التأمل المعقلن: مبدئيا لا نتوفر على أية خلفية سلبية أو حقدية لجهة من الجهات، بل من باب العشق واللذة السيزيفية، لهذا البلاء المسرحي/ الإبداعي، نمارس شرعية الاختلاف والضرب على مواطن الخلل، الذي يصيب هذا الفن الجميل في موطن فعاليته، والكشف ما يمكن كشفه، من خلال معطيات بعض منها متداول في المشهد علانية، وبعضها في الكواليس مختفيا، فلما اللامبالاة، ولما الصمت، ما دمت خارج زمرة التهافت المادي والمناصب الوهمية، وممارسة المناورات التافهة والتحالفات والوهمية واللوبيات الفارغة من أجل إثبات الذات في اللجن والمكاتب، إذ يكفينا شرفا أننا نمارس حقنا التاريخي و الخطابي والإبداعي، بدون داء - الفوبيا - من انكشاف أسرارنا وملفاتنا، وبناء على هذا المدخل، الذي يحتاج لتأمل معقلن، من لدن من يفهمون المضمر من الخطاب، نشير أنه من بين الإشكاليات التي تحتاج وتحتاج لنقاشات عميقة، ودراسات - اجتماع نفسية - ولكن لم نعر لها اهتماما،أو نغض عنها الطرف، باعتبارنا مساهمين فيها، أو يوما ما سنكون ضمن الزمرة - المهاجرة - للخليج . هجرة وهي من صميم ما أل إليه الوضع الثقافي/ المسرحي ببلادنا، ذو ارتباط وثيق بالجفاف المسرحي، وإن كانت في حد ذاتها مضحكات، من خلال ما قيل في سنوات وما يقال وما يمارس؟؟؟ إذ مبدئيا لا أحد له الحق والأحقية في مصادرة أو منع أي كائن سفر، ولكن في إطار الإحساس بروح الإبداع وقيمته المضافة التي تضيف شخصية لفاعله وممارسيه، فلامناص من إثارة هذا الموضوع، الذي يبدو بسيطا في طرحه، باعتبار أن كل مواطن في العالم يهاجر هنا أو هناك، إما طلبا للعلم أو طلبا للرزق أو تعيينا وظيفيا أوعمليا أوالمشاركة في تظاهرة ثقافية/ فنية/ سياحية.... وبالتالي فالهجرة سواء أكانت دائمة أو مؤقتة أومرحلية، فهي ظاهرة كونية لا تتعلق ببلد دون غيره، لكن في عمقها تتناسل مئات التساؤلات في إطار هجرة الكثيرمن المثقفين والأدباء والمسرحيين و المغاربة إلى الخليج (الآن) ليس من أجل العمل أو الإعارة أو العمالة، بل من أجل الحضور للقاءات ومهرجانات مسرحية، التي أمست تنمو وتتناسل في منطقة الخليج المنضوية تحت مجلس التعاون الخليجي، لا فرق وحتى إن كانت في إطار مؤسسي معروف ومتعارف عليه، أو في إطار تنويع الخبرات وتلاقح التجارب، فالمسألة تناقش، لأنها أمست من الظواهر الفريدة والمتميزة في السنين الأخيرة، وبالتالي تحتاج كما اشرنا دراستها ومناقشتها بطريقة مختلفة ومغايرة، من عدة زوايا، أبرزها زاوية ما يعرف بالتهافت نحو الخليج، والبحث بشتى الوسائل، ولن نعدم جوابا إن قلنا- مشبوهة - لعدة عوامل تتحرك عيانيا في المشهد الثقافي والإبداعي، المغربي. لآن أي تحرك أو لقاء أمسى مكشوفا، وحتى إن لم يكن كذلك، فوسائل الاتصال والتواصل الفوري والعنكبوتي، تكشف وتخبرما هو خاف عن أنظار عيون السلطة أوعن حملة التقارير، باعتبار أن الانتقال من الحداثة للعولمة، فرض حتى نوعية العلائق والصداقات، وكيفية الإبحار لاستجلاب ما يفيد من أشخاص مفترضين، في نظر عوالم الشبكة العنكبوتية ومشتقاتها .... ولكن بنوع من التمعن والروية والتأمل المعقلن، فما هو افتراضي هو واقعي بالضرورة رغم محاولة طمس هاته الحقيقة، بمعنى أن التواصل التناوبي، يخلق وينتج ما لا يكون في الحسبان، بحيث العديد من الأفكار تتبلور إلى مشاريع وأشخاصها يحركون ذاك المشروع في فضائهم، مما تلتقي فيه أسماء ووجوه، تم اللقاء بها سابقا أولاحقا، وبالتالي فالعالم بشساعته أمسى مدينة، ولن نقول قرية بصيغة المبالغة، نظرا أنه ليس هنالك فرد يمارس[ الإبحار] لا يتوفر على أصدقاء من أعمار مختلفة، في شتى أنحاء البقاع، يتواصلون ويكشفون ملفات دقيقة وممارسات إما إيجابية أو سلبية للعديد من الفعاليات، فمن هذه الزاوية فالعديد من الممارسات المشبوهة، والمسيئة لعوالم الإبداع والفكر، فاعلوها لا يأخذون بعين الاعتبار هذا الجانب التواصلي و التلاقحي والتفاعلي، وأنت على فراشك تتواصل عالميا، تناقش وتتحاور وتزود وتتزود بالأخبار والقضايا كأنك [ جهاز مخابرتي] مستقل، وبناء على هذا فجملة من المسلكيات والملفات التي تمارس تحت الموائد وفي الكواليس والعتمة، تبقى ضمن:
المضحكات:
منذ عقود خلت كانت علاقة العالم العربي والإسلامي بالخليج العربي علاقة روحية فقط (أي) تقتصر فى مجملها على زيارة الأماكن المقدسة في الحجاز، لكن بعد التطور والنمو الديمغرافي وظهور ثروة - النفط - انطلقت دول الخليج تشجيع -الهجرة- إليها في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، لتشغيل البنى التحتية لمجتمعاتها. ومحاولات خجولة لاستقطاب العقول المفكرة والمبدعة باعتبارها الفاعل الحقيقي في عملية التنمية الاقتصادية والإسهام الفعال في تراكم الخبرات في حركة المجتمع، كما فعلت العديد من البلدان الغربية من استغلال إمكانيات تلك العقول البشرية المثقفة والمبدعة، لدفع عجلتها العلمية، أو على غرار ما حدث في خمسينيات القرن الماضي،حينما فتحت ألمانيا أبوابها على مصراعيها واستضافت أعدادا من المهاجرين حتى فترة السبعينات لإعادة إعمار وبناء ما دمرته وخربته الحرب العالمية الثانية، وفي هذا الإطار كان الأغلب الأعم من مثقفي القومية العربية، يعتبرون أن التعامل مع الخليج، أو النشر في مجلاتهم ومنشوراتهم، خيانة للفكر القومي، وانتهازية مفضوحة نحو “البتر ودولار” الذي هو أساسا مشروع سياسي تابع للإمبريالية، مما أمسى التهافت نحو/العراق / ليبيا / من لدن العديد من المثقفين المغاربة، حتى أمست الصفقات الثقافية، تعلن عن نفسها من خلال تكرار نفس الأسماء، وانوجادهم في بلاطات الحكام الذين يغتالون المثقف ويحاربونه، ويزينون مثقفي المغرب بالأوسمة، كأن المغرب بطوله وعرضه، لم ينجب أو يلد سواهم في الشعر والمسرح، ولكن الملاحظ، بأن مصر وسوريا (لماما) كانتا بمعزل عن استضافة المغاربة وقبولهم في التظاهرات الثقافية والمهرجانات الفنية والمسرحية، رغم أن الفكر القومي كان متجذرا فيهما، والمثير أن مثقفيهم كانوا يهاجمون كل من تعامل مع الخليج وغيره: قلت له بأني أطالب بالتطبيع أولا مع مصر لأنه لم يسبق لكم أن عرضتم مسرحية أو فيلما مغربيا في مصر، فكفى مزايدات(1) لكن المزايدات تفاقمت بعد انهيار المعسكر الشرقي و أفول الأطروحات الاشتراكية ومن تمت أمست كل جهة تحاول الدخول لحلبة التفوق والامتياز، باستقطاب كل من يدفع بالواجهة الثقافية والفنية، ولم يعد للإبداع المسرحي وغيره من فنون القول أوالعرض، تلك الواجهة النضالية الصرفة والروح المقاوماتية، بعيدة عن كل ما هو مادي / نفعي، إيمانها الدائم متسم بالروح المتسامية والرفيعة بروحانية الروح الإنسانية الخلاقة، إذ انقلبت المفاهيم، بعد انهيار ما كان قائما في العراق وليبيا وتونس قبيل تمظهر - الربيع العربي- الذي اختلطت فيه الأوراق عند البعض، وانكشفت عند بعض، ممن كانوا يعيشون التعتيم والتعمية وهم التقديس والقدسية لبعض الأسماء، مما أمسى العديد من المغاربة يتسابقون ويناورون من أجل مقعد في إحدى التظاهرات في الخليج، بفضل جاذبية ثقافة البيترودولار. وهنا نؤكد من حق دول الخليج أن تمارس قوتها على مستوى الزعامة القطرية بالدلالة الثقافية، من أجل
إنماء قوتها الثقافية والإبداعية، التي تعيش خللا وتخلفا جليا، وواضح عند أهلها الذين أساسا يحاولون البحث عن غطاء وتقية في ظل الشروط التاريخية الراهنة خاصة على المستوى المعرفي والثقافي لأن: المتأمل في الظاهرة البترولية في اقتصاديات أقطار الخليج العربي، يلاحظ أنها أصبحت ظاهرة إفسادية، انصبت على مظاهر الرفاهية الزائفة، محاكاة للواقع الغربي، في كل القياسات.فكانت بهذا التمظهر ألتسطيحي، عاملا سلبيا في تهديم الموروث الحضاري، والثقافي للمجتمع العربي الخليجي، الذي بدأت الآن تهتز أركانه، واخذ يحس بوطأة تحديات العصرنة، وعاصفة العولمة، التي أوشكت أن تأتي على كل ملامح المجتمع الخليجي، الاجتماعية منها، والسلوكية، والعمرانية، حيث اقتصر الأثر على البهرجة الفارغة،والتطاول المهووس في البنيان، وظهور ناطحات السحاب العربية، وانتشار ظاهرة الاستهلاك ألبذخي ألتبذيري(2) وهذا التدارك نستشفه في كثرة التظاهرات المسرحية والثقافية، والتي نجد إخواننا المغاربة، هم الجنس القطري الذي يغزو الخليج، فأضحت نفس الأسماء تكرر نفسها، بحيث أمسى وجودهم إلزامي كميثاق، حتى البعض وظف أبناءه في الخليج، وبعضهم استفاد من النشر والطباعة على حساب حضور زوجته، وبعضهم استفاد ويستفيد من الإعانات المادية، كأنه مقعد أو كسيح ووو ولاسيما أن تلك الوجوه لا تقدم ما يمكن تقديمه للفعل والإبداع المغربي، من قراءات وممارسات نقدية للأعمال المعروضة، بل تكتفي في النفخ على إثبات الوجود، وممارسة المزايدات بشكل سافر: فكر مجموعة من الإخوة في إنشاء إطار للبحث والإبداع في مجال المسرح التجريبي, إحساسا منا أن ما يعرض الآن صار مبتذلا, وقد آن الأوان لتجريب صيغ جديدة ونصوص جديدة واشتغالات جديدة......سيحقق الشيء الكثير, لأن الذين سيشتغلون فيه مؤلفون ومخرجون وأساتذة جامعيون, ونقاد باحثون يسعون إلى أن يعطوا للمسرح المغربي نفسا جديدا وإن أمكن أن يحملوها خارج المغرب, ليقولوا جاء جيل جديد لم يتنكر للجيل القديم(3)
ومثل هاته الخرجات والتصريحات غير المحسوبة، تدفعنا أساسا، لأكبر مدخل للبحث عن منافذ استغلال المواقع والاستفادة المادية بشكل ملتوي، وذلك من خلال ما قيل بأن هنالك جمعية للنقاد المسرحيين المغاربة : وهي أول جمعية تدافع عن اعتراف بدور النقد في بناء حركة مسرحية قوية، وهي أول فرع في العالم العربي وإفريقيا للجمعية الدولية لنقاد المسرح الموجود مقرها في باريس، والتي تشتغل في إطار اليونسكو، وتؤطر أكثر من ألفي ناقد مسرح في العالم(4) فمثل هذا القول العجيب والرائع، لم يرج في الصحف الوطنية إطلاقا، ولكن ما أعرفه شخصيا، أنها جاءت على أنقاض جمعية نقاد المسرح العربية،التي كان منسقها العام - سباعي السيد- الذي صرح:إن الجمعية أنشئت لتضم كافة المشتغلين بالنقد والبحث المسرحيين، على اختلاف توجهاتهم الفنية والفكرية، وإنها منظمة مدنية تسعى إلى تعزيز التعاون بين المشتغلين بالنقد المسرح العربي من جهة، كما تتعاون مع المؤسسات المعنية الإقليمية والدولية في هذا الشأن(5) ولكن بعيد تشكيل اللجنة التنفيذية للجمعية العربية لنقاد المسرح، برزت ملامح الانتهازية والوصولية، من لدن البعض، كما وصلنا ممن انخرطوا فيها، وبالتالي فجمعية النقاد المغاربة، ما يعرفه المتتبعون أنها جددت مكتبها وسلمته لأحد - العراقيين- وهنا حماقة التأسيس، في غياب أي نشاط مكثف يذكر باستثناء إنجاز ندوتين (الأولى) المسرح المغربي وسؤال السينوغرافيا(6) أما (الثانية) تجارب عدد من المسرحيين المغاربة (7) وبناء عليهما
فالسؤال الجوهري، فهل ممارسة النقد الحقيقي والفاعل، يحتاج لممارسة تحليلية موثقة، في كتب أو مجلات مختصة، أم في جلسات موائد ندواتية؟ لكن النبيه، إذا حلل ما في الإحالات، سيكتشف، أن هناك بزنسة على حساب المسرح المغربي، الذي أمسى ضحية الاستهتار، والذي يساهم فيه بعض الشيوخ، بشكل صوفي، وربطا بكل هذا وما دفعنا لقوله، من خلال القول السابق حول الإطار للبحث والإبداع في مجال المسرح التجريبي.أين هو هذا الإطار على مستوى الواقع المادي الملموس؟ إنه في مخيلة صاحبه، أما أخطر المزايدات أن الجامعة تساهم نظريا وتطبيقيا، في تكوين طلبة يمارسون الفعل المسرحي، وهذا على ضوء انطلاق ورشة التأليف المسرحي بتاريخ 20 سبتمبر 2011 وذلك في إطار برنامج التأهيل المسرحي المستمر الذي تنظمه مجموعة مسارح الشارقة. نعيد القول من حق الخليج أن يمارس حضوره وقوته، ولكن بالنسبة لنا أليست مثل هاته الطروحات التي تسترسل بدون مكبح أو وعي وانتباه بأن هنالك أطراف متعددة تواكب ما يقال وما ينشر، وبالتالي فالمسرح الجامعي، لحد الآن لم يعطينا مؤلفا مسرحيا، تشهد له الركبان ولا مخرجا يضرب به المثل، وأبعد من كل هذا لم يعطينا فرقة طلابية متكاملة البنيان والهيئة، تشرف بلادنا في الجامعات والمعاهد والأكاديميات العربية والدولية إبداعيا، وبالتالي فجامعتنا مكشوف ما يمارس داخلها، ورغم ذلك نجد حتى أن الورشات المسرحية تهاجر بحيث: هذه الورشة تأتي استمراراً لتعاون مجموعة مسارح الشارقة مع الأكاديميات المسرحية العربية، حيث تسعى إلى تنويع الخبرات المقدمة للمشاركين في الورشات، وتأتي هذه الورشة نتيجة للتعاون بين «المجموعة» وجامعة فاس في المغرب(8) والمضحك جدا بأن هنالك تعاون أخر مع جامعة - فاس - سنأتي على ذكرها ...