ذوات - عيسى جابليأكد الباحث ريناس بنافي أن للتجديد الحضاري عوامل وشروطاً مثلما له موانع تقف في وجهه، وأن "سبيل الفرد والمجتمع إلى الحضارة هو القفز فوق موانع النهضة والتجديد للوصول إلى نقطة منها تنطلق وتقلع عملية البناء التاريخي بعدما تتوفر شروط هذا الإقلاع".
وفي مقدمة دراسته، الموسومة "هندسة الواقع من التكديس إلى البناء"، المنشورة على موقع مؤسسة "مؤمنون بلا حدود" للدراسات والأبحاث، عرّف الباحث البناء الفكري بأنه "إدراك محيط ما من خلال تحصيل وتراكم المعرفة وبرمجتها وتنظيمها بالاستنتاج (التفقه) إلى سلوك وخبرة من خلال التفاعل مع المحيط"، وذلك "بإنشاء قاعدة مكونة من مجموعة مبادئ وقوانين وأفكار، يرتكز عليها الإنسان في الاستنتاج والتفاعل مع محيطه".
ورأى الباحث أن البناء الفكري يتأثر بعاملين أساسين؛ أولهما "العقل والمنطق"، والآخر هو الطباع الخاصة بالإنسان، جاعلاً اتفاقهما شرطاً لبناء فكري سليم. وأشار الباحث إلى إشكالية "فاعلية الأفكار" عند مالك بن نبي الذي "بين أنه كلما كانت شبكة العلاقات حول فكرة ما أوثق، كانت الفكرة أكثر فاعلية وتأثيرا".
سبب التخلف والانحطاط لدى الشعوب المتخلفة عامة والشعوب العربية والإسلامية خاصة ليس خارجياً، بل هو داخلي في نفس كل فرد من أفراد هذه الشعوب وفي الإطار الاجتماعي لكل مجتمع من هذه المجتمعات المتخلفة
وأشار الباحث إلى أهداف المعرفة الخمسة التي ذكرها عبد الكريم بكار: "إن جميع ما يتعلمه أبناؤنا في المدارس، وجميع ما يطلعون ونطلع عليه نحن الكبار، يجب أن يستهدف الأمور الخمسة التالية:
[list="outline: none; padding-right: 0px; padding-left: 0px; margin-right: 0px; margin-left: 0px; border: 0px; font-style: inherit; font-variant: inherit; font-weight: inherit; font-stretch: inherit; font-size: inherit; line-height: inherit; font-family: inherit; vertical-align: baseline; list-style: none; text-align: justify;"]
[*] تطهير العقل من العادات الذهنية والنفسية التي تحرمه من الرؤية الصحيحة، مثل التعصب والمبالغة والانغلاق والميل إلى التبسيط والخضوع للمقولات الشائعة، والتعامل مع الواقع على أنه كتلة صلدة، ورؤية نصف الحقيقة.
[*] تكوين العقل المثقف، وهو ذلك العقل الذي يجتاز عدداً كبيراً من حالات التدريب على التفكير المستقيم، والذي يستطيع استلال نموذجه الخاص من خلال استعراض عدد كبير من وجهات النظر المختلفة في القضية الواحدة.
[*] تحسين مستوى اتخاذ القرار من خلال معرفة جيدة بالإمكانات والقدرات الذاتية والفرص المتاحة والتحديات والمعوقات الموجودة واستشراف آفاق المستقبل.
[*] التلاؤم مع التغير والتكيف مع المعطيات الحديثة، وذلك من خلال امتلاك طاقة روحية وعقلية، تمكن المتعلم من استيعاب الوافدات الجديدة، والاستجابة لها على نحو صحيح (...).
[*] تعديل السلوك وتشذيب الزوائد الأخلاقية، وتأهيل المتعلم لأن يحيا الحياة الطيبة من خلال انسجام سلوكه مع معتقده، وإنشاء أسرة صالحة، وإقامة علاقات جيدة مع الناس، والنجاح في العمل، وتحقيق التوازن والانسجام بين المطالب الروحية والمادية، حتى تؤدي معارفنا هذه الوظائف الكبيرة".
[/list]
وفي الحديث عن "ظاهرة التكديس"، يعتمد الباحث على مالك بن نبي الّذي يقول: "إن علينا أن نكوّن حضارة، أي أن نبني لا أن نكدس؛ فالبناء وحده هو الذي يأتي بالحضارة لا التكديس ولنا في الأمم المعاصرة أسوة حسنة؛ فالحضارة هي التي تكون منتجاتها وليست المنتجات هي التي تكوّن حضارة، إذا من البديهي أن الأسباب هي التي تكون النتائج وليس العكس، فالغلط منطقي ثم هو تاريخي، لأننا لو حاولنا هذه المحاولة إننا سنبقى ألف سنة ونحن نكدس ثم لا نخرج بشيء".
ويقيم الباحث الفرق بين التجميع والبناء في نقاط عدة أهمها الاستمرارية والأهمية والسهولة والبناء الفكري، مشيراً إلى أدوات البناء الفكري ويقسمها إلى أدوات تأسيسية (التربية والفطرة والعبادة)؛ وأدوات معرفية (القراءة العلمية والاستماع والمشاهدة والمناقشة والتجارب والاختبار)؛ وأدوات تطويرية وإبداعية (الكتابة والتأليف والحوار والمحاضرات والبحث العلمي والدراسات العليا والمشاركة في تأسيس وتطوير المشاريع الاجتماعية وبناء المؤسسات).
ويبين الباحث أن "سبب التخلف والانحطاط لدى الشعوب المتخلفة عامة والشعوب العربية والإسلامية خاصة ليس خارجياً، بل هو داخلي في نفس كل فرد من أفراد هذه الشعوب وفي الإطار الاجتماعي لكل مجتمع من هذه المجتمعات المتخلفة"، وبناء على ذلك يستنتج الباحث أن "لا سبيل إلى الحضارة أمام مجتمع تغمر أفراده "القابلية للاستعمار" أو يخضع للدوائر الاستعمارية فالحضارة من نصيب مجتمع يدرك أفراده معنى وجودهم ويتحررون من الوثن الخرافي والوثن السياسي والوثن الاستعماري، وتكوين حركة بناء تدخل التاريخ لتستقر فيه".
للاطلاع على البحث كاملاً المرجو الضغط هنا: