هذا الكتاب فريق العمـــــل *****
عدد الرسائل : 1296
الموقع : لب الكلمة تاريخ التسجيل : 16/06/2009 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 3
| | تجرع مرارة الثورات العربية | |
بعد المشهد الإسلامي الرفيع الذي مورس بحق طاغية ليبيا قبل وبعد مقتله، علينا أن نجرع سم الثورات العربية بعد اليوم، بعدما أخذتنا الظنون بأن نذوق من طيبات هذه الثورات. يبدو أن القوى التي لها اليد الطولى في الدول العربية استكثرت علينا حالة الثورة على الطغاة، وأبت إلا أن تسلط علينا أراذلنا. فمنذ بداية الثورة التونسية بدأ التشكيك والأخبار المسربة بأن هذه الثورة لم تكن من صنع الشعب التونسي. وان أسرابا من جيوش غريبة الهوية كانت قد رست قبالة الساحل التونسي في المتوسط، والذين تدخلوا في الوقت المناسب. وبعدها بدأت الثورة المصرية فكان أول تصريح للإعلام الأمريكي هو أن قائد الجيش المصري المشير طنطاوي قد قطع إجازته التي كان يتمتع بها في ربوع أمريكا وعاد إلى مصر ليستلم مهمته، (يا لمحاسن الصدف!). ثم توالت السيناريوهات الممكنة للتدخل الأجنبي في الثورة المصرية من التشكيك بان ثلة من الشباب قد تلقوا دروس لشحذ الهمم ضد طاغية مصر. وهاهي الثورية اليمانية كرمان توكلي قد استحقت النوبل للسلام على جهودها في تنظيم الثورة والثائرات. أما شأن الثورة البحرانية والسورية، فوقع ضمن الصراع الإقليمي بين جبهة الإسلام السني والإسلام الشيعي. والثورة المغربية أجهضت قبل أن تنفخ فيها الروح بمبادرة من الشقيقة الكبرى السعودية بتكوين إتلاف الملكيات العربية، ومع أن جنين الثورة الأردنية مازال يقاوم ولم يرض بالحاضنة السعودية لحد الآن، إلا إن هناك أمل في إجهاضها من قبل المنقذ عون الخصاونة رئيس الوزراء الحالي للمملكة الهاشمية. والثورة الجزائرية التي كانت جاهزة للتفجير في أي وقت، فقد أخمدت لان طاغية الجزائر الفطن قد فهم الدروس وبدأ بإبرام عقود اقتصادية ضخمة مع دويلة قطر. قطر هي نقطة بداية النهاية، لماذا قطر؟ لماذا الشقيقة الصغرى اختيرت من الناتو لتتحمل هذه المسؤولية الجسيمة؟ مع إن المعلوم عن هذه الدولة إنها وهابية بامتياز وإنها قدمت للإرهاب الوهابي ما لم تقدمها السعودية ( المبتلية ) بالوهابية، ويكفي أن نتذكر موقف تلفزيون الجزيرة القطرية من أحداث ( الحرب على الإرهاب ). الجواب السليم قد يكون، أن التكنيك العالي القطري في تنفيذ ما تمليه عليه المستجدات السياسية في المنطقة بدأ من حرب ما سمي بالخليج ولحد تشكيل الحكومات في الدول التي أسقطت طغاتها. الثورات العربية مختلفة على حد قول حكومات الدول العربية ولكل دولة ظروفها وتحدياتها، إلا أن جميع الثورات التي قامت والتي منعت أن تقوم، تشترك في نقطة واحدة، وهي محاولات قوى الثورة المضادة لتغيير منحى هذه الثورات لكي يستقر النظام الوليد في كنف الإسلام السياسي والاسلامويين. أن تحصل هذه الحالة في مصر، أي استلام الحكم من الأحزاب الإسلامية، ليست مسألة غريبة وذلك لان حزب الإخوان كمثال، له تاريخ في التقريب والإقصاء من منابر الحكم، التي مورس عليه من قبل الحكومات المتوالية على مصر منذ إنشاء هذا الحزب ولحد الآن، إلى أن نفذ بجلده ليخرج على الملأ باسم جديد. أما أن يستلم الحكم في تونس من قبل حزب إسلامي فهذا أمر غريب حقا. قوى الإسلام السياسي في تونس تدرك إدراكا جيدا أن الشعب التونسي وخاصة المرأة التونسية على درجة عالية من الوعي بحقوقه وكرامته ، لذلك كان أول تصريح لغنوشي رئيس النهضة الإسلامية كان لتطمين المرأة التونسية الرافضة للحكم الإسلامي . الكل شاهد بدايات الثورة التونسية وكان الشغف لذلك عظيما كونها أول بادرة استيقاظ نشاهدها على الشاشات العربية والعالمية. هذه الثورة لم تكن ذات طابع إسلامي قط ولم تكن لشابات وشباب الثورة مطالب إسلامية بل كانت كل المطالبات تتحد بهدف بناء دولة مدنية تعددية. وعلى عكس ما انتظره الأغلبية من الشعب التونسي والعربي، سوف يستلم حزب الغنوشي مقاليد الحكم هناك، وهذا على ما اعتقد هو تمهيد لمراحل قادمة قد لا تبشر بالخير، من استلام الحكم من قبل متشددين في دول أخرى مثل سوريا، كون إن الشعب التونسي شعب منفتح على ثقافات شعوب دول البحر الأبيض، وقد اثبت ( التوانسة) تمدنهم أمام العالم من خلال ثورتهم السلمية الرائعة، فلا يمكن أن يستلم المتشددون الحكم بعد هذه الثورة مباشرة، كما سيحصل في ليبيا مثلا. سوف نجرع المرارات لأننا تطلعنا إلى التغيير مثلنا مثل أي شعب في العالم، فما إن تلمست القوى الخارجية أن شعوب البلاد العربية تميل إلى التغيير فهرعت إلى استلام زمام الأمور كي لا تستفحل وتتدخل القوى الإقليمية، أو تجد الأحزاب التقدمية طريقها إلى أفكار الشعوب، على اقل تقدير. ولا يمكن اعتبار الشرارة الأولى لهذه الثورات قد انطلقت من سيدي بو زيد بل بدأت من الانتفاضة الشعبانية، مع تحفظي على هدف تلك الانتفاضة التي استغلت القوى الإقليمية فيها إرادة الشعب العراقي بالتغيير، فبادرت أمريكا لقلب النظام لأنه شاخ وهرم ولم يعد مناسبا لحماية مصالحها في المنطقة، وهكذا تجري على الدول العربية الأخرى ما جرى على العراق من تسليم الحكم لقوى متدينة أو الداعية إلى التخلف واستغلال الشعور الديني. لا يمكننا أن نرفض الحكومات القادمة كونها متدينة، بل يمكن أن نرفضها لأنها تمارس التطرف الديني وخير شاهد على التطرف هو صيحات الله اكبر التي تطلق عند قتل أسير حرب والتمثيل بجثته في ليبيا، وكذلك المشهد المؤلم لشاب يذبح على حافة الرصيف في سوريا باسم الإسلام، وقبلها ذبح جندي أمريكي أمام الشاشات في العراق، من يرغب في هكذا تصرف؟ مناظر قذرة لأفعال أقذر من ما نتصوره أو ما نتمناه من هذه الثورات. من لم يرضى بدين فاتت عليه أكثر 1400 سنة فليجرع سموم همجية دين قادم بدعم الناتو ، رسوله من جزيرة العرب ومن الأعراب الذين هم اشد كفرا. | |
|