** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh

موقع للمتابعة الثقافية العامة
 
الرئيسيةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول



مدونات الصدح ترحب بكم وتتمنى لك جولة ممتازة

وتدعوكم الى دعمها بالتسجيل والمشاركة

عدد زوار مدونات الصدح

إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوع
 

 الحجـرة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
تابط شرا
فريق العمـــــل *****
تابط شرا


عدد الرسائل : 1314

الموقع : صعلوك يكره الاستبداد
تاريخ التسجيل : 26/10/2009
وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 3

الحجـرة  Empty
26102011
مُساهمةالحجـرة

الحجـرة  EmailButton



الحجـرة  Drafnanalqasim

د. أفنان القاسم





الروح من طبيعة مستقلة عن الجسد.



رونيه ديكارت



المراهقون الممزقون بين نداء الشهوة ورعب الخطيئة.



أندريه موروا



الإنسان هو الكائن الذي لا يمكنه الخروج من ذاته، الذي لا يعرف الآخرين إلا في ذاتهم.



مارسيل بروست





كانت لحجرتي أربعة جدران واطئة ونافذة واحدة بِصِفقين مغلقين
دومًا، وكان الضوء يتسلل بالكاد منهما، بالقدر الذي تنقص معه العتمة. كانت
حجرة صغيرة، مستطيلة، في الطابق الأول، تطل على الفناء. وفيما مضى، كانت
أمي تجعل منها تَسقيفة البيت. كنت قد صنعت ستارًا من الشراشف القديمة
الملونة، المثقوبة في الوسط وعلى الجوانب، لأقسم حجرتي قسمين، أحدهما أكبر
من الآخر، ولأخفي سريري.




صعدت على كرسي من القش لأفحّم بقعة انحلت على جبين إليزابيث
تيلور. كنت قد رسمت على الجدار صورة الممثلة التي أعبدها، وكنت أتمنى أن
تتجلى لي ذات يوم بجسدها لأقضي معها ليالي الهوى الأكثر جنونًا. نمقت
جبينها، وأعدت رسم حاجبيها المذهلين، ثم نزلت لألتصق بالجدار المقابل،
وأفحص عن بعد اللمسات "السحرية" التي أضفتها. لم يرضني ما فعلت: كنت قد
سودت الجبين أكثر مما يجب، فوق الحاجب الأيمن خاصة، وكأن ذلك ضربة عصا! لم
أفعل ما يمكن إصلاحه، فلم أكن رسامًا. كنت قد أنجزت هذا الرسم دون ميزة ولا
روح، دون استعارة ولا رسالة، لأني لم أولد للرسم. كان ذلك لسد الفراغ،
فقط، أو ربما لإضاعة الوقت.




- عدنان!



كانت أمي.



- ينتظرك شريف على الباب، انزل!



ألحت:



- انزل، يا عدنان! شريف ينتظرك!



كانت حجرتي تقع فوق المطبخ، وكنت أفضي إليها بالصعود على درج
ضيق من الخشب. لم أكن أرغب في رؤية شريف، أعز أصدقائي. كان واقع أن أجد
نفسي في حجرة معتمة، حجرة معلقة، يعمق من رغبتي في العزلة. كان عالمي ينحصر
بين جدراني الأربعة الصغيرة، ولم يكن الخارج يثير اهتمامي. كان للقلق
والحزن والعزلة في حجرتي مذاق لذيذ.




- هل تسمعني، يا عدنان؟ انزل، شريف ينتظرك!



سمعت قبقاب أمي، وهي تحاول الصعود بحذر، لهاثها التعب من وراء
الباب، دقاتها: طق، طق، طق... وهذا السؤال الذي لم يكن موجهًا إلا
لطمأنتها:




- هل أنت هنا، يا عدنان؟



تماهت النبرة الحادة التي كانت لها منذ قليل بالقلق، كانت على
التأكيد تفكر أنني لم أكن هناك، أنني خرجت دون أن أعلمها، وكان ذلك يقلقها
كثيرًا: كانت تريد أن تعرف كل شيء عني، حركاتي، أفكاري، وكنت لا أحتمل ذلك.
تخيلتها مصابة بالرعب، فأشفقت عليها. آه! يا للأم التعسة!




أمسكت أنفاسي، وعيناي تحطان على قبضة الباب. كنت أسبب لها
القلق، مما أسعدني. وأنا أحتفظ بالصمت، كان ذلك كما لو كنت آخذ بثأري
الصغير منها، في حين أنها رأتني أصعد إلى حجرتي قبل ساعة. كانت على التأكيد
تتساءل أين أمكنني الذهاب، وعلى الخصوص كيف نجحت في التخلص من تنبهها.
أدارت قبضة الباب بعصبية، كان الباب موصدًا. بقيت صامتًا، ونظرت إلى صورة
معبودتي التي رأيتها تقترب مني فجأة. عادت أمي تطرق الباب بيدها الرقيقة،
ولكن الشديدة والعريضة، دون أن تحصل على جواب. كانت الحجرة تسقط في صمت
مطبق، وأنا، كنت أتجسد شخصية أخرى، شبحية. مُسِخْتُ في ظل وادع، بوداعة ظل
معبودتي التي بدأتُ أحس بنفسها، وهو يمتزج بنفسي. لكن هدوئي كان خادعًا،
لأني كنت أقدر قلق أمي، ولم أكن أفعل شيئًا. ليدوم ثأري. كان ذلك شنيعًا من
طرفي، لكنه أقوى مني. كانت تلك الطريقة الوحيدة للإفلات من سلطة أمي،
وإرضاء جبني.




لم أزل أسمع بعض الخطوات المترددة، ثم عادت تنزل الدرج، وهي
تطرق قبقابها دون أدنى حذر، الآن بعد أن اعتقدَتْ أنني لم أكن موجودًا. كنت
قد أثرت غضبها. سمعتها بخفوت أقل، وهي تدخل الصالون، وتنفستُ الصعداء.
انفك ارتباطي بالصورة، وفقد الرسم كل ما يشدني إليه. كانت فوضى الخطوط تشكل
في العتمة لطخة على الصدر والكتفين، وكنت أشعر بالجفاف في حلقي، وأنا أقول
لنفسي، لقد قهرتها، بالطبع أمي. ستقول لشريف: وجدت حجرته موصدة! خرج حتمًا
دون أن أنتبه إلى ذلك، وهذا أمر غريب حقًا! إنها المرة الأولى التي يخدعني
فيها هكذا، أنا أمه! سيقول شريف مخيبًا، وهو يقطب جبينه: طيب! قولي له أن
يلحقني إلى المنزل، فلدي ما أقوله له. – ماذا؟ - آه! لا، يا مدام هاشمي.
إنه سر ما بيننا. – سر؟ عدنان لا يخبئ شيئًا عن أمه. أبلغك أنني أمه، في
حالة إذا لم تكن تعلم. – أعلم، يا مدام هاشمي. أعلم أنك أمه. مع السلامة،
يا مدام هاشمي. إياك أن تنسي، ليلحقني إلى المنزل حال عودته. سيعطيها ظهره
مفكرًا: آه! يا للأم المضجرة! سيداعب برفق الورود التي في الأصص، الموضوعة
على درجات السلم الخارجي، ثم لن يفكر فيّ. كان ما يهم شريف شيء واحد: الحب.
هذا ما كان يريد أن يقوله لي. الحب، الحب، الحب... على عكسي، دومًا ما كان
لشريف مشروع جاهز لاقتناص بنت، وبنت عائلات، يعني غبية، لكنها تفي باللازم
لبعض الوقت. جميلة أم لا، لم يكن ذلك مهمًا، لكنها غالبًا ما تكون جميلة،
بالنظر إلى المحتِد الأرستقراطي لفرائسه المحظيات. ولماذا بنت عائلات على
التحديد؟ لأن بنتًا من هذا النوع غالبًا ما تكون غبية، ومن السهولة أن تسقط
في شباك ولد كريم النسب كشريف. أضف إلى ذلك أنهن غالبًا ما يكن حالمات،
يعني مستعدات لكل شيء، رغم تربيتهن الصارمة، وكل المحرمات التي تتضمنها.




ابتسمت، وأدرت ظهري للرسم. سحبت الستار، وجلست على حافة سريري.
كان من الحماقة ألا يهمني الحب بالقدر الذي يهم شريف. ربما كنت مختلفًا.
كنت جافًا كرمل الصحراء، لأني أكمم عواطفي منذ البداية. كنت أخشى الوقوع في
الحب. كان شريف قادرًا على أن يحب فتاة في كل يوم، كل ساعة، كل دقيقة، كل
ثانية، وليس أنا. من جهة أخرى، لم يكن ذلك يسمى حبًا ولكن حبًا عابرًا. في
نهاية الأمر، لم يكن شريف يعرف عن الحب شيئًا. أنا كنت أعرف، وكنت أريده أن
يكون مطلقًا. ربما كان ذلك ذريعة أبرر بها خوفي من الحب، ضعفي أمام
أهوائي، هربي من كل عاطفة تبديها فتاة لي. كنت أفضل الظمأ عزلة على
الارتواء رغبة.




كنت أربط أحيانًا هذا الموقف الذي أجده غير مألوف لشاب مثلي
بوضعي المالي، فالواقع أني منذ عامين لحصولي على الشهادة الثانوية العامة
لم أجد عملاً. كان والدي قد أوقف نشاطه المهني لأسباب صحية، كان يشكو من
ربو مزمن، وكان لي سبعة إخوة وأخوات، وأمي التي لم تكن تريد بأي حال من
الأحوال التضحية بالمظاهر، كانت تحتاج وحدها إلى مرتب كامل.




وقع نظري فجأة على ركام من الأشياء في الزاوية المجاورة
للنافذة. هذه الأشياء، الخالية من كل ذاتية، أثارت انتباهي. نهضت لأراها عن
مقربة، وكنت أعرف مسبقًا أنها أشياء محطمة، وبالتالي ليست نافعة. مقاعد
فقدت ذراعًا أو قدمًا، درفات ذات مرايا مشدوخة، منضدات معوجة، ملابس ممزقة،
أغطية من الصوف قرضها العُث. ولكني لاحظت للمرة الأولى أن عنكبوتًا كانت
قد نسجت شبكة ضخمة، وأقامت عشها في ثقب في السقف. ورأيتها، عريضة وشديدة
السواد، تختلف اختلافًا كبيرًا عن الحشرات التي اعتدت مصادفتها. وربما
لأنها أحست بوجودي، تحركت العنكبوت، وبدأت تحدق فيّ بعينيها المدورتين
والمستقصيتين. أحسست فجأة بالتفاهة. عادت العنكبوت إلى النسيج، فشعرت في
فمي بخيط من اللعاب باردٍ برودة الخيط الذي كان يخرج من جوفها. فكرت: كلانا
حشرة! لم يطل بالعنكبوت الأمر أن اعتادتني، وخيل لي أنها حيتني قبل أن
تغيب في ثقبها. نعم، كلانا حشرة. هذه الحجرة عشنا. في الماضي كانت تسقيفة
البيت، واليوم، للعنكبوت ولي، مدانا الحيوي.




كان بإمكاني الاحتفاظ بحجرتي في الطابق الأرضي، وألا أقترح على
أمي إقامة صغارها فيها. لكني كنت أريد بناء عالم لي وحدي دون معونة أحد،
عالم منعزل، حيث أستطيع أن أكون فيه حرًا تمامًا. بدت لي التسقيفة المكان
المثالي. أصلحنا ما يمكن إصلاحه، بعنا كل الخردوات المعدنية والنحاسية،
أحرقنا الأشياء الأقل نفعًا، حتى أستطيع في النهاية دخول عالمي دخول
المنتصرين.




دخول المنتصرين؟ ليس تمامًا. لأني لم أكن مستقلاً إلا في
الظاهر. ستبقى حريتي خدعة طالما ظلت أمي تلاحق خطواتي، أفكاري، رغباتي...
ما عدا مغافلتها، وسرقة بعض لحظات المتعة، كنت مراقبًا بلا انقطاع. كانت
فكرة أن أشارك عالم الظل وشبه الظل هذا العنكبوت السوداء مرعبة وعبقرية.
كانت تجربة مبتكرة، تجربة لا يملكها أحد غيري نكاية في كل شيء. لم أكن أنكر
علاقتي بالحشرة، ولم أكن أديم صراعًا من أجل العيش ما بيننا. كنت أعيش
معها وكل الحشرات التي ألتقيها من وقت إلى آخر. كنت أعتبر نفسي عليها
ملكًا، وهي رعيتي. وأنا بالنسبة لها سأكون الأقوى دومًا، الأكثر خطرًا،
ولكن الأكثر ضعفًا بالعلاقة مع أمي وناس العالم الخارجي، الأكثر جبنًا.




وأنا أريد أن أمسح أُس كرسي من القش، أثرت زوبعة من الغبار.
عندما نفخت على يدي، انتشرت في الحجرة رائحة صمغ ورطوبة. لم أستطع التحكم
بسلسلة من العطس إلا بالتنفس عبر منديل من الورق. كنت خائفًا من أن تسمعني
أمي. توصلت أخيرًا إلى تهدئة النوبة. ألصقت أذني على الباب للتأكد من أنها
لم تكن تصعد درجي الضيق الخشبي، وبعد ذلك رميت نفسي على سريري منهوكًا،
وحدقت في السقف.




قالت أمي لأبي، أمي التي كانت تعتبر أني لم أزل طفلاً:



- يقلقني الولد، راح دون أن يخطرني، وهو ليس عند شريف، فأين أمكنه أن يذهب؟



قال أبي:



- لم يعد طفلاً كما تعتقدين، فهو كبير بما فيه الكفاية ليذهب حيث يشاء، توقفي عن معاملته كطفل.



- سيظل لي طفلاً دومًا، طفلي، طفلي الوحيد.



- والأطفال الآخرون الذين لك، ليس لديهم حساب عندك؟



- لا، ليس لديهم حساب عندي، هم أولاً أطفالك.



- أطفالي وأطفالك.



- هم أولاً أطفالك. عدنان شيء آخر، عدنان طفلي، هو بكري، كل حب الأم الذي لدي له. هو مفضلي.



- ما أنت إلا أنانية، تفضلينه لأنه كبير الآن، لأنه يستطيع العمل لخدمتك.



- هذا بالتأكيد، لقد أحسنت القول، عليه العمل لخدمتي، لتحقيق
كل رغباتي، وزد على ذلك سيكون الشيء نفسه للآخرين عندما يكونون في عمر
يكدون فيه. على الجميع أن يتعاونوا بما أنك قاعد في البيت، مختبئ كامرأة.




- أنا المريض، مختبئ كامرأة!



وأخذه سعال عنيف.



- توقف عن السعال، هلا توقفت؟



لم يستطع التوقف.



- قلت لك توقف عن السعال، يا ضفدعة! توقف عن السعال!



توقف أخيرًا.



- لا تدعيني ضفدعة، من فضلك!



- عندما تبدأ بالسعال، وكأنك تفعل ذلك عمدًا كالضفدعة، وكأنك لن تتوقف أبدًأ.



- لا تدعيني ضفدعة!



- وتريد أن أدعوك كيف؟ ليث، ثعلب؟ لا الليث ولا الثعلب يمكنهما أن يصبحا مربوئين، الضفدعة بلى.



- لا تدعيني ضفدعة!



- تستطيع الضفدعة الإمساك بالربو لأنها تعيش في الماء.



- لا تدعيني ضفدعة، قلت.



- لا تريد أن أدعوك ضفدعة، إذن كيف تريد؟



- لا شيء.



- أن أدعوك لا شيء! حلوة هذه النكتة. لكن في وضعك الحالي أنت لا شيء.



- لا تكلميني هكذا، من فضلك! كنت في الماضي شيئًا كبيرًا، وهذا أنت تعرفينه جيدًا.



- في الماضي.



- الآن هناك مفضلك. سنرى إذا كان على مستوى رغباتك الشهيرة، عدنانك.



- لا تسخر به، سيكون كما أريد، كبيرًا وجميلاً وغنيًا. سيحب أمه، ويفعل كل شيء من أجل رضاها، ليس مثلك، يا ضفدعة!



- قلت لك ألا تدعيني ضفدعة، يا رب السماء! لا تدعيني ضفدعة!



- لن أدعوك ضفدعة، ضفدعة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

الحجـرة :: تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
 

الحجـرة

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:تستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
** متابعات ثقافية متميزة ** Blogs al ssadh :: اخبار ادب وثقافة-
إرسال موضوع جديد   إرسال مساهمة في موضوعانتقل الى: