من فكرة التسامح إلى حقوق الإنسان
محمد بوسعدان[1]
ملخص:
حاول أعلام فكر التّسامح أمثال بايل ولوك وفولتير، تقديم جواب عن السّؤال التّالي: كيف نجعل التعايش بين الأديان المختلفة أمرا ممكنا داخل الدّولة الواحدة؟ وهو السّؤال الذي سيتمّ توسيعه، ليشمل كل أوجه الاختلاف بين البشر، ليصبح كالتالي: كيف نجعل العيش المشترك أمرا ممكنا داخل الدولة الواحدة، بل في العالم كلِّه، مع كلّ الاختلافات التي تزخر بها المجتمعات البشرية؟
يتناول البحث بالدراسة، أبرز المتون المؤسِّسة لفكرة التّسامح، مع إبراز السياق الثقافي والسياسي الذي ظهرت فيه، والإشكالات المركزية التي عالجتها هذه النّصوص المؤسِّسة، كما يتتبّع البحث منطق اشتغال هذه النصوص والحجج التي استندت إليها، دون إغفال النّصوص المحاورة لها.
إن ما يشهده العالم المعاصر من موجة التطرف والتشدّد الدّينيّ على وجه الخصوص، يجعل استحضار هذه النصوص المؤسِّسة لفكرة التسامح أمرا ضروريا.
من هنا تنبع القيمة الفكرية لهذه الكتابات، وأهمية الانفتاح على الإسهامات المعاصرة في مجال تطوير فكرة التسامح، انطلاقا من استثمار ما كتبه الأعلام المؤسِّسون.
يسعى البحث إلى إبراز كيف ستصبح فكرة التسامح، باعتبارها قيمة أخلاقية وموقفا من المختلف، أساسا لحقوق الإنسان، وهي الحقوق التي ستتمّ بلورتها وصياغتها في مواثيق تتّخذ طابع الكونية، وفي مقدّمة هذه الحقوق حرّية التّفكير والتّعبير والتّديّن والمساواة واحترام الإرادة الفرديّة والجماعيّة.