** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالرئيسية  الأحداثالأحداث  المنشوراتالمنشورات  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 تقويم الحالة الدستورية في ليبيا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سبينوزا
فريق العمـــــل *****
سبينوزا


عدد الرسائل : 1432

الموقع : العقل ولاشئ غير العقل
تعاليق : لاشئ يفوق ما يلوكه العقل ، اذ بالعقل نرقى عن غرائزنا ونؤسس لانسانيتنا ..

من اقوالي
تاريخ التسجيل : 18/10/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 5

تقويم الحالة الدستورية في ليبيا Empty
06062012
مُساهمةتقويم الحالة الدستورية في ليبيا
























document.getElementById("RelatedBox1").value = 1
تقويم الحالة الدستورية في ليبيا 125

محمد علي أحداش
أستاذ الدراسات الإسلامية في الأكاديمية الأوروبية والمركز الإسلامي، لندن المملكة المتحدة








هناك
سباق محموم بين مشاريع الدساتير التي تُصاغ وفق رؤى حزبية أو فكرية ما،
ويصاب المواطن الليبي العادي بالحيرة لكثرة الأصوات واختلافها. وتأسّست
الدولة الليبية الحديثة في 24 كانون الأول /ديسمبر1951م، ولها دستور كان
شرط استقلالها، لكن جاء انقلابُ القذافي في العام 1969م، ليعطّل الدستور!
لقد نشأ منذ الاستقلال جيلٌ أو أكثر مبتور الصلة بماضيه، وعاش -للأسف
الشديد - رهين التزييف مشوّه الذاكرة.


من الناحية القانونية
والدستورية، مازال دستور الاستقلال قائماً وينبغي تفعيله. وفي ليبيا الآن،
فراغٌ سياسي وليس فراغاً دستورياً، ذلك أنّ التمسك بدستور الاستقلال لا
يعني بالضرورة عودة الملكية، فلم يكن الدستور منحة من الملك ولا عطيّة من
المستعمر. وفي حالة عدم وجود دستور، يكون منطقياً المطالبة بوضع دستور،
أمّا في حالة وجوده، فالصحيح هو تفعيله وتعديله، وتعدّ المطالبة بوضع
دستور، تجاهلاً وجحوداً لدستور الاستقلال وأبطاله.

أقول، إنّ ليبيا تحتاج إلى
نشْر ثقافة احترام الدستور وليس إلى معركة صياغة دساتيرَ جديدة. الدستور
يصاغ مرّة واحدة في الدول المتقدمة وليس شيئاً سخيفاً يُصنع ويُرمى، كلّما
تغير حاكم، ولا يصاغ دستور جديد كلّما تغيّرت حكومة؛ وإذا عبث الناس
بقانون القوانين فإنّ غيره من القوانين سيكون أكثر عرضة للعبث.

مِن مزايا دستور الاستقلال أنه
وُضع قبل الملك، عن طريق الشعب ممثّلا بنوّابه الذين قادوا جهاده العسكري،
وأشرفت عليه لجنة من الخبراء أشهرهم أدريان بلت المتخصّص في الدساتير،
وبموافقة مجموعة من أهل العلم والفضل مثل فضيلة المفتي الشيخ أبي الأسعاد
العالم وغيره، فتوافر فيه عنصر الصياغة الحديثة والمراجعة الشرعية، وحاز
موافقة الأمم المتحدة، ونصَّ صراحةً على أنّ دين الدولة الإسلام، وعلى
الحقوق والحرّيات العامّة، واحترام جميع الأديان والمذاهب، وحرية الفكر
والتعبير.

إنّ دستور الاستقلال صِيغ
بطريقة تسمح بالتعديل بلا مشاكل، وسبق تعديله فأُلغيت كلمة " المتحدة "،
وتغيّر نظام الدولة من اتّحادي إلى مركزي في العام1963م. ولذا، فلا حاجة
إلى دستور جديد وإن كان هناك حاجةٌ إلى تعديلات تلغي النصوص المتعلقة
بالملكية.

وعليه، فإنّ محاولة صياغة
دستور جديد فيها اعترافٌ ضمني بما فعله القذافي من انقلاب، وإلغاء
للدستور، وتحقير للاستقلال، وإطالة للمرحلة الانتقالية؛ وتفتح باب النقاش
على قضايا حسّاسة وفي أجواء مشحونة بعد حرب ضروس، ممّا يفتح باب اختلاف
وفتنة على الناس، في ظلّ مخاطر التدخّل الدولي والإقليمي. إنّ صياغة دستور
جديد تحتاج إلى حوارٍ مجتمعي موسّع في أوضاع مستقرّة تماماً، ولذا من
الأفضل التمسّك بدستور الاستقلال وتأجيل النظر فيه بالكامل إلى حين
استقرار الأوضاع. هناك سباقٌ محموم وسوق مفتوحة لمشاريع الدساتير الآن،
وتقوم مجموعات من المثقّفين، وأفراد مختصّون أو غير مختصّين بإعداد مشاريع
دستور بدافع النيّات الطيبة، أو رغبةً في الشهرة، أو وفق رؤية حزبية أو
فكريّة ما، وتتعدّد المشاريع ويُصاب المواطن الليبي العادي بالحيرة لكثرة
الأصوات واختلافها، ويحتاج المراقب إلى تقييم دقيق للحالة الدستورية.


الحالة الدستورية في عهد القذافي

لم يكن هناك أيّ نوع من العمل
السياسي أو الديمقراطي أو الدستوري في ليبيا إبّان حكم القذافي، بل كانت
البلاد تسير وفق ما يراه مجلس قيادة الانقلاب منذ 1\9\1969م إلى أنْ زعم
في2\3\1977م تطبيق " كتيّبه الأخضر"، وما سمّاه سلطة الشعب والمؤتمرات
الشعبيّة واللجان الشعبية ومؤتمر الشعب العام، ولكن حقيقة الحال أنّ أمور
الدولة تُدار من خيمة العقيد.


العودة إلى الجذور


تأسّست الدولة الليبية الحديثة
منذ الاستقلال في 24 كانون الأوّل /ديسمبر1951م، ولها دستورٌ كان شرط
استقلالها. وبدأت الدولة في تكوين مؤسّساتها، وتشكّل مجلس الأمّة، وعاشت
تجربة الديمقراطيـة ودولة المؤسّسات حتى 1\9\ 1969م بما في ذلك من إنجازات
وإخفاقات؛ لكنها - في المجمل - كانت تجربة جيّدة واعدة بالتحسين والسيْر
نحو الأفضل. لكن انقلاب القذافي، عطّل العمل بالدستور وأَجبر الناس على
تطبيق ما ورد في كتابه الأخضر الذي يعتبر التمثيل النيابي تدجيلا والعمل
الحزبي خيانة، حتى قامت هذه الثورة.

تنصّ المادة (195) من الدستور
على: "لا يجوز بأية حال تعطيل حكم من أحكام هذا الدستور إلاّ أن يكون ذلك
وقتيا في زمن الحرب أو في أثناء قيام الأحكام العرفية."

إذنْ، من الواضح تمامًا، من
الناحية القانونية والدستورية، أنّ دستور الاستقلال مازال قائماً.
فالإعلان الدستوري في كانون الأوّل /ديسمبر 1969م الصادر بعيْد الانقلاب
لا يعتدّ به مطلقاً في نظر القانون، لأنه صدر مخالفًا للدستور ومن غير جهة
اختصاص، وكذلك لا يُلغيه(الدستور) الإعلان الدستوري الصادر حديثا من
المجلس الوطني للأسباب نفسها، وإن كان المجلس الوطني لا يقارَن بحال من
الأحوال بالحاكم المستبدّ، القذافي.

إذن الدستور موجود قانوناً،
ولكن لا توجد السلطة التنفيذية أو التشريعية المنتخبة. والمطلوب إعادة
بنائهما في الفترة القادمة وفق جدول زمني. ففي ليبيا فراغٌ سياسي و ليس
فراغاً دستورياً.


دستور الاستقلال والملكية

إنّ حقبة الاستقلال حقبةٌ
تاريخية عظيمة، لكنها مجهولة لدى كثير من أبناء هذه الثورة، فأغلبهم وُلد
في عهد القذافي ولم يسمع بالنشيد الذي يتغنّى به الآن ولم ير علَم
الاستقلال الذي يتمسّك به. ومِن المغالطة والتشويش أنْ يقال إنه دستور
المملكة بل هو دستور الاستقلال ودستور الشعب الليبي، فلم يكن الدستور
منحةً من الملك رحمه الله ولا عطيّة من المستعمر.

وهنا، ينبغي التنبيه إلى أنّ
قبول دستور الاستقلال لا يعني بالضرورة عودة الملَكية، فقد اتّفق الليبيون
على علَم الاستقلال ونشيده، واشتركوا في دستور الاستقلال، ولكنهم لا
يتّفقون على عودة الملَكية فينبغي تركُها.


الثقافة والوعي وليس الورق والحبر


ما تحتاجه الشعوب العربية بما
فيها الشعب الليبي هو تغيير الثقافة التي ينمو فيها الاستبداد، وما يحتاجه
الشعب الليبي هو نشر ثقافة احترام الدستور، وهي الأولويّة بعد عقود
القذافي المليئة بالتزييف والتجهيل واحتقار أبطال الجهاد والاستقلال، وليس
فتح موضة أو معركة صياغة دساتيرَ جديدة.

إنّ المشكلة ببساطة وخطورة
عظيمة هي في عدم التقيّد بما ينصّ عليه الدستور، وأنْ يتعامل معه الحاكم
كما يتعامل العربي الجاهلي مع التمْر يصنع منه آلهة في أوّل النهار وإذا
جاع أكله في آخره ؛ غير أنه لا جوع يبرّر للمعاصرين أكْل الدستور. وفي
واقعنا المعاصر لم تعد هناك عجائب، فقد حقّق العالم العربي الرقم القياسي
في سرعة تغيير الدساتير وتحطيمها، حيث يجري تغيير الدستور كلّما احتاج
الحاكم الذي لا يميّز بين صناديق الاقتراع وصناديق القمامة، فهي عنده سواء
في القيمة والمصير. وحتّى نكون منصفين صادقين، ليس الحاكم وحده مسؤولاً عن
عدم احترام الدستور، فالمواطن كذلك لا يشعر بأهمية الدستور ويراه يُنتهك
ولا يبالي. لنتخيّلْ لو أنّ الشعب الليبي اعترض على القذافي في أوّل أيّام
انقلابه وقال له ارجعْ أيها الملازم إلى ثكنتك، فالدستور لا يسمح لك
بالحكم وليست لك صلاحية، هل كان يستمرّ في حكمه؟

في العالم دول دكتاتورية كثيرة، دساتيرها
حديثة ونصوصها تكفل الحريات، وفصل السلطات، وحقوق المواطن وغيرها من
المبادئ؛ إلاّ أنّ أحكام الدستور لا وجودَ لها في الواقع. وفي المقابل
هناك دولٌ مثل بريطانيا ليس لها دستور مكتوب، بل هناك مبادئ دستورية
وثقافة ووعي دستوري.


ثقافة احترام القانون والدستور

إنّ الدستور ليـس كـلاماً
منزّلاً من السمـاء على أيّ حال، وإنما هو وضعيّة تتضمّن مجموعة من
المبـادئ الأسـاسيـة والقواعـد العامّة، التي تتناول تنظيم العلاقـة بين
الدولـة والمواطـنـين - إجمالاً - قبل تفصيلها في القوانـين والتشـريعـات.
فهو قابـلٌ لإعادة النظـر، والتعديل والتصرّف فيه على أيّ نحـوٍ قد يراه
الشعبُ الليبـي متلائمـاً مع متغيّـرات الظـروف وتطـوّرات العـصر وتجـارب
الأمـم الأخـرى، بحيث يضمن للمواطن الوصول إلى أقصـى درجـات الحريـة
المسؤولة.

فما الذي يمكن أن يمنعنـا من
اتّخاذ هذا الدستـور الآن مطيـّة مريحـة نقطع بها مسـافة طريق العـودة إلى
الوضـع الطبيـعي في بلادنا، ثم نفرشـه كبساط مألوف لدينا ويسـعُنا
جميعـاً، فنستريح عليه بعض الوقت في ما نطرحه للبحث فيما بيننا حتى نفرغ
من إعادة نسـج خيوطـه القديمـة أو نقرّر معـاً الاستعاضة عنه بغيـره ؟ !

إنّ الدستور يُصاغ مرّةً
واحدة. فهو ليس شيئاً سخيفاً يُصنع ويُرمى كلما تغيّر حاكم، أو كلّما
تغيّرت حكومة يؤتى بدستور جديد؛ ها هي أميركا تتمسّك بدستورها وتعدّله
كلّما دعت الحاجة.

وإذا عبث الناس بقانون
القوانين، فإنّ غيره من القوانين سيكون أكثر عرضةً للعبث. ليس الدستور
مقدّسًا، ولكنه ينظّم الدولة وهذا ليس بالشيء الهيّن، وإلاّ فهي الفوضى
التي تجعل الناس يحنّون إلى ظلم القذافي وقهره.

إنّ احترام دستور الاستقلال
أبلغ وسيلة وأحسن بداية نحو قيام دولة دستورية، دولة النظام والقانون. إنّ
ظاهرة عدم احترام القوانين والدستور موجودة في المجتمع، ورسّخها القذافي
وثقافة عهده الذي بدأ بانقلاب وحنث بيمين العسكرية، وبتعطيل الدستور
والقوانين، الخ. والإعلان الدستوري الصّادر من المجلس الوطني يتجاهل
الدستور للأسف مع أنه ينقل عدداً من موادّه حرْفياً، وهو ما يعني تجاهلاً
وانتحالاً.

ليس صحيحاً أنْ نهدم ما سبق
ونبدأ من الصّفر كلّ مرة، كلّ مرة نبدأ من الصفر ونخطو خطوتيْن وثلاث
خطوات ثم نتوقّف لسببٍ ما، ثم نبدأ من الصفر فتكون الحصيلة الإجمالية
لأعمالنا صفرًا.

إنّ الأمم التي ليس لها ماضٍ
لا مستقبلَ لها، لا ثمرة بلا جذور، بل أمثال هذه الأمم تكلّف أهل الفكر
والقلم لتخترع لها ماضيًا ولو مزيّفاً، والأمم المتقدّمة تخلّد حاضرها
ليصبح لأجيال المستقبل ماضٍ يفتخرون به، كلّ ذلك لأنّ الحاضر والمستقبل
امتدادٌ للماضي. إذا لم يعتمد الليبيون دستور الاستقلال فسيكون ترتيبهم
بين الدول بعد تيمور الشرقيّة وجمهورية جنوب السودان! في حالة عدم وجود
دستور يكون من المنطق المطالبة بوضْع دستور، أمّا في حالة وجوده فالصّواب
هو تفعيلُه وتعديله. إنّ المطالبة بوضع دستور هي تجاهل وجحود لدستور
الاستقلال وأبطاله.

لا يصحّ أن يكون الدستور منحةً أو منةً
من أحد، سواء كان حاكماً أو مجموعة من المثقّفين أو حزباً، أو حتّى من
الثوّار أو المجلس الوطني؛ ويُعدّ الدستور المؤقّت الذي تصدره حكومة
فعليّة أو حكومة قانونية من قبيل المنحة. أوْلى بالشّعب الليبي في هذه
المرحلة الصّعبة أن يتمسّك بدستور استقلاله وباني دولته، الصّواب أن نقوم
باستئناف العمل وليس تحصيل الحاصل وتكرار المكرّر.


كيف يصاغ دستور في أوضاع استثنائية؟

إنّ صياغة دستورٍ جديد تحتاج
إلى حوار مجتمعي موسّع، في أوضاع مستقرّة تماماً وهو ما لا يتيسّر الآن،
والحوارات الجارية فئويّة محدودة العدد نسبياً نتيجة التنافر بين أطياف
المعارضة فكرياً وشخصياً.

إنّ محاولة صياغة دستورٍ جديد
تفتح باب النقاش على دين الدولة ومصادر التشريع والهويّة واللغة، الخ، بعد
حرب ضروس تركت جراحاً لم تبرأْ وحزازيّات في الصدور مع تربّص الطامعين
الدوليين والإقليميّين. إنّ فتح النقاش حول صياغة دستور جديد يفتح باب
اختلاف وفتنة على الناس، فكلٌ يطالب بما يزعم أنه حقوق له، والمناقشة
ستطال كلّ مادّة وتتناول المسائل الجهويّة والفكرية الصّعبة جميعها.

لا يعني هذا التهرّب من
المشاكل، وليس العيب في النّقاش، لكن الأجواء مشحونة لا تسمح بنقاش موسَّع
عميق، خصوصاً والدولة هشّة ستخرج من عملية جراحية كبيرة لا تحتمل أيّ هزّة
أو أيّ اضطراب.


من مزايا دستور الاستقلال


كما ذكرنا سلفًا، إنّ دستور
الاستقلال، لم يضعه الملك أو الاستعمار ولم يوضع في ظروفٍ استثنائية، بل
هذا الدستور هو الذي عيّن الملك، وحدّد صلاحياته، فلقد جرت كتابته وتحديده
من الشعب ممثّلا بنوّابه - الذين قادوا جهاده العسكري والسياسي - ليقوموا
نيابةً عنه بصياغة الدستور بعد التأكّد من حقيقة الإرادة الشعبية. "وضعت
الجمعية الوطنية الليبية وأقرّت هذا الدستور في جلستها المنعقدة بمدينة
بنغازي في يوم الأحد 6 المحرم الحرام 1371 الموافق 7 أكتوبر 1951 وعهدت
إلى رئيسها ونائبيه بإصداره ورفعه إلى حضرة صاحب الجلالة الملك المعظّم
وبنشره في الجريدة الرسمية بليبيا. "

إنّ دستور الاستقلال قد أشرفت
عليه لجنةٌ من الخبراء، وكان أشهرهم أدريان بلت المتخصّص في الدساتير،
وكان بموافقة مجموعة من أهل العلم والفضل مثل فضيلة المفتي الشيخ أبي
الأسعاد العالم وغيره، فقد توافر فيه عنصرُ الصياغة الحديثة والمراجعة
الشرعية، واستغرقت صياغته نحو سنتين من عمر الشعب بمساعدة الأمم المتحدة
وتمّ على أيدي خبراء مختصّين.

هنا، يجب أن يكون واضحاً أنّ دستور الاستقلال ينصّ صراحةً على أنّ دين الدولة الإسلام، فهو يحسم مسألة المرجعية بالنصوص التالية:



  • المادّة (5)الإسلام دين الدولـة.

  • المادّة (40) السيادة لله وهي بإرادته تعالى وديعة الأمّة، والأمّة مصدر السلطات.

الدستور يحتوي على مرجعيّة
الإسلام، فالمرجعية الإسلامية للدولة ضمانٌ لها وضرورة وطنية للمحافظة على
الهويّة و التراث. وأيّ مطالبة بدستورٍ جديد ستمسّ هذه المادّة بشكلٍ أو
بآخر.

دستور الاستقلال يحوز قبولا
دولياً لأنه قد أُعدّ بإشراف الأمم المتّحدة واعترافها، وهي مزيّة يمكن
استثمارها دولياً لأنها تصعّب على الدول العظمى والأمم المتحدة التنصّل
منها أو اتّخاذ موقف سلبي من الدستور.

وينصّ الدستور على الحقوق والحريات العامّة:



  • المادّة (21) حرية الاعتقاد مطلقة وتحترم الدولة جميع الأديان
    والمذاهب وتكفل للّيبيّين وللأجانب المقيمين في أرضها حرية العقيدة
    والقيام بشعائر الأديان على أن لا يخلّ ذلك بالنظام العام ولا ينافي
    الآداب.

  • المادّة (22) حريّة الفكر مكفولة ولكلّ شخص الإعراب عن رأيه وإذاعته
    بجميع الطرق والوسائل ولكن لا يجوز إساءة استعمال هذه الحرية فيما يخالف
    النظام العام أو ينافي الآداب.

  • المادّة (23) حريّة الصحافة والطباعة مكفولة في حدود القانون.

  • المادّة (24) لكلّ شخص الحرية في استعمال أيّة لغة في المعاملات
    الخاصّة أو الأمور الدينية أو الثقافية أو الصحافية أو مطبوعات أخرى أو في
    الاجتماعات العامّة.

  • المادّة (29) كفلت حرية التعليم ما لم يخلّ بالنظام العامّ أو يناف الآداب العامة
  • المادّة (192) تضمن الدولة لغير المسلمين احترام نظام أحوالهم الشخصية.


تعديلات دستورية وليس دستورا جديدا

لن أقول إنّ دستور الاستقلال
هو أفضل الدساتير لكنه هو المخرج الآن من فتنة الصراع على مشروع دستورٍ
جديد. إنّ الشعب الليبي ليس في حاجة إلى دستور جديد، وإنما في حاجة إلى
تعديلات تُلغي النصوص المتعلقة بالملَكيّة في الفصل الخامس ونحوها، وتضع
مكانها رئاسة الجمهورية وتغيّر اسم الدولة إلى جمهورية بعد أن يجري
استفتاء الشّعب على شكل الدولة ونظام الحكم الذي يرتضيه بمحض إرادته
الحرّة.

على الشعب الليبي أن يستفيد من
التجارب السابقة حوله؛ فهذه ثورة مصر قامت بتعديلات فقط، ولم تقم بصياغة
دستورٍ جديد، وهذا العراق صِيغت فيه سبعةُ دساتير، آخرها دستور صيغ على
عين المستعمر الأميركي الذي يكرّس -نصاً وروحاً- المحاصصة البغيضة
ويتبنّاها.

لا يوجد ما يمنع من طرح أيّ
تعديل بالطريقة التي كفلها الدستور بعد أن تضع الحرب أوزارها، ويعود الناس
إلى أعمالهم ويتحقّق مناخٌ جيّد لوضع تعديلاتٍ جديدة أو دستور جديد للبلاد
يوافق تطلّعات الشعب والتغيّرات الحالية ومواكبة العصر. إنّ دستور
الاستقلال ليس جامدًا فيستحيل تعديله ولا هو سهل التعديل بحيث يمكن تغييره
في زمن قياسي، مثل الدستور التونسي الذي غُيّر أكثر من مرّة ليسمح بتجديد
ولاية بن علي، ولا مثل الدستور السّوري الذي تغيّر في نصف ساعة ليسمح
بتولّي بشّار الأسد مقاليد السلطة وراثةً.

بل هو مُصاغ بطريقة تسمح
بالتعديل بلا مشاكل، فقد تغيّر اسم الدولة فأُلغيت كلمة المتّحدة، وتغيّر
نظامها من اتّحادي إلى مركزي في العام1963، وكان للملك رحمه الله مشروع في
تغييره إلى جمهورية وهو ما يفترض أن يكون الآن.


دستور الاستقلال والاستقرار


إنّ من يطالب بدستورٍ جديد في
الحال، إنما يطالب بإطالة المرحلة الانتقالية، وتأجيل ممارسة الحياة
السياسية، وتعطيل التغيير والتنمية. ويعلم الجميع أنّ الصومال لم تخرج من
المرحلة الانتقالية منذ سقوط سياد بري منذ أكثر من عشرين سنة!

وتظلّ ليبيا مدّةً مفتوحة من
غير استقرار، ويدخل البلد في متاهة وفوضى عارمة وصراع في ظلّ ظاهرة انتشار
السّلاح والأطماع الدولية. إنّ عدم تبنّي دستور الاستقلال سيؤدي إلى فتح
باب النقاش في مسائلَ عظيمة تتجاذبها الأفكار والأحزاب، ويؤدّي ذلك إلى
ضبابيّة رؤية المستقبل بسبب اختلاف القوى السياسية والفكرية في صياغته،
ومن ثمّ إلى ضعف الدولة والنظام والأمْن، ومخاطر التدخّل الخارجي.

إنّ تفعيل دستور الاستقلال
ضروري لإنجاح الثورة حيث لا يُصاغ دستور أمّة في مرحلة انتقالية. إنّ
التمسك بدستور الاستقلال ضروري للخروج الآمن والسّريع من الحالة
الانتقالية إلى حالة الاستقرار.

وعليه، ينبغي البدءُ في
استئناف العمل بدستور الاستقلال لأنّ هذا هو البديهي، ففي أيّ ثورة تحْدث
تكون البداية في البحث عن استقرار الدولة. إنّ قبول دستور الاستقلال يحقّق
الاستقرار في وقتٍ يحتاج الناس إلى الالتفات إلى العمل والتعليم والتنمية،
وإزالة آثار انقلاب القذّافي وتخليص البلاد منه. إنّ ترتيب ليبيا في جميع
المجالات متأخّر جداً، وليس لديها وقتٌ تضيعه بعد أن توقّفت مسيرة التنمية
أربعة عقود، وتحتاج إلى وقتٍ آخر للشّفاء والتعافي من آثارها.

قبولُ دستور الاستقلال يختصر كثيرا من
الجهد والوقت حيث سيكون المشروع المعروض للناس مجموعة من التعديلات
الضرورية والمبرّرة عملياً، لكن صياغة دستور كامل ليس لها ما يبرّرها
ظرفاً وتوقيتاً.


المصالح الدولية والوحدة الوطنية


إنني أخشى أن يكون هناك نوعٌ
من الوصاية والتحكّم من بعض الجهات، لكي تفرض خيارات تؤدّي إلى أشكال من
الديمقراطية المَظهرية والموجّهة خصوصًا في مجتمع طيّب: يقنع بالقليل، لم
يتمسّك بدستور استقلاله، ولم يتجذّر فيه الوعي بحقوقه، ولم يألفْ العمل
الدستوري ولا الديمقراطية ولا مظاهرها.

إنّ الشعب الليبي اليوم قد
فُرضت عليه شراكةٌ مع دولٍ عُظمى أقوى منه بمراحل، وهذه الدول لها
حساباتها ومصالحُها في ليبيا وغيرها، وهي مصالح تأتي قبل مصلحة أيّ شريك
معها، ولا يخفَى كذلك أنّ الشعب الليبي هو اللاّعب الأصغر في هذه الشراكة،
وأنّ هذه الدول وجدت نفسها مرغمةً على هذه الشراكة بفضْل ما فرضته ثورة 17
فبراير على مخطّطاتها في ليبيا.

وليس من المؤكّد أن تتوافق
المصالح والمخطّطات الدولية مع مصلحة ليبيا فتمضي الأمور كما يريد
الليبيون تماماً بلا كدر، وبدلاً من استنفاد الوقت والجهود والطاقات في
التحليل والجدال لمعرفة هذه المصالح والحسابات والاحتمالات التي قد تنجم
عنها، فإنه من حقّ الليبيّين ومن صميم مسؤوليات المجلس الوطني الانتقالي
حيال شعبه -الذي أوْلاه ثقته للمرور بالوطن وثورته من هذه الأزمة إلى برّ
الأمان- أن يحتاط ضدّ أيّ احتمالات.

إنّ تمسّك المجلس الوطني
الانتقالي بدستور الاستقلال (دستور 1951) يعدّ إشهارا لحسن نيات المجلس
واتّخاذه خطوات عملية ملموسة نحو تأكيد هذه النيّات، وأنه يعتبر نفسه
راعياً -مؤقّتاً- للشعب الليبي بأكمله، وأنه يرفض أيّ عروض أو إملاءات أو
ضغوط من أيّ جهة خارجية أو داخلية.

كذلك فإنّ في التمسّك بدستور
البلاد (1951) - بوصفه آخر وثيقة تُجمِع عليها إرادة الأمّة الليبية
بأكملها- رسالةً واضحة ومهمّة من المجلس الوطني الانتقالي، من شأنها طمأنة
مكوّنات الشعب الليبي بأنّ هذا المجلس يتعامل مع الشعب الليبي كوحدة
واحدة، ويحترم خياراته التاريخية و يتمسّك بدستورٍ شارك في صياغته ممثّلون
عن مناطق الشّعب الليبي ومكوّناته كافة.


أخيراً هل يعلم الذين ينادون بصياغة دستور جديد أنهم يقفون مع القذافي؟


لعلّ الذين ينادون بصياغة
دستورٍ جديد لا يعلمون أنهم يقفون في صفٍّ واحد مع القذافي؟! إنّ صياغة
دستورٍ جديد تعني الاعتراف الضّمني بما فعله القذافي من انقلاب وإلغاء
للدستور وتحقير للاستقلال. فالشّعب انتفض ولم يجد إلاّ عَلم الاستقلال
ونشيده فتمسّك بهما، وإذا بحث الآن عن دستور فلن تسعفه الدساتير الحزبية،
أمّا إذا تمسّك بدستور الاستقلال فقد حافظ على استقلاله ووحدته.

فهل يقبل شعبنا بهذا الاعتراف
بما فعله القذافي بعد أن تخلّص من حكمه وبذَل الغالي والرّخيص في سبيل
ذلك؟ إنّ ما فعله القذافي باطلٌ، وكلّ ما بُني على باطل فهو باطل، فكيف
نعطي شرعيةً لجريمة الانقلاب وإلغاء الدستور؟ قد يُعذَر الشعب الليبي على
ما مَضى بسبب القهر وإرهاب القذافي لكن ما عُذْرُه اليوم؟

إنّ الشعب الليبي على مفترق طرق، نسأل الله العظيم أن يصلح حال أمّتنا وشعبنا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

تقويم الحالة الدستورية في ليبيا :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

تقويم الحالة الدستورية في ليبيا

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: استـــراجيــات متحـــــــــــــــولة يشاهده 478زائر-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: