مللت من كل ما حولي وقررت أن أنتحر.خمسة أعوام من الفاقة والفقر
تكفيني.خمسون عاما من الشقاء عقوبة الهية كافية،وحدة قاتلة تمرمر روحي
أصابتني بالسأم من كل شيء.لهذا قررت الانتحار وأنا مدرك أنني سأموت كحشرة
تافهة لن ينتبه الى اختفائها أحد في هذا الكون.من المؤكد أن جثتي ستتعفن
وعندئذ سينتبه أحد الى وجودي وقد لا ينتبهون الا بعد مرور سنوات عدة.لم
يزرني أحد منذ أربع سنوات،حتى أولادي طفشوا من جحري هذا ولم أعد أعرف عنهم
شيئا،ومطلقتي منذ أن \"خبطت \"الباب وهي مهرولة منذ ستة سنوات باتت ذكرى من
العالم الاخر.أما جيراني فهم بالكاد يستطيعون تمييزي واذا التقيت أحدهم
صدفة في المصعد أو الدرج يدير رأسه الى الجهة الأخرى ولا يرد ألسلام.لهذا
سأنتحر ما دمت قد بت عددا زائدا في هذا الكون.
جلست أفكر في طريقة الانتحار،وهل أنتحر بصمت أم بضوضاء أجبر الاخرين على
الانتباه لوجودي ولو لمرة واحدة أخيرة.حملت كرسيا خشبيا مهترءا اكل السوس
خشبه حتى مل منه فتركه عله يسقط من ذاته.حملته وخرجت الى الشرفة وجلست أفكر
في انتحاري.بيتي في الطابق الثاني والشارع أسفلي مكتظ بالمارة،فالجميع
يستعد لعيد الهالوين القادم بعد عشرة أيام.نظرت الى البيوت في الجهة الاخرى
من الشارع ،كانت امرأة شابة منهمكة في اخراج يقطينة ضخمة بداخلها ضوء أحمر
استعدادا للاحتفال،أسفلها كان بعض الصبية قد ارتدوا ملابسا تنكرية وخرجوا
الى الشرفة لاخافة المارة.لمحت رجلا عجوز يزين هيكلا عظميا على سلم وشابا
يحمل أضواءا عدة لتعليقها على طول نوافذ منزله.أثار انتباهي عاشقين في
العمارة المقابلة لي وقفا يتبادلان القبل ويضحكان بشدة على شيئا ما
يحملانه،حين دققت النظر كانا يلهوان بجمجمة انسان ويحاولان تعليقها على
عصاة خشبية.وفوقهما كانت شرفة المرأة الحيزبون قد امتلأت بالافاعي
والخفافيش.أما في الأسفل فقد كان المخبز قد أخرج لوحا ضخما علق عليه خبزا
وكعكا بأشكال مختلفة،منها ما يشبه هيكلا عظميا أو يقطينة أو شبحا أو
وطواطا....أما بائع اللحم فلم ينس أن يعلق على باب محله صورا لدراكولا
وفرانكشتين......ويكملها برؤوس أبقار وأغنام وخنازير من اللعب.
الإثنين يونيو 07, 2010 5:19 pm من طرف سبينوزا