ناولنا في العدد الأول مفهوم الأزمة و إدارة الأزمة و الفرق بينها وبعض
الأشكال الأخرى القريبة منها و أوضحنا بعض خصائص الأزمة ونتناول في هذا
المقال أنواع الأزمات .قد تقسم الأزمات حسـب مستـواها أو طبــقاً لمسببــات
الأزمة والآثار المترتبة عليها من حيث مستوى الأزمة:
تنقسم الأزمة من حيث الأطراف المشاركة فيها ومكان حدوثها إلى أزمات داخلية وأخرى خارجية :-
أ ــ الأزمات الداخلية :
تعتبر
من أخطر التهديدات التي تواجه دولة ما حيث تمس كيانها الداخلي وتهدد أمنها
الوطني ، وتكون الأزمة الداخلية إما ذات طابع عدائي أو طابع غير عدائي . أزمات ذات طابع عدائي .
وتنحصر
في أعمال التخريب والعنف والإهارب أو في عدم الاستعداد للاندماج الحضاري
السياسي من إقليم داخل الدولة ومثال لذلك أزمة دار فور بالسودان.
أزمات ذات طابع غير عدائي :
وهي الكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد مثل الفيضانات والزلازل والبراكين وحوادث والغرق .. الخ .
ب – الأزمات الخارجيــة :
وقد
تكون دولية أي تنشأ بين دولة وأخرى أو بين دولة وعدة دول لا تنتمي إلى
منطقة واحدة وتهدف الدولة إلى إحداث تغيير حاد ومفاجئ في الوضع الراهن مما
يشكل تهديدا للأمن الوطني للدولة أو مجموعة الدول ينتج عنه ردود أفعال قد
تؤدي إلى حدوث صراع مسلح أو تخلق شعورا باحتمال حدوث الحرب وقد تكون أزمة
إقليمية وهي التي تحدث داخل منطقة لها خصائص واحدة متقاربة مثل الدول
العربية أو تكون أزمة داخلية إلى الإطار الإقليمي . نعطى أمثلة توضيحية على
ذلك وبشكل مختصر :
أزمة في إطار علاقة خصومة قطبية :
هي تلك
الأزمات التي تطرأ على العلاقات القائمة بين المحاور المتنافسة أو
المتصارعة على المستوى العالمي مثل أزمة الصواريخ الكوبية عام 1960 .
أزمة في إطار علاقة تبعية قطبية :
هي الأزمات التي تنشأ داخل إطار علاقة تحالف قائم مثل تلك الأزمة التي هددت حلف وارسو عام 1968 في تشيكوسلوفاكيا .
أزمة في إطار علاقة إقليمية :
مثال / أزمة كشمير بين الهند وباكستان عام 1965 .
/ الأزمة التي حدثت في الأردن عام 1970 وأطلق عليها ( أيلول الأسود ) .
ج – أزمة داخلية تتحول إلى الإطار الإقليمي أو ( الدولي ) :-
مثل/
[]
أزمة الوحدة اليمنية بين الشمال والجنوب عام 1994 والتي انتهت بحدوث
صراع مسلح بين الجانبين وتدخلت بعض الدول العربية ، والمنظمات العالمية "
هيئة الأمم المتحدة " من أجل إنهاء القتال ووقف إطلاق النار .
ولكن التأثير الإقليمي والعالمي لم يؤد إلى وقف القتال وانتهى لصالح الشمال بالقضاء على تمرد الجنوب .
[]
أزمة البوسنة والهرسك والتي تحولت من أزمة داخلية إلى الإطار الإقليمي ثم
الدولي ، والتي لم تحسم بسرعة بسبب ضعف الموقف الدولي وبسبب التأييد
والمعونة الخارجية الضخمة التي يحصل عليها صرب البوسنة على الرغم من صدور
العديد من قرارات الأمم المتحدة.
[] أزمة الحرب الأهلية الداخلية في
رواندا و التي تحولت من أزمة داخلية إلى أزمة دولية تدخلت فيها الأمم
المتحدة سواء بإرسال قوات عسكرية أو بإرسال الإمدادات.
من حيث النوع :
يمكن تقسيم الأزمات طبقا لمسببات الأزمة والآثار الناتجة عنها كالآتي :-
أ – أزمات اقتصادية :
• نقص موارد ( قصور في موارد وتمويل الميزانية )
• الطاقات العاطلة
• تزايد معدلات البطالة
• انهيار عملة الدولة .
• أزمات الديون .
• الحصار الاقتصادي .
• انهيار صناعي .
ب – أزمات عسكريــة :
يمكن
أن تكون داخلية مثل محاولة القيام داخل الدولة بتغيير نظام الحكم أو
تعديله وقد تكون الأزمة العسكرية خارجية مثل الحشود العسكرية على الحدود
بين دولتين الأمر الذي ينتج عنه تصاعد حدة التوتر بينهما وقد يؤدي إلى
الحرب مثل الحشود العسكرية التي تمت في سيناء عام 1967 وكان من نتيجها
القيام بالحرب . وقد تكون الأزمة العسكرية ظهور العدو في مكان غير متوقع
للجانب الآخر كما حدث في حرب أكتوبر 1973 عندما قامت القوات الإسرائيلية
بعبور قناة السويس إلى الضفة الغربية وحاولت تطويق الجيش الثالث من الغرب
مما خلق أزمة عسكرية أطلق عليها " الثغرة " وأستغرق حلها عدة شهور كما أن
الجسر الجوي الذي أقيم في العريش بين الولايات المتحدة وإسرائيل أثناء حرب
أكتوبر 1973 لتزويد إسرائيل بالأسلحة والمعدات خلق أزمة بالنسبة لمصر بل
كانت عاملا من العوامل التي دفعت الرئيس الراحل السادات إلى قبول نداء وقف
القتال في حينه . كما أن استخدام العراق للصواريخ أرض – أرض طويلة المدى في
ضرب الأراضي الإيرانية في حرب الخليج الأولى أجبرها على الموافقة على وقف
الحرب وتتمثل الأزمة العسكرية في .
(1 ) – تمرد داخلي
(2) – حشد وتهديد
(3 ) أزمات أثناء اندلاع الحروب .
• دخول فاعل لطرف جديـــد في الحـــــرب .( الجسر الجوي لإسرائيل أثناء حرب 73 )
• خروج فاعل لطرف من الحرب .
• التطور التكنولوجي في الأسلحة والمعدات أثناء الحرب ( صواريخ م/د مع جنود المشاة المصريين في حرب 73 .
ج – أزمات سياسية :-
هي الأزمة التي تنشأ بسبب تخلف وقصور النظام السياسي بمفهومه الواسع ( إدارية – دستورية – سياسية – اجتماعية – ثقافية ) .
تحدث
الأزمة السياسية نتيجة سلسلة من المتغيرات في النمط السياسي المعتاد
للدولة وتعتبر الأزمة الدولية أحد صور الأزمات السياسية نتيجة تعارض
المصالح بين دولتين أو أكثر ذات سيادة على هيئة نزاع قد يتطور إلى صراع مع
احتمال اندلاع حروب وتتميز الأزمات السياسية بما يلي :-
الحـــدة :-
يمكن تعريف الحدة بأنها درجة العنف المتضمنة في الأزمة أو بمدى حرج الاختيارات التي تفرضها الأزمة على الدولة والمؤسسة .
نطاق الأزمــة :
يعتمد على عدم أهمية أطراف الأزمة ويمكن أن تكون الأزمة بسيطة حيث يوجد طرفان فقط أو أزمة مركبة بحيث يوجد أكثر من طرف .
د – أزمات الكوارث :-
تعريف الكارثـــــة :
هي
حدث يسبب تدمير وخسائر في الأرواح وانهيار في الخدمات الصحية إلى المستوى
الذي يدعو إلى ردود أفعال غير عادية مع احتمال طلب المعونة من خارج
الأقاليم المعرضة للكارثة.
تقسيم الكوارث :-
[] كوارث طبيعية :
يتمثل في الزلازل والبراكين والفيضانات وهذه التهديدات المختلفة تهدد
النظام وتتطلب اتخاذ قرار عاجل طبقا لنوعها وظروفها .
• سريعة الحدوث ( زلزال ) أعاصير وعواصف ، موجات حرارة شديدة … )
• بطيئة الحدوث ( جفاف ) .
- كوارث بسبب العوامل البشرية :
• سريعة الحدوث ( حرائق / حوادث صناعية / تحطيم طائرات ….)
• بطيئة الحدوث ( أزمات اقتصادية / تلوث بيئي ….) .
هـ – الأزمات الاجتماعية :-
هذا
النوع يكون داخليا أي داخل الدولة نفسها وتقوم بها فئة معينة من جماعات
الضغط داخل المجتمع قد يكون لها مطالب معينة محدودة ويظهر ذلك في المظاهرات
والاضطرابات التي تقوم بها هذه الجماعات .
تنشــأ هـــذه الأزمـــات
نتيـــجة عـــدم توفـــــر الحريـــات الضروريـــــة للشعـــــب ( مأكل /
ملبس / أمن / صحة / عمل ) أو عدم توفر الحريات أو عدم توفرها معاً ويمكن
أن تكون هذه الأزمات في صورة.
إظطرابات عامة :
• سخط شعبي
• مظاهرات سياسية إضراب عن العمل .
• التمرد. و في حالة عدم السيطرة على هذه الاضطرابات العامة قد تتحول إلى صور أعنف مثل الثورة الشعبية أو الحرب الأهلية .
- انتشار الجريمة المنظمة :
- انتشار المواد المخــــدرة :
و – أزمات الإرهاب الدولي :
يمثل
الحدث الإرهابي صورة مثالية للأزمة ، فالعملية الإرهابية ينطبق عليها
تعريف الأزمة انطباقا تاما من حيث المفاجأة والتهديد وضيق الوقت كما أصبح
الإرهاب الدولي أحد أساليب الصراع بين الدول تمارسه الجماعات السياسية
والحكومات بهدف التأثير على خصومها لتحقيق أهدافها السياسية .
ز- الأزمة الثقافية :-
هي
أزمة الفكر حيث تنشأ فكرتين مختلفتين بين جماعتين يعتنق كل منهما مبادئ
معينة أو يفسر وقائع معينة بطريقة مختلفة عن الطرف الآخر ، وغالبا ما يكون
هذا النوع من الأزمات الداخلية مهددا للأمن الداخلي .
من حيث مجال التنفيذ :-
قــــد تحــــدث الأزمـــــة طبــــــقاً لمجــــال تنفيذهـــــا إمــــاَّ فــي البر والبحر أو في الجـو.
الأزمة البرية :-
هي الأزمة التي تدور أحداثــــها ووقائعها كاملـــــة منذ بدايتها حتى نهايته على الأرض .
الأزمة البحرية :-
هي
الأزمة التي تنشأ بين الدول بسبب حشود الأساطيل البحرية أو تحرك أسطول أو
قطع بحرية من بحر إلى آخر أو حشد القطع البحرية بالقرب من شواطئ دولة أخرى
ومثال ذلك أزمة خليج سرت بين الولايات المتحدة والجماهيرية .
قد تنشأ
بواسطة جماعة لها مطالب معينة تحاول فرضها بالقوة مثل السفينة ( أكيلي
لاورو ) في أكتوبر 1985 ، التي قامت بها جماعة أبو عمار للإعلان عن مطالبهم
بالإفراج عن مجموعة من الأسرى الفلسطينيين والتوجه من البحر الأبيض
المتوسط إلى ميناء بور سعيد ، ثم تدخل مصر لحل المشكلة وضمان ترحيل
المختطفين إلى تونس و قيام أحد طائرات الأسطول السادس الأمريكي باعتراض
الطائرات المصرية وإجبارها على الهبوط في أحد المطارات التابعة لحلف شمال
الأطلنطي في البحر المتوسط ، الأمر الذي أثار أزمة دولية بين مصر وأمريكا
في ذاك الوقت ، ونجد هنا أن الأزمة تمت في البحر والبر والجو .
الأزمة الجوية :
هي الأزمة التي تحدث في الجو مثل اختطاف طائرة واتخاذ ركابها رهائن من أجل تنفيذ مطالب معينة
مصدر الأزمة ومسبباتها :
إن الأزمة تنتج عن ثلاثة مسببات وهي :
[]
أعمال موجهة من الخارج سواء كانت قوليه" كلامية " مثل التهديد بالهجوم
والانتقام أو العقوبات الاقتصادية والعسكرية ، أو فعلية ( مادية )
كالأعمال السياسية المضادة و تكوين التحالفات وقطع العلاقات الدبلوماسية
وإلغاء معاهدات وأعمال اقتصادية مثل الحظر والمقاطعة أو أعمال عسكرية غير
عنيفة مثل التعبئة وإجراء المناورات والتظاهر العسكري … إلخ .
[] تغيرات
خارجية والتي ربما تأخذ شكل الأعمال العسكرية الغير موجهة ولا تتسم بالعنف
مثل تطوير الأسلحة وتغيير نظام التسليح أو زيادة القدرة الدفاعية بالإضافة
إلى الأعمال السياسية مثل تحدي الشرعية الدستورية من قبل دولة أخرى أو
تنظيم دولي . ؟
[] أعمال داخلية معادية سواء كانت شفاهية أو فعلية :
فالقولية تمثل تحدي للنظام القائم عن طريق التحريض أو التمرد والعصيان من
كل وسائل الإعلام والتشكيك في القانونية والشرعية ، وقد يصل هذا التمرد إلى
حد التخريب وأعمال الشغب والاغتيالات أو محاولة الانقلاب .
وزن الأزمة وثقلها :
ويقاس بمدى إدراك أن القيم الأساسية للدولة أو كيانها معرض للخطر وعلى
سبيل المثال التعرض للخطر عن طريق ضم منطقة لأحد الكيانات الدولية الأكبر
أو استقطاب أو فرض الحماية والوصاية عليه أو فرض إقامة قواعد عسكرية على
ترابه وهناك قيم أخرى مثل الإقليمية واستقلال النظام السياسي والقيم
الدينية والمصالح الاقتصادية …
مدى تعقد الأزمـة :
تحدد من
المنطلق الكمي ومدى المصداقية ، المنطلق الكمي يرتبط بمدى الجهد الواقع على
متخذي القرار والذي قد يتدرج من واحد إلى أربعة قضايا وعدد الأعداء
والحلفاء ويشير مدى المصداقية إلى دقة وصدق المعلومات عن الذات والأعداء
والحلفاء بالنظر إلى موقفهم ونواياهم وإمكانياتهم ومدى تعقد تلك القيود
التي يفرضها عامل الوقت والمسافة والعامل التكنولوجي .
كثافة الأزمــة :
تقاس
كثافة الأزمة بحجم الأعمال الغير ودية في زمن محدد وما يتخلله من فترات
ضغط وذلك من حيث النوعية خلال المدى من تأرجح بين الخطر و الاعتدال ، ومثال
ذلك : تصرفات العراق خلال أزمة الخليج وكثافة وحجم الأعمال الغير ودية
التي نفذتها بالكويت مثل " عملية الغزو – احتجاز الأجانب – محاصرة السفارات
،أبار البترول وتلويث المياه … الخ "
المدى الزمني للأزمة :
• مدة قصـــــيرة : من يوم إلى أسبوع .
• مدة متوسطة : من أسبوع وحتى ستة أشهر .
• مدة طويلة : تمتد لأكثر من ستة أشهر .
أسلوب ( نمط الاتصالات ) لحل الأزمة :-
تتضمن
شكل الأفعال الاتصالية إذا كانت بالتلميح ( الإشارة ) أو العمل وطبيعة
الاتصال ، ويتوقف نمط الاتصال على درجة السرية والرسمية ومدى استمرارية
عملية الاتصال وتتضمن الأشكال التالية :
• اتصالات في صورة محادثات شفوية أو لقاءات شخصية أو الاثنين معا.
• اتصالات رسمية أو من خلال طرف ثالث أو من خلال وسائل الإعلام .
• مستوى الاتصال اعتبارا من أعلى مستوى في الدولة إلى المسئولين الآخرين