أكتم كل الأنفاس، يشتعل الغيظ بموقد أفكاري، تمتزج الحكايات، تتداخل المبررات، ولا سبيل يمنحك مجددا تأشيرة مرور، لأبتلعك باقتناع. أغمض كل العيون التي كانت تبرق بالنور، حتى لا يتسلل المكر من جديد، فأجدني في حضرة الاستغفال.
أأقول أمقتك أم أمقتني؟ أم أمقت كل اللحظات التي تركتني أستجمع السذاجة، وأعبئ بها فراغاتي، وأنمو بك في تربة من يقين، لأجد أن الماء الذي كان يروي التربة كان كيماويا، قتل كل البذور التي حلمت بالخضرة.
لدي أكثر من فكرة، أوسع من نظرة، كل السواد المستجمع في عقاب سيجارة، ملقاة هناك، تنتظر من يدوس عليها، ويمحو آثار الاشتعال من بنزين فاسد.
بعيدة أنا الآن عن مساحات يقيني، يلبسني الشك في أكثر من موقع، وبأكثر من ثوب. لم تعد ذاتي تتسع لكل المقاسات، ضاقت علي الفساتين التي كنت أجدها فضفاضة، فمن قص الثوب، أو من كان السبب في زيادة وزني المفاجئ؟
صغيرة أنا بكف السذاجة، غريبة في لحظة انقشاع، وحيدة في كثرة الوجوه المحيطة بي، أطلق عنان حسن ظني، فتمطر كل سحاباتي بالخيبة.
تمر كل الذكريات لتصفعني بقوة، ولا أستيقظ. غافية أنتظر قطارا سريعا يدوس على جسدي العاجز الذي شلته كل الأقراص المنومة التي ابتلعتها قسرا وطوعا، دون معادلة مختومة بالرفض.
أتمتم فشلي، أعزف ذبحتي الصدرية بريشة هلوساتي، فأستجمع النشاز الملتف حول حلبة الاستغفال.
بين الشك واليقين أغتال كل الضمائر، ليظل ضميري الذي يتكلم دون انقطاع، وضميرك متربص بي يقتنص الحيل، لينفلت من قبضة قناعاتي.
أأعود إلى ذات الصفحة لأصافحك بيد النسيان، وأئِدَ كل القرارات في عيني الغائرة التي كشفت مرات عدة حقيقتك، لكنها تغمضها لتنتظر القنبلة التي تعبث بي وترديني أشلاء ملقاة على قارعة الاستغلال؟
فلأقبض بزمام الكلمات، ولأشكل ذاتي بحركات تعززها الشدة، ولأترك لك علامات الترقيم، ولتختم رسائلي باستفهام أو تعجب.
رسالة مبهمة
أكتبك رسالة قصفت لحظاتي، وجعلت شعوري ما بين مشط وضفيرة.
أكسر بعض أسنان المشط، وتعود كما كنت في تشابك الشعور، وتشابك الأسنان، فلم يكن انسيابك يداعب وجهي، بل تضجر له عيناي، ويجعلني ما بين ضبابية الرؤية وتشويش البصيرة.
أدهن خصلاتك حتى أوهم كفي بالنعومة، حتى أعيدك طوع مفهومي، وتهضمك قناعاتي بأريحية.
ضفيرة أنت، بالتواءاتك في مساراتي الطويلة، في أحاديثك المنطوية على سر تفوح رائحته مكرا، وتبرق العيون بأكثر من بوح قاني الغموض، بالتداخلات الثلاثية الموبوءة، بكل تقاسيم السريالية في لوحات بيكاسو، وكل الألوان تمتزج لتتكتل بنظرة من سواد.
أعيد فك الضفيرة، أتلمس خصلاتك الثلاثية، أتأمل يدي ما بينها، فأجدها أفعى تلتوي على كفي لترديني قتيلة وهم "الباريدوليا".
تتشابك أصابعي مع شعورك، أحاول الانفكاك منك، لأعيد يدي إلي، أتلمس صمتي، وأبحث عن حقيقة تضاعف جداءات اليقين، ترضي شعوري، وترمي بكل المشابك التي تجمع خصلاتها في لحظة تفكير ساخن.