بيروت
ـ 'القدس العربي': أعلن الأمين العام لـ'حزب الله' السيد حسن نصرالله' أن
'الجنوب لم يعد مكسر عصا لأحد بل أصبح رقماً صعباً في المعادلة الدولية'،
موضحاً أنه 'اذا لم يكن هناك مخطط لحرب على مستوى المنطقة فنستبعد أن يشن
العدو الاسرائيلي عدواناً على لبنان'.
وأشار في كلمة القاها في ذكرى
'يوم الشهيد' في مجمع 'سيد الشهداء' في الضاحية الجنوبية، الى انه 'في حرب
تموز لم يكن السلاح ولا التكتيك ولا الادارة ولا كل الوسائل المتاحة لتمكن
لبنان من الانتصار، ولولا هؤلاء الرجال الذين لم يهربوا ولم يخافوا وهكذا
يبقون، من مدرسة الشهداء هذه لما كنا نعيش اليوم ارتياحاً للمرة الاولى منذ
تاريخ انشاء الكيان الغاصب في اسرائيل'.وأوضح أنه 'اليوم وللمرة الاولى
يعيش لبنان وبالتحديد جنوب لبنان بالطمأنينة وبالثقة وبالارتياح'.وتابع
'هذا ليس كرم أخلاق من أحد بل لأن لبنان لم يعد بلداً ضعيفاً بل بلداً
قوياً وهو بشعبه وجيشه ومقاومته قادر على الدفاع والانتصار، واصبح قادراً
ان يقلب الطاولة على من يعتدي عليه وان يحوّل التهديد الى فرصة حقيقية. وما
دام هذا الايمان وهذه البصيرة قائمة وهذا الثلاثي قائم فان اسرائيل ستبقى
عاجزة عن شن اي حرب واذا جاء يوم وشنت فيه حرباً سيكون المغامرة الاخيرة'.
واستطرد
نصرالله 'في الوقت الذي نستبعد فيه حرباً على لبنان هذا لا يعني ان ننام.
وانا أؤكد ان المقاومة لم تنم في يوم من الايام منذ العام 1982 وحتى يوم
التحرير لم تنم وبقيت يقظة وتحضر وتجهز لانها تعرف بلدها بجوار اي عدو ومن
15 اب 2006 وحتى اليوم المقاومة لم تنم'. وأشار الى أن 'الاسرائيلي منذ
العام 2006 يتدرب ويتسلح ويقوم بالمناورات فكيف ننام وفي مقابلنا عدو لم
ينم وأقول للذين يئسوا ولم ييأسوا عندما تطلبون من شعبنا ومن مقاومتنا ان
تتخلى عن سلاحها تطالبوننا ان نكون 'المغبون الذليل'، الذي لم يستفد من كل
التجارب ويسلم كرامات شعبه لأبشع عدو عرفه التاريخ وهو اسرائيل. ولذلك ندعو
اليوم الى التمسك بالمقاومة وبالجيش وبالارادة الشعبية لأنها عنصر القوة
الحقيقي'.
في سياق آخر، وحول موضوع الحكومة، رأى السيد نصرالله أنها
'أثبتت انها حكومة التنوع وتمثل غالبية شعبية، وهي حكومة نقاش وبحث وحوار
وليست حكومة الرأي الواحد، حكومة يتناقش افرادها ويتخذون القرارات ولا
ينتظرون الـ'SMS' ولا تتلقى الاشارات والايحاءات من أحد، وهي مدعوة اليوم
الى مزيد من العمل والانجاز ومتابعة الملفات وعدم الاصغاء الى كل ضجيج الذي
يصار من هنا او من هنالك، والاهم اعطاء اولوية الى قضايا وشؤون الناس'.
وأشار
الى أن 'هناك 10 الاف مطلوب في مذكرات توقيف في محافظة بعلبك منذ عشرات
السنين وهذا الامر يجب مناقشته على الصعيد الحكومي او على الصعيد النيابي.
وهناك ملف تم نقاشه في مجلس النواب ويتعلق بالهاربين الى اسرائيل'، مؤكداً
'تأييده لهذا الموضوع لأنه ورد في التفاهم مع 'التيار الوطني الحر' ونحن
نفي بوعودنا'، لافتاً الى أن 'الحكومة تستكمل المراسيم التطبيقية سيما وأن
خلفية هذا الملف إنسانية ولكن يجب ان نذكر بالنسبة للكلام عن ان هذه الناس
هربت لأنها خافت من المجازر. إن التحرير أنجز ولم يقتل أحد من عملاء لحد أو
من المقاومين ولم ترتكب أي مجزرة بل سقط شهداء من المقاومة والعملاء الذين
القي القبض عليهم سلموا الى القضاء اللبناني الذي نعرف كيف تعاطى معهم'.
وإعتبر أنه 'كان من حق العملاء أن يهربوا بسبب الخوف ولكن بعد ان شاهدوا
كيف تعاطت المقاومة واهل الجنوب ومع اهالي العملاء اعتقد ان الكثيرين منهم
ندم لأنه هرب ولأنه لم يحصل اي اعتداء وعلى البعض ان يراجع التاريخ'.وتابع
'ندعو الجميع الى الحفاظ على الوضع الامني في البلد وادعو بعض الجهات
السياسية وبعض وسائل الاعلام الى عدم تضخيم بعض الاحداث الفردية التي تحصل،
وندعو الى تحييد مؤسسة الجيش اللبناني، ونؤكد على اولوية تحييد هذه
المؤسسة كمؤسسة ضامنة للوحدة الوطنية وللأمن، واذا كان هناك من يريد أن
'يناقر بالسياسة فليناقر بنا' وليترك الجيش'.
وعلى صعيد تمويل المحكمة
الدولية، من المفيد ان ينتبه اللبنانيون الى ما حصل قبل ايام في الاونيسكو،
هذه المنظمة العالمية اعترفت بدولة فلسطين فغضبت امريكا لان هذه المنظمة
اعطت الشعب الفلسطيني بعض حقه وادانت موقفها ومن ثم اوقفت التمويل من دون
سابق انذار واعلنت المنظمة عن تجميد انشطتها حتى نهاية العام 2011 بسبب
ذلك، وهنا يجب التذكير ان هذه المنظمة دولية وعملها يتوقف على هذا التمويل،
الم يكن تمويل الاونيسكو التزاماً من الادارة الامريكية؟ فلماذا يحق
للادارة الامريكية ان تتخلى عن التزاماتها الدولية ولا يحق ذلك للبنان في
ما لو كان هناك التزام؟. هذا الامر يفضح حلفاء امريكا في لبنان وفي العالم.
وفي هذا السياق، نشير الى أن 'رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة كان قد
قدم مخرجاً للامريكيين الذي يحمي 'الاونيسكو' من العقاب الامريكي وناشد
الرؤساء والملوك العرب والدول الصديقة المبادرة الى تعويض النقص في تمويل
الاونيسكو. السنيورة قدم مخرجاً جميلاً ولنعتمد هذا المخرج مع حكومة نجيب
ميقاتي وليحلوا عنها. كما يمكنكم أن تناشدوا جامعة الدول العربية والرؤساء
والملوك العرب والدولة الصديقة تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان
ويستطيع أمير عربي أن يستغني عن حفلة ويمولها 'وبلا هالمشكلة في البلد'.
واستطرد
في السياق ذاته، إذا كنتم تحبون لبنان نحن 'راسنا يابس'. وما ترضوه
للاونيسكو ارتضوه للحكومة اللبنانية ودعوا رئيس الحكومة ميقاتي يعرف كيف
ينام مرتاحاً'. أما في المحكمة الدولية والتي تجري المحاكمات الغيابية فيها
الآن فلن اعلق عليها سيما واننا نتصرف معها على أساس أنها ليست
موجودة'.ووجه السيد نصرالله نصيحة الى كل القوى السياسية بـ'العودة الى
الاهتمام بشؤون بلدنا ولنترك الرهان على الخارج وعلى التطورات الاقليمية
لأن بعضهم في السابق راهن على تطورات اقليمية. واقول لكل من يراهن ويصنع
اوهاماً ويؤجل الملفات ويبني على سقوط نظام الرئيس السوري بشار الاسد في
سورية، أن هذا الرهان سيفشل وسيسقط، والغريب ان بعضهم يطرح شعار 'لبنان
اولاً' الا في الخيارات'.
في الشأن الخارجي، لفت السيد نصرالله أنه
'شهدنا في الايام القليلة الماضية تصعيد في التهديدات، وفجأة طُرح بقوة
احتمال ان يقوم العدو الاسرائيلي بضرب المنشآت النووية الايرانية وتصعّد
التهديد'، موضحاً أن 'القيادة في ايران ردت بشكل حازم وقاطع وكان السقف
العالي والاوضح ما قاله بالأمس السيد علي خامنئي وما قاله هو عين الواقع،
ايران القوية بجشيها وشعبها ووحدتها لا يمكن ان تخاف لا من التهويل ولا من
الاساطيل وعندما جاءت الجيوش الامريكية واحتلت المنطقة كلها بمحيط ايران'.
واستطرد
'القوات الامريكية موجودة في كل الدول على حدود ايران، مع ذلك لم تضعف
ايران ولم تنجر الى مفاوضات مباشرة مع الامريكيين، لوعدنا قليلا الى
الخلفيات يجب ان لا يغيب عن بالنا أنه حتى آخر السنة هناك انسحاب اميركي في
العراق وهزيمة كبيرة للمشروع الامريكي. في العام 2000 قال بعض الناس إن
المقاومة في لبنان لم تنتصر وسيخرج الآن ايضاً من يقول ان امريكا هي من
اخذت قراراً بالخروج من العراق، والانهيار القوي في اقتصادياتها وماليتها
والخسائر البشرية فهي مهزومة بالعراق. ويجب الاشارة الى ان امريكا غير
قادرة الآن ان تنسحب تحت النار العسكرية وعليها ان تنسحب تحت النار
الاعلامية والتي اسمها تهويل على حرب بالمنطقة ليصبح خبر الانسحاب الامريكي
عادياً ومغفولاً عنه، ولكن يجب التركيز على هذا الانسحاب لأن له نتائج
عدة، ومن الطبيعي ان تقوم الادارة الامريكية بمعقابة الدول المؤثرة بالحاق
الهزيمة بالمشروع الامريكي. والدولتان اللتان وقفتا بوجه الاحتلال الامريكي
للعراق ودعمتا صمود الشعب العراقي هما ايران وسورية، وامريكا تريد ان تقول
لهما لا تفرحا فالعصا ستبقى مشرعة عليكما. من هنا تصوروا ان تخرج امريكا
من العراق وتعترف بهزيمتها'.وأكد 'وجوب الانتباه الى ان التحولات التي حصلت
في منطقتنا والتي يختلف حول فهمها المحللون، هناك قدر متيقن ان سقوط
الرئيس التونسي زين العابدين بن علي هو خسارة للاميركي وللغرب، اما عن
النظام الذي سيكون هناك في المستقبل فهذا كلام كبير وكذلك الامر في ليبيا
ومصر، من المؤكد انه في مصير التحولات في المنطقة فإن محور المقاومة يكبر
ويقوى وهذا يطيح له الحصول على حلفاء جدد وللتعويض عن هذه الخسائر يجب ان
ينتقل في سورية وايران الى موقع دفاعي والى الانشغال في امورها'.
وتابع
في السياق ذاته، 'الامر الرابع هو ان امريكا تريد اخضاع ايران وتريد جرها
الى مفاوضات مباشرة وهذا الامر ترفضه ايران، والمطلوب اخضاع سورية لتقبل ما
لم تكن تقبله في الماضي وبناء على هذه الاسباب والى بعض التوقعات التي
تتعلق بالوضع المالي في اوروبا وفي العالم. ومن جهة أخرى، فإن ايران وقوية
وصلبة وموحدة ولديها قائد لا مثيل له في العالم وهي سترد الصاع صعين. أما
وزير الدفاع الامريكي فقد 'دعس فرام' كما يقولون، وعليهم ان يفهموا جيدا أن
الحرب على ايران وان الحرب على سورية لن تبقيا في ايران او في سورية انما
ستتدحرج هذه الحرب على مستوى المنطقة باكملها وهذه حسابات واقعية وهذا هو
واقع الحال'.ورأى أن 'الرهان على الضعف رهان خاسر وزمن الضعف والتراجع على
مستوى هذه الامة انتهى، واليوم في 'يوم الشهيد' نؤكد اننا منذ فاتح عهد
الاستشهاديين الشهيد احمد قصير الى اليوم دخلنا في عصر الانتصارات وانتهى
عصر الهزائم وكل ما علينا ان نحفظ دم الشهداء ونكمل هذا الطريق ونحن معكم
سنكمل هذه الطريق، اليوم الاوضاع المحلية والاقليمية والدولية لمصلحة شعوب
المنطقة ولمصلحة محمور المقاومة والممانعة أكثر من اي يوم مضى، في كل
الاستحقاقات المقبلة، ما دمنا اهل الايمان واهل العزم والارادة سننتصر ان
شاء الله'.