عماد يوسف قدورة
حاصل على شهادة الماجستير في الدراسات الإستراتيجية عام 1993. يعمل محررًا أول في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. عمل باحثًا ومحررًا أول في عدة مراكز عربية، منها: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية في أبوظبي (1998-2012)، والمركز العلمي للدراسات السياسية (1996-1997)، ومركز دراسات الشرق الأوسط في عمَّان (1994-1996). تركزت خبرته في مجالي البحث والنشر على: تأليف الكتب والدراسات، وكتابة التحليلات والتقارير السياسية، وتطوير أفكار لمشروعات بحثية ومؤتمرات أكاديمية، وتقييم البحوث المقدمة للنشر، وتحرير الكتب والدراسات العربية والمترجمة، وإدارة عملية التحرير. نشر له العديد من الكتب والدراسات، منها: "السياسات الدولية تجاه الشرق الأوسط"؛ و"الانعكاسات السياسية لاتفاق الحكم الذاتي الفلسطيني"؛ و"نحو أمن عربي للبحر الأحمر"؛ و"النموذج التركي: بين قبوله والخشية منه"؛ وقدم أطروحة الماجستير عن "الدور الإستراتيجي الإقليمي لتركيا".
ألِفَت منطقة الشرق الأوسط "العمليات السياسية" بسبب كثرة النزاعات فيها، واهتمت قوى دولية وإقليمية بتدشين تلك العمليات ورعايتها لأسباب عديدة. وإذا كانت عملية السلام المعروفة بين العرب والفلسطينيين من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، من أشهر تلك العمليات وأطولها أمدًا، فقد برزت عمليات سياسية أخرى في المنطقة، لكنها بين مكونات المجتمع الواحد في غير بلد عربي؛ كالعملية السياسية في العراق مثلًا، أو ما يروج حاليًا للعملية السياسية في سورية.
ولأن الإدراك الجمعي العربي تجاه "العملية السياسية" أضحى سلبيًا، بوصف نتائجها - عادة - لا تعبِّر عن الطموحات والآمال المرجوة، فمن المهم فحص ماهية العملية السياسية، وما الذي يسبِّب خيبة الأمل من نتائجها أو حتى الخشية من ولوجها؟ وهل تنشأ عن حاجة أطراف النزاع إليها أم حاجة الدول الراعية ومصالحها وأولوياتها؟ وهل ثمة حسابات يتعين إدراكها ووضعها ميزانًا لـ: قرار الدخول في العملية من عدمه، والانخراط فيها، والخروج منها؟
دخول العملية السياسية: تنافس الأولويات والمصالح
تنشأ العملية السياسية بسبب وجود نزاع مؤثر في طرفين أو أكثر، ولا يستطيع أي طرف حسم هذا النزاع بالوسائل المادية القسرية، ما يشجِّع أو يرغم هذه الأطراف على الدخول في مناقشة موضوع النزاع. وعلى الرغم من الخسائر أو التكاليف البشرية والمادية التي تتكبدها أطراف النزاع، فإنّها تأبى أحيانًا الاحتكام إلى تسوية سياسية تحل الخلاف بسبب تباين المصالح أو الرؤى أو المبادئ أو كلها معًا؛ أو بسبب اقتناع أحد الطرفين أو كليهما بأنّه قادر على حل النزاع بالقوة ومن دون الحاجة إلى تسوية قد تقلّص بعض مكاسبه. ومع تزايد عمق الأزمة وانعكاساتها على دول أخرى، تبرز التساؤلات عن المسؤوليات والالتزامات الدولية للدول الكبرى، بوصفها ضامنة للسلم والأمن الدوليين. لكنّ تدخلات هذه الدول تخضع غالبًا لتقدير مصالحها، فقد تتدخل لصالح أحد الأطراف، ماديًا أو معنويًا، وقد تدعو الأطراف إلى التفاوض أو تجبرها عليه، أو تترك النزاع يأخذ مداه إن كان استنزاف الأطراف يحقق مصلحة أكبر.
ولا يمكن أن تبدأ أي عملية سياسية من دون قرار من طرفيها الرئيسين الدخول فيها. وقد تختلف رؤى الطرفين المتنازعين ومصالحهما عن رؤى الأطراف الراعية ومصالحها؛ فتجارب العمليات السياسية تشير إلى أنّ مصالح الأطراف الراعية تسهم أيضًا في تحريك العملية، وقد تضغط لإدخال الأطراف المتنازعة فيها. ومن هنا، فإنّ تدشين العملية السياسية قد يعبِّر أحيانًا عن أهداف الأطراف الراعية أو مأزقها أكثر منه عن اهتمامها بالنزاع وضحاياه ومصالح أطرافه.
ولعل أهم ما تحتاجه الدول الراعية هو قرار أطراف النزاع بقبول الدخول في العملية، لأنّ مجرد الانخراط فيها يعني أنّ ثمة جهودًا تُبذل لإنهاء النزاع، بغض النظر إن كانت هناك نتائج عملية تلوح في الأفق أم لا. فعلى سبيل المثال سعت الولايات المتحدة الأميركية في تعاملها مع الصراع العربي - الإسرائيلي لإقناع أطرافه بالانخراط في عملية السلام والمفاوضات لـ "تسوية النزاع". وقد تبين بعد مرور ما يزيد على عقدين من الزمن أنّ الإدارات الأميركية المتعاقبة ما فتئت تضع ضمن الخطوط العامة لسياستها المتعلقة بالشرق الأوسط بندًا خاصًا يؤكد على أهمية دفع عملية السلام واستمرار المفاوضات وضرورة انخراط الأطراف فيها لإحراز تقدم، لكنّ ما يجري على أرض الواقع ظل يكرس مصالح الطرف الأقوى في النزاع، ومصالح الدولة الراعية. أما ضحايا النزاع؛ بالمعنى الواسع للضحية، فتزداد معاناتهم كل يوم. إذًا، فمن المهم بالنسبة إلى الأطراف الراعية هو "الانخراط في العملية"، والإغراء هو "إحراز تقدم في المفاوضات" دون تحديد ماهية هذا التقدم ولمصلحة من سيكون. أي يتعين أن تبقى العملية جارية، لتبقى المفاوضات مفتوحة، ولتعفي الدول الراعية الكبرى نفسها من المساءلة الأخلاقية عن عدم تحمّلها مسؤولياتها الدولية. ولعل هذا ما يقارب الحالة السوريّة حاليًا، فأطراف النزاع مدعوة لحضور مؤتمر جنيف الثاني والجلوس إلى طاولة المفاوضات، من أجل "مناقشة" الوضع السوري وربما لـ "إحراز تقدم"!
من هنا، يبرز تنافس الأولويات؛ فإما أن تضع أطراف النزاع التي تعتقد أنّها تعبِّر عن تطلعات شعبية أهدافًا محددة وثوابت أساسية لا يمكن تجاوزها، ومن ثم تعبِّر عن أولوية الشعب الذي تمثله، أو أنّها ستخضع لأولويات الأطراف الراعية التي تعبِّر عن مصالحها. وما لم توضع خطة أو إستراتيجية واضحة لدخول العملية السياسية وتحدد الهدف النهائي منها، فستجد أطراف النزاع نفسها قد انجرت تلقائيًا إلى المشاركة في العملية من دون جاهزية كاملة ولا بدائل أو خيارات. فعادة ما تبدأ العملية نتيجة للاتصالات السياسية المكثفة وتحت تأثير الضغوط الدبلوماسية والسياسية، أو تحت ضغط التحضير لمؤتمر دولي متعلق بالأزمة، وبخاصة مع تلويح الأطراف الراعية بالعقوبات والتكاليف الجسيمة لمن يتخلف عن المشاركة. وبهذا، قد تنجح هذه الأطراف في تركيز الاهتمام على الجهود الدبلوماسية أكثر منه على آثار النزاع المأساوية على أرض الواقع. ومن هنا، يتعين عند الدخول في العملية السياسية تحديد الأهداف الأساسية الكبرى التي من أجلها جرى الدخول فيها، كي يجري الاحتكام إلى هذه الأهداف في جميع مراحل العملية، وإلى مدى تحققها، ومن ثمّ، يمكن تقييم أهمية الاستمرار في العملية في أي مرحلة منها، واتخاذ مواقف بناء على ما تحقق أو لم يتحقق من الأهداف.
وانطلاقًا من تغليب الدول الراعية مصالحها وأولوياتها، فإنّها تسعى عبر سيل الحملات الإعلامية والاتصالات الدبلوماسية إلى حشد التأييد للانخراط في العملية السياسية عبر "الترغيب" باقتناص الفرصة وعدم تضييعها أو "الترهيب" من تبعات فواتها. وبهذا الصدد، فقد أضحت مألوفة في منطقتنا العربية عبارات من قبيل: "ضرورة انتهاز الفرصة"، و"اللحاق بالقطار"، و"عدم تفويت الفرصة التاريخية". وهي "ترغيبات" تطمع إلى جر الأطراف للقبول بدخول العملية أو استئنافها. ويتعين على أطراف النزاع فهم ذلك بطريقة مغايرة بما يخدم مصالحها، فلو لم تكن لها قوة - ولو معنوية - لما رغّبها أحد فيها، ولو لم تكن مشاركتها لها أهمية بالنسبة إلى مصالح الرعاة لما طُلب إليها المشاركة. السؤال الأهم في هذا السياق هو: أين مصلحة القضية موضوع النزاع؟ فإن بدا أنّ شروط التفاوض الأولى تحقق هذه المصلحة؛ فيدرس حينها قرار الدخول فيها بجدية، وإن كانت لا تحقق إلا مصالح الأطراف الراعية أو مصلحة الخصم، فيتعين اتخاذ قرار آخر.
إستراتيجية الخروج
تلجأ الدول عند مواجهة مأزق في عملية سياسية أو حرب أو حتى مفاوضات تجارية، إلى ما يسمى "إستراتيجية الخروج"؛ أي أنّ الخروج من عملية ما أو سياسة أو حرب يحتاج إلى إدارة للمأزق بطريقة ومنهج منظمين، بحيث تتم المحافظة على المكتسبات التي تحققت، وتُقلَّل الخسائر المتوقعة، وتُحفَظ الهيبة والاحترام، وتبقى على جاهزية لمواجهة التحديات، فلا تُفقدها هذه العملية ثوابتها أو السند الشعبي أو تُسبِّب إحراجها.
من أجل ذلك يتعين وضع نهاية مفترضة لهذه العملية كما جرى وضع بداية لها، من خلال إستراتيجية أو معايير يقرَّر على أساسها الاستمرار في العملية أو الانسحاب والخروج منها؛ كي لا تتحول العملية ذاتها إلى هدف وغاية، وكي يستطيع الطرف المنسحب تحمّل تكاليف الخروج.
إنّ الدخول في معترك التفاوض لا يعني بالضرورة التخلي عن أدوات النزاع الأخرى التي تشكِّل عنصر قوة وضغط دائمين - كدعم الجهد العسكري وتحقيق إنجازات على الأرض مثلًا - والتي تحفظ لأطراف النزاع إمكانية اللجوء إلى خيار الخروج. وثمة أمثلة عديدة على ذلك منها: أن الولايات المتحدة في حرب استقلالها كانت تفاوض البريطانيين في الوقت الذي كانت تقاتل في الجبهات. وقد أتقنت الحركة الشعبية في السودان هذه اللعبة حين كانت تفاوض الحكومة في الوقت الذي كانت فيه جبهات القتال مشتعلة دون توقف، وكذلك فعلت الحكومة السودانية. وفضلًا عن ذلك، احتفظت تلك الحركة بقواتها وجاهزيتها العسكرية حتى وهي مشاركة في الحكم أيضًا، وتحسّبت لنتيجة العملية السياسية التي قد تسفر عن انفصال الجنوب، وهو ما حصل، ومن ثمّ احتفظت بجيش جاهز لحماية خيار الانفصال.
تعد إستراتيجية الخروج أداة لتخلص طرف ما من وضعه غير المريح أو غير المفضل عندما تبدأ أهدافه أو شعبيته بالتآكل. وفي العادة، يقع الطرف الذي ليس لديه مثل هذه الإستراتيجية في ورطة أو مستنقع أو ما يمكن تسميته بـ "مأزق الوسط" الذي لا يستطيع فيه المرء التخلي عما بدأه ولا الوصول للنتائج المرجوة. إنّ إستراتيجية الخروج الواضحة والمبرمجة تحفظ في أسوأ الحالات ماء الوجه، وفي أفضلها تحقق انسحابًا يكون فيه وضع المنسحب أفضل من وضعه لو استمر في العملية السياسية أو العسكرية.
من العوامل المهمة في إنجاح عملية التفاوض والتحكم بمجرياتها واتخاذ القرارات الصائبة فيها، اختيار مفاوضين يستندون إلى دعم شعبي، ويحظون بالاحترام والمصداقية، ويقدمون مصالح القضية على مصالحهم الشخصية. وما دام هؤلاء السياسيون المفاوضون ملتزمين بأولوية الأجندة الوطنية، فهم قادرون على اتخاذ قرار الخروج من العملية السياسية إن كانت التطورات أو الرأي العام يقتضي ذلك. لكنّ السياسيين معرضون لإغراء المصالح الشخصية والانتهازية، فمما يؤخذ على السياسيين عادة أنّهم انتهازيون لأنّهم يسعون لانتهاز الفرص السياسية. إنّ انتهاز الفرص ليس عيبًا سياسيًا بذاته إذا كانت الأهداف الإستراتيجية واضحة، وطرق تحقيق هذه الأهداف بيّنة، وإذا أقيمت علاقة دائمة ومتواصلة بين الفرص والوسائل المستخدمة والأهداف النهائية، بحيث يؤدي كل منها للأخرى. بل تأتي الدلالة السلبية للانتهازية من تضمّنها إمكانية التخلي عن أو المساومة على المبادئ، وإيلاء أهمية للمصالح الشخصية الآنية على حساب المصلحة العامة. ولذلك، فالسلوك الانتهازي يعرف عادة بأنه "غير مبدئي"؛ وينتج هذا السلوك إما عن عدم توافر السوّية الأخلاقية في السياسي أصلًا، أو عن تغيّر حاله بعد أن يخرج من حالة التفاني والتضحية في الدفاع عن القضية التي يمثلها إلى حالة أخرى تصبح معها الوسائل أهدافًا بذاتها، بما يؤدي إلى تجاهل المبادئ أو الأهداف النهائية أو النظر إليها على أنّها أهداف غير واقعية. ولعل انهماك السياسي في اللقاءات والاتصالات الدبلوماسية وربما الإطراء عليه بالألقاب وترويج ذلك إعلاميًا، هي من مغريات تحوّل السياسي المفاوض من الدفاع عن القضية موضوع النزاع إلى التمركز حول الذات ومنافعها. ومع توافر إمكانية صوغ المبادئ السياسية عبر التلاعب بالألفاظ والمصطلحات أو تفسيرها بطرق مختلفة، فهناك مساحة يمكن من خلالها انتهاز الفرصة بما يخدم مصالح الانتهازي، دون اعترافه بالتخلي عن المبادئ.
"تحريك" العملية السياسية في سورية
وإذا ما انتقلنا من العام إلى الخاص، أي إلى التطبيق على حالة راهنة، نجد أنّ ثمة من ساهم في إفشال وصول الثورة السوريّة إلى الأهداف التي قامت من أجلها؛ فتحقيق تلك الأهداف بسرعة نسبية - كحالة الثورة الليبية - كان يعني تجنيب سورية الدمار الحاصل الذي قوّض أركان الدولة والمجتمع، كما يعني ولوج السوريين في مناقشة مصيرهم بأيديهم وبما يعبِّر عن تطلعاتهم؛ أي الوصول إلى مجتمع ديمقراطي تعددي ودولة قادرة بما تختزنه من قدرات إستراتيجية كامنة. إنّ إطالة أمد الحرب والتدمير، ربما حقق أهداف دول عالمية وإقليمية عديدة على صعيدين: الأول حرمان سورية من إمكانية النهوض والتحول إلى قوة إقليمية قادرة، والثاني فرض عملية سياسية تنطوي على تناقضات واختلافات ليست بين طرفي النزاع فحسب، بل حتى بين أطراف المعارضة السوريّة أيضًا، بما يؤدي إلى تحويل التركيز الإعلامي والسياسي من مجريات النزاع وضحاياه وآثاره الكارثية، إلى لقاءات واتصالات ومؤتمرات وتصريحات تبرز "الدور المهم" الذي تقوم به الأطراف الراعية، وبما يعفيها من تحمّل مسؤولياتها الأخلاقية (كما فعلت في كوسوفا وليبيا مثلًا).
ولعل المواقف والتصريحات التالية
* (للقوى الغربية تحديدًا) والتي تأتي في سياق التحضير لمؤتمر جنيف الثاني بشأن الأزمة السوريّة، توضح هدفه وغايته، فقد أقر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بوجود "غموض" بشأن مؤتمر جنيف الثاني، وأكد أنّه لا يتضمن دعوة للأسد للاستقالة قبل بدء المؤتمر. أما الرئيس الأميركي باراك أوباما، فقد ذهب إلى ضرورة "تعزيز الجناح المعتدل في المعارضة والاستعداد لسوريا ديمقراطية من دون بشار الأسد"، ودعا موسكو إلى تغيير موقفها من أزمة سورية من أجل "تسوية المشكلة بطريقة تفضي إلى النتيجة التي نرغب فيها على المدى الطويل". وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون واضحًا حين أقر بأنّ روسيا والولايات المتحدة اتفقتا على "تحريك عملية جنيف" للتوصل إلى "عملية انتقالية سياسية" في سورية، "قبل أن تتحول أسوأ المخاوف إلى واقع".
يظهر من مجمل هذه التصريحات أنّ السوريين مدعوون إلى الانخراط في عملية سياسية تلبي حاجات الدول الكبرى وتوصل إلى "النتيجة التي ترغب فيها"، وأن مسار العملية يكتنفه "الغموض"، وأنّ هناك ضرورة لتعزيز "الاعتدال" في المعارضة، وأنّ المهم هو "تحريك العملية"، من أجل "انتقال سياسي"، وإن لم يُستجَب للدعوة فثمة مزيد من المعاناة تنتظر السوريين بما يفوق معاناتهم وواقعهم الراهن. كما توضح هذه المواقف أنّ المفاوضات قد لا تسفر عن أمور حاسمة، فكل شيء خاضع للتفاوض. وبهذا الصدد، كان الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي صريحًا عندما أجاب عن سؤال بشأن وجود ضمانات روسية بإقصاء الأسد بنهاية الفترة الانتقالية، فقال "لا توجد ضمانات ولم أسمع عنها".
وفي مسعى الطرف الرئيس في المعارضة السوريّة للتعامل مع مأزق الدخول في عملية سياسية، يبدو أنّه فضّل من حيث المبدأ "الترحيب بجميع المبادرات التي تهدف إلى إيجاد حل سياسي", وفي الوقت نفسه حاول مقاومة ما تحاول الدول الراعية فرضه مسبقًا بوضع محددات يمكن الاحتكام إليها قبل الانخراط في العملية أو أثناءها، فقد عبَّر جورج صبرة رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السوريّة بالإنابة بأنّ "الهيئة السياسية للائتلاف قدّمت محددات تلتزم بها بأي مبادرة سياسية, سواء كانت صادرة عن الائتلاف أو يريد الائتلاف أن يستجيب لها, وعلى رأس هذه المحددات وقف أعمال العنف ورحيل بشار الأسد". فهل تقوى المعارضة على فرض هذه المحددات والشروط والمحافظة عليها؟ وهل تستطيع اللجوء إلى خيار الخروج من العملية، وتحمّل تكاليف هذا الخيار إن لم تلبِ هذه العملية أهدافها؟