جهاديون عرب يرحلون من الباكستان باتجاه سورية.. و'جهاديون' شيعة يتدفقون من العراق لحماية الاسد
في الباب لا ينتظرون دعم فابيوس ويعيشون تحت رحمة الميغ.. واعزاز فارغة من سكانها ولم يكتمل الانتصار بعد
2012-09-05
لندن
ـ 'القدس العربي': 'ضيوف' طالبان يرحلون لسورية، فالمجاهدون العرب هناك
وجدوا ساحة للجهاد جديدة، والمقاتلون في بلدة الباب يعرفون تماما ان احدا
لن يساعدهم الآن وعليهم الاعتماد على انفسهم، اما ايران فتزود سورية
بالاسلحة عبر قاعدة جوية من العراق.
ففي قصة رحيل المجاهدين العرب من
مناطق القبائل الباكستانية اشارت تقارير ان بعضهم باع بيته وممتلكاته بشكل
كامل وسافر الى سورية، فيما ترك آخرون عائلاتهم هناك على امل العودة لاحقا.
وتقول
التقارير ان حجم الاسلحة التي باعها المجاهدون العرب كان كبيرا لدرجة اثر
على اسعار الاسلحة حيث انخفض سعر البنادق للنصف. وتشبه عمليات الرحيل شبه
الجماعية هذه عمليات رحيل مماثلة اثناء الثورة الليبية حيث انتقل العديد
منهم للمشاركة للجهاد ضد القذافي. ولكن قادة طالبان والقاعدة يقولون ان
الرحيل هذا لن يؤثر على طبيعة وكفاءة العمليات.
ونقلت صحيفة 'التايمز'
عن قيادي قوله 'لدينا الكثير من المقاتلين، وفي الحقيقة فنحن فرحون لذهابهم
كي يساعدوا اخواننا في العالم العربي'. ويتبع معظم المجاهدين العرب مجموعة
حقاني والتي يتبعها اكثر من الفي مقاتل وعادة ما تستهدف في عملياتها قوات
حلف الناتو في افغانستان.
عبر الجو ومن الجبال
وتضيف
الصحيفة ان وكالة الاستخبارات الباكستانية 'اي اس اي' تعرف بموجات رحيل
المجاهدين العرب لكنها لا تعرف مكان توجههم. وعن طريقة خروجهم من الباكستان
فهناك من يخرج منهم بطريقة قانونية عبر بيشاور اما من لا يملك منهم اوراق
سفر فيقطعون الرحلة الطويلة من مناطق القبائل عبر جبال بلوشستان اما الى
ايران او عبر البحر الى دول الخليج.
وتقول الصحيفة ان رحيل المجاهدين
كان مفيدا للمواطنين المحليين من ناحية حصول المتعاطفين معهم على ادواتهم
المعيشية فيما استفاد اخرون من الاسلحة التي باعوها بأسعار مخفضة.
ويقول
سكان في مدينة 'وانا' ان 300 عائلة عربية كانت تعيش فيها او حولها لم يعد
ير منها سوى عائلات قليلة، ويقولون ان البندقية التي تباع في الاوقات
العادية بمبلغ 90 الف روبية اصبحت الان تصل الى 40 الف روبية. وتقول ان
المجاهدين العرب قبل ان يصبحوا عرضة للطائرات الامريكية التي تلاحقهم كانت
لديهم قوة شرائية عالية من ناحية قدرتهم على استئجار بيوت واسعة وشراء
سيارات غالية الثمن.
ويقول باكستاني انهم كانوا يشترون كميات كبيرة من
الفواكه واللحوم ولكنهم في الاونة الاخيرة كانوا يعيشون بالكاد، ربما لعدم
وصول اموال من الدول العربية.
ويعتقد محللون ان اعتماد الجماعات
الجهادية الباكستانية على المقاتلين العرب والاموال العربية قد انخفض منذ
عام 2004. وعادة ما يشير السكان الى المقاتلين الاجانب بـ 'الضيوف'.
جهاديون شيعة
وان
كان الجهاديون العرب يتوجهون لسورية من الباكستان، فالميليشيات الشيعية
العراقية التي تلقت دعما من ايران اثناء الحرب الطائفية 2004 - 2006 بدأت
تتجه نحو سورية للدفاع عن نظام الاسد وذلك حسب صحيفة 'نيويورك تايمز'، وهذا
تطور جديد بعد ان اشارت تقارير الى الدعم الايراني اللوجيستي، من ناحية
تدريب القوات السورية على مكافحة المظاهرات، والتنصت على الانترنت، اضافة
الى نشاطات فيلق القدس في سورية وتقارير عن محاولات ايرانية لانشاء
ميليشيات علوية ' الشعب' للدفاع عن النظام. كل هذا يضاف الى استمرار وصول
الاسلحة من ايران الى سورية.
ايران تدعم
ايران الخائفة من سقوط نظام
الاسد تقوم بتزويده بأسلحة كي تطيل عمره، لان سقوطه يعني انهيار التأثير
الايراني في المنطقة وانتصار السعودية. فقد اشارت 'نيويورك تايمز' ان
الحكومة الايرانية استأنفت ارسال الاسلحة لسورية عبر العراق، فيما الحت
ادارة باراك اوباما على الحكومة العراقية الشريان الجوي الذي تستخدمه
ايران، حيث تم فتح الموضوع في محادثات الامريكيين مع نوري المالكي - رئيس
الوزراء العراقي. ولكن مع زيادة قوة المعارضة المسلحة والضربات التي تعرض
لها النظام السوري من مثل مقتل كبار قادة الدولة فقد ضاعفت ايران من جهودها
لتعزيز الوضع العسكري لحكومة بشار الاسد.
وتقول الصحيفة ان ايران
استأنفت شحن الاسلحة في شهر تموز (يوليو) الماضي وتتواصل منذ ذلك الوقت.
ويقول مسؤولون ان الخط الجوي سمح لايران بتعزيز قوات الاسد على الرغم من
محاولات المقاتلين السيطرة على معابر برية بين العراق وسورية وتركيا
وسورية.
ونقلت عن جنرال لبناني متقاعد قوله ان السوريين لا يعانون من
اية مشكلة فهم يسيطرون على المجال الجوي والمطار. وكشفت ان نائب الرئيس
الامريكي جوزيف بايدن المسؤول عن ملف العراق قد اتصل مع المالكي هاتفيا في
17 من اب (اغسطس) الماضي ولم يكشف عن طبيعة ما جرى بينهما لكن مسؤولا مطلعا
قال ان بايدن عبر عن قلقه من الرحلات الجوية. ويقترح الدعم الايراني ان
طهران لن تتردد عن دعم نظام الاسد عسكريا فيما يتردد الغرب في دعم المعارضة
بالسلاح خشية ان يذهب بعضه للجهاديين. كما ان الموقف العراقي المتسامح
يقترح ان تأثير الادارة الامريكية على السياسة العراقية محدود.
موقف متردد
ومنذ
الازمة السورية اتخذ العراق اما موقف المحذر من اثارها على العراق او
الداعم بطريقة غير مباشرة، كما ان علاقة العراق مع ايران وتأثيرها القوي لا
يمنح المالكي اية فرصة لاتخاذ موقف مستقل عنها.
ويخشى المالكي من ان
يؤدي سقوط الاسد ان يتقوى المحور السني خاصة الاكراد في الشمال. ويمكن
للعراق ان يتخذ اجراءات لمنع وصول الاسلحة اما من خلال تفتيش الطائرات
قبل اقلاعها من مطار بغداد لمطار دمشق او منع طهران استخدام المجال الجوي
العراقي. ومما يجعل من اي قرار تتخذه الحكومة العراقية غير ذي شأن هو ان
العراق ليس لديه سلاح جوي، الذي دمر بعد الغزو ولم يتم انشاء بديل عنه حيث
تركت امريكا العراق وهو غير قادر لمراقبة او الدفاع عن مجاله الجوي.
وكانت
ايران تتردد في السماح لتفتيش طائراتها التجارية ولكن الشحن توقف في
الفترة التي كانت تعد فيه بغداد لمؤتمر القمة العربي، وبعد المؤتمر مباشرة
اتصل اوباما بالمالكي في 3 اذار(مارس) واكد له ضرورة وقف الطائرات.
في الباب يعدون الضحايا
ولا
يزال الجيش السوري يتفوق على المقاتلين من ناحية القوة الجوية حيث يحرمهم
حتى الان من السيطرة وبشكل كامل على مناطق لم تعد تحت ادارة النظام السوري.
واشارت احاديث لاجئين سورية في الاردن في الايام الماضية فروا من منطقة
درعا جنوب سورية، مهد الانتفاضة، الى ان الطيران السوري لم يبق قرية قائمة
وانه احرق البيوت وشرد الاهالي وتركها اماكن لا يعيش فيها سوى الدواب وما
تبقى من كلاب وقطط. والوضع في الجنوب لا يختلف عن الشمال، فالمعارك الدائرة
في حلب ادت الى اعتماد الجيش وبشكل اكبر على القوة الجوية نظرا لعدم قدرة
قواته على الدخول للاحياء. وفي محاولة للتعرف على اثار الحملات الجوية على
المدنيين، اشار تقرير في 'اندبندنت' الى القصف الجوي على بلدة الباب في ريف
حلب، حيث اشار الى قصة احمد السعيد الذي كان يقف على طابور الخبز ولساعات
عندما استمع الى صاروخ ضرب الحي، فأسرع مع من اسرعوا يسكنهم الذعر
للاطمئنان على اهلهم، وعندما وصل السعيد الى البيت وجده قد انهار من جانبه
الامامي على الشارع والنيران تشتعل من اجزاء اخرى وقام مع الجيران
بمحاولات يائسة لانقاذ شقيقيه وشقيقته من تحت الانقاض مع صديق جاء للزيارة،
ليكتشف ان المحاولة لا امل فيها وتم اخراج الجثث بعد ثلاث ساعات من البحث.
ويقول
مراسل الصحيفة 'كيم سنينغوبتا' انه يعرف ثمانية من القتلى ومنهم عائلة
احمد اثناء اقامته في البلدة شهراـ ومن بين القتلى يحيى محمد ناصر وهو احد
المقاتلين وابراهيم الحمدو هو ناشط شارك في المظاهرات ولم يحمل بندقية
ابدا.
ويقول المراسل انه لا توجد اية اهداف عسكرية كي يضربها الجيش لكن
البلدة تدفع ثمن تحديها للنظام، خاصة ان غالبية من ابنائها يشاركون في
المعارك في حلب. ومنذ بداية الانتفاضة قتل من ابنائها 250 شخصا وتشرد ربع
سكانها اما في القرى المحيطة بها او عبروا الحدود الى تركيا. وظلت البلدة
تعاني من قصف متواصل من قاعدة عسكرية قريبة قبل اجبار من فيها على تركها،
ويعتقد احمد ان الوضع اصبح اكثر امنا، فلم يكن يتوقع ما حدث. ويقول ان
والده ووالدته اللذين اخرجهما من القرية مع اولاده واولاد اخوته الى قرية
اخرى في حالة من الصدمة.
ويصف سنينغوبتا كيف استطاع الاهالي السيطرة على
القاعدة التي اجبر الجنود فيها على الهروب باتجاه حلب تاركين وراءهم
قتلاهم وجرحاهم وكيف احتفل السكان وطافوا في شوارعها على متن دبابتين تم
'تحريرهما'، وكعملية انتقامية قام الجيش بسلسلة من القصف الجوي الذي تراجع
في الاسابيع الماضية.
ويختم تقريره بالقول انه في اليوم الذي قصفت فيه
الباب، هدد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بعمل سريع وحاسم من الغرب
ضد الاسد، ولم تلق تهديداته الا السخرية من اهل بلدة الباب حيث نقل عمر
عبدالله الهاني الذي جرح والده البالغ من العمر 73 عاما قائلا 'سيتركون
بشار يقتل الاطفال والعجزة طالما لم يستخدم الاسلحة الكيماوية، من اي شيء
خائفون؟ هل يخافون من ان تصل الغازات الكيماوية لاوروبا او امريكا، نعرف
اننا لن نتلقى اي دعم من الغرب، نقاتل وحدنا ولا نريد كلام الغرب الفارغ'.
اعزاز
على
خلاف الباب التي بقي بعض سكانها، فبلدة اعزاز تركت دمارا، بيوتها منهارة
وشوارعها غائرة من اثر القنابل التي سقطت عليها ولم يعد فيها احد سوى عدد
قليل من اهلها واخر من المقاتلين او اللاجئين الذين يتوقفون فيها في طريقهم
لتركيا.
دفعت اعزاز ثمن انتصار يبدو الان فارغا للجيش الحر على القوات
النظامية، ومع ذلك فعلى بعد عشرة اميال منها هناك قاعدة عسكرية محصنة بشكل
قوي تحت سيطرة قوات الاسد ولن يتغير الوضع على ما يبدو حتى تنتهي الحرب.
ويشير
تقرير لصحيفة 'لوس انجليس تايمز' ان الاعداد التي بقيت في البلدة التي
كان يسكنها 50 الف نسمةـ يعتبرون انفسهم محظوظين لتوفر الكهرباء والمياه
الصحيةـ لكن لا احد سيبكي منهم على النظام ان سقط، كما يسري الحقد ضد
العلويين مسرى الدم في العروق. وقابل مراسل الصحيفة شخصا اسمه ابو شدو حيث
قال انه فقد 17 من افراد عائلته عندما القت طائرة 'ميغ' قنبلة على الحي
الذي يسكن فيه.
وقال ان الحرب كان يجب ان تكون حربا على قدم المساواة
بين جنود وجنود وليس مثل هذا. ويشير التقرير الى ثكنة للجيش تركت الان
مدمرة وعلى جدرانها عبارة 'الاسد للابد' وصور لاعبي كرة قدم وممثلات. وليس
بعيدا عن البلدة ترتفع الراية التركية على الجانب الاخر من باب السلامة
الذي كان معبرا تجاريا هاما.