ينابابع

مع تلف معظم أجهزة المركبة وعدم قدرتهم على التواصل مع أي نقطة في الكون، بدأت حقيقة العزلة تهبط عليهم بثقل أكبر من أي شيء آخر. القائد إيلين، التي اعتادت الحفاظ على رباطة جأشها في أشد المواقف قسوة، بدأت تشعر بالضغط الذي ينمو كغيمة قاتمة فوق المجموعة. بعيون مفتوحة على المجهول، احتشد الطاقم حول معدات النجاة القليلة التي نجت من الحادث، محاولين العثور على أي سبيل لإصلاح ما تبقى من التقنيات المتضررة.
وقف توم، المهندس المتخصص في الأنظمة الإلكترونية، يتفحص كابلات متفحمة ودوائر محروقة، محاولًا بكل طاقته إصلاح جهاز واحد على الأقل لإرسال إشارات استغاثة. كان يعرف أن كل ما تبقى لهم يعتمد على شيء بسيط، ربما حتى شرارة صغيرة قد تعيد لهم أملًا ضائعًا. كلما أمعن في قطع الغيار الباقية، بدا الوضع أكثر تعقيدًا؛ فعطل المعدات كان شاملًا، وبدا من شبه المستحيل أن يتمكنوا من إصلاحها باستخدام الأدوات البدائية المتاحة.
في هذا الوقت، اجتمع أفراد الطاقم لمناقشة خياراتهم، وكانت الأفكار متباينة بين التمسك بالأمل ومواجهة الواقع المظلم. بين كل نقاشات الأمل واليأس، بدأت شخصية ليلى، العالمة النفسية، تظهر كحجر زاوية يحاول الحفاظ على تماسك المجموعة. جلست تتحدث مع كل فرد على حدة، تجمع الشجاعة، وتزرع الأمل الذي بدأ يتضاءل، مشددة على أهمية البقاء على قيد الحياة، ولو لوقت أطول، في انتظار معجزة قد تأتي.
وفيما كان الجميع مشغولًا بخطتهم للبقاء، لفت انتباههم شيء غير متوقع؛ ضوء وامض بعيد عبر الأشجار الضخمة التي تحيط بهم. بدا وميضه كإشارة خافتة، لكنه كان كافيًا لإثارة روح الاستكشاف لدى الفريق. مع محدودية الخيارات، قررت إيلين والمجموعة التوجه نحو الضوء، آملين أن يكون هذا الوميض بادرة أمل، ربما تقنية قديمة أو جزء من بقايا حضارة كونية مجهولة قادرة على التواصل مع العالم الخارجي.
تقدموا بخطوات حذرة نحو مصدر الضوء عبر الغابة الكثيفة، يلتفتون حولهم لكل حركة، وكل صدى خافت، كأن هذا الضوء يحمل لهم الأمل في النجاة أو مفتاحًا آخر لاستمرار رحلتهم، وسط عزلة لم يعرفوا لها مثيلًا

ينابابع

ينابابع :: تعاليق

ينابابع