يعلم أنه يريدها، ويخيل اليه
أنه عند امتطائها سيرى أبعد مدى لناظريه، يحلم بالتمرغ في صحاري الجليد
الممتدة في عينيها، والزرقة الرمادية تومض داخلهما كضوء خاب لنجم قطبي.
وحيث
تتربع الشفتان كتفاحتين ناضجتين شهيتين تبرران الخطيئة الأول، أخذ يتحسس
طريقه اليهما، حينذاك رأى الحمرة تتسرب بين أصابعه.. علقت ضاحكة هذه دهاء
ثمرة كرز من مزارع جبال (البيرينيه ).
همس في أدنها: "انها ساخنة
كالما،، ربما هي دهاء شهداء البلاط "، ثم زعق "هي حتما دهاء عبدالرحمن
الغافقي" جفلت لبرهة وهي تشعر في صوته بفحيح حقد. ثم عادا ليتضاحكا.
في
باحة الفندق سألها متى سيرحل فوجهم السياحي:؟ فردت غدا في الخامسة صباحا.
"ذاهبون لمدينة أثرية في بلدكم ".
" هو واقف أمام المرآة في
غرفتها رأى صورتها منعكسة خلفه ضاحكة تقهقه. أدار وجها المبتسم نحوها
مستفسرا! قالت: لا تصلح من نفسك. دع شعرك كما هو بعبث الريح التي صنعت لك
قرنين. وأردفت بصوت هامس: اقترب ان رأسك الاكرت الجميل يمور بالشقاوة.
والقرنين جعلاك تشبه عفريت المصباح ألسحري لعلاء الدين.. انت عفريت اخيلتي
ووهمي. اقترب.
وانهمرت
بينهما التداعيات.
في ضوء الغرفة الخافت، ومي
تودعه وعيناها كعيني بومة تلمعان حكمة ودهاء. قالت له أدلا أحتمل سفارقتك،
وهجسي يحدثني أنه ما زالت بيننا أشياء لم نفرغها بعد". ابتسم وهو يتلمس
ذقنها قائلا: "وثارات لم ننهها.." تسرب اليها
فحيح الحقد والرغبة في صوته، تململت ولكن نبرته تغيرت، وبلهفة قال: "انا
أيضا لا أحتمل فراقك، ربما لحقت بك لأطوف معك بين آثار بلادي."
ثم ضغط على كفها مودعا.
في
الساعة الخامسة كان على فراشه، وعيناه مفتوحتان أرقا من ليلة البارحة.
وفجأة قفز. جرى الى الحمام غسل وجهه سريعا ليطرد الارهاق، وبدل ملابسه،
وهرول الى محطة سيارات الأجرة.جلس على أحد المقاعد، ومن دون مساومة خضع
للأجرة المرتفعة التي اشترطها السائق، طالبا منه أن يسير به في طريق
المدينة الأثرية. بدأ مطر غزير ينهمر. رجا السائق أن يسرع، ويحاول أن يلاحظ
معه السيارات المدرة على ذات الطريق، خاصة الحافلات التي تقل الأجانب،
وشدد هو بصره يلاحق السيارات بنظراته متبينا.
رغم المطر الذي يغبش
الرؤية،ومن بعيد، وكنقطة معلقة في الفضاء، رأى الحافلة التي تحمل فوجها
السياحي. زعق في السائق متلهفا: أسرع أكثر للحاق بتلك الحافلة البعيدة. زاد السائق السرعة، وهو آخذ في حثا قائلا: أسرع أكثر
رد السائق بغيظ: هذا صعب جدا، لن
نستطيع الوصول اليهم بيننا مطر كثيف.
الإثنين يوليو 19, 2010 9:41 am من طرف سميح القاسم