مدرسة فرانكفورت النظرية النقدية وفلسفة النص
|
| |
نّ التباين في تفسير حركة التطور الاجتماعي والاقتصادي دفعت بالعديد من النقاد والباحثين إلى استلهام الأسباب الكامنة وراء تلك التغيرات، وقد اختلفت معطيات التفسيرات المُقدمة نظراً لاختلاف الطبيعة الفكرية، والبيئية للمسار العقلاني الغامض لنشاط الوحدات الاجتماعية.
وقد تحدد المنطلق الأول لبيان الطرح النقدي والمعرفي لمدرسة فرانكفورت، من خلال فحص مسيرة المنظومة الاجتماعية، وتقديم المُحفِزات لها، وبيان حقول الفعالية للعمل الاجتماعي، ولم يتأتَ هذا المنطلق من تعارض أصداء فلسفية ومعرفية في المُكون العقلاني لنقاد فرانكفورت، بل وُلِد مع تشريح الفعل الواقعي للآثار الاجتماعية، وإثبات الـذات، بعد مرحلة من التواصل الفلسفي والنقدي مع البنى الاجتماعية على أنّها صيغ اشتراكية تنظم حركة المجتمع، وتُهمش دور الفرد.
إنّ العمل النقدي الذي اضطلعت به مدرسة فرانكفورت رسم لها خصوصيتها على ساحة منهجية ما بعد الحداثة، فضلاً عن أنّ ممارساتـها النقدية قد جلبت لها تراتبات فلسفيـة، ونبرات معرفية نـهلت منها، في ظل تراكم عقلاني فلسفي كانت نقطة انطلاقه مع هيجل وماركس.
لقد تعامل رواد فرانكفورت : هوركهايمر ( - 1973 )، وهابرماس، وماركيوز ( - 1979 )، وأودورنو، وآبل، وبنيامين (-1940) مع الصيغ الاجتماعية من منطلقات واحدة في التفكير، واختلفوا في تحديد النتائج، وتأتى هذا الاختلاف من طبيعة النهج المعرفي لكل منهم في وضع أسباب ونتائج الوضع الاجتماعي الحالي، فضلاً عن اجتهادهم في تقديم مقترحات مستقبلية للوضع ما بعد الاجتماعي ويمكن تحديد أهم المعطيات النقدية لمدرسة فرانكفورت التي استطاعوا من خلالها مجابـهة الطروحات النقدية لما بعد البنيوية، وخلخلة منظومة التفكيك، كالآتي :
1 ـ نقد العقل الأداتي : ( Instrumental Reason ).
2 ـ نظرية الفعل التواصلي : ( Theory of Communcatival Act ) .
3 ـ النظرية الاجتماعية في نقد الأيديولوجيا.
قد أطلق على أطروحات مدرسة فرانكفورت : النظرية النقدية ( ( Critical Theory التي تتسم ـ من جملة ما تمتاز به ـ بالتركيز على تشريح الأنظمة الاجتماعية، وتحديد العناصر المُكونة للتوجه الاجتماعي، وتحديد العلاقة بين الاجتماعي والاقتصادي والأيديولوجي، وبيان تركيب المنظومة الاجتماعية المؤثرة على سلوك الفرد وحركته في المجتمع في ظل أزماته النفسية، وآفاقه الممتدة المُهدّدة بسيادة الآلة على مُجمل نشاط الفـرد، فضلاً عن الكشف عن دورالأقليات في النشاط الاقتصادي للمجتمع، وأهمية تلك الأقليات في خلق بُؤرٍ للأزمات المتصاعدة في حركته نظراً لما تعانيه من نقص تجاهه، محاولة تعويض ذلك النقص بالأزمة، وهذا التوجه يفسر أهمية كون رواد مدرسة فرانكفورت ـ جميعهم ـ من اليهود الألمان (1).
إنّ الحديث عن الجهد النقدي لمدرسة فرانكفورت واسع ومتشعب، وحسب البحث التوجه إلى النقاط المضيئة التي أسهمت في بيان الفجوات النقدية في الطرح التفكيكي، بمعنى أنّ النظرية النقدية لم تستطع مجابـهة الطروحات التفكيكية بشكل مباشر، بل عمدت إلى التمُوضع خلف المعطيات النقدية والمعرفية للتفكيكية، ثم بيان اهتزازها وعدم استقرارها، في حواضرالفكر الدولية، ويمكن تحديد سبب ذلك بأنّ الإعلام النقدي المصاحب للتفكيكية كان على قدرٍ كبيرٍ من الانتشاروالتبني، والتطبيق ـ لاسيما على صعيد النقد والقرار في مركز الرموز والتقويض وصناعة الثقافة : الولايات المتحدة ـ ولم يكن متاحاً لمدرسة فرانكفورت الدخول في منافسة إعلامية مع التفكيك في هذا الإطار، بل عمدت إلى تجريف بعض المعايير والمرجعيات التي يستند إليها التفكيك بتقديمه لجملةٍ من التطورات النقدية ـ غير المألوفة ـ التي قد تفتح مدار أسئلة عقيمة الجواب.
يندرج تحت المعطى الأول من معطيات النظرية النقدية (نقل العقل الأدآتي)، قسمان من الجهد النقدي المعرفي لرواد فرانكفورت، وهما : (العقل الأدآتي، والتقنية)، فقد انتقد أصحاب النظرية النقدية صيرورة العقل إلى أداة بيد الشركات المُنتجة الكُبرى، لغرض استخدامه لأغراض الترويج، والتفنن في إيجاد الوسائل الكفيلة لزيادة الاستهلاك، والكشف بصورة متواصلة عن ميادين أو مناطق جديدة لتسويق البضائع والمنتوجات (2).
ويكمن اعتراض النظرية النقدية حول هذه المسألة في: تحويل مسار العقلانية من الكشف والابتكار، والتفكر في قراءة مستقبلية لحياة أفضل، إلى أداة تكتسب وجودها لغيرها لا لذاتـها، وقد وجد رواد النظرية النقدية في هذا التحول تعطيلاً مُتعمّداً لآليات الارتقاء العقلاني وجموداً في النتاج الفكري، لأنّه سيكون محكوماً بقالبٍ لا يحيد عنه وفقاً لرغبات المصالح الكبرى التي تنظمها الشركات الإنتاجية العالمية، طبقاً لما تراه مناسباً.
وبـهذا المنطق تحول العقل الغربي ـ حسب فرانكفورت ـ إلى عقل مؤسساتي بارد، لم يعطِ الفرصة للعقل الديني من الدخول إلى الساحة الاجتماعية العامة، وتعمّد فصله عن ميادين السياسة والاقتصاد، هذا العقل ـ أي المؤسساتي ـ هو (عقل ـ الثروة) الذي صار يملك السلطة لأنه يملك أسباب بقائها وأسباب التأثير في الجماهير (3).
ولهذا العقل ـأي عقل الثروة ـ خطورة كبيرة في سياق التقدم المعرفي والثقافي، لأنه يُستخدم مَنفذاً لبرامج توجيهية مُحكمة طبقاً لمقدار ارتفاع المؤشرالمالي، وهو بـهذه الصورة سيسلك منافذ شتى من قمع وكبت واستبداد وقتل للحريات، في سبيل الوصول إلى ما حُدِّد له في تلك البرامج التوجيهية التي تقتضي كون الإنتاجية ومردوداتـها هي الغاية في ذاتـها حتى وإن كانت على حساب إنسانية الفرد ، أو الأخلاق والقيم (4).
إنّ تحقيق العقل الأدآتي بعض المنافع لا يجعله بعيداً عن مرمى النقد، وقد تصدى رواد النظرية النقدية للمنافع المزعومة لهذا العقل محولين إيّاها إلى وحدات سلبية تنتقص من رياضة العقل، وتروض لهرطقة اجتماعية غايتها جني الأموال، ولهذا فالعقل الذي تدعو إليه النظرية النقدية لا يُختزل إلى العقل الموجه (الأداتي)، بل هو عقلٌ يمتلك خصوصية، لأنّ وظيفته تتحدد بإعطاء التنظيم الاجتماعي حقيقة العقلانية عن طريق أنسنة أبنيته (5).
وإلى جانب نقد العقل الأداتي ينشط رواد النظرية النقدية ـ لاسيما هابرماس ـ بنقد معطيات التقدم التقني التي همّشت الإنسان، وأقصت فعله التداولي، ورسمت حدوداً له تتصف بأنّها محددة، قياساً إلى الحدود اللامتناهية التي تُوصف بـها (التقنية) في امتلاكها ناصية صناعة الحلول، وتقديم النصائح والإرشادات بشأن الأزمات التي تعتري سلوك الإنسانية وممارساتـها الاجتماعية، وأُطرها السياسية، وتنظيماتـها الاقتصادية، وقد أكدّ هابرماس على أنّ هذا التقدم (المخيف) للتقنية سيصبح أساس المشروعية في النظام الرأسمالي، ويصبح صورة جديدة للأيديولوجية المعاصرة التي ستُوجه (التقنية) الجديدة في سبيل السيطرة على الآخر، والتوجه نحواستغلاله، فضلاً عن استخدام التقنية بوصفها أداة للمناورة، لغرض تقديم تنازلات متنوعة قد لا تخدم المصالح الوطنية والقومية لبعض الدول الفقيرة (6).
لقد حدّد هابرماس ابستومولوجيا جديدة بل بديلة عن الوضعية العلمانية الغربية، وذلك بترميم التصدع الحاصل في الجدار ـ الذي يبدو صلباً ـ للعقلانية الغربية الحديثة، ويتمثل ذلك الترميم في النشاط الأداتي للعلوم الذي أرتبط تاريخياً بالمصلحة الفنية، فالرؤية الهابرماسية تقتضي نقد العقل التقني الغربي لأنه اندرج في ظل اللعبة السياسية المهيمنة، إنـها دعوة للرجوع إلى أصل العقل مع اللوجوس، ويتم ذلك من خلال تحرير العقل الموجه بوساطة النقد المستمر لذاته عن طريق المحافظة على الميول الفلسفية، والرغبة في تجاوز النسق والابتعاد عن التقليد (7).
لقد أصبح الإنسان بالنسبة للعقل الأداتي والتقنية شيئاً ثابتاً وكمياً، يفتقر إلى إمكانياته الخاصة، وقد لجأ هذا العقل إلى فرض المقولات الكمية على الواقع، وإخضاع جميع الوقائع والظواهر للقوانين الشكلية والقواعد القياسية، ليتسنى له التحكم بالواقع من جهة، وليعمل على الحفاظ على بقاء الذات وهيمنتها وتفوقها من جهة أخرى، ويقود هذا التوجه إلى سقوط العقل الأداتي في اللازمنية واللاتاريخية، والسقوط في نوع من النسبية المعرفية، والأخلاقية الجمالية، ويصبح من ثم ـ حسب عبد الله إبراهيم ـ النموذج المُهيمن على الإنسان هو : الطبيعة ـ المادة ـ السلعة ـ الشيء في ذاته (8).
وقد قدّم هابرماس بديلاً عن العقل الأداتي تمثل في (العقل التواصلي) الذي ينشط على تفعيل فعل التواصل، ويرفض اختزال الظواهر وتبسيطها، ويمارس دوراً في اللعبة المعرفية تخص إمكانية تحقق الوجود من خلال انتشار فعل التواصل، وتحقيق الحوار بين الأنا (الفكر)، والآخر (العقلاني)، بمعنى أنّ هذا العقل هو محاولة للخروج من فلسفة الذات إلى فلسفة الحوار(9).
إنّ التحول من إشكالية العقل الأداتي إلى ممارسات العقل التواصلي هو تحول في الممارسة الحرة للسلوك العقلاني، وقد عدّ هابرماس هذا التحول أساساً للتعادلية الشمولية، التي تعني بشكل أساس الممارسة (العمل Praxies:) وتعين مهمتها في إدماج السلوك اللغوي داخل نظرية الفعل التواصلي (الحواري)، بمعنى إنجاز نظرية تواصل لسانية تأخذ بالحسبان عدّ السلطة المتحررة التي يعطيها للغة هي الأساس، بوصفها ـ أي السلطة ـ منبعثة من النسيج التواصلي للفواعل الاجتماعية (10).
وقد أكدّ هابرماس بشكل أساس فلسفة (العمل) بوصفها فلسفة تعطي الامتياز للمعرفة التي تقيمها الذات الفاعلة مع عالم الأشياء الممكن، فضلاً عن أنّ هذه الفلسفة أدمجت في المضمون العقلاني للتوجه البورجوازي بوصفها المتعهِدة بعقلنة الاستثمار لصالح الإنسـان، وتقديم الرؤى المتحررة الكفيلة بالتمثيل الجيد للصعوبات التي تواجه فلسفة العمـل، ومفهومها عن العقل على مستوى المقولات (11). ويندرج نقد هابرماس للعقل الأداتي وتقديمه لإمكانية ممارسة العقل التواصلي، في خطته النقدية القاضية بالوصول إلى الإدانة الفاعلة للتوجه الأيديولوجي في تسييرالنُظم الاجتماعية، فضلاً عن تقديم صيغ علاجية تنهل من قراءة جديدة للماركسية، تظهر من خلالها صيغ التخلي عن استبداد السلطة الرأسمالية، وتقدم نظرية اجتماعية تَنعُم ـ بشكل متواصل ـ بمحاكمة التصورات البورجوازية القائمة على استغلال إمكانيات النشاط العقلي وتجاربه الاجتماعية والعلمية المختلفة في رسم الثراء الفكري، والتنوع المعرفي لتلك التصورات.
ولغرض الوصول إلى تقديم نقد موضوعي للأيديولوجيا الغربية، اتجه هابرماس إلى الاستفادة من إمكانيات التأويل في تحديد الأطر النقدية الممكنة لكشف مزالق الأيديولوجيا ونواياها، وقد تمّ في هذا الميدان تحديد العلاقة بين التأويل وعلم الاجتماع من جهة، وبيان مقولات الإدعاء إلى العالمية وتاريخها بما يسهم في كشف نواياها الخفية، وسلوكها النسبي ذي الممارسة السلطوية من جهة أخرى، وقد أعانه هذا التوجه في فهم العلاقة الجدلية بين المراوغة المعرفية لاكتساب صفة العالمية، وبين الممارسات الحداثوية التي تتجه إلى قتل الحقيقة، وتقديم ـ من ثمّ ـ إدانة كاذبة وخادعة لقاتلها، وقد اندرج هذا التوجه بشكل أساس في بيان إشكاليات الحداثة وتوجهاتـها السياسية، التي عدّها هابرماس مشاريعَ إبطالٍ ثقافيٍّ مغالية، ضمن مقالته (الحداثة مشروع لم يكتمل) (12).
إنّ العمل النقدي لمدرسة فرانكفورت يتمثل باختزال النظرية الاجتماعية الماركسية إلى شيءٍ لا يتعدى نقد الأيديولوجيا، وقد أُعيد تأهيل الجانب الجدلي للماركسية في مواجهة الشعارات السياسية والدعاية الخطابية الجوفاء، فضلاً عن تقديم التصور الموضوعي للتوجه السياسي المعاصر، ووصفه بالمذهب الشامل للوهم، وهذا التوجه ساعد الحضورالعقلي على التعبير وطرح الآراء في وجه الحضور الشامل للأيديولوجيا وسيطرة اللاعقل، وبـهذا المنظور استخدمت النظرية النقدية (النقد) بوصفه أمراً مطلقاً لبيان تحيزات المنهج الأيديولوجي (13).
إنّ الافتراضات النقدية التي قدمتها معطيات مدرسة فرانكفورت، أباحت التفكير في رسم نـهاية قريبة للرأسمالية، متأتية من فساد سلوكياتـها القاضية بأنّ الديمقراطية الجماهيرية تُفسد الحرب السياسية، وأنّ التقنية تُفسد الروح الإنسانية، وأنّ رأس المال يمزّق النسيج الاجتماعي والثقافي للمجتمع، كل ذلك يُنبِيء بنقد واسع للثقافة البورجوازية، لأنّها تنتج باستمرار نوعاً إنسانياً مصاباً بالعُصاب، مختل الوظائف، والخلاصة التي تريد النظرية النقدية الوصول إليها هي منح الحرية الإنسانية، التي تتطلب الإطاحة بالكبت البورجوازي، والظلم الطبقي، وقد أعلنت النظرية النقدية "أنّ الحضارة الغربية كانت مبنية حول استراتيجية متفسخة، استراتيجية سحق غرائز الإنسان الحيوية من خلال السيطرة العقلانية على الطبيعة وعلى الذات وعلى الآخرين"، وذكرت أيضا "أنّ الرأسمالية دمرت الفن .. بتحويله إلى سلعة ثقافية تُقدم لإشباع حاجات المستهلِك" (14)، كل هذا دفع النقد إلى توقع تفتيت الثقافة البورجوازية ورديفتها الرأسمالية التي ستتعرض ـ حسب بيرمان ـ إلى الإذابة بفعل حرارة طاقاتـها المتوهجة بالاستغلال والبؤس والقسوة (15).
لقد حاولت النظرية النقدية تحليل ظاهرة الوعي الغائب أو الاستلاب الفكري التي انتشرت في المجتمعات الرأسمالية، وقد شكلت هذه الظاهرة وجهاً من أوجه التناقضات الأساسية التي ترسخت داخل أبنية هذه المجتمعات، لاسيما التناقض الذي لفّ المستوى الاقتصادي المتعايش مع المستوى السياسي (16) انطلاقاً من فكرٍ نقديٍّ ذي صبغة تحررية، وهذا الفكر المتّقد منح المسيرة النقدية لمدرسة فرانكفورت نوعاً من المصداقية، لأن منازل القراءة التي استخدمتها قدمت رؤى ذات تنوع معرفي بين رواد النظرية النقدية، ويكون إجمال الحديث عن منازل القراءة لمدرسة فرانكفورت بالآتي :
1 ـ ماكس هوركهايمر ¬ نقد عقلانية التوجه الرأسمالي.
2 ـ ثيودور أدورنـو ¬ الجدل السلبي، ونقد الأيديولوجيا.
3 ـ ووالتر بنياميــن ¬ نقد الإنتاج الصناعــي الآلي.
4 ـ يورجن هابرماس ¬ العقل التواصلي، ونقد الأيديولوجيا.
5 ـ كارت أوتو آبـل ¬ التأويلية المنهجية، ونقد الأيديولوجيا.
6 ـ هربرت ماركيوز ¬ الجماليات الماركسية، ونقد العقل.
قدمت قراءة هوركهايمر نقداً للتوجه الرأسمالي من خلال القول أنّ الحضارة الغربية أسهمت في تركيز شبكة من الأجهزة السلطوية القائمة على نزعة التسلط المرتبطة بشمولية الدولة، ثم عملت على تسيير العقل وفقاً لاتجاهات موازية لأيديولوجيتها (17)، وبالرغم من إشارته إلى أنّ "الأيديولوجيا نظام حقيقي وعادل للوجود" (18)، إلاّ إنّه انتقد تطرفها لاسيما عند استخدام الدوائر الرأسمالية لها، حيث أرغمتها على التخلي عن وظيفتها النقدية، في مقابل تبنيها لتصورات مُسيسة ومُوظفة لخدمة التوجهات البورجوازية.
وتتيح قراءة أدورنو للمشروع الثقافي والحضاري الغربي للكشف عن البعد الآخر، أو الجانب المعتم أو ثقافة الظل في النِتاجات الفكرية الغربية، مبتدئاً من دراسة الفن الذي يهدف ـ حسب أدورنو ـ إلى سلب الطابع المقدس الذي أضفاه الإنسان على الواقع وأفقده حريته، فالإنسان المعاصر صنع أوثانه الجديدة المتمثلة بأوجه امتلاك الحياة، وقد أطلق على ذلك (الجدل السلبي)، وأنّ الفن وفقا لذلك يعارض أداة القمع بشتى صوره، ويقف بوجه استلاب حرية الإنسان عن طريق القوانين التنظيمية الجماعية التي تخترق الأشكال المقيدة، وتنفي القوانين المضادة لحرية العمل والممارسة (19).
أما معطيات بنيامين فتندرج في ظل الحديث عن تحولات الفن، الذي يفقد وضعه الإبداعي تحت تأثير الإنتاج الصناعي الآلي، فينتقل بذلك من حيز القداسة إلى ميدان السياسـة، ويتحول في ظل الرأسمالية إلى مجرد سلطة تُوظف وتُوجه طبقاً لرغبات المؤسسات والنظم الأيديولوجية، ويرى بنيامين أنّ على الكاتب إضفاء الصبغة السياسية على أسلوبه الفني، كي يتسنى له توظيفه توظيفاً سياسياً في إطار علاقات إنتاج معاصرة(20).
ويتفق آبل مع هابرماس في نقد الأيديولوجيا، وبيان ممارساتـها القمعية التي تعلي من شأن الاغتراب الرأسمالي، على حساب الحواروالتواصل، وقد اتجه آبل إلى ربط علاقات نقد الأيديولوجيا مع المسيرة التأويلية العلمية التي تتيح لإمكانية النقد، العملَ والتواصل، ووضع الأسس والأصول لنظرية اجتماعية تقوم على أساس تفاعل الوحدات الاجتماعية مع بعضها في ظل الحريات الممنوحة، مع غياب مطلق لنزعات التسلط والقمع، وبذلك عدّ آبل مشروع نقد الأيديولوجيا نوعاً من السياسات المنهجية التي تقدمها التأويلية لتفسير الظواهر والفعاليات الاجتماعية (21).
أما ماركيوز فقد أتحف النظرية النقدية بأعماله التي اتجهت إلى نقد كل أشكال الاستبداد والتسلط، وفي مقدمتها التسلط التقني، والاستبداد الأيديولوجي، وقد ركزّ بشكل أساس على تحليل مفهوم ( القمع ) ودوره في البنية الاجتماعية، وأثرالفعل السياسي في توجيهه وانتشـاره، وقد تمّ له ذلك من خلال تحليل منظومتي: الجدلية المادية لماركس، والكبت الجنسي، وعنصراللبيدو عند فرويد(22)، وأراد من ذلك الوصول إلى بيان العلاقة بين فعل القمع من جهة، وفعل الحركة الاجتماعية من جهة أخرى، عن طريق البرهنة على (23) :
1 ـ أنّ الجدلية المادية قد رافقتها على الدوام جدلية بيولوجية، كان الصراع فيها قائماً بين مبدأ الواقع (الارتواء)، ومبدأ اللذة (الممارسة).
2 ـ الازدواجية بين وعود الحضارة بتقدم الإنسان وإتاحة فرص العيش والسعادة، وبين نموها من خلال تقديم أدوات الإنتاج وتنويعها، وضياع الإنسانية.
3 ـ تفاقم الصراع بين العنصر اللبيدي ـ القمعي، وبين نضج الصراع الطبقي.
وقد قدّم ماركيوز معطيات نقدية جديدة في كل كتاب من كتبه التي يلفها منطلق واحد هو: إعادة قراءة النص والفلسفة الماركسية، ومحاولة استثمار المعطيات الاجتماعية والثورية فيها لصياغة نظرية اجتماعية معاصرة تقوم على حرية الفرد، وتحرر عقلانيته، ونزع كل أشكال التسلط والقمع وديكتاتورية الآراء ورجعية الأنظمة وتعالي المؤسسات، ويمكن تحديد البؤر العقلانية والمعرفية الواردة في أهم كتب ماركيوز، كالآتي :
1 ـ الحب والحضارة : الصراع بين اللغة والواقع (24).
2 ـ الثورة والثورة المضادة : ثورة الماركسية ضد الرأسمالية، وثورة مضادة وقائية للرأسمالية ضد الماركسية (25).
3 ـ العقل والثورة : التفكير السلبي، هو محرك الفكر الجدلي عند هيجل (26).
4 ـ الإنسان ذو البعد الواحد : سيطرة التقنية على فعاليات الإنسان، ودور الرقابة الاجتماعية في سلوك الفرد (27).
5 ـ البعد الجمالي : الجماليات الماركسية مشروطة بعلاقات الإنتاج (28).
إنّ الصيغة النقدية التي ارتضاها ماركيوز بشكل خاص، ورواد النظرية النقدية بشكل عام ـ لاسيما هابرماس ـ تقتضي تجاوز عوامل تفكك النظام الاجتماعي، ثم محاولة تنظيم قواعد معرفية ونقدية، لتحويل مسار التغيرات الاجتماعية إلى سلوكيات ذات قيم نفعية وإصلاحية في الوقت نفسه، وقد حدّد (الآن تورين) في هذا السياق أشكال تفكك الحركات الاجتماعية، وأسندها إلى نتيجتين مهمتين (29) :
1 ـ تتوجه بالمنظومة المتفككة إلى تغيرات اجتماعية باتجاه سلوكيات المصلحة، والنفع.
2 ـ تتوجه بالمنظومة المتفككة إلى تغيرات اجتماعية باتجاه سلوكيات التناقض، والقمع.
وذكر أنّ النتيجة الأولى تأخذ بالمتغيرات الاجتماعية إلى منظومة معايير وقيم، وإصلاحات تطال فوضى منظومة العمل الاجتماعية السابقة، أما النتيجة الثانية فتعود إلى سلوكيات الأزمة بفعل السلطة السياسية المُتنفِذة بشرعية القرار، والمُتسلّطة ـ في الوقت نفسـه ـ على مسار حركة المجتمع (30). ويمكن إجمالاً تحديد أهم الخصائص التي امتازت بـها مدرسة فرانكفورت بالآتي (31) :
1 ـ تُوجه النظرية النقدية سلوك الإنسان وأفعاله، وترى توجهها نقداً فاحصاً لأيديولوجيا المجتمع الغربي وتعرية لها.
2 ـ تختلف النظرية النقدية عن نظرية العلوم الطبيعية بكون الأخيرة ذات صبغة موضوعيـة، أما الأولى فذات صبغة تأملية انعكاسية لسلوكيات المجتمع وتوجهاته والسعي نحو نقدها.
3 ـ البحث عن الحقيقة عن طريق استخدام النقد، والحقيقة ليست سابقة على النقد، إنما هي إفراز للنقد ذاته، وحتى يتم الوصول إلى الحقيقة على النقد أن يُحطم أولاً الأوهام والمظاهر الخادعة.
4 ـ تشترك النظرية النقدية مع نظريات ما بعد الحداثة في مسارٍ وحيد هو : نقد سُبل الحداثة في العقلنة بأشكالها : الاجتماعية، والفلسفية، والتحليل الثقافي ، والاهتمامات السياسية .
5 ـ الاتفاق على أهمية المحور الإنساني في العملية البنائية التاريخية للمجتمعات البشرية.
6 ـ نقد الرؤية الهيجيلية والماركسية، وتقديم رؤى جديدة تنطلق من طروحاتـهما، لاسيما في مسألة الصراع والوعي الطبقي، إذ تؤكد النظرية النقدية غياب الوعي الطبقي في المجتمعات الرأسمالية.
7 ـ رصد أزمات المجتمع الرأسمالي، ومحاولة توجيه ضربات نقدية متتابعة، لبيان تحيزاته وممارساته السلطوية.
من النظرية النقدية إلى فلسـفة النـص :
بالرغم من التأثيرات الفلسفية المتشابـهة التي صاغت مجمل الطرح النقدي لمدرسة فرانكفورت، فالمنهج التفكيكي، والمتمثلة بمعطيات : (كانت، وهيجل، وماركس، ونيتشه، ودوركايم، وهوسرل، وفرويد، وهيدجر)، إلاّ أنّ طبيعة صياغة الطرح النقدي اختلفت بينهما ، نتيجة التوجه المعرفي من جهة ، والمقاصد النقدية والثقافية والسياسية من جهة أخرى.
وقد تصدى هابرماس بشكل خاص لطروحات دريدا، وحاول بيان نقاط الضعف والهشاشة فيها منطلقا من لحن دريدا المعروف بالتجاوز الذاتي والنقدي للميتافيزيقا، ونغمة تمزيق كل شيء حتى مسكن الوجود (اللغة)، ووصف علم الكتابة بأنّه التوجه العلمي لنقد الميتافيزيقيا، ويرد على دريدا في نقده لمركزية الصوت، ذاهباً إلى أنّ المركزية هي السبب الذي يُفسر الامتياز الميتافيزيقي الممنوح للحاضر (32).
ويرى هابرماس أنّ دريدا في مسيرته النقدية والفكرية لا ينفصل عن الإلحاح الأصولي لفلسفة الذات، ويرد على نقد دريدا لمركزية العقل، ويؤكد أنّ النقد الذاتي الشامل للعقل يرتبك في تناقض أدائي، وليس بإمكانه إقناع العقل المُتمركز حول الذات بسلطته إلاّ باللجوء إلى وسائل العقل ذاتـها لتقديم رؤية نقدية شاملة وموضوعية للشك في القواعد والأنظمة (33)، والتناقض الذي وقعَ فيه دريدا ـ في هذا الإطار ـ دفعَ هابرماس إلى نعته بصاحب "الرغبة الفوضوية" (34).
ويؤكد هابرماس رغبة دريدا القوية في التمرد على الجوانب المقدسة منذ أرسطو، من مثل: قلب أولوية المنطق على البلاغة، والكلام على الكتابة، والمعقول على اللامعقول، والميتافيزيقا على الفيزيقا، وأنّ عمل التفكيك المتمرد يرمي إلى هدم التسلسل المألوف للمفاهيم الأساس، وقلب علاقات التأسيس، وعلاقات السيطرة على المستوى المفهومي، ثم يفسر هابرماس مسيرة التفكيك المُكلّفَة بتفتيت التركيبات الأنطولوجية التي شيّدتـها الفلسفة طوال تاريخ العقل المتمركز على الذات، ومنهج دريدا لم يكن متزنا ـ حسب هابرماس ـ بل مارس سلوكاً ملتوياً بإرغام نصوص هوسرل وسوسير وروسو على تقديم اعترافات لم تتضمنها نصوصهم، وعلى بيان آراء نقدية لم يعلنوا عنها ولم يتفوهوا بـها (35).
وبـهذا حدّد هابرماس المطمح الدريدي بجعل التفكيك وسيلة تتيح للنقد الجذري للعقل الذي ينحو منذ نيتشه أن يتخلص من مأزق خاصيته الذاتية، وبرهن أيضاً على أنّ جميع نصوص التفكيك هي نصوص (ملغومة)، وذلك لأنّ علاقاتـها تشتبك في ظل بناء بلاغي، ظاهره يناقض باطنه والعكس صحيح أيضاً، وعلاقات اختلافاته أكثر من علاقات المشابـهة والمماثلة، لذلك اتجه النقد التفكيكي وأسلوبه التهديمي (الموجه نحو العقل)، إلى البلاغة لتفكيك مناطق (البصيرة) فيها بوصفها حضورا، والبيان عن مناطق (العمى) وتفسير اختلافاتـها بوصفها غياباً (36).
يمكن تحديد أوجه الاختلاف بين هابرماس ودريدا بالنقاط الآتية (37) :
1 ـ يدعو دريدا إلى تفكيك نظم العقل المتمركز حول نفسه من أجل تأسيس المعنى المختلف، في حين يدعو هابرماس إلى تفكيك العقل الأداتي.
2 ـ يرى دريدا أنّ العقل المُتمركِز على ذاته أنتجته الميتافيزيقا الفلسفية والدينية، في حين يرى هابرماس أنّ العقل الأداتي أنتجته العقلانية الذاتية، عندما طوّرت البنية الاجتماعيـة ـ الصناعية.
3 ـ يدعو دريدا إلى إرساء عقلانية جديدة لا تمركز فيها عن طريق تبني علم الكتابة ، أما هابرماس فيدعو إلى عقلانية نقدية تُوقِف طغيان العقل الأداتي.
4 ـ يدعو دريدا إلى عقل لديه القدرة على تفكيك الأنظمة والمقولات ليعيد صياغتها وفقا لنظام الاختلافات، بينما يدعو هابرماس إلى عقل نقدي اتصالي في ظل الرؤية الاجتماعية الجديدة القائمة على الدعوة إلى تواصل الأفراد والحفاظ على الخصوصية.
5 ـ يتوجه نقد دريدا إلى (العقل) بمعناه الفلسفي الميتافيزيقي (Logos) لأنه أنتج صور التمركز المتعددة، بينما يتوجه هابرماس إلى ( العقل) بمفهومه الإجرائي، بوصفه مَلكة تحليل وتفكير مباشر (Reason) .
6 ـ محاكمة دريدا لعقلانية الميتافيزيقا الغربية تجعل مشروعه التفكيكي يمتلك أبعاداً لاهوتية يمكن إرجاعها إلى (القبلانيين)، بينما يمثل إلحاح هابرماس على النقد وطعنه بالأُسس الأيديولوجية، ونقده للعقلانية الأداتية، وتفكيك توجه التقنية، امتلاكَ المشروع النقدي التواصلي أبعاداً سياسية واضحة .
7 ـ حاولت التفكيكية ومعها النظرية النقدية إحياء الطروحات الفلسفية للماركسية، مع اختلافٍ في غائية الإحياء، فدريدا يريد من إحيائها بيان التوجهات الاستعمارية التي تحيط بالقرار السياسي العالمي، أما هابرماس فقد قصد من إحياء الماركسية الاستناد إلى أبعاد إنسانية تتجاوز الانغلاق، وتـهتم بحركة الفرد والمجتمع في آن واحد.
8 ـ يشتغل نقد دريدا على المفاهيم والمقولات والرؤى والتصورات التي أنتجتها الميتافيزيقا الغربية لغرض تفكيكها، وإبطال أثرها، وعلى هذه يمكن وصف نقده بـ (النقد الخَطابي)، أما هابرماس فإنّه يشتغل على العلاقات الاجتماعية، والمظاهر العامة كالعمل والإنتاج ونحو ذلك، ممّا يدفع إلى وصف نقده بـ (النقد الواقعي).
وقد نقد هابرماس مسيرة التفكيكية النقدية، ووصفها بكونـها لا تعدو أن تكون حقيبة بلاغية ممتلئة بالخُدع والتكنيك، والغرض منها إلغاء حدود الجنس أو الأجناس الأدبية بين الفلسفة من جهة، والشعروالأدب والنقد الأدبي من جهة أخرى(38)، وقد تأتى هذا الوصف من استلهام التفكيكية لمرجعيات فكرية متعددة ومتماثلة، أسندت نفسها مهمة تفتيت المراكز الميتافيزيقا، والتنديد المستمر بصيغ المعاني الجاهزة، والدلالات البسيطة الواضحة.
ويمكن تحديد اتجاه هابرماس في نقده لطروحات ما بعد البنيوية، بإعادة صياغة المادية التاريخية، بوصفها نظرية دينامية للتقدم الاجتماعي(39)، ولصياغة نظرية جديدة للسلوك الاجتماعي، تـهتم بالفرد والمجتمع على حدّ سواء، وتمنح فرصاً للعمل تكون متكافئة بين الأفراد، ولهذا وُصفت معطيات هابرماس النقدية الموجهة لنقد ما بعد البنيوية ـ فضلاً عن ما بعد الحداثة ـ بكونـها مناظرة عن الماركسية بوصفها فلسفة اجتماعية وسياسية قائمة (40).
ومن أهم النقاد الذين تأثروا بمعطيات النظرية النقدية، وحاولوا نسج طروحاتـهم على غرارها : (فريدريك حيمسون) الذي يُعزى إليه إنعاش طروحات الماركسية الجديدة، وأهم أعماله التي تصدى فيها للطروحات النقدية (البنيوية، ما بعد البنيوية) هي:(سجن اللغـة 1972)، و (اللاوعي السياسي 1981). وتمثل طروحات جيمسون مختلف التقاليد المتصارعة في الفكر البنيوي وما بعد البنيوي(41) في تأليف ماركسي مثير، ويقترح جيمسون منهجاً نقدياً جديداً لإحياء الفلسفة الماركسية يتكون من مستويات ثلاثة (42) :
1 ـ مستوى التحليل الدلالي : حسب معطيات كريماس في المربع السيميائي.
2 ـ مستوى تحليل الخطاب الاجتماعي : حسب معطيات النظرية النقدية.
3 ـ مستوى تحليل النص الماركسـي : حسب معطيات ألتوسير.
ويحدد جيمسون في الربط بين مواقف ما بعد الحداثة الأمريكية وما بعد البنيوية الفرنسية وسيلةً للنفاذ عبر الخطاب الجمالي إلى البعد الأخلاقي لنظرية ما بعد الحداثة، ويطلق على ذلك اللاوعي السياسي (43)(The Political Unconscious)، ويشير هذا المصطلح إلى إمكانية الوصول إلى المناطق المستورة في النصوص الثقافية، والتعرف على الزوايا المُحتجِبة المتوارية خلف الطرح السياسي والثقافي والمعرفي والنقديّ المعلـن، ويتأتى ذلك من خلال إعمال آلية التأويل بوصفها الوسيلة النقدية الدينامية للكشف عن ذلك اللاوعي السياسي (44).
وتُعدّ محاولات جيمسون في هذا الإطار ممارسات تفكيكية تكمن وراءها أيديولوجيا غائية في إحياء الطرح الماركسي، وأطروحة تتكئ على قناعات وتصورات ماركسية جديـدة : (Neo-Marxism) قتضي تقديم تفسير للتاريخ الأدبي يعتمد على معطى الصراع الطبقي، وتقديم تفسيرات سياسية تمتلك الأولوية في فحص وتحليل النصوص، لذلك تَمثّل المنهج التحليلي الذي تبعه جيمسون تمثلاً تفكيكيا، همه تفكيك ونقض التفسيرات التي تدعي براءتـها من المضمون السياسي والأيديولوجي (45).
وهناك محاولات أخرى في هذا الإطار منها : محاولات أدورنو، وايكلتون، وبورديو، وإليس، ولنتريكيا ..) وقد درست ذلك كتب كثيرة ولا يتسع الميدان لذكرها جميعا (46).