* قال لي:
هل رأيت الحروف وهي تنساب من فم الشاعر
كالجدول الرقراق في الليلة العمياء ..
وهل رأيت آهة الثكلى وهي تتكوم
بين جوانحها مثلما تتكوم الغلال.
وهل رأيت النار وهي تتنكر في عود الثقاب،
وهل استمعت إلى القمر وهو يتحدث بأشعته
ذاكراً انتصاره على الليل بعد أن غلبه وهو
هلال صغير؟..
إذا لم تتكشف لك بعض تلك الحُجب
فلا تقل إني شاعر.
* قال لي:
شتان بين العلم والمعرفة، فلا تدَّعي
هذه فيفوتك ذاك..
وقل لمن يذرو محفوظاته باتجاه كل ريح :
" إذا كثر العلم قلَّ الكلام "..
وبما أنك مثمر فسوف تتعرض للقذف
الذي سيكون شاهداً لك في حينه،
أما إذا
لم تصبر
فكن
نبْتةً بلاستيكية وستعيش في مأمن
من الجراد.
* قال لي:
خذ حفنة من التراب وابحث فيها عن نفسك،
فإذا لم تلقك فإن الزمان سيستبدلك بمن يأخذ
هذه الحفنة ويراك فيها.
* قال لي:
لا تكن أكثر مما أنت ولا أقلَّ مما هُم
واجعل صداك مساوياً لصوتك ..
واصنع من نفسك مرآة ذات أبعاد حقيقية،
ولا تكن صورة التقطتها كاميرا عمياء
دون أصل يشهد لها بذلك .
* قال لي:
لا تحشر نفسك في طابور الصاعدين
إلى الجوزاء فكل تذاكرهم زائفة،
وسيتساقطون كحبات البَرَدْ
التي لا
تلبث طويلا أمام حرارة الشمس
وتحت
أقدام المارة ، وما ذلك
إلاّ
لنظرتهم الآنية التي جعلتهم يحملون غباء
الفراشة
وهي تدور حول حتفها في زهو بالغ
* قال لي:
كن
مضيئاً خير لك من أن تكون مُضَاءً ..
فإن
الذين يعجزون عن الإضاءة من أعماقهم
-المظلمة
أصلاً- يلجأون إلى الأضواء
المصطنعة
التي لا تصبغ إلا ملابسهم فقط ..
فحالهم
كحذاء مصبوغ يحسبه الجاهل جديداً
دون
الالتفات إلى باطنه الذي يمتلئ بمسامير
تكفي
لتثبيت سرير.. وعلى كُلٍّ فإن أولئك
يدفعون
فواتير تلك الأضواء التي يقفون تحت
نزيفها..
فحاذر أن
تدفع حرفاً واحداً حتى وإن كان
المقابل سنة
ضوئية.
السبت يوليو 24, 2010 10:23 am من طرف نابغة