كلينتون وجولتها الخليجية
رأي القدس
15/02/2010
السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية
تقوم حاليا بجولة في منطقة الخليج العربي، لحشد الجهود قبل ذهاب حكومتها
الى مجلس الامن الدولي، لاستصدار قرار بفرض عقوبات اقتصادية خانقة على
ايران. بينما يتواجد في تل ابيب في الوقت نفسه الادميرال مايكل مالن رئيس
هيئة الاركان الامريكية المشتركة تلبية لدعوة نظيره الاسرائيلي.
بمعنى
آخر تسير الدبلوماسية الامريكية في خط متواز مع الاستعدادات العسكرية لوضع
الاستراتيجيات اللازمة للتعاطي مع البرنامج النووي الايراني بطريقة فاعلة.
السيدة
كلينتون شددت في مؤتمر صحافي عقدته في الدوحة، المحطة الاولى في جولتها
الخليجية التي تشمل السعودية ايضا، ان زيادة نسبة التخصيب الايرانية
لليورانيوم توحي بان البرنامج النووي الايراني يأتي في اطار خطط عسكرية،
وليس برنامجا سلميا، مثلما يقول المسؤولون الايرانيون، ولذلك لا بد من
'اتخاذ اجراءات جديدة' لارغام ايران على العودة عن 'قراراتها الاستفزازية'
في المجال النووي.
ما تريده وزيرة الخارجية الامريكية من مضيفيها الخليجيين يتلخص في ثلاثة امور رئيسية:
الاول:
تقديم عروض مغرية للصين بتزويدها بنفط وغاز رخيصين، لتعويضها عن خسارة
امداداتها في حال مشاركتها في الحصار الدولي المخطط له ضد ايران.
الثاني:
الانخراط بشكل فاعل في اي حصار او عقوبات اقتصادية يتم فرضها على ايران،
من حيث وقف كل التعاملات البنكية والتجارية، ومنع دخول المسؤولين
الايرانيين الذين من الممكن ان تشملهم العقوبات الى الاراضي الخليجية.
الثالث:
فتح القواعد والاجواء والموانئ للطائرات والاساطيل والجيوش الامريكية،
وربما الاسرائيلية في حال اللجوء الى عمل عسكري ضد ايران.
ما زال من
السابق لاوانه التكهن بمدى تجاوب الدول الخليجية مع المطالب الامريكية
هذه، ولكن الرد بالايجاب، وربما دون مناقشة، هو الاحتمال الاكثر ترجيحا،
فبعض الدول الخليجية، وخاصة المملكة العربية السعودية، تشعر بقلق كبير من
جراء تنامي القدرات العسكرية، النووية والتقليدية الايرانية، وتتطلع الى
جهد دولي للتعاطي مع هذا 'الخطر' بالطريقة التي تم فيها التعاطي مع نظام
الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
الدول الخليجية لعبت دورا اساسيا في
الجهود الامريكية لحصار النظام العراقي السابق، ومن ثم الاطاحة به من خلال
الغزو العسكري المباشر. ومن غير المستبعد ان يتكرر السيناريو نفسه في حال
لجوء واشنطن الى الخيارين نفسيهما، اي العقوبات والعمل العسكري.
الصين
ما زالت العقبة الكبرى في وجه اي قرار يصدر عن مجلس الامن الدولي بفرض
عقوبات على ايران، باعتبارها احدى الدول الخمس دائمة العضوية، فهي وعلى
عكس روسيا، ما زالت تعارض فرض مثل هذه العقوبات بسبب علاقاتها التجارية
القوية مع طهران، ولذلك تعول واشنطن كثيراً على الدول الخليجية التي تملك
احتياطات هائلة من النفط والغاز لاغرائها بعروض وعقود دسمة، لتغيير موقفها
والامتناع عن التصويت على الاقل في حال تقديم مشروع قرار الى مجلس الامن
بفرض العقوبات على ايران.
ايران تتابع التحركات الامريكية هذه دون ادنى
شك، العسكرية منها والدبلوماسية، ولا بد انها تستعد لاسوأ الاحتمالات،
والخطاب الذي ألقاه رئيسها محمود احمدي نجاد في ذكرى الثورة الايرانية،
يعكس حالة من الثقة بالنفس، بل والاقدام على مزيد من الاستفزازات لامريكا
وحلفائها، مثل الاعلان عن وجود قدرات لتخصيب اليورانيوم بنسبة تزيد عن
ثمانين في المئة، وهي النسبة الكافية لانتاج رؤوس نووية