سهمٌ يهمس باسمي
أحمد الملا
(السعودية)
سهمٌ يهمس باسمي
(1)
بضربةٍ واحدةٍ
تقشّرَ زئبقُ طمأنينتهِ
ولم يعد وجهُهُ مرئيّاً
عيناهُ تسرحان في الزجاج
تطاردُهُ وحشة ٌ.. وتهزُّ كتفيهِ .
( 2 )
في البردِ غرفة ٌمعلقة ٌوفراغٌ عارمٌ ،
قوّستْ يسارَهُ أحلامٌ ناحلة ٌ .
جسدٌ يطلقها من عينين ِ تفوحان بفقاعاتٍ تتبددُ قبلَ السقفِ .
جسدٌ عائمٌ في أغطيةٍ قصيرةٍ .
جسدٌ يباعدُ الجدرانَ بما يدّعيهِ من السُّعال ِ أو نفثاتِ الدخان .
جسدٌ قاومَ مطرقة َالحنين ِ الموقوتةِ في مفاصل ِ الخشبِ .
تقرّحتْ كفُّهُ من إحكام ِ محبس ٍ يتواطأُ مع اختلاس ِالماءِ ورنّةِ
المعدن .
( 3 )
الألمُ بَدَّلَني
بوجهٍ يطلُّ من المرآةِ
منذ ناولْتِني الغيابَ ،
أيتُها الحياة ُ
يا أرملتي السعيدة ُ
حملتـُكِ النفقَ كلَّهُ
وفي وثبة الشمس ِ
صببتِ في كَفـَّيَّ
صَفَارَ القسوةِ .
( 4 )
غرستُ في دربـِكِ
نخلة ً
ربما مرّة ً
توقظـُكِ من الغفلةِ .
( 5 )
في غرفةِ موتٍ
في عاصمةٍ باردةٍ
في سنةٍ بعيدةٍ ؛
فديتُكِ بجسدي نذرتُهُ لتـُشفي .
الآن في غرفة ٍ ضامرةٍ
أُقدِّمُ القربانَ .
( 6 )
ليس الندمُ ما يشتدُّ بالقلبِ
بل وهنٌ يفترسُ دونَ كلل .
الوعرُ سَهَّلَهُ الهَوى
فصعدَ .
وعولُ الندم ِ هَرَّتْ قرونُها
ورعتْ في السُّهول ِ .
تدلَّى قلبٌ
وحامتْ النسورُ على فراخِهِ .
( 7 )
في المجرى حجرٌ هائمٌ ،
يبتغي عيناً تغطسُ في القلبِ ،
كي ينشُبَ في راكدٍ ، ويستيقظـَ الماءُ .
الوخزةُ روّعتْ أيدٍ حانية ً
الوخزةُ التي في الهواءِ
الوخزة ُ التي أَلِفْتُ وحملتُها معي
ستدلُّني في حالكِ الليل ِ ؛
تحذّرني من نساءٍ
يعترضنَ أكتافي .
( 8 )
يوم تماسّتْ عيونُنا ، ودخْلنا صورة ً واحدة ً؛ غافَلَنا السَّهمُ ،
فَلَتَ من ابهامِكِ وسبّابتي ودخلا في خَدَر ٍ طويل .
سهمٌ سمعتُ أزيزَهُ يأتي بعد سنينَ لم يُفْصِح َ القوسُ عنها .
السهمُ شقَّ الهواءَ ، اعتدتُهُ كلَّ ليلةٍ يهمسُ باسمي .
وفي غمرةِ الوجدِ انطلقتُ ألهثُ بصدر ٍ عار ٍ يتلهّفُ الطعنة َ بقلبٍ شاهق ٍ ولذة ٍ قصيّة ٍ .
ظللتُ أهبطـُ مدفوعاً بالسهول ِ ، فارداً ذراعَيَّ حتى الأعالي .
مذهولاً أترقـَّبُ لذعة َ الحديدِ والهواءُ يلفحُ جبيني ويؤجِّجُ رغبة َ الرعبِ في العظام ِ .
لهذا مررتُ خاطفاً وحاراً
لهذا قفزتُ الحوافَّ ،
قطفتُ البواكير
لهذا تبعثـَر جمرٌ في أثري .
تحرَّق َ القلبُ لنصل ٍ يَمْرُقُ من غدٍ لم يَصِلْ بعدُ .
أهبطـُ في ليل ٍ وأصعدُ في نهار ٍ ، أطلقُ أحلامي لتجلبَهُ وتغويه .
( 9 )
وفي جُمُعَة ٍ هبط َ اليأسُ .
( 10 )
همدتْ الحمّى ونسيتُ الصدرَ مكشوفاً ،
حينَها فقط انغرزتْ الحربة ُ
غاصتْ شهقة ُ الخديعة ِ
اِنشقَّ الظهر ُ
وسالَ حزنٌ ساخنٌ ،
بقيّة َ العمر ِ
لم أضمِّدهُ
وقطعتُ الطريقَ نازفاً .
( 11 )
طعمُها لاذعٌ
وحارق ٌ وَخْزُها
في القلبِ
كأنما اليأسُ
مَرَّ قبلي
ومسَحَ الممراتِ
بالمرارة ِ .
* * * *
يدها
(إلى دارين في الفجر)
1
يدٌ غزلتْ أحلامَكَ
يدٌ حنَّتْ على سهرِكَ
يدٌ لوَّنتْ الليلَ
يدٌ أشعلتْ دفأها في الروح ِ
تعضُّـكَ في الصبح ِ
تقضم القلبَ منكَ
وتمحو البابَ .
2
قرأتُ الكفَّ
وسهوتُ في سطرِ الوردِ والألم ِ .
ولولا البحرُ الذي اندفع
من النافذةِ ؛
لغمرتـُه بالدمع ِ والحنين ِ .
3
ذهبت في الكفِّ
في منحنى الذهول ِ وهول المنتهى ،
لا الحب كان ولن يكون إلاّ بمقدار .