اذا كان الاسد حكيما فليهرب
صحف عبرية
2011-10-21
بسقوط
عدوك لا تفرح، توصي اليهودية، ولكن هذا منوط بمن هو عدوك: أنا فرحت بسقوط
صدام حسين، فرحت بسقوط معمر القذافي وسأفرح بسقوط بشار الاسد.
من ناحية
العدل التاريخي لا فرق بين نهاية صدام ونهاية القذافي، باستثناء حقيقة ان
الاول اعدم بعد محاكمة استعراضية سخيفة والثاني اعدم قبل ذات المحاكمة.
هذا، وحقيقة أن اسقاط صدام كلف حياة عشرات الالاف في الوقت الذي كان اسقاط
القذافي 'بخسا' بالنسبة لحياة الانسان.
نظرية الدومينو تعمل بالذات في
الشرق الاوسط المجنون. التالي في الدور سيكون حاكم سوريا، دكتاتور وحشي
ومريض لا صلاح له. وهو وحيد في قصره نظر الاسد امس بحزن وبعصبية الى صور
تصفية القذافي وبالحدس عرف بان ذات المصير يترقبه هو ايضا ويترقب ابناء
عائلته. نظامه منتهٍ، واذا ما تبقت قطرة عقل في رأسه فان عليه أن يهرب منذ
هذه الليلة من دمشق الى مكان آمن في أمريكا اللاتينية. هو وكلاب حراسته
قتلوا حتى الان متظاهرين أكثر مما قتل في كل حرب ليبيا.
من قتل أمس على
ايدي عصبة من حملة السلاح من ابناء شعبه، ليس فقط حاكم ليبيا. معه قتل
ايضا الرمز الاخيرة لطريقة الحكم السياسية التي سادت العالم العربي على مدى
اكثر من نصف قرن: 'الاشتراكية العربية'. الاشتراكية العربية ألهبت حماسة
الجماهير في الدول العربية في الخمسينيات من القرن الماضي مع تحررها من
قيود الاستعمار. وقد اقترحت خليطا من القومية العربية الفتية والمستقلة مع
شكل حكم حديث يعتمد على الحزب الواحد وعلى سيطرة الدولة على الاقتصاد.
الاشتراكية العربية وعدت المؤمنين بها بجنة مزدوجة، على الارض وفي السماء.
توجهت الى المشاعر والى العقل عندما عرضت وحققت برامج تنمية وحداثة
اجتماعية.
ولكن منذ نهاية السبعينيات تبين ان للاشتراكية العربية لا
يوجد افق. الايديولوجيا الاجتماعية تبخرت منها تماما ولم يتبقَ سوى الطمع
العاري للحكم لدى نخبة حزبية عسكرية ضيقة، لم تكن مستعدة لان تتخلى عن
امتيازاتها وتمسكت حتى اللحظة الاخيرة بقرون المذبح. الى أن تحطم المذبح
تحت غضب الشعب.
يظهر التاريخ بان دولا ديمقراطية بل ودول شبه
ديمقراطية، لا تقاتل الواحدة ضد الاخرى، حتى عندما يسود بينهما العداء.
وعليه فليس ظاهرا ما لاسرائيل أن تأسف عليه بنهاية الدكتاتوريين من مدرسة
'الاشتراكية العربية' العفنة ومواصلي دربها. فقد قاتلونا ولم يكونوا من
عاطفينا، على أقل تقدير.
ولكن ما هو الاحتمال في أن تضرب الديمقراطية
جذورها في العالم العربي ولا تحتل مكانها دكتاتورية اسلامية متزمتة. للتخوف
في ان يحصل هذا يوجد أساس بالفعل، ولكن لا يوجد له بعد تجسيد في الواقع.
عملية تغيير الدكتاتوريات بصناديق الاقتراع لم يحصل حتى الان في أي دولة
عربية اسلامية. لا في العراق، لا في افغانستان ولا في السودان.
صحيح،
هناك من يتنبأ ان في الانتخابات القريبة القادمة في تونس وبعد ذلك في مصر
سيستغل الاسلاميون اللعبة الديمقراطية من أجل الوصول بواسطتها الى الحكم
ودفنه لاحقا. ولكن عندي رأي آخر: للديمقراطية، برأيي قدرة رائعة على الدفاع
عن نفسها، ومن اللحظة التي تنهض فيها وتسيطر على الجماعة البشرية. بكون
الديمقراطية فطرة الانسان، فليس الانسان مستعدا للتخلي عنها بسهولة، ولا
سيما بعد أن يكون تذوق طعمها. لا سبب يدعو الخلق في العالم العربي يتصرفون
على نحو مختلف.