علم أحياء
حقائق عن المثلية الجنسية
القسم الأول هو قسم علمي يوصف الحالة المثلية من الناحية العلمية والشق الثاني يتعلق بحالة العقل الجمعي والأخلاق (راي الكاتب). أنا كنت أعتقد أن المثلية خيار يتخذه المرء لسبب من الأسباب وقد كان استنتاجي مبني على أسس علمية بحتة أذ أن ما لفت نظري هو بقاء الحالة في المجمّع الجيني على الرغم من أن المثليين لا ينجبون أطفال. كان لا بد للانتقاء الطبيعي أن يشكل ضغط على المثلية و يؤدي لانقراض هذه الحالة. كيف تكون طبيعية وتستمر وراثياً إذا كان المثليين لا ينجبون أطفال؟
المثلية الجنسية:
المثلية الجنسية هي تابعة لما نسميه التوجه الجنسي (Sexual Orientation) و التوجه الجنسي مربوط مباشرة بالخريطة الدماغية للكائن. تخيلوا معي التكوين الجنيني كطبخة فيها مقادير وعناصر. الوصفة هي (الحمض النووي DNA) والمقادير هي (الهرمونات والعناصر البروتينية لبناء الأعضاء). في مرحلة التكون الجنيني للدماغ تعمل 3 هرمونات أساسية في تحديد التكوين الجنسي للكائن (مقادير):
التستوستيرون – الاستروجين – البروجسترون.
التفاوت في النسب لهذه الهرمونات يؤثر بشكل مباشر على التشكل الدماغي و العضوي للجنين و يحدد توجهه الجنسي. هذا يعني ان اي تفاوت في المقادير يؤثر بشكل مباشر على الوصفة وعلى النتيجة النهائية للطبخة. هذه الهرمونات تفرز في مراحل التكوين الدماغي للجنين فتعمل على توجيه التطور الجنيني إما أن يبقى انثى أو يتحول إلى ذكر وبالتالي تتفعّل الجينات الذكرية في التطور. (جميع الأجنة اناث في البداية حتى يتم التغير) تقريباً 8% من جميع حالات الحمل عند الإنسان تكون المقادير الهرمونية لا تتناسب مع جنس الجنين لإنتاج توجه جنسي متغاير (في لغة الشارع طبيعي). فيأتي الجنين الذكر أو الأنثى مثلي التوجه أو مخنث أو أو أو الخ. هذا يفسر استمرار هذه الظاهرة على الرغم من أنها تشكل ضغط انتقائي طبيعي على المثليين. لأن العملية لا تتعلق بالحمض النووي وإنما باختلاف المعدلات الهرمونية أثناء الحمل بالتضارب مع جنس الجنين. مثلاً نسبة تستوستيرون عالية عند جنين انثى تعني أن الأنثى مثلية. نسبة التستوستيرون قليلة عند جنين ذكر تعني الذكر مثلي. نسبة التستوستيرون عالية عند ذكر يكون الذكر متغاير جنسياً وهكذا.
أمثلة وتجارب:
يوجد حالات في Dominican Republic للإناث يولدن ويعشن حياتهم بشكل طبيعي حتى سن البلوغ. عند سن البلوغ يتحول جسدهم من أنثى إلى ذكر إذا ينمو لهم خصيتين وقضيب ذكري وينبت الشعر على جسمهن وتظهر العضلات وتختفي الأثداء. هذه الحالة هي سببها خلل جيني اسم الجين المسؤول عنها هو “5 ألفا المختزلة”. هذا الجين مسؤول عن تحويل التستوستيرون إلى ديهدروتستوستيرون الديهدروتستوستيرون مسؤول عن تكوين الأعضاء التناسلية الذكرية وبسبب الخلل الجيني ل 5 ألفا المختزلة المفعّل لديهدروتستوستيرون، لا يتم تكوين هذه الأعضاء التناسلية أثناء التكوين الجنيني لكن الدماغ هو دماغ ذكري ويولد الطفل مع أعضاء تناسلية انثوية. يعني و كأننا نسينا ان نضغط زر تفعيل تكوين الأعضاء التناسلية على الرغم من ان الدماغ هو دماغ ذكري. المثير للذكر في هذه الحالة ان التكوين الجنيني مازال ينتظر افراز ديهدروتستوستيرون لاستكمال نمو الأعضاء التناسلية الذكرية حتى بعد الولادة. يعني اعطاء جرعات من الديهدروتستوستيرون سيكون كفيل في نمو الأعضاء التناسلية. العقل ذكري لكن الأعضاء التناسلية انثوية فتشعر هذه الإناث أنهن ذكور معتقلين داخل جسد أناث إلى أن تأتي مرحلة البلوغ وعند افراز هرمونات ديهدروتستوستيرون كنتيجة عملية البلوغ تبدأ الأعضاء التناسلية الذكرية بالنمو وكأنها مازالت في الرحم. هؤلاء الذكور يستطيعون الإنجاب وربما يكون أطفالهم لديهم نفس الحالة الجينية لذلك نحن نلاحظ هذه الظاهرة محصورة ضمن بقع جغرافية معينة.
اسم هذه الحالة لمن يود البحث: Machihembra
تجارب مخبرية:
في عام 1959 قام عالم اسمه تشارلز فينيكس من جامعة كانسس بتجربة لقياس تأثير حقن التستوستيرون للثديات أثناء الحمل. تم حقن مجموعة من اناث الخنازير بجرعات من التستوستيرون أثناء حملهن و تم انتظار الولادة.
ملاحظة مهمة قبل المتابعة:
عند الثدييات اثارة الأنثى في المناطق التناسلية يؤدي إلى ردود فعل طبيعية اسمها العلمي في اللغة العربية (ويكيبيديا) التحدب القطني الزائد والتي تعد اشارة بأن الكائن محفز جنسياً ويريد الممارسة الجنسية. عند الإنسان قد تكون عدة حركات لكن عند الحيوانات الرباعية الأرجل تتسم هذه الحالة بتحدب للظهر واظهار للمناطق التناسلية كدعوة للذكر على الركوب. ردة فعل الذكر حين يرصد حالة التحدب القطني الزائد هي الركوب وممارسة العملية الجنسية. لنعود لأطفال الخنازير الذي تم حقنهم بالتستوستيرون أثناء تشكلهم الجيني. الإناث منهم وعند مداعبة أعضائهم التناسلية لم يظهرن حالة التحدب القطني الزائد. لكن هؤلاء الإناث قمن بالركوب على بعضهن وكأنهم ذكور. مما يدل على أن توجهن الجنسي المثلي بسبب الجرعات الزائدة من هرمون التستوستيرون وكونهن اناث. في نفس التجربة تم اعطاء اناث أخريات جرعات من التستوستيرون بعد الولادة لكنه لم يعطي نفس النتيجة. هذا يعني أن التستوستيرون له تأثير فقط في مرحلة التكون الجنيني. بعد اكتمال تكوين المخططات الدماغية ومناطق التوجه الجنسي لا نستطيع تغير هذه المخططات مهما حقنا هرمونات. التوجه الجنسي كالحفر على الحجر. أي أننا لا نستطيع تغيير التوجه الجنسي بعد الولادة كما يعتقد البعض. من ضمن الملاحظات لهذه التجربة أيضاً أنه يوجد نافذة زمنية محددة لإعطاء الجرعات لكي تؤثر على التوجه الجنسي. هذه النافذة تتعلق بمرحلة التطور الدماغي.
المثلية في الدماغ:
يوجد منطقة في الدماغ اسمها sexually dimorphic nucleus SDN هذه المنطقة عند الذكر هي 5 مرات أكبر من الأنثى ضمن التجارب تم اكتشاف أن تعرض الجنين لجرعات من الهرمونات الجنسية أثناء مراحل التكوين (النافذة الزمنية) يتناسب مع حجم ال SDN أي أننا في حال أعطينا جرعات من التستوستيرون لأجنة اناث اثناء مرحلة التكون الدماغي سيكن هؤلاء الإناث مثليون وستكون منطقة SDN أكبر من حجمها الطبيعي عند الإناث.
تجربة:
تم اعطاء بعض الجرذان جرعات من التستوستيرون أثناء الحمل وبالفعل نجد أن مولود الأنثى لديها SDN بنفس حجم الذكر. في عام 1985 تم العثور على SDN عند الإنسان عن طريق عالم ألماني اسمه Dick Swaab. هذا يعني أننا نستطيع معاينة حجم SDN عند الإنسان ومقارنة الحجم مع الجنس وتحديد التوجه الجنسي للإنسان. بالملخص إن كمية الهرمونات أثناء نافذة معينة اثناء الحمل تحدد التوجه الجنسي للكائن.
النتيجة:
المثلية الجنسية هي ليست حالة شاذة كما يسوق للموضوع وهي حالة طبيعية موجودة في عالم الأحياء عند الكثير من الحيوانات. المثلية الجنسية موجودة لدى هذه الحيوانات على سبيل الذكر وليس الحصر.
الأسد، الراكون، الماعز، الحوت الأبيض القاتل، الدلفين، الكوالا، الحصان، الزرافة، الثعلب، الفيل، الكلب، القطط المنزلية، الشمبانزي، الانسان، الغراب، النورس، و البطريق.
أخلاقياً:
إذاً الإنسان المثلي هو انسان طبيعي يختلف في توجهه الجنسي. من هذه الفكرة أود ان انطلق للبعد الأخلاقي لهذه القضية. الكثير من الناس يقول “طالما أن المثلي ليس له القرار بان يكون مثلي فهذا يعني أنه لا يجوز معاملتهم بطريقة عنصرية ويجب احترامهم” هذه هي المشكلة الأخلاقية بحد ذاتها إذا أن تقييم العمل يجب قياسه على أساس كونه يشكل أذية للآخرين أم لا. على فرض أن العلم أثبت في المستقبل أن المثلية هي حالة اختيارية وليست هرمونية كما ذكرت في هذه المقالة ماذا يحدث حينها؟ هل يتحول المثلي من أنسان اخلاقي لإنسان لا اخلاقي؟ تقييم الصح من الخطأ هو عمل غير موضوعي لكن لنقترب من الموضوعية قدر المستطاع يجب أن يكون المقياس على اساس مدى تأثير الفعل على الآخرين. هل العلاقة الجنسية لشخصين واعين تؤثر سلبياً على الآخرين باي طريقة؟
لماذا يعتبر البعض أنه من حقهم محاسبة الآخرين بمن يحبون و من يمارسون الجنس معهم؟ في رأيي الشخصي ان العنصرية تجاه المثليين ستذكر في التاريخ على أنها شبيهة باستعباد الأفارقة في القرون السابقة.
تلخيص:
بالرغم بأن الممثلية هي حالة طبيعية لا يستطيع الشخص المثلي اختيارها لكن قبول هذه الظاهرة من الناحية الأخلاقية لا يرتبط بكونها طبيعية أما لا وإنما باحترام حرية الأشخاص أنهم بشر يحق لهم أن يحبوا من يشاؤون ويعيشوا حياتهم كبقية البشر. هم أناس مخلصون في عملهم محبون لغيرهم فعّالون في مجتمعاتهم وهذا ما يهم. يجب قياس الأمور الأخلاقية بمقدار الأذى والضرر الذي تلحقه بالآخرين أظن في سياق بحثي أصبح واضح أن الادعاء بأن احترام المثليين سيسبب في انتشار هذه الظاهرة هو مجرد كلام غير علمي ناتج عن عنصرية مكتسبة بسبب العادات والتقاليد. المثلي لا يمكن أن يغير توجهه والشخص المغاير جنسياً لا يستطيع أن يصبح مثلي.
أدعو جميع الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم طبيعيين (متغايرين جنسياً) على أن يصبحوا مثليين، لن تستطيعوا