزوه، فليس أقلّه من
أن يحتفي بهم الزمن، جاعلاً من مناسبات مثل، ذكرى ولادتهم أو موتهم ومحطات
أخرى مفصليّة في حياتهم، ذرائع للوقوف على تجاربهم، والتأمل فيها مجدداً في
ضوء ما استجدّ من معطيات جمالية ونقدية، ومحاولة استنطاقها بحثاً عن معانٍ
وتأويلات لم يُفطن لها قبلاً، وقلما تُستنفد في كل عمل خلاّق يحاكي الجوهر
الإنساني.
كل عام يحلّ، يحمل معه مما يحمل، باقة من المناسبات في عالم
الأدب والفكر والفن، الجديرة باهتمامنا، وبأن نستعيد من خلالها تجارب
أصحابها، ناظرين إليها بعين الفضول المعرفي التي تصبو دائماً إلى المزيد.
وسيكون هذا القسم المُستحدَث في الموقع مخصصاً للإحاطة ببعض هذه التجارب من
خلال إعداد ملف مستقل لكل منها، جاهدين في أن نتمكن من تغطية أكبر عدد
ممكن مما سيصادف مروره من مناسبات سنوياً، علماً بأن تحقيق هذا الطموح
سيعتمد أساساً على مدى تجاوب الكتّاب ودعواتنا، وعلى عدد المشاركات التي
ستردنا ومدى تنوعها، لاسيما وأن مأربنا الرئيسي هنا، الإبتكار لا الإجترار
والإضافة لا المراوحة، بحيث تكون هذه الملفات ورشات عمل حقيقية في حقلَي
النقد والترجمة، تضمّ اجتهادات جديدة ولا تكتفي بما سبق ونُشر من كتابات.
ونأمل مع مرور الوقت في أن يتوفر لدينا عدد لا بأس به من الملفات، تصلح في
أن تكون مرجعاً مفيداً للقارئ، يستطيع من خلالها الإطلاع على تجارب كبار
المبدعين في العالم. وتجدر الإشارة إلى أن بعض الملفات ستتناول مناسبات
تتعلّق بأحداث ثقافية كبرى كان لها تأثيرها في مكان حدوثها أو في العالم
أجمع، كذكرى ولادة إحدى المدارس الشعرية، أو تأسيس إحدى المنابر الثقافية
أو الجوائز الأدبية الخ.
نستلهم من رؤى الشاعر رينه شار لنقول: هؤلاء
الذين جعلوا من المستحيل قنديلهم، وسلكوا طرقاً وعرة غير مطروقة قبلاً أو
غير موجودة قبلهم، هم أنفسهم أضحوا قناديل تضيء المستحيل، وتفضح ماهيته
الغائبة عن الوجود، والحاضرة فقط في عقولنا. هؤلاء من مبدعين ومفكرين كبار
في العالم وممن لا يمكن التغاضي عن تأثيرهم في مسار الإنسانية وفي حقول
تتعدى الأدب والفكر والفن، سنحتفي ببعضهم هنا كل عام، عاملين على رصد
مواقعهم الحالية من وجهة نظر الإنسان المعاصر وفي ضوء ما آلت إليه حياته
وعالمه ومف
السبت يوليو 31, 2010 6:57 am من طرف نابغة