بقلم: سنا السورية

-
كثيراًً منا لايعلم ان العلويون هم عدة طوائف وليست طائفة واحدة وهم
اختلفوا في الاصل والنشأة الدينية، والمذهب، وايضاًً اختلفوا في النسب
والعشائر، فهم ليسوا سواء، وأيضاًً فهم لم يؤمنوا بنفس المعتقدات وليست
لديهم نفس المراجع وان اتفق بعضها، وأكثرهم يدعون انهم من اتباع الشيعة
الامامية وان اختلفوا في مرجعم وامامهم، ولكنهم اتفقوا بينهم بانهم يدعون
انهم يعبدوا الهاًً واحداًً وان الأئمة معصومون، وايضاًً كان موطنهم
واحداًً والذي يقع في جبال الساحل بين تركيا وسوريا ولبنان، والطائفة
العلوية والنصيرية كثيراًً مايقال عنها انهم جماعة واحدة ولكنها في
الحقيقة هم اكثر من معتقد ومختلفة بأصلها الديني والعشائري.
-
كانت المناطق المحصنة والنائية البعيدة عن السلطة وقوتها مركز دعوة
وانطلاق لكثيرٍ من هذه الطوائف والدعوات التي هي خارجة عن القيم الاسلامية
المعتادة والمتبعة، حيث احتمت بها من ملاحقة السلطة وابتعدت عن الأعين حتى
اشتد عودها وانطلقت واتسع انتشارها، وكانت هي الحصن التي تحتمي فيه خوفاًً
من قوة وجيش السلطة المركزية التي ان علمت بها سوف تقضي عليها في مهدها.

فمصياف والقدموس وبيرين قرب عقرب كانت من القلاع المحصنة الواقعة على
بعد ٤٠ كم غربي مدينة حماه ظهرت واحتمت فيها كثيراًً من الطوائف الباطنية
التي تغلو في الدين في القرون السابقة، فكان منهم الحشاشون في قلعة مصياف
وقائدهم راشد الدين سنان شيخ الجبل، الذي كان يطلب من اتباعه تدخين الحشيش
ومن ثم يأمرهم باغتيال القادة السياسيون المعارضون له، كما حدث في محاولة
اغتيال صلاح الدين الأيوبي الفاشلة والذي حاربهم هو وخلفاؤه من بعده، وقام
الظاهر بيبرس احد قادة المماليك بالقضاء عليهم لاحقاًً.
وأيضاًً منطقة سلمية والتي تقع على حدود البادية كانت مركزاًً لدعوة طائفة
شيعية ملاحقة هي الطائفة الاسماعيلية وايضاًً الفاطمية، كما كانت حميميم
في بادية الأردن مركز دعوة العباسيين والعلويين ضد الحكم الاموي.
-
العلويون ينقسموا لعدة طوائف ونحل ومنها:
الطائفة الجعفرية:
الطائفة الجعفرية اي اتباع جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين
العابدين بن الحسين بن علي بن ابي طالب، وهذه الفئة تدعي انها من اقرب
مذاهب الشيعة الى مذهب اهل السنة وهم منتشرون في منطقة مصياف والقدموس
واماكن اخرى في جبال العلويين، وما يميزهم عن الآخرين انهم مازالو يقوموا
وينادوا للصلاة واقامة صلاة الجمعة، مع ملاحظة وجود اختلاف في الخطبة و
الدعاء والاعتقاد بعصمة الائمة، وفي قولهم حي على خير العمل في النداء الى
الصلاة وايضاًً شهادتهم ان علي وصي الله، وأخرى غيرها لامجال لذكرها الآن.
وهم كما يدعون فئة اسلامية كما قال بعض اتباعهم انهم مسلمون كغيرهم من
الشيعة “إن العلويين هم مسلمون، إماميون، جعفريون، يعتمدون أصول الشريعة
الإسلامية عقيدة لهم ويطبِّقون أحكامها وِفقاً لمذهب الإمام السادس أبي
عبد الله جعفر الصادق ــ عليه السلام ـ”

ويتحدثون عن المذهب العلوي الجعفري ويقولون انه كباقي المذاهب الشيعية
الذين يفضلون علياًً على غيره، وهذا ماقاله الشيخ الدكتور، محمد علي حلوم:
العلويون هم المسلمون الموالون لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع). ولكنه
كما يدعون تسرَّب إليه كثيراًً من الغلو.. فكان بعضُ رجال المذهب
يُفسِّرون الدين الإسلامي كما يريدون، خلافاً لِما تفسره بقية الفرق
الإسلامية.

وللتوضيح أكثر فان الأئمة المعصومين الإثني عشر وقد تم ايرادهم حسب
الترتيب الزمني وكلهم تولوا الإمامة وراثة عن أبيهم وهم : علي بن ابي طالب
رضي الله عنه، الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة، علي زين العابدين ابن
الحسين، محمد الباقر، جعفر الصادق، موسى الكاظم، علي الرضا الذي اختاره
الخليفة العباسي المامون خليفة له الا انه توفي في عهده ولم يتولى الخلافة
قط و قبره يزار في مشهد بإيران، محمد الجواد، علي الهادي والحسن العسكري
والذي حصل تفجير في مكان دفنهما بسامراء منذ سنتين، وخاتمهم محمد الحجة
المهدي المنتظر الذي اختفى في سرداب بسامراء بالعراق عام ٢٦٥ هجرية وسوف
يعود في نهاية الزمان.
-
النصيرية:
والنصيرية هم اختلفوا عن الشيعة الإثني عشرية بعد الامام الحادي عشر الحسن
العسكري، وهم فئة باطنية تقول بتقديس علي بن ابي طالب مع الرسول محمد صلى
الله عليه وسلم وتقول عنه الامامُ علي، ويزعمون معرفة الحقيقة الباطنة
بالتواتر عن الأئمة المعصومين، واهتمامهم بالعقل وتميزوا بان معتقداتهم
غير منشورة ولا يتعلمها الا المشايخ منهم.

عرف العلويون النصيريون بالنصيرية نسبة إلى محمد بن نصير الذي كان
باباًً للإمام الحسن العسكري والذين يعتقدون بولاية علي منصوصاًً عليه
بأقوال الرسول ومنها: (إنّهُ أخي ووزيري وخليفتي من بعدي ووارثي فاسمعوا
لهُ وأطيعوه) وقولهُ في غدير خمّ: (من كنتُ مولاهُ فعليٌّ مولاه، اللهمَّ
والِ من والاه وعادِ من عاداه وانصرْ من نصره واخذل من خذله)، والنصيرية
يعتقدون ان للأمور ظاهر وباطن، تورث من الأئمة المعصومين حسب قولهم،
ويردها الله لمن يشاء من عبادة المصطفين بالبصيرة والعقل، وأن العبادات
حركات فيزيائية ينفذها الإنسان بعناية وتكرار.
النصيريون تميزوا بعيد الرابع حسب التقويم الشرقي والذي يحتفلون به
سنوياًً في السابع عشر من نيسان، حيث تدور حلقات الرقص والدبكة ويجتمع
فيها العلويون من اماكن متفرقة للاحتفال الجماعي في بلدات بيت ياشوط وسلحب
وأبو قبيص وشطحة والشيخ بدر،،، وليس لهم اماكن عبادة او مساجد كغيرهم من
المسلمون و لكن لهم مزارات كثيرة منتشرة في قراهم وجبالهم، وهي عبارة عن
قبور لمشايخهم يزورونها ويتبركون بها.
-
المرشدية:
وظهرت بين ظهرانيهم طائفة جديدة هم المرشدية والتي أنشاها سلمان المرشد
الذي اعدم في عهد شكري القوتلي، والذي تولى من بعده ابنه مجيب الذي قتل في
عام ١٩٥٢، ثم تولى ساجي ابن سلمان المرشد الزعامة والذي توفي عام ١٩٩٨
والذي تولى من بعده نور المضيء ابن سلمان المرشد- تولد ١٩٤٤، واتباعها
منتشرون في منطقة جوبة برغال بجبال العلويين حيث كان يسكن هناك سلمان
المرشد، ومنطقة شطحة شمال غرب مدينة حماه في منطقة الغاب، وايضاًً في شين
وعوج ومريمين قرب مشتى الحلو، وهم يمجدون زعيمهم سلمان وابنه مجيب من بعده.

كانت دعوة سلمان المرشد في بني غسان والذين ينحدرون من أربعة عشائر
(المهالبة –الدراوسة-العمامرة-جبل الحلو) والتي تعيش بين ظهراني العلويين
وهي ليست من عشائرهم، وكان شيوخهم من بيت (البنّا)، وكان هؤلاء الغساسنة
قبل مجيء سلمان المرشد يدينون بالغيبية أي الذين يؤمنون بالله أنه غيب
ولايمثّلونه بأي شئ في الكون. وأكثر ما يميِّزُ المرشديةَ هو إلغاؤها
للسلطة الدينية، إذ لا يوجد مشايخ ولا دعوة إلى الدين، إنما يُعطى الدينُ
بناءً على طلب المريد. كما ترتكز المرشدية على الحرية الدينية الكاملة
بشكلٍ عام، وعلى حرية المرأة بشكلٍ خاص، فالمرأة المرشدية تتزوج ممن تريد.
ولا يتبع المرشديونَ أي دين ولا يكفِّرونَ أحداً، فالديَّانُ هو اللهُ،
وجميعُ الأديان والمذاهب هي طرُقٌ مختلفة لغاية واحدة. والمرشدية لهم عيد
في ٢٥ من آب كل عام يحتفلون به فرحاًً بالله.
-
الاسماعيلية:
والطائفة الاسماعيلية وان كانت لاتنتمي للطائفة العلوية ولا تجمعها أية
معتقدات معها، الا أني اردت من التعريف بها ان نميزها عن العلويون،
فالطائفة الاسماعيلية وهي التي تنسب الى اسماعيل الابن الاكبر لجعفر
الصادق ببنما طائفة الامامية تقول بامامة موسى الكاظم خلفاًً لابيه جعفر
الصادق والذي أوصى له بعد موت أخيه اسماعيل في حياة ابيه، هذه الطائفة
نشأت ونمت وعاشت في منطقة السلمية وجوارها على بعد حوالي ثلاثين كيلو متر
شرقي حماه، في منطقة معزولة على تخوم بادية الشام، واتباعها هم باطنيون
ليس لهم شريعة واضحة كما هم بقية الشيعة، ولا يقوموا بالصلاة او الحج كما
تفعله بقية الفرق الشيعية، ومذهبهم مختلف كلياًً عنهم ولا يمكننا المقارنة
بينهم للبون الشاسع بينهم.
-
ان التوزيع الطائفي الديني لمدينة مصياف مختلف عنه في مدينة السلمية،
فمصياف يغلب على سكانها طابع الطائفة العلوية الجعفرية مع وجود للسنة
وأقلية اسماعيلية، بينما مدينة السلمية يغلب عليها طائفة الاسماعيلية مع
وجود للسنة بكثرة وايضاًً قليلاًً من اتباع المذهب الجعفري الذي يقال عنهم
القدامسة نسبة لبلدة القدموس.

والقاسم المشترك بين هذه الطوائف اضافة الى الدروز في جبل العرب
والشيعة في جبل عامل في لبنان، هو توضعهم في مناطق جبلية نائية، يصعب
الوصول اليها، وكان اتباعهم معظمهم من الفقراء الذين يغلب عليهم الجهل
العلمي سواء الديني او الثقافي بمعناها الواسع، وايضاًً كانوا في عزلة عن
العالم في جبالهم وجرودهم، مما مكنهم من المحافظة على ديانتهم وتقاليدهم
لمدة طويلة من الزمن، وحالياً بدأ كثيراًً من اتباع هذه الطوائف يتنكروا
لدينهم ومشايخهم و يلجؤوا للانضمام الى الاحزاب الشيوعية او العلمانية
اليسارية التي بدت لهم وكانها نقطة اهتمامهم وملتقى آمالهم بعد ان فقدوا
الدافع والمرجع الديني الذي يلبي رغباتهم ويقتنعوا به كمرجعٍ فكري لهم.
-
في عام 717 هـ هاجم العلويون النصيريون مدينة جبلة المسلمة السنية على يد
زعيمهم محمد بن الحسن المهدي القائم بأمر الله، فدخلوها وقتلوا خلقا من
أهلها، وأمر زعيمهم أصحابه بتخريب المساجد واتخاذها خمارات، وكانوا يقولون
لمن أسروه من المسلمين قل لا اله إلا علي واسجد لإلهك المهدي الذي يحي
ويميت حتى يحقن دمك.
التاريخ يعيد نفسه الآن فهذا بشار واتباعه يقولون لا اله الا بشار،
ويكتبوا ذلك في الطرقات والشوارع وقد خربوا المساجد وقتلوا المسلمون
السوريون، وطلبوا من السوريين المعتقلين لديهم السجود لبشار بعد ان سجد له
بعض الشبيحة علناًً، لكنهم ازدادوا في الضلالة فان استجاب لهم احدهم
بالسجود فانهم لا يتورعون عن قتله.