قد تكون الثقافة امتدادا الى كل الاعتبارات التي نؤمن بها من حيث نعلم او من حيث لا نعلم ،وحين تلتقي الثقافات عند  احد الإعلام الذين يدركون ما هو أصل الفكر وما هو أصل الكلمة وما هو أصل الأنواع التي يقصدها الفلاسفة ،قد يصل او يكون هذا المثقف ايضا فيلسوفا يقدر ان تعتلي ناصية القول ليعلو بصوته المرهف ان الأشياء لها بدايات ولها نهايات ولكن كيف ومتى.
من خلال هذا المدخل تحدث لنا المفكر والباحث غالب الشابندر عن (الجسد في النصوص الفلسفية والدينية والعلمية)  بملتقى الخميس الإبداعي في اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين وادار الجلسة الشاعر محمد درويش علي. وقال الشابندر في بداية حديثه  مشيرا إلى أهمية  موضوع الجسد  الذي يدخل  في خانة التابو في عالمنا الثالث ،فالجسد موضوع شيق  لأن الجسد اليوم هو محور الكون كله ،بل هو محور العلوم كلها وليست العلوم ذات الطابع الاعتباري التي تنتسب الى علم الاجتماع وعلم النفس وعلم الانثربولوجي وإنما حث العلوم ذات الاتجاه الطبيعي ،من الذي ينكر ان التشريح  الذي هو احد  العناصر وهو علم معروف الا ان موضوعه الأساسي هو الجسد؟، ومن ينكر ان الطب هو علم رئيس في تطور  الفكر البشري وتطور الحضارة وموضوعه الأساسي هو البدن الإنساني ؟ومن  ينكر حتى الاقتصاد الذي يعتبرهو علم متقدم في خانة العلوم الاعتبارية اصبح موضوعه هو الإنسان؟، ان الفلسفة الحديثة ابتداءً  من ثورة – نيتشه – الى الان أصبح الجسد موضوعاً رئيساً وجوهرياً، بل الغريب ان هذا الجسد دخل في نظرية المعرفة التي تعتبر الجزء الحيوي في مدرسة الفلسفة الكلاسيكية.
وأضاف  الشابندر :الجسد  هذا العالم الكبير او هذا العالم الضخم، يجب ان نحدد ماذا نريد بهذه الكلمة ،قد يتبادر إلى الذهن ان الجسد هو أعضاء الجسم الإنساني او هذا الجسم الإنساني ذو الأبعاد الثلاثة او الأربعة قد يتصور ان الجسد هو هذه الأعضاء التي هي وسيلتنا في الاتصال مابين العالم والمخ، مابين العالم الخارجي وذهننا.. الجواب لا ،فالجسد عندما يطرح في الفلسفة المعاصرة وحتى عندما يطرح في الفلسفات القديمة ،هو تلك العلاقات الغامضة، والعلاقات البديهية في نفس الوقت مابين أعضاء التكوين البشري وهذا الجسم الذي يتكون من هذه الأعضاء ،تنبثق منه علاقات هائلة ،علاقات لا يمكن المسك بها ،علاقات أحيانا تتحكم بنا ،علاقات لا يمكن للأدب ان يصفها بدقتها ولا يمكن للعلوم ان تتمكن منها الى حد كبير وهذه العلاقات تمردت على الرقم وهذه العلاقات تمردت على منطق ارسطو وهذه العلاقات تمردت حتى على المنطق الرياضي وحتى على علم منطق النفس الذي له اهتمام كبير في هذا الموضوع، بما فيه التحليل النفسي –ليسكموند فرويد – ماذا تقول الفلسفة اليونانية نبدأ منها لأنها هي نقطة بداية في كثير من البحوث والدراسات التي تتعرض للجسد والعقل والمعرفة؟ ،ماذا تقول هذه الفلسفة عن الجسد؟ اول ما نلتقي به فلسفة سقراط الحكيم ،وابتداءً بسقراط هو علامة فارقة في التفكير الانساني  لانه استطاع بجدارة ان ينقل  العلوم الفلسفية من فلسفة الوجود الى فلسفة الاخلاق ثم الى فلسفة الحكمة ،هذا الرجل رفع شعاراً مهماً إلا وهو التدريب على الموت ،ان مهمة الفيلسوف هو الذي يدرب الاخر على الموت ،بعد ان يدرب نفسه على الموت ،ويقصد بذلك انه يوجه  سهام نقده الى   الجسم ،ويوجه سهام نقده  الى الجسد ،لأنه ينطلق من اولوية اساسية في كل تصوره الاخلاقي وفي كل فلسفته الحكمية – ان الاصل للنفس – وان الاصل الروح – وان الجسد هو ظاهرة او تجل ٍ للروح – وهو آلة الروح – وهو آلة النفس – ويقول هذا الفيلسوف الحكيم – ان الجسد عرضة لما يسمى بالكون والفساد، او ما يسمى بلغة الكندي – الايس والليس – على اعتبار ان الايس هو الوجود في المعنى اللغوي الكبير – والليس هو العدم – او ما يسمى بعد ذلك بلغة ابن رشد واصبح مصطلحاً سائداً هو الكون والفساد، وباعتبار ان موضوع العلم هو - الثابت القار – وليس هو المتغير وليس هو المتحول ،وبما ان الجسد قابل للتغير والتحول فهو لايستحق ان يكون موضوعا للتأمل ،ولا يستحق ان يكون موضوعا للمعرفة.
 
[th]< السابق [/th][th]التالي >[/th]