* إن ما يفصلنا عن العالم هي تلك الحواجز التي وضعناها
نُصْبَ أعيننا خوفاً من الاصطدام بالنقائص التي تحتل مساحة شاسعة في
سلوكيات ساكنيه..
مع جهلنا أن تلك الحواجز هي نقيصة ربما رآها الآخرون أدنى من
نقائصهم التي نخشى الاصطدام بها.
* قلت هذا لصديقي الذي يعيش في صومعته وحيداًَ يمارس طقوس
"الأنا" واهماً أن تكوينه ممزوج بنفحة نورانية تحجبه عن النزول إلى مصاف
العامة وكشف بواطنه لهم ،لأنه لم يجد –مسبقاً - من يقدر جوهره النفيس،
وأيضاًَ لعدم وجود من يضارعه ويصمد أمام مصطلحاته طويلاً، وإن وجدوا فإن
علمهم مكتسب ،أما هو فيمتاز عنهم بحيازته علماً لدُنيّاً لا يتوفر إلا في
نماذج معدودة ممن يمشون على هذه الأرض.
* لو أنه نظر إلى محيطه بمصداقية وواقعية يتحرر فيها من كل
قيوده بدلاً من ادعاء الفراسة وحِدَّة النظر لعرف العالم الذي يحتويه ،بل
لعرف نفسه كما يجب.
لكن عينيه محبوستان خلف نظارة سوداء لا تتيح لهما حتى رؤية
ضوء الشمس على حقيقته ،وقلبه ما يزال مقمَّطاً بالسواد كدودة القز التي
ماتت في لفافتها " البيضاء " قبل أن تصير فراشة تتوحد بألوان الزهور
العاطرة.
وربما جهل أن تلك النقائص التي يخشى الاصطدام بها هي الدرجة
الأولى في سُلَّم الكمال.
أحلامٌ حقيقية
* رأيته - ذات حلمٍ - يتقاطر ضوءاً وهو يحدثني
بلغة لا يفهمها غيري، إنها لغة من نوع آخر، حروفها غير الأبجدية .
كنت أخشى أن يصافحني فتنسكب فيه الرغائب المكدسة
في شرايين الحياة التي تفرش الأرض وروداًَ من نوع آخر، ثم لا تلبث أن تشرب
نخبها من دمها .
* إنها تأكل بعضها كلما طرقها طارقٌ ، ما لم يكن
ثاقباً، لمعرفتها أنها مازالت في طور يؤهلها للارتقاء أو النكوص..
إنه الطور الذي
يضع حداًَ لهذه المراوغة التي لا شبيه لها في طموحاتها المقتولة إلا
التقاء الماء والسراب في مسلكٍ واحد ،أو الثواني المعدودة التي تكون شاهدة
على انسلاخ النهار من الليل أو تكوّره عليه.
* كنت أودُّ لو
بقيت أحلم بتلك الحقيقة التي لا يشوبها سوى امتزاجها بواقع مليء بالأحلام ،
ورغم استيقاظي
إلا أنني مازلت صائماً عن النوم الذي سيفسد عليَّ بهُلامه حقيقة كادت تنطق
الإثنين يوليو 19, 2010 9:34 am من طرف سميح القاسم