09 فبراير 2015 بقلم
يوسف هريمة قسم:
الدين وقضايا المجتمع الراهنة تحميل الملف حجم الخط
-18
+ للنشر:مقـدمــة
I-دراسة مفاهيميّة
II-حرية الإيمان مدخل لثقافة السلم العالمي
III-دوافع صيانة حرية الإيمان
تظل حرية الإيمان من المظاهر الملتصقة بالظاهرة الإنسانية على مدى هذا التاريخ الطويل، وبعدًا من الأبعاد الأساسية التي سعى الكائن البشري، وما زال إلى تملكها، والتمتع بما تخوله له من حق في ممارسة الطقوس، أو بناء التصورات والمعتقدات والفلسفات حول النفس والغيب والطبيعة. هذه الحرية وهذا العشق إلى الانعتاق من جمود المعتقدات هو ما كان يدفع بالإنسان في فترات مختلفة إلى البحث عن هذا الهدف، في محاولة للإحساس بالحرية بما لا يجعله ممنوعًا أو مكرهًا على ممارسة هذا الحق الطبيعي الذي جاءت الشرائع الدينية لترسخه في المنظومة الفكرية للإنسان، وتجعل من حرية الإيمان فاصلاً بين ممارسة الدين، باعتباره أداة للهداية، وبين ممارسة التسلط، بكونه فصلاً من فصول القبح البشري منذ ظهور فجر الإنسانية الأولى.
وانطلاقًا من الأهمية البالغة لحرية الإيمان أو المعتقد أو الدين، فإن لكل إنسان الحق في اختيار عقيدته، أو ما يدين به من تصورات ومعتقدات، وفق أي منظور ينطلق منه لتطوير حياته، أو يقارب به علاقاته الجدلية مع نفسه ومجتمعه ومحيطه. ولتعزيز هذا الحق الطبيعي جاءت المواثيق والأعراف الدولية لتؤكد على ضرورة الحرية الدينية، وتكفل هذا الحق الشرعي لكافة الناس دون تمييز أو تحيز، ما لم يتجاوز الإنسان بهذا العطاء حقوق الغير، ويخالف القوانين المتعارف عليها. وتزداد حرية الإيمان أهمية في وقتنا المعاصر، والعالم يعرف تحولات كبيرة على جميع مستويات الحياة، بما في ذلك المستوى الثقافي والديني الذي صار مثار تساؤلات وهواجس بسبب الصراع الدائر بين مختلف النظم. هذه التحولات ولّدت أحداثًا وصراعات تأججت بفعل هذا الصدام التاريخي لما هو ديني وعقدي، وكانت سببًا رئيسًا في كثير من الأحيان في إعاقة مسيرة التنمية البشرية لكثير من الدول والجماعات البشرية، وحائلاً أمام التواصل الحضاري والثقافي مع الآخر، بما يمثله من اختلاف عن ما تختزنه ذاكرتنا الدينية والثقافية عن الحقيقة والمطلق.