هل أحب وطني ؟ وهل يحتاج سؤال كهذا لأن يُسأل ..ولم لا .. لكن وبالمقابل أي
وطن أحب ؟ هل هو مفهوم هذا الوطن حتى اللحظة .وماذا يمثله من قيمة في وعي
السابلة .. هل هو هواء . حرية أم مجرد حدس وخيال ومادة معزولة عن موضوعها؟
هل هو موطن وبيئة في المدرك العقلي؟ الوطن هل هو ُيرى كما تنبت قطرة
سماوية على ورقة يابسة .هل يحس بي وطن أتعشقه في ظلماء تشردي ؟ وأي وطن
يقال عنه فحسب في الجريدة "وطن" لكني أريده كما يجب ترابا معجونا بعرق
المساواة وروح المحبة والأخذ والعطاء بالمواطنة والتعايش والسلام الأبدي.
هل الوطن مجرد قصيدة تكتب بدافع شعور عن العجز في رؤية وطن حقيقي وكنوع من
رؤية مثالية وتخييل ما كتعويض عن الفقد في الواقع ولا معقوليته سوى في حال
العودة إلى البياض كحالة يأس وإفراغ وترف مكتوب ؟ هل يبقى الوطن مجرد حالة
نتغيؤها في الكتابة بانكسار ظل الوطن في قاع دواخلنا أولا كما في واقع
الكلام وسطح علاقاته واشتباك معطياته في تمثلات حياة المخلوق المتناقضة
أصلا حتى في شكل وصورة وطرق التفكير في الحياة والعيش بطبيعية توازناتها
بمعنى أعمق في معادل هذا الواقع أو ذاك لكن ... كما يجب أن لا يعيش ويحيا
الناس تناقضاته بقصدية اللامبالاة أو برغبة أن تعيش الحياة فحسب دون أن
ترغب حتى مجرد أن تحيا فيها المتاح بحتمية اللحظة بالأسئلة العميقة دونما
اجترار وتكلس العيش في غرفة الذاكرة. وهنا أجد من الطبيعي تدوير سؤال
الحياة في موت الحياة الذي نعيشه بمنظومة مؤسسة تخلفنا السياسية والشعرية
في آن. وبخاصة في مديح فحولة الحاكم وحاشيته وأشقاء شقاء مجتمعه. والذين
بسببهم وسببه تموت الحياة في نبض لايصنع التغير أو التغيير بإعتبار أن
المجتمعات أو الشعوب الحية هي التي تصنع لنفسها كرامة التحول وغاية الفعل
الوجودي في شرطه وحداثته وتحديثه أما المجتمعات أو الشعوب التي لا تعبر
دائما سوى عن حالة الموت أو الموات المستدام فقد باتت تنجز شرط صناعة
كارثتها بالمعنى الوطني إذ تغدو الهاوية هواء بديلا ومشروطا بخيار الجامع
لا الجامعة أو المؤسسة المدنية كما أن تمفصل الوجود اليمني بوجه خاص على
أيقونة خصوصية موته وباقة إنقراضه ورغبة تعلقه العاشق لسمفونية "الشيخ"
و"ظهر القبيلة" الطاعن في رثاثة حلفها بسلطة تتزيأ بمعطف الأكاديمي وخطاب
الإشراق والتنوير وحيث تصطف جماعات قطيعية ممن يحملون صفات"الدال" وتعني
جلها أو أنها لاتحيل سوى إلى دوابية التمركز على نفعيات وقشورية المصلحة
المنتفخة بعينها لربطات كانت بالأمس تناهض مشاريع "السلفنة" ونفطنة الدين
وتحوله إلى أداة تعطيل بيد سين أو صاد من الدلالات الخطيرة في جهوياتها
وتأثيراتها السلبية أما اليوم فقد صارت سندا لسلفيات الحاكم والخصوم في آن
وبالتالي فقد غدت أغلب النخب التي كان المعول عليها في التنوير وإقتراح
الخروج من مأزق التشازر أو "المشاورة" لكن لتصي في سياق ونسق تكريس فحولة
النخبة الأسرية بتزاوج مصالحها إقتصاديا في لباس ثنائية السياسة
والإعلام.وإستبعاد المجتمع من كل الخيارات وتكريس مجرد حياة هجينة لاتوفر
ولو الحد الأدنى من كرامة الناس ولو على المدى المنظور أو القريب جدا فيما
تبدو طبيعة العيش قائمة على عنصرية الثقافة اليومية والخطاب الجمعي المرتكز
على تنميط وتجسير سمات العنف بأشكاله ومستوياته حتى في شكل تعامل الخباز
في "حي المطاعم في التحرير" بطريقة عنيفة في علاقته بصناعة الرغيف. وبصورة
لم تمر من بعيد أو قريب على مستوى أخلاقي يملي مواصفات ومقاييس معقولة
وهادئة في صور إنتاج الفعل الحياتي وتدبير الشأن العام وعلاقته بشكل طبيعي
بعيدا عن خيار تكريس ثقافة الفوضى وماسسته بدلا من ضبطه في إتجاه في حالة
لااتساقه وإختلالاته بأكثر من معطى يبقى محل تذمر الجميع لكن بصمت أو
برافعة السكوت السلبي والتواكل والقدرية أو الركون الأعمى في كل شيء على
المحمول الميتافيزيقي المدمر للعقل النقدي للمجتمع وهو عقل يتوافر بشكل أو
بآخر لكنه كما يبدو مايزال يمر بحالة إرجاء لمشروع إستشعاره وأسئلته نظرا
لأولوياته التي تتكرس صيرورتها بقصديات سياسية وسادية الفعل العسكري للنظام
الصدامي المقيت الذي أبتلي به الناس في اليمن في حين يراوح في تعاطيه مع
شعبه الذي منحه ثقة زهاء أكثر من ثلاثة عقود وعقائد صيرت إلى فساد وإفساد
حتى صارمعه الفساد ينبت في الرغبات الجافة لدى البعض الكثير من مرتزقة
اليوم من مختلف النخب الثقافية والأكاديمية والحقوقية والمشائخية القارة
على تغليب مصلحتها على حساب إفقار وموت وحروب ضد مجتمع بكامله. ما دفع
بكثير من الناس والأسر والأجيال في المجتمع إلى رؤية الحياة بتراجيديا خيار
الأمر الواقع الذي مازالت حوانيت التلفزة الرسمية تلغط بشأنه وتغالط في
تضمين صورته وذلك عبر إدعاء مساحة حرية وزعم "إتجاه معاكس للرأي " في
فضائية بافسادستان " والتي ما تفتأ تجلب شخصيتان بتصويرهما على أساس من
الاختلا ف والتباين والذي ليس في حقيقته سوى مجرد تزوير في تزوير لمآلات
ومرام يقول الواقع بنقضها وبخاصة حينما يعرف كثيرون أن أغلب تلك الحوارات
لاتعدو عن كونها مجرد تناور تنابلة سلطان / أحدهم عضو لجنة دائمة والآخر
عضو لجنة عامة.وهكذا بكل سخف"واستمناء شمولي يتوهم بثقة ورهان زائف أن وعي
الناس أو المشاهدين دون شك سيفضي لإيمان أن تلك الصورة المائزة من "الدم
......قرطة" أبو شريط احمرسوف يصدقها المتضورون جوعا أو المستدينون أسعار
قبورهم وذويهم ووجباتهم الأساسية اليومية أو أولئك المشتركون بالفاقة
والعوز ممن لا يجدون قوت يومهم سوى في براميل القمامة والذين لا يجدون
غالبيتهم من خيار العيش أو النقل الجماعي سوىفي حياة مجازية لم يتم
أنسنتها بعد بل يتم بضوئها الأخذ بفلسفة "الشبع قبل الأخلاق " أولا وذلك
برأيي لا يعني سوى عرضية أن تعيش الوجود كبوهيميا أو حالة عدمية تعاش خارج
التفكير ومنطق الخيارات المفتوحة على أفق الحرية.والسبب تصفيق المجتمع
وغيبوبته أو بالأحرى موته بالعاطفة وبفعل أيضا صفاقة وعي اغلب السياسيين
وتغليب طابع " الأنا : ستراتيجية " الشخصية وفحش ثراءها تجاه واقع تراجيدي
انفلاتي مرقع بالغبار وأوسمة – اللصوص الشرفاء - وصحف قبائل صحفية وبداوة
عقلية تطحن صحراء الإنسان والمدينة بمصفحات سيارات الـ " hummer " في مجتمع
تعيش نسبة كبيرة منه تحت أصفار خط الفقر وأنفاق السياسات التي تجمل قبحها
بالمحاريب والصلاة السياسية كنفعيات بغاية وصولية المعنى الضيق وصناعة
الحروب والخوف وترويع المجتمع بإسم الديمقراطية ؟؟؟ إذا أنا لاأنتمي إلى
ديمقراطية تقتل الناس الذين يفتحون صدورهم دفاعا عن الوحدة لمجرد كونهم
يقولوا أو يفصحوا عن مطالبهم!!! إذا هم يقدمون مطالب وأنت تقتل دون أن تصغي
.. لكنك تقتل الوحدة وتلجم من يتفوهون بمطالبهم لتكريسها كحقوق مشروعة
تتسق ودلالات معنى الوحدة الوطنية. بينما تفتح أنت فوهات سلاحك في وجوه
وأفواه الجياع "والبطارى" وفي حين أن الوحدة لاتحتاج أن تزايد بإسمها لأن
الوحدة بالمعنى الوطني هي من حق الشعب ومن حق الفقراء الذين صُنعت بهم
وصنعتَ الفقر لهم وبهم.وأنت آلة للفقر بهذه السياسات العوراء. إلى جانب
تكييف للجريمة السياسية التي قد ينبىء عنها واقع يمني – أحمر – بالفعل-
بأيامه السوداء التي صيرت بضوئها الوحدة الوطنية إلى مجرد علم و"محزقة"
لضرب كل من يختلف سلميا معك. وهاهو المجتمع اليمني بالرغم من خلوه من -
إتنيات – إلا أنه يبدو سيكون أثرا بعد عين بفعل سياسات العوينات السوداء
للعيون الحمراء والصحف الصفراء التي تسمم علاقات الناس في الواقع اليمني
ولازالت منذ ما يقرب من عقدين ولا أحد يقف ليقول بصراحة أين هي قضية
الإنسان اليمني الأ ساسية من بين هذه وتلك الأجندة السياسية والأحزاب
الكرتونية التي ليست إلا صنيعا لمطبخ الظلام الذي ينتظر الناس بينما
يعيشونه ساعة بساعة في تمثلات أطفاء متكرر للضوء المصنوع بالمولدات لا
الموالد/ إذا أين محلنا كبشر في معطى اللحظة الراهنة التي يعيشها آخرون
بتوازنات حياة طبيعية؟ وأين هو المواطن اليمني ؟ أين محله في المواطنة
الفردية التي أختزلت في حياة أو أنها بالأحرى – صارت تمثل كل حياة شخص واحد
– أين هو موقعك أيها الإنسان في "البلاد السعيدة". أم هل يكفيك أن تتنفس
غبارك الملوث بأكثر مايقرب من عشرين فيروسا في شوارع لم تعد تحلف سوى بـ"
أمانة العاصمة"أين نكون كأفراد وكمجتمع في "مدينة أين " ألتي رأى حقيقتها
الشعرية الشاعر العراقي الراحل / سرجون بولص.أيننا وأين نتجه في ظل موجات
سياسة الأزمات بآلية المحو والصرف دونما كلمة حق تقال في وجه أو على الأقل
تكتب.وأجدني هنا أستعيد عبارة أثيرة قيلت في مناسبة انهيار تاريخي شبيهة
بالحال اليمني الذي نعيشه اليوم : " أن من البؤس أن تقف صامتا لأنغام نشيد
وطني .عندما يسرقون محفظة نقودك" ؟؟؟؟!
السبت يوليو 24, 2010 10:46 am من طرف نابغة