الرجل الطائر
كنت في قرطبة. بدا لي
حشد من الناس تشرئب أعناقهم نحو الأعلى. خرقت فلولهم وتقدمتهم. وإذا بي
أرى رجلا على شاكلة طير ملتحفا بالريش. بادية عليه نزوة الطيش. نبتت على
جنبيه أجنحة من الخيش. واقفا على شفا جرف. هالني ما رأيت. دنوت أكثر. فإذا
بي استكنه ملامحه. فوجدته صديقي عباس بن فرناس. تيقنت أنه ماض فيما هو عاقد
العزم عليه. فقلت على سبيل إثارته:
- يا عباس، ألا تعلم أن
الله إذا أراد هلاك نملة انبتَ لها جناحين.
قال ساخرا:
- يا عرة الأقوام، لن
تستطيعوا أن تجنحوا بغير جناح. هكذا، هكذا..
تراجع بعض الخطوات إلى
الوراء. هز كتفيه بقوة. سرعان ما طار. اخترق الجو. سما في الأفق حتى ذاب
فيه متباعدا. فإلى يومنا هذا كلما سمعت أزيزا في السماء إلا ورأيته هناك
محلقا، بجناحيه مصفقا
الأحد مايو 23, 2010 2:12 pm من طرف هشام مزيان