** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
مقاربات بين عقلانية الترابي...وسلفية عبده، ورضا * I_icon_mini_portalالرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 مقاربات بين عقلانية الترابي...وسلفية عبده، ورضا *

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
حياة
فريق العمـــــل *****
حياة


عدد الرسائل : 1546

الموقع : صهوة الشعر
تعاليق : اللغة العربية اكثر الاختراعات عبقرية انها اجمل لغة على الارض
تاريخ التسجيل : 23/02/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 10

مقاربات بين عقلانية الترابي...وسلفية عبده، ورضا * Empty
29072012
مُساهمةمقاربات بين عقلانية الترابي...وسلفية عبده، ورضا *




مقاربات بين عقلانية
الترابي...وسلفية عبده، ورضا *


-
استهلال:هذه مقالة في المفارقات والمقاربات
بين(عبده،ورضا)و(الترابي) ،مفارقات في التاريخ من
ناحية ظروف الاستعماروحالات التخلف التي أحاطت
بالأمة في جوانب كثيرة.ومقاربات من حيث موافقة
الكثير من الاجتهادات في الفكر الديني والإصلاح
السياسي بين سلفية عبده ورضا،وعقلنية الترابي.فقد
عاش الإمام محمد عبده العالم
الأزهري(1849-1905م)بمصر إبان الثورة الفرنسية
والحركة العرابية وضعف الدولة التركية،تعلم اللغة
الفرنسية والانجليزية،سافر إلى خارج مصرمرات إلى
الشام والسودان وتونس والجزائر وفرنسا
وانجلتر،وإلتقاء الفيلسوف الشهير البريطاني(هربرت
سبنسر)أحد مؤسسي علم الاجتماع الحديث،كذلك بوجوه
البرلمان والصحافة والرأي العام في بريطانيا،قراء
كتابات منظري فكر الثورة الفرنسية أمثال منتسيكو
وغيره.ومن إبرز أعماله الفكرية رسالة
التوحيد،العروة الوثقى،ومقالات الاضطهاد في
النصرانية والإسلام ،والمستبد العادل،مشاركة لقاسم
أمين في كتابه(تحرير المرأة)،وترجمته لكتاب
التربية لهربرت سبنسر عن الفرنسية.



أما
الشيخ رشيد رضا ذلك العالم الديني السلفي الشامي
الذي ضرب في العلم الشرعي أصولا وفروعا،وبكل فنونه
ومذاهبه بسهم وافر،أيضا كان واسع الاطلاع على
المصادر الاجنبية باللغتين الانجليزية والفرنسية
فقد قرأ كتاب(الخلافة)لسير ويليام
موير،وكتاب(الإسلام)لأوجيست مولر،وكتاب(محمد
وخلفاؤه)للاستاذ واشينجون إيفرنج وغير ذلك،وهو
كذلك امتداد طبيعي لجهود أستاذه(محمد عبده)حيث عاش
رشيد في فترة عصيبة من التاريخ،فالخلافة التركية
في إسطامبول تنهار شيئا فشيئا ،والحكم العثماني قد
تقهقر في الأقاليم والولايات،والاستعمار بدأ يعم
العالم الإسلامي كله،ومحاولة ابتلاع أرض فلسطين
واغتصابها تسير بخطى مخططة،وتخاذل الأمراء والولاة
والحكام في القيام بالواجب،قد عم وطم،وشاعت
الدسائس والمؤامرات والخيانات،وتفاقم الوضع
الداخلي بالحروب المستمرة التي غيرت من خريطة
العالم الإسلامي...أدت كل هذه العوامل إلى تبدد
وحدة المسلمين وتشتت كلمتهم وتمزيق جغرافيتهم التي
كانت موحدة،وقد تبع هذا تغيير العقليات،وتغيير في
أحكام الإسلام .هذا هو الجو الذي تنفس فيه رشيد
رضا،فكانت له إصدارات علمية وفكرية أبرزها(مجلة
المنار)التي عمرت عمرا يناهز سبعا وثلاثين سنة من
سنة(1898-1935)وهو عمر ظهرت فيه أحداث سياسية جسام
كان أكبرها انهيار الإمبراطورية العثمانية والقضاء
على خلافتها،وظهور الثورة البلشفية الاشتراكية
الشيوعية في روسيا،التي قضت على النظام القيصري
المستبد والمعتدي على حدود الإمبراطورية
الإسلامية،وما جرى بين حركة نجد الوهابية وحركة
الحجاز حول تولي الزعامة على مقدسات
المسلمين،وتدخل الاستعمار الانجليزي في المنطقة،
وبروز ظاهرة الانفصال التي استفحلت بشكل ذريع في
العالم العربي وفي شرق أوربا،وظهور ظاهرة القومية
العربية التي تنظر لمستقبل الدولة الوطنية في
العالم الإسلامي من منظور الصيغة العلمانية التي
أسس دعائمها مصطفى كمال أتاتورك.



ومن
المفارقات أن تكون ولادة الترابي في نفس العام
الذي توقفت فيها مجلة المنارسنة(1935)بمدينة كسلا
بالسودان،وهو الآن ابن السبعينات من العمر،فقد حفظ
القرآن وتعلم الفقه وأصوله على والده،ثم التحق
بعدها بكلية القانون1951،نال ماجستير قانون من
لندن عام55م،ودرجة الدكتوراه من جامعة السوربون
عام59م ،ثم عميدا لكلية الحقوق في جامعة الخرطوم
إلى 65م .والتحق بالحركة الإسلامية منذ منتصف
الخمسينات،تولى مناصب سيادة عدة في حكومات السودان
المتعاقبة،سجن مرات عديدة،قاري من الطراز
الأول؛فهو يقرأ الانجليزية والفرنسية والإلمانية
فقد مكنته هذه الموهبة على سعة المطالعة للمصادر
الغربية،والدراسات العلمية ، والاستراتيجية حول
الإسلام والمسلمين والمنطقة.سافر كثير،وألتقاء
بكثير من قيادات الفكر والسياسة في المنطقة
العربية وفي أوروبا وأمريكية والشرق الأقصى.




نقاط الالتقاء بين الثلاثة:




اللافت للانتباه أن نقاط الإلتقاء بين عقلنية
الترابي،وسلفية عبده ورضا،تمثلت في الأجواء
الضاغطة التي مر بها الأمة،ففي مرحلة عبده ورضا
كانت الثورة الفرنسية؛ثورة في الفكر
والصناعة،ومصادرة الفكر الديني،ومحاصرته في
كنائس،واستعمر المنطقة الإسلامية،ومصادرت حق الشعب
الفلسطين في إرضه،وسيطرت الفكر العلماني على سدة
الحكم في المنطقة الإسلامية.بيد أن الحقبة
الزمانية التي عايشها الترابي كانت من طراز آخر
فهي أكبر تعقيدا،وأقوى سيطرت، وأكثر نعومة،وذلك من
خلال طرح المشروع الليبرالي الكامل(العولمة)بكل ما
تحمله من معاني الاستتباع والإلحاق؛العلمي
والثقافي والتكلنوجي والاقتصادي والإعلامي، بنظام
عالمي له مؤسساته الدولية؛سياسيا واقتصاديا وأمنيا
وتربويا وفكريا وحضاريا،بل والدينية كذلك،وقد منحت
هذه المؤسسات للعولمة شرعيتها وأخذت من هذه
المؤسسات تفويضا تاما بتغيير قيم العالم ونظمه
وقياداته،بل صارت هذه المؤسسات أداتها ووسيلتها في
إحداث تلك التغييرات القسرية،ولم تعد العولمة
المعاصرة تقبل من الآخرين مجرد القبول بها،أو
الانفتاح عليها،ثم التداخل الاقتصادي معها،لكنها
تصر على أن تعيد تشكيل أنظمة الشعوب والأمم الأخرى
على صورتها،وتلحقها بها إلحاقا عضويا
ليكون(الاستتباع)كاملا غير منقوص لا يفرق فيه بين
السياسي والاقتصادي والتعليمي والثقافي والفني
والحضاري!!




موطن الداء ومكمن الخطر:



ويكمن
مكمن الخطر في أن شعوبنا لا تملك الآن سوى تراثها
وموروثها الحضاري والديني المنحدر إليها من
أسلافها،والذي صاغه الأسلاف بطرائق إدراك ومعرفة
خاصة عائدة إلى المكونات التاريخية لذلك
الموروث،وهو في سائر الأحوال له وعليه،وهنا مكمن
الخطرإذ ستجد الأمة نفسها مسوقة دون اختيار
للاحتماء بموروثاتها الحضارية والمذهبية والثقافية
والأيديولوجية دفاعا عن النفس،ودون تمييز
بين(إسلام النص)و(إسلام التاريخ)،وهنا سوف تدخل
الأمة في حالة تعصب بالحق وغيره لموروثاتها،وهذه
الحالة تجعلها في نظر العولمة أكثر تخلفا وخروجا
من الحاضر إلى الماضي والتاريخ.أما من وجهة نظرنا
فإن الخطر في ذلك الارتداد غير المنظم إلى الماضي
ودون تمييز بين(إسلام النص)و(إسلام التاريخ)هو أن
شعوبنا في رجعتها هذه إلى الموروث دون فرز بين
المقدس والبشري سوف تجمد سائر حواس النقد
ووسائله–إن وجدت- وتوقف أية ممارسات تجديدية
داخلية إذ لا صوت يعلو حينئذ على صوت معركة الدفاع
عن النفس؛فتصبح محاولات التجديد النوعي الداخلي
على ضعفها وقلتها بدعة من البدع ،أو ردة عن
الدين،أو تواطأ مع قيادة الغرب؛وفي أقل الأحوال
تبعية واستحسانا لبدائل المستعمر.وتفقد الشعوب
آنذاك القدرة على التمييز بين مجالات التجديد
وعناصر التحصن الداخلي،وبين عرض قيم إسلام النص
وتحدي قوى الهجوم الخارجي،فتدخل حالة الفتنة التي
تذر الحليم حيرانا !!




مدار أفكار(عبده،رضا،الترابي):



لا
يخفى أن أفكار(عبده،رضا،الترابي)تدور حول قضايا
الاجتهاد والتجديد،ونبذ السكونية والتقليد في
الفكر الديني والفكر السياسي،وفي هذا النسق كانت
جهودهم في تحرير(إسلام النص)من
إسلام(التاريخ)وترسيم دائرة(الواجب)من(المباح)وفك
الإشتباك بين(الشكل)و(المضمون).علما بأن هذه
الومضات التجديدية ما كان لها أن تخرج إلى حيز
الوجود وتصبح فكرا لولا لقاء هؤلاء المفكرون
بالعقل الغرب الليبرالي عبر الكتب أو الجامعات أو
اللقاءات الشخصية مع مفكرهم،حيث اثمرات تلك
اللقاءات مجموعة من التساؤلات حول الإسلام وقضاياه
في ثلاثة مسائل هامة،وهي:



مسألة
تمكن الأستبداد:وأنواعه من العقل المسلم في الحكم
والسلوك عبر قرونا طويلة من تاريخ المسلمين عربا
وفرسا وتركا(السلطان ظل الله في الأرض)!!




ومسألة
الحريات العامة:وهي مرتبطة بالأولى حين ننظر إلى
القضية نفسها من منظورالإنسان،أي أن ما يركز
استبداد الحكام هو خضوع المحكومين وتشبعهم بفكرة
القدر،والقسمة،والمكتوب(=العقيدة
القدرية،والجبرية)حتى أصبحت من البديهيات لديهم
وجزء لا يتجزأ من عقيد المسلمين!!




وأخيرا مسألة التولد:ومن المعلوم أن المتكلمين
والأشاعرة على وجه الخصوص نفوا أن يتولد فعل عن
فعل سابق بدون توسط القدرة الإلهية.التولد يؤدي في
نظرهم إلى التعطيل وإلى الشرك. إلا أن الغرب يدعي
أن هذا الاختيار كان أسوأ ما اقدم عليه المتكلمون
إذ قطعوا كل أمل في أن يظهر في الإسلام علم تجريبي
يهدف إلى الكشف عن نواميس الطبيعة،إذا اعتقد المرء
أن كل حادث يمكن أن ينقض في أية لحظة بعكسه،لماذا
يتعب نفسه ويلاحظ الحوادث ليستنبط منها قوانين
اطرادية؟ فإذا كان كل شيء ممكنا في آية لحظة فلا
شيء مضمون الحصول أبدا،ولزم التواكل!!



فكان
جواب هؤلاء(عبده،رضا،الترابي)على تسأولات الغرب من
منظور(إسلام النص)وقواعد(المقاصد)على هيئة منظومة
فكرية تجديدية في الفكر والحركة والسياسية،حيث
كانت الدعوة إلى تجديد أصول الفقه وإعادة صياغته
وترتيبه بما يناسب عمليات النهوض والإقلاع
الحضاري،ونقد منظومة الفقه التقليدية في الفكر
والسياسة،وفتح باب الاجتهاد والتجديد في
إطار(إسلام النص)وقواعد(المقاصد)،يقول الترابي(وفي
يومنا هذا أصبحت الحاجة إلى المنهج الأصولي الذي
ينبغي أن نؤسس عليه النهضة الإسلامية حاجة
ملحة،لكن تتعقد علينا المسآلة بكون علم الأصول
التقليدي الذي نلتمس فيه الهداية لم يعد مناسبا
للوفاء بحاجتنا المعاصرة حق الوفاء،لأنه مطبوع
بأثر الظروف التاريخية التي نشأ فيها بل بطبيعة
القضايا الفقهية التي كان يتوجه إليها البحث
الفقهي)وقد جوبهت هذه الاجتهادات بإنتقادات حادة
من العقل الكلاسيكي وصلة لدرجة التفسيق
والتكفير،والعجيب أن من يتعمق في انتقادات
خصوم(عبده،رضا،الترابي)يجد أنها مبنية على فرضية
أن هذه الاجتهادات تناقض منظومة(إسلام النص)وهي في
الحقيقة لا تناقضه،ولكنها قطعا تناقض منظومة
السلف(إسلام التاريخ)والتي تعنى عند العقل
الكلاسيكي منظومة مقدسة تفيد الوجوب كنصوص القرآن
والسنة،وهو بهذا يضيق دائرة المباح ويوسع دائرة
الواجب التي تخالف المنهج النبوي.وهكذا يسعى
خصوم(عبده،رضا،الترابي)اليوم لمحاصرة أفكارهم
واجتهاداتهم والعودة بهم إلى قفص التقليد الذي
فروا منه وعملوا طول حياتهم على هدمه والخروج منه
وعليه!!



ولا
شك أن الباحث في ظروف نشأة الاجتهادات التجديدية
في التاريخ الإسلامي والتي خالفت المعهود يعرف أن
كل واحدة منها كانت تكريسا لموقف يهدف إلى الحفاظ
على سلامة الأمة إزاء خطر محدق بها،وأثناء هذا
الاجتهادات تجد نفسها أحيانا مدفوعة إلى قبول
نتائج قد لا توافق ظاهر النصوص أو ما ألفه
الناس،فتلجأ إلى قواعد(الاجتهاد والتأويل،ومراعاة
المقاصد)لأنها تعتبر أن هذا الإجراء أهون عليها من
أن تقبل مقالة خصمها الرئيسي التي فيها رد للنصوص
جملة أو إبقاء الإسلام خارج حلبة الصراع
والتأثير!! ولا ينكر هذا الأمر إلا من لم يتمعن في
أفكار أبي حنفية،والطوفي،والأشعري،والنظام ،وابن
تيمية حيث نراهم دائما يمارسون الاجتهاد
والتأويل،واعتبار جلب المصالح ودرء المفاسد ثم
يصدرون بآراء جد مقلقة في نظر العقل التقليدي؛إما
إيمانا منهم بأن هذه الأراء والاجتهادات لا
تخالف(إسلام النص)أوتفاديا لما هو أخطر منها في
نظرهم.كأجتهادات ابن تيمية في الجانب العقدي،أو
محاولته لإعادة قراءة(وقائع الفتنة)التي دار رحاها
بين علي ابن أبي طالب ومعاوية،يقول
ابن حجر:(...افترق الناس فيه شيعا فمنهم من نسبه
إلى التجسيم لما ذكر في العقيدة الحموية
والواسطية..و منهم من ينسبه إلى الزندقة لقوله أن
النبي لا يستغاث به..ومنهم من ينسبه إلى النفاق
لقوله في علي ابن أبي طالب أنه كان مخذولا حيث ما
توجه،وأنه حاول الخلافة مرارا فلم ينلها،وإنما
قاتل للرياسة لا للديانة،ولقوله أنه كان يحب
الرياسة وإن عثمان كان يحب المال،ولقوله أبو بكر
اسلم شيخا يدري ما يقول،وعلي اسلم صبيا والصبي لا
يصح إسلامه على قول،وبكلامه في قصة خطبة بنت أبي
جهل ....وقصة أبي العاص ابن الربيع وما يؤخذ من
مفهومها فإنه شنع في ذلك فالزموه بالنفاق...ونسبه
قوم إلى أنه يسعى في الإمامة الكبرى،فإنه كان يلهج
بذكر ابن تومرت) .(الدرر
الكامنة)



وهكذا
يجد هؤلاء المفكرون(عبده،رضا،الترابي) في هذا
الواقع التاريخي ما يبررون به أعمالهم،وما يدفعهم
إلى الخروج عن تقليد المتأخرين وتبني اجتهادات
المتقدمين التجديدية،أيضا جمود المسلمين الذي
أصبحوا به حجة على دينهم؛فالجمود تهمة وواقع،تهمة
يلصقها الغرب بالإسلام فيجب ردها بعملية فرز إسلام
النص من إسلام التاريخ وتقديم مقاصد وروح رسالة
القرآن بنظرة كلية لا تجزئية،وواقع يجب تغييره
بنهضة المسلمين وتسجيل حضورا حضاريا في الواقع
والمواقع.




دواعي الاجتهاد والخروج عن
المألوف:



لقد
حمل الوضع المزري للمسلمين بكل حيثياته
الفكرية،والسياسية،والسلوكية،
والأخلاقية،والاقتصاديةأن
يجتهد(عبده،ورضا،والترابي)اجتهادات متنوعة اتسمت
بالجرأة والخروج عن مالوف منظومة الفقه الكلاسيكي
في الفكر السياسي والفكر الديني،والذي يهمنا في
هذه المقالة اجتهاداتهم في الفكر الديني وعلى وجه
الخصوص اجتهادات الترابي الآخيرة وعلاقاتها
بالمنهج الشرعي لاجتهادات(عبده،ورضا).ومن هذه
الاجتهادات .




1-قوله في حديث الذبابة:
فقد شكك الترابي في صحة حديث الذبابة لمخالفته
لأصول القرآن وكليات السنة التي ترشد إلى الأهتمام
بالصحة والنظافة،وبهذا يوافق الترابي منهج المدرسة
الإصلاحية بقيادة عبده ورضا،حيث قال رشيد رضا:(ليس
ورود هذا الحديث في البخاري دليلا على أن النبي
صلى الله عليه وسلم قاله،مع منافاته للعلم وعدم
إمكانية تأويله).ويقول(كم في الصحيحين من أحاديث
اتضح للعلماء غلط الرواة فيها،وكم فيها من أحاديث
لم يأخذ بها الأئمة في مذاهبهم).وينكر رضا هذا
الحديث ويتحدث عن ضرر الذباب ونقله للأمراض
فيقول(وحديث الذباب غريب عن الرأى وعن التشريع
جميعا،أما التشريع في مثل هذا فإن تعلق بالنفع
والضرر،فمن قواعد الشرع العامة أن كل ضار هو قطعا
محرم)ويقول(أما الرأي فلا يمكن أن يصل إلى التفرقة
بين جناحي الذبابة في أن أحدهما سام وضار وفي
الآخر ترياق)ويقول:كل من ظهر له علة في الحديث فلم
يصدقه فهو معذور شرعا ولا يصح أن يقال في حقه أنه
مكذب للحديث.



ثم
يقول عن البخاري:وما كلف الله مسلما أن يقرأ صحيح
البخاري ويؤمن بكل ما جاء فيه،وإن لم يصح عنده،أو
اعتقد أنه ينافي أصول الإسلام،وليس البخاري هو
ورواته معصومين عن الخطأ،وليس كل مرتاب في شيء في
روايته كان كافرا).




2-قوله في نزول عيسي بن
مريم :
مجمل
كلام الترابي في هذه مسألة نزول عيسي في آخر
الزمان بأنها تخالف أصول الأعتقاد التي وردت في
القرآن بأن محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين
والمرسلين فلا نبي بعده،ونزول عيسي بشرائع ككسر
الصليب،ووضع الجزية،وقتل الخنزير والقردة يخالف
قوله تعالى في وصف القرآن بالمهيمن(وأنزلنا إليك
الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب
ومهيمنا عليه).والترابي بهذا التأويل يوافق رأي
المدرسة الإصلاحية(عبده ورضا)في عدم نزول عيسي في
آخر الزمان،يقرر رضا ذلك بقوله(هذا ما يفهمه
القارئ الخالي الذهن من الروايات والاقوال،لأنه هو
المتبادر من العبارة وقد أيدناه بالشواهد من
الآيات)،ويؤكد محمد عبده على ذلك بقوله:(للعلماء
ههنا طريقتان إحداهما وهي المشهور أنه رفع حيا
بجسمه وروحه،وأنه سينزل في آخر الزمان فيحكم بين
الناس بشريعتنا ثم يتوفاه الله تعالى.والطريقة
الثانية أن الآية على ظاهرها وأن التوفي على معناه
الظاهر المتبادروهوالإماتة العادية،وأن الرفع يكون
بعده وهو رفع الروح.ولصاحب هذه الطريقة في حديث
الرفع والنزول في آخر الزمان تخريجان:أحدهما:أنه
حديث آحاد متعلق بأمر اعتقادي،والأمور الاعتقادية
لا يؤخذ فيها إلا بالقطعي لأن المطلوب فيها هو
اليقين، وليس في الباب حديث متواتر. وثانيهما:
تأويل نزوله وحكمه في الأرض بغلبة روحه وسر رسالته
على الناس،وهو الأخذ بمقاصد الشريعة دون الوقوف
عند ظواهرها والتمسك بقشورها دون لبابها.فزمان
عيسى على هذا التأويل هو الزمان الذي يأخذ الناس
فيه بروح الدين والشريعة الإسلامية لإصلاح السرائر
من غير تقيد بالرسوم والظواهر ).




3-قوله في عقوبة المرتد:
فحوى قوله في
عقوبة المرتد بأنها من العقوبة التعزيرية التي
مردها إلى الإمام وتقدير المصالح والمفاسد وليست
من الحدود الحدية،وذلك انطلاقا من كليات القرآن
التي تمنع ممارسة الإكراه في البداية والنهاية
كقوله تعالى(الإكراه في الدين)وقوله:(ولو شاء ربك
لأمن من في الأرض كلهم جميعا أفانت تكره الناس حتى
يكونوا مؤمنين)وغيرها من الآيات،وأن حديث المرتد
جاء في سياق العلاقات الحربية وليس في التشريع
لأحكام المجتمع المسلم،وهو بذلك يوافق قول
أبوحنيفة،وسفيان الثوري،والأوزاعي وغيرهم من علماء
السلف،وكذلك محمد عبده ورضا وعبدالمتعال الصعيدي
وطه العلواني وغيره.




4-قوله في عقوبة الخمر:
حيث قال بأن الخمر من أمهات الخبائث ولكن عقوبتها
اجتهادية وليس نصية أي عقوبة الخمر من العقوبات
التعزيرية وليس الحدية،لأن العقوبات
الحدية(المقدرة)هي التي ورد فيها نص من القرآن وهي
عقوبات الفئات الخمس:الذين يسعون في الأرض
فسادا،والذين يقتلون النفس من غير حق،والذين يرمون
المحصنات،والزاني والزانية، والسارق
والسارقة.والترابي بهذا القول يوافق سلفية رشيد
رضا الذي تبنى هذا القول من قبله،وذلك حين تناول
أحاديث تحريم وعقوبتها،فقال:(ويستفاد من مجموع
الروايات أن المشروع في العقاب على شرب الخمر هو
الضرب المراد منه إهانة الشارب وتنفير الناس من
الشرب، وأن ضرب الشارب أربعين وثمانين كان اجتهادا
من الخلفاء فاختار الأول ابوبكر لأنه أكثر م وقع
ين يدي النبي صلى الله عليه وسلم واختار عمر
الثمانين بموافقته لاجتهاد عبدالرحمن بن عوف
بتشبهه بحد قذف المحصنات ).



ولا
يخفى أن هذا الرأي له أنصار في الماضي منهم الإمام
الطحاوي حيث قال:جاءت الأخبار متواتر عن علي ابن
أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسن في
الخمر شيئا. كذلك قال المازري: لو فهم الصحابة أن
النبي صلى الله عليه وسلم حد في الخمر حدا معينا
لما قالوا فيه بالرأي كما لم يقولوا بالرأي في
غيره، فلعلهم فهموا أنه ضرب فيه بأجتهاده في حق من
ضربه.وحكى ابن المنذر والطبري وغيرهما عن طائفة من
أهل العلم أن الخمر لا حد فيها وإنما فيها
التعزير.وانتصر الشوكاني لهذا الرأي في السيل
الجرار،ونيل الأوطار.




5-قوله بجواز بقاء المرأة
المسلمة تحت زوجها الكافر:
قوله هذا يعتمد
فيه على عمومات القرآن الكريم والسنة النبوية التي
لم تبطل عقود الجاهلية،كذلك مقتضى المصالح التي
ترججها حاجة المسلمة الجديدة إلى البقاء مع زوجها
ولا سيما إذا كان لها منه أولاد،وترجو إسلامهم
جميعا.والظريف في هذه المسألة أن القرضاوي كان
يفتي لسنوات طويلة بأن المرأة إذا أسلمت يجب أن
تفارق زوجها في الحال أو بعد انتهاء عدتها؛لإن
الإسلام فرق بينهما،ولا بقاء لمسلمة في عصمة
كافر،وكما لا يجوز لها أن تتزوج غير المسلم
ابتداء،فكذلك لا يجوز لها الاستمرار معه بقاء.ثم
قال القرضاوي:(وأذكر منذ نحو ربع قرن كنا في
أمريكا وفي مؤتمر اتحاد الطلبة المسلمين
هناك،وعرضت قضية من هذا النوع ،وكان الدكتور حسن
الترابي حاضرا،فلم ير بأسا بأن تبقى المرأة إذا
اسلمت مع زوجها الذي لم يسلم،وثارت عليه
التائرة،ورد عليه عدد من الحاضرين من علماء
الشريعة،وكنت منهم،وقد كان عمدة الرادين عليه:أنه
خروج على الإجماع المقطوع به،المتصل بعمل
الأمة)،علما بأن الشيخ القرضاوي الآن يوافق
الترابي في فتواه ولكن بعد ربع قرن من الزمان !!





6-قوله بزواج المسلمة من
الكتابي:

انطلق الترابي في قوله هذا عملا بأصل
الإباحة،ولعدم ورد نص من القرآن بتحريم ذلك،وبأن
مفهوم المخالف لقوله تعالى:(اليوم أحل لكم
الطيبات...والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب)ليس
بحجة عند كثير من أهل المذاهب،وقد حاول الشيخ رشيد
رضا أن يفسر آيةالمائدة(اليوم أحل لكم الطيبات
)وآية البقرة(ولا تنحكوا المشركات حتى يؤمن)قريبا
لما ذهب إليه الترابي ولكنه لم ينص على ذلك،وهذا
قوله:(وأما الكتابيات فقد جاء في سورة المائدة
أنهن حل لنا،وسكت هناك عن تزويج الكتابي بالمسلمة
وقالوا-ورضيه الاستاذ الإمام- أنه على أصل المنع
وأيدوه بالسنة والإجماع.ولكن قد يقال إن الأصل
الإباحة في الجميع ،فجاء النص بتحريم المشركين
والمشركات تغليظا لأمر الشرك،ويحل الكتابيات تألفا
لأهل الكتاب؛ليروا حسن معاملتنا وسهولة
شريعتنا،وهذا إنما يظهر بالتزوج منهم ؛لآن الرجل
هو صاحب الولاية والسلطة على المرأة،فإذا هو أحسن
معاملتها كان ذلك دليلا على أن ما هو عليه من
الدين القويم يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم.وأما
تزويجهم بالمؤمنات فلا تظهر منه مثل هذه
الفائدة،لآن المرأة أسيرة الرجل..فقد يصح أن يكون
هذا هو المراد من النصين في
السورتين(البقرة-المائدة)،وإذا قامت بعد ذلك آدلة
من السنة أو الإجماع أو من التعليل الآتي لمنع
مناكحة أهل الشرك على تحريم تزويج الكتابي
بالمسلمة،فلها حكمها لا عملا بالأصل أو نص
الكتاب،بل عملا بهذه الآدلة).




8-قوله بإمامة المرأة
المسلمة للرجال:


انطلق الترابي في قوله بصحة إمامة المرأة للرجال
من عموم نصوص القرآن التي تكلف الرجال والنساء
بإقامة الصلاة،وأن الأصل في الإقامة سواء مأموم أو
إمامة.وأيضا من أذنه صلى الله عليه وسلم لأم ورقة
بإمامة أهل بيتها من الرجال والنساء،وكذلك من
أقوال بعض العلماء المذاهب منهم الأمام أحمد وابن
تيمية وغيرهم،كما نقل ابن تيمية(وجوز أحمد على
المشهور عنه أن تؤم المرأة الرجال لحاجة،مثل أن
تكون قارئة وهم غير قارئين فتصلي بهم التراويح
،كما أذن النبي صلى الله عليه وسلم لأم ورقة أن
تؤم أهل دارها،وجعل لها مؤذنا وتتأخر خلفهم،وإن
كانوا مأمومين بها للحاجة).وما تصح به صلاة
الفرض،أو صلاة النفل كالتروايح وغيرها،تصح به صلاة
الجمعة،فشروط الصحة واحدة،وشروط الإبطال كذلك.علما
بأن حاجة أم ورقة لإمامة الرجال في بيتها،أو
الحاجة التي أشار إليها الإمام أحمد وابن تيمية
وغيرهم أقل بأضعاف كثيرة من حاجة الإسلام اليوم
إلى تقديم المرأة المسلمة خاصة في ديار الغرب لخوض
معركة حقيقة يشنها أعداء الإسلام حول المرأة
وحقوقها في الإسلام،خاصة وإن أترابها في الديانات
الآخرى لهن حق ممارسة الإمامة في جوانب
العبادات،والمعاملات،والسياسية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

مقاربات بين عقلانية الترابي...وسلفية عبده، ورضا * :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

مقاربات بين عقلانية الترابي...وسلفية عبده، ورضا *

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» مقاربات بين عقلانية الترابي...وسلفية عبده، ورضا *
» مقاربات في فلسفة الأعلام ومحركاتها
» عقلانية الحداثة المؤيدة
» في سبيل عقلانية مفتوحة جان لوك ماريون
» إعادة قراءة النص القرآني وفق مقاربات محمد أركون

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: دراسات و ابحاث-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: