برغم انحرافه العقدي والشرعي.. كان "
نزار قباني"
شاعرًا حداثيًّا، وكان ما أدخَلَه على القصيدة العربية من تطويرٍ واضحًا
بيِّنًا، لقد امتلك الرجل مقدرةً كبيرة على تطويع اللغة، وكان في الوقت
نفسِه ذا حَدْسٍ قويٍّ في قراءة أفكار الناس، والنَّفاذ إلى شَغاف أفئدتهم.
وعلى الرغم من حداثة "
نزار"
العارِمة، لا تشعر وأنت تقرأ له - على كثْرة ما يصدمُك في شعره، ويستَفزُّ
أعصابك - أنَّه يُلْغِي أذُنَك العربيَّة، أو ذاكرتَك العربيَّة، أو
ذائقتَك العربية، بل هو يُحافِظ على ذلك كلِّه.
إنَّ "
نزارًا"
شاعرٌ يعدُّ من أكبر الحداثيِّين العرَب في هذا العصر، وكان دائمًا
يستَعدِي عند القارئ - مهما كان موقعه - ما أَلِفَه من أفكارٍ وأشكال
فنيةٍ، ولكنَّ المعادلةَ التي نجَح في تأكيدها هي إمكانيَّة التجديد، من
غير نكران الهُويَّة وانتباذ التُّراث.
لَم يفهم "
نزار" الحداثة ذلك الفَهْم السَّقيم الذي وقر في أذهان طائفة من القوم،
من أنَّها انقِطاعٌ عن التاريخ، وتبَرُّؤ من الذات؛ ولذلك نسمعه يقول:
"
إذا كانت طائفةُ الحداثيِّين تريدُ أن تبيعَ مكتبة جَدِّي، وعباءة أبي، وغِطاء صلاة أُمِّي ومِسبحتها، وثوبَ زفافها، بالمزاد العلنِي -
فلا.
وإذا كانت تريد أن تقطعَ شجرة عائلتي، وتُلغِيَ ذاكرتي، أو تَسرِق جَواز سفري -
فلا.
وإذا كانت تريدُ أن تجرِّدني من مِعطَفي وملابسي الداخليَّة، وتتركني عاريًا على قارعة الرَّصيف -
فلا.
وإذا كانت تريدُ
أن تحرقَ كلَّ الكراسات المدرسيَّة التي كتبتُ عليها في طفولتي قواعدَ
الصَّرف والنحو، ومَحفوظاتي من الشِّعر الجاهليِّ والأموي والعبَّاسي -
فلا.
وإذا كانت تريدُ أن تأخذَ منِّي لون عيوني، وطولَ قامتي، وفصيلة دمي -
فلا"[1].
وأمَّا إذ كانت الحداثةُ - بتشبيه "
نزار" - زهرةً جديدة في بستان التُّراث، فأهلاً بِها، يقول: "
إذا كانت تريد
أن تزرعَ وردةً غريبة اللَّون والرائحة في بُستان الشِّعر، فأهلاً وسهلاً
بِها، وإذا كانت تريد أن تُعلِّق لوحةً جديدةً على حائط مَنزلي،
فيا مرحبًا"[2].
إنَّ حداثة "
نزار" هذه التي لا تلغي الأذنَ العربيَّة، ولا تتعالى عليها، ولكنَّها تُحاول تلوينها بأنغامٍ جديدة؛ هي التي بوَّأتْه هذه المنزلة.
لقد استطاع هذا الشاعرُ أن
يُقيمَ معادلة متوازنة منضبطة بين الثَّورة على الشكل الشِّعري المتوارَث،
وبين ما تعوَّدَتْه الأذنُ العربية من أصالة النَّغَم وجَمال الإيقاع.
إنَّ "
نزارًا"
كان يُدرِك أنَّ كلَّ تجديد لا تحرسه ضوابطُ وقيودٌ من التُّراث والتاريخ،
وليس له - بتعبيره - قضبان يَمْشي عليها كما يَمشي القطار حتَّى يبلغَ
غايته - هو عُرْضة للسُّقوط في شَرَك الانقطاع عن الجماهير، وكان هذا
الشاعر شديدَ الإيمان بضرورة هذا التَّواصل وعُمْقِه، إنَّه حريصٌ أن يدخلَ
شعرُه كلَّ بيت، وأن يَلِجَ إلى كلِّ أذن، لم يُقِم بينه وبين الناس
جدارًا من الصَّلَف والتعالي.
قرأتُ ذات مرَّة أنه غيَّر كلمة
في قصيدة له؛ لأنَّ طفلاً لم يفهَمها، وكان يقول: "كتَبْنا - ويشهد
ملايينُ القُرَّاء العرَب بذلك - بلغةٍ قادرة على الاختراق، وقادرة على
التَّحريض"[3].
بين حَداثة الشَّكل وحداثة المضمون:وإذا كان "
نزار"
قد اشتطَّ عند الإبداع في حَداثة المضمون، فكانت تأخُذُه في أحيانٍ غيْر
قليلة حُمَّى القول، وتستفزُّه شياطينُ الحماسة، فيندَفِع على غير هُدًى
مُستَهِينًا بكثير من الثوابت العقيدية والقِيَم الدِّينية والأخلاق
الاجتماعيَّة، مأخوذًا بقول "أوجين أونسكو": "كلُّ أدبٍ جديد هو عدائي"[4]، وإذا كان على عادة مَن وصفَهُم الذِّكرُ الحكيم بأنَّهم ﴿
فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ ﴾ [الشعراء: 225]...
أقول: إذا كان الرَّجلُ في حداثة المضمون جانحًا عن الصراط غيرَ متَّزِن، فإنه في حداثة الشَّكل كان أكثر انضِباطًا ووَعْيًا.
وأحسب أنَّ تلك الحَملة العنيفة التي شنَّها "
نزارٌ"
على الحداثة إنَّما كانت - في أغلبها - منصَرِفة إلى جانب الشَّكل، ولا
سيَّما ما آلتْ إليه من وَضْع مُزْرٍ عند طائفة من أصحاب الغموض
والشكلانيَّة الفارغة.
شنَّ "
نزار قباني" على هؤلاء هجومًا عنيفًا جِدًّا،
ولست أعرف - على كثْرة ما قرأْتُ - ناقدًا أو أديبًا كان أقسى على الحداثيِّين، وأكثرَ سخريةً وهزءًا بِهم من "نزار"؛ فهو مَرَّة يسميهم "
الأقليات الشِّعرية"، ومرة يسميهم "
ميلشيات الحداثة"، ومرة "
شرطة الحداثة"، ومرة "
اللوبي"... وغير ذلك من ألقاب تُشْعر بالاحتقار والانتقاص؛ لما تُمارِسه هذه الطائفة من إفسادٍ وتدمير في حركة الشعر العربي المعاصر.
ولو رحتُ أسوقُ ما قالَه "
نزار" في هؤلاء القوم، لطالَ المقام، واستنفدْتُ صفحاتٍ طُوالاً، ولكني أُلَخِّص في عجالةٍ
أبرزَ مآخِذ الرجل على هذه الحداثة المفسدة المدمِّرة:
1- تخريب التراث واغتيال نِظام الشعر:يقول نزار:
"
مَن هو المسؤول عن
تلك الغوغائيَّة الشعريَّة التي تسودُ الشارعَ الثقافي العربي، والتي
حطَّمت مصابيح الطُّرقات وإشارات المُرور، واقتلعت حجارةَ الأرصفة، وأضرَمت
النار في المتاحف، والمكتبات والحدائق العامَّة؟
مَن هو المسؤول عن هذا التخريب المدروس والمتعمَّد لكلِّ ما هو جَميل ولَمَّاح ومرتفع وحضاريٌّ في شِعْرنا، وتكريس حُكْم الفَوضى والإرهاب؟
المسؤول هو هذه الأقلية التي جاءَتْ من الفراغ والعدم واللاَّشيء؛ لِتُدخلنا في دُوَّامة الفَراغ والعدم واللاشيئيَّة.
المسؤول هو ميلشيات الحداثة
التي دخَلتْ إلى المدينة لتُقِيمَ حُكم الفَوضى، وتعملَ فيها سلبًا ونَهبًا
واغتيالاً، وتُطلِقَ النار على سنابل القمح، وضوء القمر، وعناوين الكتب،
وثِياب تلميذات المدارس.
بعدَ أكثر من خمسةَ عشرَ قرنًا على مِيلاد القصيدة العربيَّة تُحاصِرُ "
شرطة الحداثة" بيتَها، وتصادر مُمتلكاتِها، وتختم بابَها بالشمع الأحمر، وتأخذها بثياب النَّوم إلى ملجأ العجَزَة.
بعدَ أكثَر من خمسةَ عشرَ قرنًا
تَخرُج من أحد المقاهي مظاهرةٌ تتألَّف من بضعة عشر شخصًا عاطلين عن
العمل، يُطالِبون بتغيير النِّظام الشعريِّ القديم، واستلام
الميليشياويِّين مقاليدَ السُّلطة"[5].
ويقول كذلك:"ولكنَّني كشاعرٍ له تجرِبةٌ طويلةٌ في كِتابة الشعر وفي قراءته؛
لا
أستطِيعُ إلا أن أشعرَ بالقلق أمامَ هذه الظاهرة التي تريدُ باسْمِ
الحداثة أن تفصلَ ذاكرتَنا الشعريَّة نِهائيًّا، وتَقتُلَ في داخِلنا جَميع
أساتذتنا ومُعلِّمينا، وتُدخِلنا في "هولوكوست" لُغَوي، كلُّ داخلٍ إليه مفقودٌ، وكلُّ خارج منه مولود"[6].
ويقول أيضًا:"هذا اللوبي - وأرجو أن
تَغفِروا لي صراحتِي - ليس سوى تَجمُّعٍ سرِّي، مهنتُه تلويثُ البيئة،
وتَحطيم البِنْية التحتيَّة للشعر العربي"[7].
2- إفساد اللُّغة والإيقاع:يقول "
نزار قباني" في مقالٍ عنوانه "
الحداثة والاغتصاب": "
الشِّعر الحديث هو عمليَّة اغتصاب علَنيَّة تَجرِي في الشارع العام، وفي وضَح النهار؛
اغتصابٌ ثقافي يَسْتهدف كلَّ العابرين من رجالٍ ونساء وأطفال، اغتصابٌ
كبيرٌ لا يُمكن إصلاحُه أو ترميمه أو تعويضه، وهو أن نَغْتصبَ من إنسانٍ
اللُّغةَ التي يتكلم بِها، وتاريخَه الذي يسكن فيه، وذاكرتَه التي يَخْتزن
فيها طفولتَه وشبابه، وكُهولته وثقافته الَّتِي تشكَّلت على مرِّ السِّنين
صفحةً صفحة، وقطرة قطرة، ماذا يَبقَى من الإنسان حين نأخذُ منه لُغَته،
ونقطع لِسانه، ونتركه يَعوِي في الشارع كحيوان جريح؟!
الشِّعر الحديث هو مُجرَّد كلامٍ مَصْفوف على الكمبيوتر، لا يَشعر به القرَّاء، ولا مفاتيحُ الكمبيوتر، ولا شاشةُ الكمبيوتر! والشِّعر الجديد يُحاوِل أن
يقتصدَ في كلِّ شيء؛ في الحِبْر، وفي الورق، وفي الوزن، وفي النَّحو، وفي
الصرف، وفي قواعد اللُّغة العربيَّة، بِحَيثُ تَخرُج من الوليمة وأنت
مُصابٌ بفقر الدَّم، وفقر الشِّعر، وفقر الإيقاع.
ويقول في بيان مكانة اللُّغة وسعْي الحداثيِّين إلى تَدمِيرها:"اللُّغة مثل الشُّعَب
الْمَرجانيَّة، تَغُوص عميقًا تَحْت سَطح البحر، وتحت سطح العصور، وكلُّ
مُحاولة لاقتلاعها تُشكِّل خطرًا على المراكب وعلى الغوَّاصين جَميعًا.
لذلك؛ يبدو الحديثُ الذي نسمَعُه عن "
تفجير اللُّغة"
حديثًا ساذجًا وافتراضيًّا؛ لأنَّ الإنسان المثقَّف لا يُقْدم على تفجير
نفسه بدعوى أنَّه تَعِبَ من قفَصه الصَّدري أو من عموده الفقري"[8].
وقال في موضعٍ آخر:
"إنَّ الفخَّ الخطيرَ الذي
وقعَتْ فيه حركةُ الحداثة هو اعتقادها أنَّ موسيقا الشِّعر هو نظامٌ
استعماري قديم، لا بُدَّ من الانقلاب عليه"[9].
وكان "
نزار" واثقًا بقُدرة اللغة العربيَّة على الإبداع والعطاء، ولكنَّها تحتاج إلى اليد الماهرة الصَّنَاع؛ ولذلك نسمعه يقول:
"
إنَّني واثقٌ أنَّ اللغة العربيَّة هي منجمٌ من مناجم الذَّهَب،
وبإمكاننا أن نصنَعَ فيها آلاف الحليِّ الذهبيَّة، والخواتم والأساور
والأقراط التي تُبهِر العين، وتُبهِر القلب، إنَّ الذهب موجود دائمًا في
تراب اللغة، ولكنَّه ينتظر الصَّاغة الماهرين الذين يَعرِفون أن يُذيبوه
على نار موهبتهم"[10].
3- انقطاع التواصُل مع الجمهور:تحدَّث "
نزار قباني"
طويلاً عن القطيعة الواقعة بين شعر الحداثة والجماهير العربيَّة، وحَمَّل
الشُّعَراء وِزْرَ هذه القطيعة؛ لأنَّهم تعالَوْا على هذا الجمهور،
وانصرَفُوا عن هُمومه وأشجانه.
يقول "
نزار" في مقالٍ عنوانه "
الحداثة والأقليَّات الشِّعرية":
"هذا الشعر الذي تكتبه "
الأقليات الشعرية"
في العالَم العربي، ماذا يُرِيد أن يقول؟ ومع مَن يتكلم؟ وإلى أيِّ شريحة
اجتماعية يتوجَّه بِخِطابه؟ إنَّ تاريخ الشِّعر العربي منذ العصر الجاهلي
حتَّى يومنا هذا إنما كان شعرَ "
الأكثريَّة الساحقة" التي تَسمَع هذا الشعر، وتحتفل به، وتغنِّيه، وتَرْويه، وتكتبُه بِماء الذهب على جُدران الكعبة،
أمَّا
في زماننا هذا فقد فقَدَ الشعرُ وظيفته الرَّسْمية كناطقٍ باسم الشَّعب
العربي، فقدَ شعبيَّته الساحقة، وفقدَ أصوات الناخبين، وفقد سلطتَه كحاكم
مُطلَق على وجدان الأُمَّة، والمسؤول هو هذه الأقليَّة التي جاءتْ من الفراغ والعدم واللاشيء..".
ويقول عن عدم نَفاذ الشِّعر الحديث إلى وجدان الناس:"
لَم تستطع كلُّ الكتابات الحداثيَّة أن تُحرِّك حجَرًا من مكانه، أو تعَضَّ على أصابع أيِّ جلاد، أو تنقذ أيَّة امرأة من أسنان (
شهريار)!
كلُّ معارك الحداثيين دارت حول فنجان قَهْوة، وانتهتْ حول فنجان قهوة،
كلُّ دعاواهم في تحرير اللُّغة من اللغة، والكتابة من الكتابة، والشِّعر من
الشعر - لم تستطع أن تزحزحَ هَمزةً من فوق كرسيِّها، أو تَقطعَ شَعرةً من
ذقن أبي تَمَّام، أو تُغيِّر سنتمترًا واحدًا في الذَّائقة العربية".
وعن الجدار الصَّفِيق القائم بين الشِّعر الحديث والجمهور، يقول "
نزار":
"
أزْمَة الشاعر العربي الحديث أنَّه أضاعَ عنوانَ الجمهور؛ فهو يقفُ في قارَّة، والناس يقفون في قارَّة ثانيةٍ،
وبينهما بِحارٌ من التعالي والصَّلافة وعُقَد العظَمة، لِماذا يُعِيد
مُوزِّع البريد قصائدَ أكثر شعرائنا إليهم؟ لأنَّهم نَسُوا عنوان الشَّعب
أو تناسَوه.."[11].
4- الغموض:وهو في رأي "
نزار"
أحدُ الأسباب الكُبْرى لانعِدام التواصُل بين الشاعر الحديث والجمهور،
وإنَّ اللغة لا يُمكن أن تصلَ إلى الناس، وتُخاطِبَ مدارِكَهم وأحاسيسَهم
إلاَّ إذا مرَّت عبْر القَنوات الصحيحة التي تُشكِّل دلالاتها.
يقول "
نزار":
"
إنَّ شعراء الحداثة نفَوْا أنفسهم خارج أسوار اللُّغة،
إنَّ اللغة مثلُ كلِّ خُطوط المواصلات، تتطلَّب أن يكونَ هنالك بشَرٌ
يُسافرون ويعودون، ويتلاقَوْن ويفترقون، ويتحاوَرُون ويتفاهَمون، وكما
أنَّه ليس ثَمَّة (
أوتوسترادات)
لِمُرور شخص واحدٍ، فليس هناك لغةٌ تنشأ ليستعملها شخصٌ واحد، ولكنَّ
الشِّعر الحديث - أو أكثره - لا يَعتَرِف بِمَنطق نشوء اللُّغات، ولا بمنطق
شَقِّ (
الأتوسترادات)
وأنا
أتَّهِم عددًا كبيرًا من شعراء الحداثة - وهم في غالبيتهم يَساريُّون
واشتراكِيُّون وتقدُّميُّون - بِمُمارسة إقطاعٍ شعري على الشَّعب العربِي،
لا يختلف عن الإقطاع الثَّقافي والفكري الذي كان يُمارسه النُّبَلاء في
العصور الوسطى"[12].
ويقول في موضع آخَرَ:
"إنَّنا لَم نُحارِب كشعراء
الحداثة بالنظَّارات، ولم نُمارس ثورتنا في المقاهي، ولَم نكتب كلامًا
عَجِيبًا رخوًا لا يمكن قراءتُه من اليمين إلى الشمال، ولا من الشمال إلى
اليمين، ولا من فوق إلى تحت على الطريقة الصِّينية"[13].
ويقول كذلك:
"إنَّ شعور الاغتِصاب لا
يُفارِقني لحظةً واحدة كلَّما قرأتُ في جرائد الصَّباح هذا الكلامَ الذي لا
علاقة له بالكلام، والذي لا يُمكن تصنيفه لا في خانة الشِّعر، ولا في خانة
النَّثر، ولا في خانة الذُّكورة، ولا في خانة الأنوثة، ولا في خانة
الأبراج، ولا في خانة الكلمات المُتقاطعة..".
تلك بعضٌ من مآخذ "
نزار قباني"
على شُعَراء الحداثة الهَجينة، سُقْتها بِلُغتِه الشِّعرية الأنيقة، بِما
فيها من حِدَّة ووجَع، يعكسان إحساسًا حارًّا بالفجيعة على ما آلَ إليه
حالُ الشعر العربي في هذه الأيَّام.
لقد كان "
نزار"
غيورًا على الشِّعر العربي أن تغتالَهُ أيدي العابثين المُتَشاعرين؛ ولذلك
كان سيفًا مُصلتًا على رِقاب هؤلاء المفسدين، وكان إحساسُه أنَّهم
يُمارِسون - بتعبيره - اغتصابًا للثقافة العربية لا يمكن إصلاحُه وترميمُه،
إنَّهم - بتعبيره - يأكلون قمرَ الشِّعر، ويُزهِقون رُوحَ هذا الفنِّ
العريق الجميل، فنِّ العرَب الأكبر، وديوانِ معارفهم، ومُستودَع حِكْمتهم[14].
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Web/alkassab/10511/30700/#ixzz2786QjX00