** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 جرس منتصف النهار

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
تابط شرا
فريق العمـــــل *****
تابط شرا


عدد الرسائل : 1314

الموقع : صعلوك يكره الاستبداد
تاريخ التسجيل : 26/10/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 3

جرس منتصف النهار Empty
23072010
مُساهمةجرس منتصف النهار

نحن في الدرب الصحيح، قال
فتىً لرفيقه، وأكمل بثقة وحيوية: نقتربْ، أتسمع صوت الأجراس باتت قريبة،
ودبت في الشارع الـمظلّل حركة سريعة بفعل الفتيان، نبهتْ على الفور عجوز
يجرُّ عربته الفارغة، أدرك أنه يقتربُ من هدفه وربما اكتشف انه يسير بعكس
الـمرام.
كان الشاب يحدق بها عندما ايقظته كلـمات الفتى، نظر في ساعته وشد الخطو
تاركاً ابتسامته معلقة بلا حسم، لاغياً على ما يبدو ايماءة غزلٍ كان ينوي
فعلها ــ الاجراس تصدح الان، وتبدو دعوتها شديدة الاغراء ــ لكن لـمن
ياترى؟ بالتأكيد ليست لها.
الصوت يبتعد، والـمدينة بأكملها تسير مسربلة بالصوت الندي.
شعرتْ بالخيبة (سحقاً للفتى الصغير) ماذا يضيره لو تأخر ثانية واحدة، ثانية
فقط ؟ تسمح للشاب بنظرة ندية طويلة قليلاً، يا صغيري "الـمتشوق" لا يحدث
هذا كل يوم.
إنه يوم أحد، يشبه الى حد بعيد وجه امرأة على وشك أن تجتاز الاربعين ــ
متردداً وحزيناً ــ لكنه بلا شكوى، عبرت الشارع محاولة أن تتخطى بحرصٍِ
رومانسي كوماً من الياسمين الذابل، ولكنها عادت وبعثرت الكوم بعنف طائش ــ
الأحدُ يتنفس ويبدأ الضجيج.
لا أحد هنا، قال صوت شبه غاضب، اليوم إجازة، انسلتْ مبتعدة دون أن تقول
كلـمة، تطوع صوت آخر اكثر رقة تعالي غداً باكرا (لا تجدينهم الا صباحاً).
فاتها أن ترى وجوه الـمتحدثين وكرهتهم بلا سبب مباشر ولكن رنّة اصواتهم ــ
كانت تقول لنفسها ــ تشبة زعيق سيارات منتصف الليل.
عندما تشعرين بنمو الكره في قلبك حدقي في الوجوه، وجوه البشر تعيسة جداً يا
"حبيبتي" ولكنها دافئة، ستجدين في القلب متسعاً للحب أو الشفقة، وأكمل
بالتحديد لا تستعملي هذا معي أبداً.
تنامت غصة في قلبها هل تعود وترحم نهارها من استياء سيرافقها حتى الـمساء،
فقط لتنظر في وجوههم، لتقول شكراً على الـمساعدة، لتنطق بأي شيء، ولكنه
الأحد ــ كما قالت باكراً ــ إجازة القلب من الشكوى والاعتذار.
إلى أين تذهب الآن؟ لا رغبة لديها مطلقاً بالعودة للبيت (الـمرتب والنظيف)
تكره البيوت شديدة الترتيب، وخادمتها تلك التي تتقاسم معها نصف راتبها بها
مس جنوني اسمه النظافة؛ لدرجة انها تبدل لها فناجين القهوة كلـما سقطت قطرة
منها في صحنها الابيض، تقول محتجة : "لا ابداع في النظافة الكاملة، في
النقصان حكمة يا هذه".
هذه السيدة والتي تساكنها منذ عام، لـم تعد تدري كيف تناديها فهي عرضت
عليها أولاً عملاً بسيطاً في بيتها بعد ان هربت الاخيرة من زوجها أو ــ
هكذا تقول حكايتها ــ ولكن الـمرأة اصرت على أن تقوم بكل اعمال الـمنزل بلا
أجر مقابل منامتها وطعامها. رفضت هي بشدة فلا تطيق ان تقوم بدور السيدة
الـمانحة إلا أن السيدة الخمسينية اصرتْ وصارت علاقتهن غير مفهومة حتى
بينهن، فالسيدة الخمسينية والتي طلبت منها ــ هي ــ يوماً في سيارة اجرة
عامة ان تبتعد قليلاً لأنها تضغط على ساقها فتحت فاهها مذعورة ومندهشة
ولسان حالها يقول: انا امرأة مثلك ولا يضيرك اقترابي، كان قلبها غائما ذاك
الصباح ولـم تشأ الجدال، بقيت الاثنتان تنظران نحو بعضهما بالكثير من الغضب
وكل منهما تتحين الفرصة لإيلام الاخرى وبالذات في تلك الحظة تذكرت الفتاة
انها غريبة الاطوار وكيف انها كادت تبكي منذ ايام وهي تقف بالصف الطويل في
البنك لاستلام راتبها، تذكرت الرجل العجوز الذي انتظر لساعة تقريباً وعندما
حان دوره قال موظف البنك :(لا يوجد شيء) انسحب العجوز مفسحاً لها الطريق
وهو يخفي أوراقه في جيب سترته الداخلية نظر نحوها منكسراً، احست للحظة انها
مدانة وكأن لها دوراً في مأساته الصغيرة، كادت تقول: "اقسم ان لا ذنب لي
ــ وترقرقت دمعة في عينها ــ استلمت راتبها ومضت مهمومة.
تذكرت نصيحة الوجه البشري نظرت تماماً نحو السيدة والتي شرعت بإشعال سيجارة
وتأهبت لتكشيرة غاضبة، قالت ودون مقدمات ــ هي ــ أشتاق لفنجان قهوة الان
ــ كانت كطفل صغير يعدد ما يشتهي من العاب عشية العيد ــ واجابتها السيدة
على الفور:" تماما كل ما احتاج ايضا".
التقت السيدة بعد اسبوع مصادفة ورافقتها لـمقهى قريب، لـم تتردد الخمسينية
وجلست بثقة تامة ودون ارتباك الامهات في الـمقهى رغم ثوبها البسيط وشالها
الحرّ أحبتْ حركة يديها وهي تثبت شالها بين حين وآخر، وبقايا الحناء على
أطراف اصابعها وحيوية فائضة وخبيرة في ارتشاف القهوة وبلا اسباب قد تبدو
منطقية للآخرين جاءت لتسكن معها قالت لها:" قولي لهم" خادمتي: "فلا قلب لي
لأجيب على اسئلتهم، ولا يزعجني بتاتا لقب الخادمة، انا اعرف من انا، وانت
كذلك".
بدا الامر مزعجا في البداية لاصدقائها وزوارها ولكنهم اعتادوا وجود خادمتها
ــ كما تطلق على نفسها ــ واعتادت هي وجودها كانت تسلـمها نصف راتبها
لتقوم بشؤون البيت كاملة وتريحها ــ هي ــ كتلة الفوضى الأبدية من كل ما
يعكر صفوها، هو ايضا قال انها شديدة الفوضى ولكنها تدير فوضاها بحميمية
عالية ولذا انفصلا، وقال ايضاً اذا احسست بالارتباك تذكري دوما انك اكثر
ابداعاً وجمالاً في فوضاك/ ربما أحببت هذا بك دوماً ولكن، أنتِ تتجهين نحو
ترتيب مشاعرك وهذا يقتلني.
نحن في الدرب الصحيح، قالت وهي تلهث مرة: ها انا اسمع صوت الأجراس، وكان
يلهث وراءها في طريق صعود متعب، هل وصلنا ؟؟ سأل. ضحكت يومها ليس بعد،
ولكننا نقترب، الا تسمع صوت الاجراس. سأقتلك في القمة، اقسم انني سأنال منك
؟؟ ان كان راهبك الـمثير قد رحل، اقنعته ان عليها واياه ان يذهبا لرؤية
راهب يسكن اعلى الجبل، كانت متيقنة على نحو شديد الغرور انه دائما ينوي
الحديث معها ولكنه يتراجع كل مرة قررت هي ــ ان تقتحم صمته، عادا من الجبل
خائبين، ضحكا كثيرا في طريق النزول وتبادلا الشتائم والغزل والاعترافات على
طريقة سأقول لك سراً ــ تلك لعبتها الـمفضلة ــ وكان يحب اسلوبها حين ذاك
وكذبها "الـمبدع" كما وصفه لاحقا بالتحديد في امسية صيف حارقة كان واياها
يغوصان في عرق غاضب، تتذكر الـمشهد الان وتتخيل كيف اسرعت الشمس في الـمغيب
وكيف هرت شجرة الياسمين كل زهورها مرة واحدة، وكيف صرخت وصرخ، وكيف ماءت
القطة تاركة قطعة اللحم وهربت، وتذكر ايضا كيف سكنا مرة واحدة وقام
ليحتضنها وهويقول: "لنهدأ قليلا لنهدأ حبيبتي" لكن مبرد اظافرها خدش وجهه،
كان تقلـم اظافرها عندما صرخ "توقفي رجاء، انا اختنق ــ كذبك الـمبدع
يقتلني عزيزي ونسيت في حمى الغضب ان تلقيه بعيدا، وعلى غير الـمتوقع
أصابتهما نوبة ضحك واخذ يشتمها ويشتم نفسه ويقبل وجهها، ولكنهما افترقا في
النهاية.
هي ــ كما تقول ــ لا تطيق النهار بلا حكاية، ولا تحتمل الصمت، تخاف ان
تهجم عليها الهواجس ولا تطيق حكاياتها صماء دائما تشككك وتضيف وتحذف حتى
تنسى الاصل.
ولكنها تضيق بكل صوت الان، لا تحتمل ثرثرة خادمتها كما صارت تسميها في
نفسها تكرر اللفظ بغضب وقرف وتشد على شفتيها لتبعد شعورها الجاف نحو
السيدة، اذاً انت تنهجين كالجميع / وتماماً تتصرفين كامرأة من منزلة اعلى
(هراء) انا اعرف وانت تعرفين من انا، تأتي كلـمات السيدة الخمسينية تطعن
داخلها ــ كانت ضحية سهلة ــ هكذا فسرت لنفسها ــ هي تعلـم ان لا مطامع
لـمساكنتها في شيء سوى ذاك النمو لسيطرة الـمقيم وهي تعلـم ان هشاشتها
تقيها قوة السيدة وتعلـم انهما ــ الاثنتان ــ بحاجة لهذا الوضع الـمركب
الغريب /كل لديها سبب، ماذا تفعل مطلقة شابة وهاربة من بيت الزوجية، مع ان
العكس كان الـمفترض ان يكون، امام هجوم السؤال والفضول لا شيء سوى التربص
بالاخرين بخديعة الحكاية.
كم رغبت ــ كما هي مساكنتها ــ ان تتحدث عنه ببذاءة وقذارة الوغد (التافه)
وان تصرخ الخائن ان تلبسه من الـمعاني والصفات ما يرطب قلبها ولكن تحجم كل
مرة وتقول انفصلنا بسلام، ضرورات التمدن، ما اصعب ان نعترف ان الهوى توقف
وكل ما كان (مجرد دهشات بصلاحية معينة، انتهت الصلاحية ففسدت الدهشة) تضرب
ساقها بالارض وتشد على خاصرتها "كذبي الـمبدع" لـم يعد مثيراً يا هذا؟ ولا
يضيف لقهوتي نكهة اضافية.
غادرها الكلام وحل الصمت جامداً وقوياً هل كانت تكذب ؟ ما الضير اذا تصرفت
بحكايتها كما تشاء ؟ ومن يمنع الاضافة او الحذف في شأن القلب ؟ الصدق بعض
من اليومي لا ابداع به بتاتاً، هذا اذا اتفقت معك ان الصدق نقيض الكذب،
كتبت له مرة الكترونيا، وتوقفت الكرة هناك.
نحن في الدرب الصحيح، تقول لأمها، هذا طريق الجبل ــ أتسمعين صوت الـماء ــ
وتركض مخلفة امها تعرج، كانت في العاشرة حينها، تذهب للجبل لأسباب شديدة
الاختلاف عن اسباب امها، وتبدأ بنشاط وهمة بعملها الغريب تنظف حقل الزهر
الأحمر من اية زهرة بلون آخر، ليبدو مجموعة واحدة واكثر ابهاجاً وتجعل قرن
الغزال يتفرد في مساحته بلا منازع، وتقص الاعشاب بذات الـمستوى تقلع من
الارض كل زهرة صفراء، كانت لا تطيق الاصفر ولـم تتصالح معه بعد، لاحقاً
أهداها الاصفر حبيبا عابرا، ودوما تساعد النمل على ايجاد مسار تراه اكثر
سلاسة لكن النملات ــ الغبيات ــ يرفضن فتتوه النملات، كانت تكره الغيوم
الـمتفرقة والشتاء البخيل فهي كما قال لها استاذ الفن لاحقا (لـم تكتشف
قلبها بعد) كانت تؤطر لوحاتها دوما بمربع كبير وحاد وتبالغ في رسم عيون
ضحاياها (كما تسميهم) بإتقان اتعب استاذ الرسم، قال موبخاً: "الوضوح التام
يشابه منتصف النهار، لا إبداع يحمله، تتعبني عيون ضحاياك يا فتاة". وانصرف
عنها وأخذ يهلل للوحة ساذجة (كما ظنت) وغير مفهومة لفتاة بلهاء (صارت تلك
صفتها بعد ذلك) فهي تنسى اسمها الان وتتذكر شيئاً واحداً ظل يرافقها من
لوحة الفتاة الفراغ (الشاسع والسهل) توقفت عن الرسم نهائياً، وتوقفت عن خلع
الازهار الشاذة في حقل الزهر الاحمر، وبقيت تكره الشتاء البخيل وتخيفها
الغيمات الـمتفرقة، بها خبث، تقول معاتبة السماء.
كلـمة استاذها ترن الان في اذنها تأتي مثل نغمة جرس الكنيسة ممطوطة وملحنة
وبعيدة ــ استاذها العابر كغيمة صيفية: الفراغ يا صغيرتي حيزٌ مهم في الرسم
تماما كالكذب في الحكاية جزء مستعار ولكنه في النهاية اصيل.
لـم تفهم يومها شيئاً وقالت مبررة عيون الفتاة الخضر وشعرها البني، من رفع
لوحتها درجات، لا ابداع تملكه هذه البلهاء. وكانت تقنع نفسها اذاً لـماذا
كل اوائل الصفوف جميلات ــ الجمال والذكاء هل يلتقيان؟؟
اكملت دربها نحو البيت، اليوم ستطلب من رفيقتها الرحيل، ببساطة تامة، ولن
تعتذر، لن تبكي، ولن تبرر. ستقول لها مباشرة أحتاج لفراغ اكثر في البيت
وللوحدة، سأعاود الرسم، الرسم بحاجة للصمت والفراغ ... .
فتحت الباب مرة واحدة، ونقرت بقدمها اشارة البدء لن تؤجل، انا بحاجة لفوضاي
ياهذه، كانت تحضر عبارتها على نحو حاسم.
البيت فارغ تماماً، ونظيف كالعادة ولا أثر للسيدة. رحلت، تركت كلـمات
قليلة، شكراً عزيزتي، لـم اهرب من زوجي كما ادعيت، فأنا لـم اتزوج مطلقا،
ولدي عمل وبيت، لا تبحثي عني، كانت مجرد كذبة استهوتني، هل أتقنت دور
الخادمة ؟؟ لاتنطقي، اعرف الاجابة.
ضحكت وضحكت وضحكت ... كانت تماماً كمن قرر أخيراً دخول الحرب ــ بعد طول
تردد ــ وإذا بالـمدينة استسلـمت كاملة. الاجراس ترن بقوة في منتصف نهار
حارق.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

جرس منتصف النهار :: تعاليق

نابغة
رد: جرس منتصف النهار
مُساهمة السبت يوليو 24, 2010 9:48 am من طرف نابغة
ودبت في الشارع الـمظلّل حركة سريعة بفعل الفتيان، نبهتْ على الفور
عجوز
يجرُّ عربته الفارغة، أدرك أنه يقتربُ من هدفه وربما اكتشف انه
يسير بعكس
الـمرام.
كان الشاب يحدق بها عندما ايقظته كلـمات الفتى،
نظر في ساعته وشد الخطو
تاركاً ابتسامته معلقة بلا حسم، لاغياً على ما
يبدو ايماءة غزلٍ كان ينوي
فعلها ــ الاجراس
 

جرس منتصف النهار

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: اخبار ادب وثقافة-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: