حمادي فريق العمـــــل *****
عدد الرسائل : 1631
تاريخ التسجيل : 07/12/2010 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 8
| | إيران تحتل أربعة عواصم عربية .. بعبعا يذكرني بأيام الطفولة | |
[rtl]دعوني بداية أسجل بأن عنوان المقال من الناحية الواقعية غير صحيح، و يشط بعيدا أو لنقل يفر صاحبه مما هو قائم أمامه، إلى اعتباره مجرد احتمال يستوجب التأمل.[/rtl][rtl]و لا شك لدي بأن القارئ قد سمع مرارا و تكرارا، عبارة لاكتها ألسنة مسؤولين سياسيين حتى مجّتها الأسماع؛ هي جملة تلقّفها القوم كانت قد صدرت على ما يبدو من شخصية إيرانية، يقول بعضهم أنها شخصية علمية، و ينسبها البعض الآخر لقيادة سياسية، و عليها قامت قيامتهم و مدّت السماء رجلها كما يقال في الجزائر، و باتت عبارة “إيران تحتل أربعة عواصم عربية” عمود بيت سياسة بعض الدول العربية، و بعبعا يذكرني بأيام الطفولة، حين كانت جدتي رحمها الله قبيل ساعة القيلولة، تخوفنا إن لم نلتزم بالهدوء و طاعة أمرها، بظهور “شيخ القيلولة”، هذا الشيخ له قرنان و عيناه تتقد جمرا، لا همّ له سوى تعقب الأطفال المشاغبين، الذين يحرمون أهلهم قيلولة هادئة و وادعة، و لأنني كنت فضوليا حد الاستفزاز، كنت أتعمد إحداث الفوضى ليس معصية لأوامر جدتي، و إنما لأرى بأم عيني هذا الكائن المخيف؛ فكانت نتيجة ابتداع أداة التخويف هذه عكسية تماما، و كثيرا ما حرمت جدتي المسكينة رحمها الله من مرادها، و خابت مساعي لرؤية هذا الشيخ الشبح.[/rtl][rtl]ما كنت أعتني بهذا الطرح البهلواني، لو جاء من شخصيات لا تمثل إلا نفسها في نهاية المطاف، غير أنها معتمدة من قبل شخصيات سياسية رسمية تمثل أنظمة عربية، هذه الشخصيات لم تعتمد هذا البعبع في مجالس مغلقة، أو في مقالات مستقلة تعبر عن رأي صاحبها فحسب، و إنما في لقاءات رسمية و محافل دولية.[/rtl][rtl]برر الراحل سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي السابق، موقف نظامه من الأزمة السورية بكون الأخيرة تقع تحت الاحتلال الإيراني، مصرحا بذلك لأول مرة في افتتاح جلسة لجامعة الدول العربية 2013/09/01، و أكد هذا التصور في مؤتمر جنييف2 في مداخلته 2014/01/22 بصريح العبارة، إذ اعتبر سوريا تقع تحت الاحتلال الإيراني، ما يستوجب وفق القوانين الدولية محاربة هذا الاحتلال و دحره؛ و قد ثنّى وزير خارجية البحرين على تقدير الموقف هذا، كأنما هو واقع معاين لا يحتمل مجرد الاستفهام. و الحقيقة أني ذهبت لسوريا صيف 2014، و تجولت في دمشق من أحيائها العتيقة الى قصر الروضة الذي تم استقبالي فيه، و من دمشق الى حمص و القلمون و القصير و بانياس و طرطوس و اللاذقية الى غاية كسب، و لكم تمنيت أن أرى إيرانيا واحدا، حتى في المقامات التي تُحسب جهلا منا بكونها تعني الطائفة الشيعية الكريمة حصرا، مثل مقامي السيدتين رقية و زينب عليهما السلام، غير أنني وجدتني ذلك الصبي المشاغب مرة أخرى دون جدوى؛ لكن لندع جانبا شهادة الفلاح لأنها مجروحة لدى البعض، ثم إن هذه الجحافل توجد على جبهات القتال، و لا يتأتى لزائر مثلي أن يصادفها في الطرقات، نعم كل المؤسسات السيادية التي زرتها كقصر الرئيس الأسد، أو وزارة الشؤون الخارجية أو مقر حزب البعث و غيرها، تقع تحت حراسة سورية، و صحيح كذلك أن حواجز التفتيش عبر ما يقارب ألف كيلومتر جميعها سورية، فضلا عن مداخل المدن و القرى، كل هذا لا ينفي وجود الاحتلال الإيراني، و لنعتمد دليل وزير الخارجية السعودي، فلا محالة أنه استند لتقارير موثقة تفيد بوجود أعداد معتبرة من عناصر حزب الله و جيش القدس وفق روايته، و هذا الوجود في سوريا يعتبر احتلالا مكتمل الأركان.[/rtl][rtl]لكن أمام هذا الطرح نقع في مأزقين أخشى أنه من الصعب الخروج منهما، أما المأزق الثالث فذلكم الطامة.[/rtl][rtl]أما المأزق الأول: إذا كان التواجد العسكري الايراني في سوريا، يعتبر احتلالا يستدعي شن الحرب عليه، دون الاتفات لكونه مبرر بدعوة من النظام السوري، فهذا يعني بأن جميع دول الخليج العربي تقع تحت الاحتلال الامريكي، نظرا للتواجد العسكري على أراضيها –طبعا لا نلتفت هنا كذلك لكونه بدعوة من الانظمة الخليجية- و الحال أن بعض هذه الدول، يفوق عدد العناصر العسكرية الامريكية على أراضيها نسبة 05% من عدد مواطنيها، فضلا عن قواعد عسكرية تعد الأكبر في الشرق الاوسط على الاطلاق. هل هذا الواقع الذي لا ينكره إلا مكابر، يدعونا لاعلان حرب شاملة بكل الوسائل غير المشروعة لدحر الاحتلال الامريكي؟ ما يغيب عن العقل السياسي الخليجي، أنه يسوغ المبررات للجماعات الاسلماوية المسلحة من حيث لا يدري، و يدفع بمنطقته و دوله و أنظمته الى قاع الجحيم.[/rtl][rtl]و أما المأزق الثاني: إن سلمنا بصحة المبرر الذي اعتمده هؤلاء، يعني احتلال ايران لسوريا، فنحن أمام احتلال آخر سابق، كل دول العالم تصفه كذلك و لا خلاف حوله، هناك عاصمة عربية اسمها القدس، و بها مقدسات تعني كل الامة العربية و الاسلامية، و دولة عربية بامتياز اسمها فلسطين، لماذا هنا تسقط ضرورة تحرير هذا البلد العربي؟ و لا نرى استنفارا من هؤلاء السادة لأبناء الأمة؟ و لا نسمع لهم صريخا في المحافل الدولية؟ بل بالعكس عرّابة ما يسمى بمبادرة السلام مع العدو هي نفسها السعودية؛ هنا يتضح المأزق جليا: العقدة ليس في الاحتلال بذاته، و إنما في المُحتل، إن كان ايرانيا وجبت الحرب عليه، و إن كان إسرائيليا نحتت العبقرية السياسية مبادرة سلام معه.[/rtl][rtl]أما المأزق الثالث و الأخير: عرفنا بفضل هؤلاء السادة بأن هناك أربعة عواصم عربية محتلة من قبل ايران، و هي بغداد و دمشق و بيروت و صنعاء، و سلّمنا بهذا الرأي و استسلمنا لمرتكزاته، و إن كانت مجرد حقائق مختلقة كما تصف سيدني فينكلشتين 2015/10/09؛ يفرض في هذه الحالة سؤال نفسه علينا: بقيت ثمانية عشر عاصمة عربية هل هي بالفعل حرة؟ قطعا وفق مرتكزات هؤلاء ليست كذلك، إذأ تحت احتلال من تقع؟ و هل يجب علينا تحريرها أم مسالمة محتلها؟ نخشى من القول أن معظم تلكم العواصم تقع تحت الاحتلال الإسرائيلي، و لا يسع القوم إعلان النفير لتحريرها، إلا إذا وقعت تحت الاحتلال الإيراني.[/rtl]اسماعيل القاسمي الحسني | |
|