هل تقدم الشركات الألمانية رشاوى أقل من غيرها؟
الرشوة ظاهرة يومية يعاني منها الاقتصاد العالمي. ويبدو أن الشركات الروسية
والصينية تميل إلى هذا النموذج التجاري، أما في ألمانيا فقد تراجع تقديم
الرشوة قليلا حسب تقرير لمنظمة الشفافية الدولية ترانسبرانسي أنترناتيونال.
تضررت
سمعة شركة "سيمنس" الألمانية - العالمية بشكل كبير بعد أن عثرت النيابة
العامة في مدينة ميونيخ على قرائن تدين الشركة خلال عملية تفتيش جرت سنة
2006. تشير مجموعة الوثائق التي تم العثور عليها إلى أن الشركة سلكت طرقا
مخالفة للقوانين من أجل الفوز بصفقات عالمية، إذ دفعت مليارات الدولارات
تحت الطاولة من أجل ذلك. وعلى ضوء التحقيقات تم اقتياد العديد من مسؤولي
الشركة إلى المحاكم المختصة.
فضيحة
سيمنس تعكس الوضع الخطير الذي وصلت إليه الجريمة الاقتصادية التي تسيء
لشعار" صنع في ألمانيا". ومن المحتمل أن تكون هذه الفضيحة دفعت الناس ـ ولو
جزئياـ إلى تغيير النظرة تجاه رؤساء مجالس إدارة الشركات. حسب التقرير
الأخير لمنظمة الشفافية الدولية " ترانسبرانسي أنترناتيونال" حول مؤشر
الفساد الذي شمل 28 دولة قوية على الصعيد الاقتصادي، فإن موقع ألمانيا سنة
2008 شهد تحسنا من خلال انتقالها من المركز الخامس إلى المركز الرابع. وحسب
نفس التقرير فإن البلدان الأقل فسادا والأكثر شفافية هي هولندا، وسويسرا
وبلجيكا، بينما تأتي روسيا، والصين ثم المكسيك في مقدمة الدول الأكثر
فسادا.
منظمة الشفافية الدولية: مطلوب من مجموعة العشرين بذل جهود إضافية
بتكليف
من ورشة العمل الدولية للأعمال 2011/ BPI تم إجراء استجواب مع حوالي 3000
من قيادات الشركات حول مدى استعدادهم لتقديم الرشاوى في بلدان أجنبية بهدف
الحصول على الامتيازات. وفي المحصلة حصلت ألمانيا على 8.6 من 10 نقاط تشكل
قمة مؤشر القياس المعتمد. وهي نفس النتيجة التي حصلت عليها عام 2008.
وتعني المحصلة بأن ألمانيا في مقدمة الدول التي لا تقدم الرشوة بهدف الحصول
على امتيازات.
تعد
الأموال التي تقدم على شكل رشاوى وسيلة للفوز بالصفقات من خلال التحايل
على القانون والتأثير على رجال السياسة. مديرة " ترانسبرانسي" السيدة
"هوكيت لابل" تعول كثيرا على أعضاء مجموعة العشرين لإحراز تقدم في محاربة
الرشوة. ففي سنة 2010 تم إلزام أعضاء المجموعة بالقيام بحملة دعائية من أجل
ذلك. نتائج الحملة تم عرضها في المنتدى القادم للمجموعة في مدينة "كان"
الفرنسية. حسب السيدة "هوكيت لابل" فإن الصين، والهند، واندونيسيا وروسيا
مدعوة لتكثيف الجهود أكثر من غيرها. كما تحث "هوكيت لابل" أعضاء مجموعة
العشرين على الالتزام بالقوانين المنظمة للصفقات الاقتصادية من أجل ضمان
الشفافية وإتاحة فرصة للتنافس العادل على صعيد الاقتصاد العالمي بشكل يوفر
مناخا مناسبا للاستقرار والنمو.
البترول و الغاز من القطاعات الأكثر عرضة للرشوة
إدا مولر: رئيسة القسم الألماني لمنظمة الشفافية الدولية إلى جانب تقييم كل دولة على حدة في آخر لورشة العمل الدولية للأعمال هناك
19 تحقيقا حول القطاعات الأكثر عرضة للرشوة سواء في القطاع الحكومي أو
القطاع الخاص. من بين أبرز الخلاصات التي خرج بها الخبراء، فإن شركات
البناء وقطاعي البترول والغاز تعرف نشاطا كبيرا للمرتشين. أبرز مثال حي على
ذلك نيجيريا البلد الغني بالثروات البترولية الذي عرف سنة 2010/2011
تداول ما يقارب 3.2 مليار دولار أمريكي كرشوة من أجل الحصول على امتيازات.
بدورها
توجه " إدا مولر" رئيسة القسم الألماني لمنظمة الشفافية الدولية نقدا
لاذعا للسياسيين الألمان. مولر ترى أن ألمانيا يجب أن تصادق على اتفاقية
"القضاء على الفساد" التي صاغتها جمعية الأمم المتحدة سنة 2005. بخلاف
ألمانيا التي لا زالت تعرف فراغا قانونيا في هذا المجال علما أن 154 دولة
صادقت على هذه الاتفاقية حتى الآن