أثار قرار رابطة الكنائس الإنجيلية في الشرق الأوسط بجواز أنْ تكون المرأة قسّا خلافا عقديّا بين المذاهب المسيحيّة الأرثودكسية والكاثوليكيّة والبروتستانتيّة.
ورفض القمص صليب متّى ساويرس وكيل المجلس الملّى القرار مؤكّدا أنّ شرطا أساسيّا في الكهنوت هو الطهارة، والمرأة، وهى حائض، لا يليق بها أن تحضر القدّاس وتمارس شعائره فكيف تقيمه أساسا، كما أن المسيح لم يتّخذ تلاميذ له من النساء. وذهبت تصريحات البابا شنودة هذا المذهب، فأشار إلى الموانع الطبيعيّة من حمل ورضاعة ورعاية أطفال. وهي موانع تعوق جميعها تولّى المرأة وظيفة القسّ.
وفي الصفّ المقابل، أكّد د. صفوت البياض رئيس الطائفة الإنجيليّة في مصر أنّ هناك فرقا بين العقيدة والثقافة “إذ إنّ العديد من المجتمعات يضع سياقها الاجتماعي عددا من المحاذير التى يجب مراعاتها عند التطبيق، ففي العديد من الدول الأوربّية التى تحظى برسوخ فكرة المساواة بين الرجل والمرأة لم يكن من الصعب أن يتقبّل المجتمع فكرة أن تكون المرأة قسّا أو أسقفا، بينما فى دول العالم الثالث ما زال الأمر غير مقبول.”
وكان الفاتيكان قد أعلن موقفه من الموضوع في سنة 2008 إذ أصدر مرسوما رسميّا عن “مجمع الإيمان” بعنوان : من أجل حماية طبيعة سرّ الكهنوت وصحّته، أكّد فيه أنّه “يقع في الحرمان على السواء وبطريقة آليّة كلّ من يحاول منح سرّ الكهنوت لامرأة، وكلّ امرأة تحاول نيل هذا السرّ.”
ما يستخلص من هذا الخبر لا يخرج عن حقيقة أساسيّة، وهي اشتراك الأديان الإبراهيميّة في تمثّل صورة المرأة تمثّلا يرى فيها كائنا أقلّيا ناقصا أو مصدرا للشرور والدنس.
فصوت المرأة، في اليهوديّة، يعتبر إثارة جنسيّة تمامًا مثل شعرها وقدميْها. ولذلك، لا نجد من بيْن حاخامات اليهود نساء، ولم يحدث أنْ أمّت امرأة الصلاة في معبد يهوديّ.
والحال في المسيحيّة ليس بأفضل. يقول بولس : “ليصمت نساؤكم في الكنائس لأنّه ليس مسموحًا أنْ يتكلّمن، بل يخضعن كما يقول الناموس…ولكن إذا رغبن في تعلّم شيء، فليسألنْ أزواجهنّ في البيت، لأنّه عارٌ على المرأة أنْ تتكلّم في الجماعة”.
ثمّ إنّه لم يحدث أن قادت امرأة الصلوات في الفاتيكان. ولم يتولّ منصب البابويّة غير الرجال.
وفي الإسلام، فإنّ المرأة ناقصة عقل ودين. ونترك أحد الموقّعين باسم اللّه يعلّل هذا “النقص” بطريقته الكاريكاتوريّة : “ماذا يحدث لو سمحنا للمرأة بأن تكون إمامًا للرجال في الصلاة وخطبة الجمعة في المسجد، ثمّ فاجأها دم الحيض أو الولادة، وهى على المنبر أو في المحراب تصلى بالناس؟! ألن تفسد صلاة الجميع في هذه الحالة؟! ولنا أن نتخيَّل مدى الفوضى والاضطراب واللّغو والضوضاء الناتجة عن بدء صراخ الإمام – المرأة – حين تدهمها آلام بدء الولادة – الطلق – أو سيل من دماء الحيض الذي لا يمكن لها أن تسيطر عليه أو أن تمنعه أو أن تتوقَّع وقتًا محددًا لمجيئه!”
هل نأمل للمرأة منزلة كالرجل إذا كانت سرديّات الخلق الدينيّة تقول إنّ المرأة خُلِقت من آدم وهو نائمٌ، ومن ضلع أعوج على وجه التدقيق