خصَّ القلب بالخواطر، لأن حكمها فيه أقوى:
وهو محادثة الكون
النفّري
(نصوص لم تنشر)
من أشهر أعمال النفري 'المواقف والمخاطبات' التي صدرت في عدة طبعات..
منذ
فترة أصدرت دار المشرق ببيروت طبعة جديدة من كتاب 'نصوص صوفية غير منشورة'
ضمن سلسلة 'نصوص ودراسات' تضمنت نصوصا لم تنشر للنفري ننشر جزءا منها في
البستان.
مِن مّنٌ الله الكريم وفضله
المحادثة لسان من ألسنة المعرفة. والمعرفة نور من أنوار الأشهاد.
والأشهاد علم من أعلام التثبيت. والتثبيت مقام من مقامات الولاية. والولاية
مقامات الاصطفاء. والاصطفاء مقام من مقامات الائتمان. والائتمان مقامات
الكشف. والكشف مقام من مقامات الخلة. والخلة مقام من مقامات المحبة.
والمحبة مقام لا من مقام. وهو مقام سيدنا صلي الله عليه وسلم. ولمقام
المحبة مواقف المطلع. وللمطلع مواقف، أولها القطع. وقطع مواقف، أولها
السكون.
عاء
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم لك الحمد بمحامدك المخزونة في حمدك. ولك الحمد بمحامدك في قدسك.
ولك الحمد بمحامدك التي تهدي إلي ظلك. ولك الحمد بمحامد لا تحجب عن وجهك.
اللهم
لك الحمد بعزتك التي لا ينالها شيء. ولك الحمد بقوتك التي لا يغلبها شيء.
ولك الحمد بسلطانك الذي لا يستضيمه شيء. ولك الحمد بجبروتك الذي لا يقوم له
شيء.
اللهم لك الحمد بما دارت عليه أسماؤك، ولك الحمد بما تحققت به
أسماؤك، ولك الحمد بالمعني الذي ترجع إليه أسماؤك، ولك الحمد بالعلوم التي
نطقت بها أسماؤك.
اللهم لك الحمد بمحامدك التي جرت بها لغاتك، ولك الحمد
بمحامدك التي سبحتك بها صفاتك، ولك الحمد بمحامدك التي ظهرت بها آياتك،
ولك الحمد بمحامدك التي تهدي بها بيناتك.
اللهم لك الحمد بمحامد الماء إذا فاض، ولك الحمد بمحامد الماء إذا غاض، ولك الحمد بمحامد كل قلب راض، ولك الحمد بمحامد كل آت وماض.
اللهم لك الحمد بمحامد الكلية، ولك الحمد بمحامد الجزئية، ولك الحمد بمحامد البرية، ولك الحمد بمحامد العلية.
اللهم
لك الحمد بمحامدك المحيطة بكل علم، ولك الحمد بمحامدك المستولية علي كل
ذكر، ولك الحمد بمحامدك المكتوبة علي كل معرفة، ولك الحمد بمحامدك المكتوبة
في كل عبادة.
اللهم لك الحمد بما أجريته من محامدك في صحائف نظرك، ولك
الحمد بما كتبته من محامدك علي سرادقات كنفك، ولك الحمد بما غرسته من
محامدك في رياض لطفك، ولك الحمد بمحامدك التي جعلتها آية قربك.
اللهم لك
الحمد بمحامدك التي تبرز إذا برزت، فتبعثها الى قلوب أحبابك، ولك الحمد
بمحامدك التي تسفر إذا سفرت، فترسلها إلي أفئدة أودائك، ولك الحمد بمحامدك
المبثوثة في أرضك وسمائك.
اللهم لك الحمد بمحامد سرك في كل سرة، ولك
الحمد بمحامد حكمك في كل حكمة، ولك الحمد بمحامد قدسك في كل سبحة، ولك
الحمد بمحامد رأفتك في كل قدرة.
اللهم لك الحمد بمحامدك التي تشفع للكل
إلي عفوك، ولك الحمد بمحامدك التي تظل علي جنتك بنعيمك، ولك الحمد محامدك
التي تهدي الى ما ولك الحمد بمحامدك التي تسري إلي بحبوحة رحمتك.
بسم الله الرحمن الرحيم
أوقفني في مقامه وقال لي: ما وقف الحرف فيه ولا يقف، ولا يصل.
وقال لي: الحرف موقوف علي هيئته، وهيئته موقوفة علي تصريفه. موقوف علي علومه، وعلومه موقوفة علي أحكامه، وأحكامه موقوفة علي خواتمه
وقال لي: في كل شيء مقام من شهده فرضته عليه، ومن علمه عليه مبلغ علمه.
وقال لي: مقامي القيومية بكل شيء.
وقال لي: القيومية بكل شيء ترتيب كل شيء.
وقال لي: ترتيب كل شيء علي حده.
وقال لي: حصر كل شيء بسطه وقبضه.
وقال لي: بسطه وقبضه فعله.
وقال لي: الحرف مقام حجاب، جمع الحرف مقام إبادة.
وقال
لي: مقامي في كل جزئية أثبتها في معناها، ومقامي في كل معنوية أجريها في
مجراها، ومقامي في كل جازية أوردها علي منتهاها، ومقامي في كل نهاية أردها
إلي أولها.
وقال لي: صفتك مطية للعلم ولأحكام العلم ولعزائم العلم.
وقال لي: قلبك مطية للمعرفة ولأحكام المعرفة ولعزائم المعرفة.
وقال
لي: لا تستطيع مطية علم أن تكون مطية معرفة، ففرض علي مطية العلم حمل
العلم، وفرض علي مطية المعرفة حمل المعرفة، ولن تحمل مطية العلم العلم حتى
تكون قلبها مطية للمعرفة، ولن تحمل مطية المعرفة حتى تكون جسمها مطية
للعلم.
وقال لي: يا عارف إيمانك بإيمان الخلق وهو أكثر، ومعصيتك بمعصية الخلق وهي أكثر.
وقال لي: لولا العارفون أخذت الكل، ولولا المعرفة أخذت العارفين، ولولا الكرم أخذت المعرفة.
وقال لي: أنا شاهد كل شيء علي لسان الإحاطة، وأنا شاهد كل شاهد علي لسان الأمر، وأنا شاهد كل سر علي لسان الرقبة.
وقال لي: العابدون أوتاد الأرض، والعارفون أوتاد الذكر.
وقال لي: ما قبضت عابدا حتى قبضت به بركة، ولا قبضت عارفا حتى قبضت به معرفة.
وقال لي: العابد كالماء يسقي الأرض ولا يأكل من ثمرها، والعارف كالآيات يحث الأذكار ولا يشرب بأكاويبها.
وقال لي: العارف يجري في الذكر ولا يشربه، كراكب البحر: يسري في البحر ولا يشربه
وقال لي: ان أكلت بشيء شربت به، وإن شربت بشيء سكرت به.
وقال لي: لا تأكل بالسوي فتشرب به، ولا تشرب بالسوي فتسكر به
وقال لي: تأكل به تعتمد علي أصوله، وتشرب به تركن إلي علومه
وقال لي: اعتمد السوي علي عرفه فهو أصله، وركن السوي إلي طعمه فهو علمه.
وقال
لي: إذا لم تأكل بالسوي ولم تشرب بالسوي قلت فصدقت فألزمت وفعلت فأخلصت
فنفذت، فجاءني قولك وفعلك بلا حجاب فأقررت صحفي، وأقررت فعلك في عبادتي.
وقال لي: ما خطر لك خاطر فلم تنفه: فما أنت مني ولا أنا منك
وقال لي: خطر لك خاطر فنفيته: أنت مني علي حكم ما نفيت
وأنت من الخاطر علي حكم ما حبسك.
وقال لي: لا يخطر بك خاطر: أنت مني وأنا منك.
وقال لي: إذا خطر بك خاطر فقبلته ثم نفيته فأنت منه، وإذا خطر فنفيته حين خطر، فما بك خطر ولا أنت منه.
ولذكر الله أكبر
مشى بنسيم الحب لطف إلى القلب
فسلم من رب وأخبر عن رب
فأسفر عن أنوار ود بسيطة
لها مطلع بين الرسائل والكتب
فحيا بعلم لم يكن قط باديا
ودار بكأس العطف في روضة القلب
فلله ما أبدي بأنوار عزه
ولله ما أخفي عن القلب في القلب
إذا ما بدا قدس الصمود بعزة
لها جبروت الأمر في الشرق والغرب
أبانت بها عين البيان فأبصرت
كشوفا من التعريف تهدي إلي الحجب
وفي الحجب حل الحرف وأنبتت النوى
فما نلتقي إلا علي ساحل العطب
أساري حيارى مشفقين من الذي
تبدي علي الذر المخاطب في الصلب
فلا مستقر دون عفو ورحمة
سلام علي تلك الرمائم في الترب
بسم الله الرحمن الرحيم
يا عبد من فكر في شيء استمد منه، ومن استمد منه كان فيه مبلغ علمه. يا
عبد حارت الأشكال في شكلها وأشكالها، وعميت عن مثلها ونظرت إلي أمثالها.
يا عبد من عقل عني حاسبته علي الماء والنفس.
يا عبد أنا الشهيد لكل شيء، وأنا الشهيد علي كل شيء. فمن شهدت له ثبت، ومن شهدت عليه هلك.
يا عبد إذا تعرفت كدت أن لا أقبل المعذرة.
يا عبد الإقرار علي من لا يعمل حجة، والعمل علي من لا يخلص عقوبة.
يا عبد التعرف بما لا ينقال يلزم، والتعرف بما ينقال يطالب، وإذا طالب قلت لا وبلي.
يا عبد إن مجدتني بتمجيد الحرف لهوت بلهو الحرف، وإن علمت بعلوم الحرف جعلت بجهل الحرف.
يا عبد إن تبت بلسان الحرف نقضت بلسان الحرف، وإن أطعت بلسان الحرف عصيت بلسان الحرف.
يا
عبد مجد تمجيدي عن الحرف ومبالغ الحرف، وقدس تقديسي عن المبالغ ومطلع
المبالغ، أكتب سبحتك بيدي علي ظلي وأجعلك إذا التقينا من أهلي.
ولذكر الله أكبر
كحلت نواظر كل علم بالعمل
فسرت قلوب العارفين إلي السما
فتفتحت أبوابها وجرت بهم
ريح الدنو من السماء إلي السما
فرأوا حجابا لا يشف لناظر
ورأوا كشوفا لايبين تكلما
فتحيموا جهلا بعين برزة
شربوا بها كأسا تزيد من الظما
فرأوا ظلاما مشرقا متبسما
ورأوا نهارا مظلما متراكما
ما يستقر قرارهم أو يرفعوا
عن ذا الحديث وينقلوا عن ذا الحما
بسم الله الرحمن الرحيم
أوقفني وراء المعرفة وقال لي: هو أول مواقف الوقفة، والوقفة أول مواقف الرؤية
وقال
لي: إذا وقفت وراء المعرفة فسيأتيك سمين تحمل على أحدهما وتحمل على الآخر
سبحي وآلائي، فإذا أصغيت اليها أخرجتك من المقام وإن أخرجتك من المقام ردتك
المعرفة إلي النكرة، فلا في المعرفة حصلت ولا في مقام الوقفة وقفت.
وقال لي: لا يبدو في الوقفة إلا لساني، ولتثبت للساني معرفة ولا نكرة ولا يحمله عارف وللمنكر.
وقال لي: الوقفة حضرتي لا علم يحجب، ولا معرفة تستعي ولا أنوار تستسعي، ولا بيان يقتطع.
وقال لي: الوقفة ظلي لا ظل العرش، والمعرفة ظل العرش، والعلوم
وقال
لي: غرقت الدنيا والآخرة في الحرف، وغرق الحرف في المعرفة وغرقت المعرفة
في الوقفة، وغرقت الوقفة في الرؤية، ودامت الرؤية لأهلها، ونطقوا بنطقها
عنها، فهم سفراء السفراء وأمراء الأمراء.
وقال لي: من أعلمته أن لي وقفة فقد أعطيته ميثاقي بالمغفرة.
وقال
لي: من علم أن لي وقفة، وقف فيها أو لم يقف، وقف في كل شيء بي أو باسمي أو
بأمري، فوقف فيما وقف أو خرج مما وقف، فعفوت عفوا كثيرا وصفحت صفحا جميلا.
وقال لي: المعارف تجري في الوقفة كجري الماء في السهل.
وقال لي: ليس في الرؤية وقفة ولا عبارة.
وقال
لي: أنا الذي لا يقوم له شيء، ولا يثبت له شيء، ولا يدوم معه شيء، ولا
يصير عليه شيء، فمن أقفته في وقفتي أو أشهدته رؤيتي أدمته ما أشاء لأحييه،
وغيبته ما أشاء لئلا يبيد.
وقال لي: الواقف لا تستضيمه الأكوان، ولا تعتوره الأحداث. إن سري ففي حمي وهو حمي، فإن حل ففي وقاء وهو وقاء.
وقال لي: صاحب الوقفة بشير ونذير، وصاحب الرؤية شافع وضامن.
وقال لي: فمن أوقفته في الوقفة فعلمه يجري علي سنن البشارة والنذارة، ومن أوقفته في الرؤية فعلمه يجري علي سنن الشفاعة.
وقال لي: أهل المعرفة سفر سيارة وأهل الوقفة أهل الحضرة والإقامة، وأهل الرؤية أهل ما رأوا.
وقال لي: ليس كما رأوا شيء، وليس كمثلهم في الكيان كون.
وقال لي: من سلم لهم أحلق بمجاورتهم، ومن أنكرهم حبس فيما أنكر.
وقال
لي: الوقفة باب الرؤية لا يوصل إليها إلا منه والمعرفة باب الوقفة لا يوصل
إليها إلا منه، والمنة باب المعرفة لا يوصل إليها إلا منه.
وقال لي:
أهل العلم أهل الماء والظل، وأهل المعرفة أهل التحف والكرامة، أهل الوقفة
أهل الأنس والمحادثة، أهل الرؤية أهل الأسرار والمجالسة.
وقال لي: العلم دليلي، والمعرفة طريقي، والوقفة متحدثي، والرؤية 'فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم'.
ولذكر الله أكبر
لسان صمود سبحت بلغاته
تراجمه بين الحروف بما يبدي
لها جبروت قاهر مجدت به
نواطقها بالعز والقدس والحمد
أنارت بنور لايبيد وأسفرت
مسابحها عن فضل رب علي عبد
فلا الحرف يدريها ولا هي تنثني
إليه بعرف فهو منها علي بعد
نواجمها تهدي بها وشموسها
تبسم عن فرقان حق إلي القصد
وتدعو إلي الرحمن سرا وجهرة
بألسنة تجري الى جنة الخلد
وقد وعدت يوما برفع حجابها
فيا رب فرج أنت يا منجز الوعد
دعاء
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم أني أسألك بأركان عرشك، وأسألك بمدار عرشك، وأسألك بسرادقات عرشك.
اللهم
إني أسألك بتسبيح عرشك، وأسألك بمحامدك المنشورة علي عرشك وأسألك بأسمائك
المكتوبة علي عرشك، وأسألك بأذكارك المبثوثة في عرشك اللهم إني أسألك بما
في عرشك، وأسألك بأنوار عرشك، وأسألك بمقاعد العز من عرشك، وأسألك بشموس
قدسك الطالعة في عرشك.
اللهم إني أسألك بظلك الذي لا يضحي أبدا، وأسألك ببرك الذي لا يجفو أبدا
وأسألك بفضلك الذي لا ينفد أبدا، وأسألك بوجهك الذي لا يبيد أبدا.
باب الخواطر وأحكامها
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ 'محمد بن عبدا لجبار بن الحسن' قدس الله روحه' ونور ضريحه:
الخواطر لعينها هي تقليب القلب. والقلب محلها لا سواه. والتقليب منقسم
قسمين: محمودا ومذموما، وليس بينهما قسم ثالث. فالمحمود كل ما دعا إلي
الحق، والمذموم كل ما دعا إلي الهوى. ثم ينقسم المحمود، في الدعاء الى
الحق، علي أقسام يزيد بعضها علي بعض في حكم الإخلاص والتحقيق. وكذلك
المذموم ينقسم، في دعائه إلي الهوى، علي أقسام يزيد بعضها علي بعض في أحكام
الإصرار والجفاء.
والحجة في أن الخواطر لعينها هي تقليب القلب، أن
القلب مضغة غير مقلبة طبعا وصيغة علي محمود لا يكون مذموما بعد، ومذموم لا
يكون محمودا بعد. فتقلب في المحمود بالمحمود، وفي المذموم بالمذموم. وإنما
هي مقلبة علي حكم الاختيار والابتلاء بإثبات الاتحاد فيه. فهي تقلب في
المحمود بمحمود ومذموم، وتقلب في المذموم بمحمود من وجه، ومذموم على أحكام
من وجوه المعارف المتقلبة بالتعريف.
فلو كان القلب قلب جبلة علي محمود،
لم يعد مذموما علي حكم من أحكام التعريف، أو علي مذموم، لم يعد بعد محمودا
علي حكم من أحكام التنقيل، وأخطرت الخواطر به في المحمود فلم تنخطر،
واعترضت عليه في المذموم فلم تنحصر كانت الخواطر عينا غير عين تقليبه. فلما
لم يكن القلب هكذا بإجماع متفقهي القلوب وكان من صنعته التقلب، فهو متقلب
في وصفه الواحد بأوصاف كثيرة: فتارة يجد بما يسوءه فيما يسره، وتارة بما
يسره فيما يسوءه، وبما يخوفه فيما يرجو، وبما يرجو فيما يخوفه. فدل أنه
مقلب مجبور علي جبلته في المحمود المذموم، مخطر بهما وبغيرهما وبما لا يحصي
عددا من الاختلاف، علي جبلة الابتلاء من مقلبه، وكل القلوب فطرت علي هذا
الحكم من الاختلاف، إلا قلب سيدنا محمد، رسول الله صلي الله عليه وسلم،
فانه استخرج من قلبه الجزء المقلب للتقليب. ومن سواه، فعلي الحكم الأول.
والقلوب
قلبان: قلب علمي يعرف المحمود المذموم بالوعد والوعيد، وقلب معرف موجد،
يعرف المحمود والمذموم بإحكام الإيجاد الكاشفة لأعلام المراد. فلما كانت
عين التقليب هي الخواطر، صح ابتلاء القلب بذلك، وأدخلت المعارف عليه ناهية
آمره، على أحكام المشيئة في الاستعباد.
فالقلب لا يمكنه فقد عين التقليب
له، وهو الإخطار به. وقد تؤيده المعارف باستيلاء التمكين والتثبيت من
تعرفها إليه عليه. فيكون القلب بها فيما تعرف واجدا، ولاختياره فيما تقلب
فاقدا. وقلب سيدنا محمد النبي صلي الله عليه وسلم لا ينقلب بطبع الصيغة،
وإنما يقلبه النظر بحكم المزيد: فهو تقلب من وجد حكم الى وجد حكم زائد.
فالقلب
يقلب الى العلوم لا الى الأحكام. فإذا قلب الى علم، خاطبته ألسنة،
الإباحات من ذلك العلم الذي قلب له، ليستمعها فيصير له وجدا يظهر به في
الهيكل حكم. وإذا قلب الى هوى، خاطبته ألسنة ذلك الهوى بما لا يكون موجودا
له في حيز ذلك القلب. فالعلم والهوى يخطران بالقلب، والقلب بهما يقلب.
وللعلم والهوى ألسنة تتجرد علي حكم الابتلاء والاختبار للقلب في المحمود
والمذموم.
مقالة في القلب عالية الحكم
ان القلب منظر للحق في العبد، لا ينظر إليه سواه. فحطت حكومة النظر إليه
تقليبا فيه علي حكم الهيبة، لتضرم الجمر الخامد وكتموج الماء الراكد. لأن
الحق سبحانه ما نظر إلي شيء إلا أخشعه له. فأوجد القلب بعين هذا التقليب
انه عن حكومة النظر، وحجب القلب بالنظر إليه عن النظر الى السوي وآثار
النظر: فهو غاض عن الكل. فلما رأي الكل، غضه عنه ونظر إلي سواه من عقل ونفس
وطبع.
وكل واحد من هؤلاء الثلاث ينظر إلي الكل قاصدا بالنظر فيسلم وقليل ويسقم وكثير.
وأرسل
الكل الى القلب ألسنة يسمع تراجمها ويتقن لغاتها طمعا في محادثته لها.
فتستل منه الأخبار عن آثار النظر فيه، وما اقتطعه عن آثار النظر اليها. كما
نظر إلي العقل والنفس والطبع فكانت ألسنة الكون من ملك وملكوت وما بينهما
من العلوم والأهواء والأولياء والاعتداء، هي خواطر القلب التي تخطر به،
فتسمعه لغاتها: فيسقم ما بقي به، ويسلم ما علق بربه.
فعلامة تعليق القلب بربه ان يكشف له، حين إرسال الكون الألسنة إليه، عن
اصطفاء الحق له بالنظر، وانه محادث له بالنظر في النظر عما لا يحمل كشفه
ولا يكون له لسان في تخصيصه إلا النظر. وقياس هذا موجود علي عدم الاشتباه
في المناظر والنواظر المخلوقة:
أن النظر ربما خاطب الناظر بما لا ينقال
به عبارة ولا تحمله ترجمة. فإذا أوجد القلب هذا الوجد، اقتطع بحكم
المحادثة النظرية عن استماع محادثة الكل حديثا يجده وجده الكامن فيه. وإذا
فقد القلب هذا الإيجاد، بقي به فتهجمت عليه الألسنة: والقلب يسمع الشيء
وضده علي اختلاف اللغة، ولو خاطبه الكون بما فيه في مسمع واحد. وكذلك يجب،
إذا أجاب، في جواب واحد.
والعقل ينظر الى المناظر على تفرعها في منظر واحد، والنفس والطبع، لا
ينظر كل واحد منهما إلا إلى منظر واحد: فإذا تعلق به وانفصل عنه، نظر الى
غيره. فالعقل لا يقتطعه منظر عن منظر، مادام عالما. فإذا جعل واحدا
بالمنظر، حادثه المنظر، ففصله بالاستماع عن النظر إلي منظر سواه. والقلب لا
يقتطعه سمع عن سمع، مادام عالما. فإذا حصل واجدا بالألسنة المسمعة، فصلته
إلا عن سمع مخاطب واحد. فالعلم يسبح، والوجد يحصر، والكون كله خاطر في
القلب والعقل.
وإنما خص القلب بالخواطر، لأن حكمها فيه أقوى: وهو محادثة الكون.
والمحادثة لابد قاسمة، ولو بعينها، إذا فات حكمها. والعقل ينظر إليه الكون،
وينظر هو الى الكون: وحكم المحادثة اقهر من حكم النظر الذي لا محادثة فيه.
والقلب مقيل للخواطر تتبوأ فيه، والعقل طريق للخواطر تجوز به وتعبره،
والنفس والطبع فريسة الخواطر.
وتتفرع الخواطر: فمنها ملكوتية ومجلكية وملكية. فأما الملكوتية فتدعو
إلي حمل حق الحق من أجل الحق ومن أجل العبد. وأما الملكية فتدعو الى حمل كل
شيء من أجل العبد، من حسن وقبح، ونجاة وهلك، ورشد وغي. وأما الملكية فتدعو
إلي فقد الوجد لشيء، والفقد لشيء كان حقا للحق أو العبد. ومنها الخواطر
الابليسية: وهي الشكية والشركية والبدعية والجحدية. فأما الشكية والشركية،
فهي تخطر في فناء الخواطر الملكوتية. وأما البدعية والجحدية، فإنها تخطر في
الملكية وليس في الملكية ملكوتية ولا ملكية ولا ابليسية. وألسنة الخواطر،
علمها وعلم ما منها، عمل، وعلم حكمها حكومتها.
فهي مبنية علي ألسنتها.
إن سمعت، شرب السامع بكؤوس علمها وعملها وحكمها وحكومتها، وإن لم تسمع،
رجعت بما فيها من العلم والعمل والحكم والحكومة.
ولغات ألسنة الخواطر ثلاث: علم وتأويل وتبديل. فالعلم يتخصص بعضه علي
بعض، وهو لغة الخواطر الملكوتية والملكية والملكية والتأويل لغة الشك الشرك
والتبديل لغة البدعة والجحد. والعقل ترجمان العملية كلها، والنفس ترجمان
التأويل، والطبع ترجمان التبديل. والنفس والطبع ناظران الى العقل. فإذا
رأياه قد ترجم عن العلم الذي هو حظه، ترجم كل واحد منهما عن اللغة التي هي
حظه. فكان من نعم الله تعالي علي القلوب أن أوجدها بالمحادثة التي حادثها
فحادثته بما حادثها به، ولم يوجدها بها، في حين محادثة الخواطر لها: فتصول
بمواقع الاختصاص في النظر، فتخبر عن آثار النظر، إن عرفته، أو تهجم
بالاخبار قبل التعريف، علي حكم ما بسط لها من الأنس.
ومن خصائص كلامه الغريب في المحبة
أيتها البنية، لا صفتي لك صفة المحبوب أحب محبه وأطلعه علي ما لا يهجم به الحب عليه.
كذلك
المحبوب إذا صار محبه محبوبه، يغار عليه أن يسمع إلا منه، ويضن علي مواجده
به أن تكون به وفيه إلا عما يخبره. لأن المحبوب يرضي بحكم الحب من المحب،
ما لم يكن المحب محبوبا للمحبوب. فإذا أحب المحبوب محبه، لم يرض منه إلا
بحكمه هو عليه. لأن حكم الحب يمتزج بمراد المحب وينافي في مصادره مراد
المحبوب.
وحكم المحبوب، إذا أحب المحب، فهو مراد المحبوب صرفا من مراد
سواه. لأن الحب حكم بين المحب والمحبوب. إذا ظهرت حقيقته من المحب للمحبوب،
فهو يحكم علي المحبوب بقبول محبة المحب، وان كانت منافية لمراد المحبوب.
ولا ينافي حكم الحب لمراد المحبوب في الموارد، لأنه، في الموارد، طالب،
والمحبوب عزيز ممتنع، يستحق الطلب ويرضي به من الطالب.
وإنما رضي المحبوب بالطلب له في الموارد، لأنه لا يكون ابتداء إلا طلبا
لعين المحبوب. فإذا امتد بالمحب الطلب، وجد بطلبه. وإنما صار الطلب في
أوائله لعين المحبوب، لا لفعل المحبوب، لأن المحب في ابتدائه يضعف عن حمل
حكم استيلاء المحبوب علي المحب.
فتعلق بالمحبوب علي حكم الخيفة من فوت المحبوب، وخيفة الفوت لا يبقي معها وجد بسوي المخوف من فوته.
فإذا ألزم الحب للمحبوب قبولا لحب المحب، أنس المحب بطلبه للمحبوب واطمأن به علي
حكم
يصون المحبوب ان يبدي للمحب إلا قبولا للحب. فيهجم المحب بقوة طمأنينته
بقبول المحبوب له علي مثابرة طلبه للمحبوب، علي حكم بذل المجهود في الطلب،
لا علي حكم الرضا بالطلب عوضا للظفر بالمحبوب.
فإذا صاحب المحب أنسه بالطلب وسار به، لم يخل من رؤيته في المصادر.
فالمحبوب ينظر الى الطالب ما أراد بطلبه، لا الى الطلب. والمحب الصادق ينظر
إلي الطلب، إلي أي وجهة يوجهه مراد المحبوب منه فيه. ولا ينظر الى المحبوب
في سر اختياره في توجيه الطلب.
وإنما ينافي حكم الحب في مصادره مراد
المحبوب من وجه: وهو ان يري المحب، عند قبول المحبوب له، رسما من طلبه،
وليس يطلبه ما قبله المحبوب. ولا ينتفي المحب من رؤيته طلبه للمحبوب في
قبول المحبوب له، إلا إذا اظهر المحبوب حبه للمحب. فانه تنقل مواجيده عن كل
شيء إلا عنه. ورؤية المحب لرسمه في الطلب هي الفرق بين المحب والمحبوب.
ولا يحمل المحب مراد المحبوب، صرفا من سواه، إلا إذا صار محبوبا للمحبوب.
فلتفرقي،
أيتها المخصوصة، بين نظر المحب والمحبوب في شخصين. إذا نظر المحب الى
المحبوب، في غض المحبوب عن المحب، ماذا يثبت نظر المحب في المحبوب؟ وإن غضا
عن النظر بعد النظر معا، فماذا يثبت الغض؟ وإن غض المحب قبل المحبوب، فعن
أي وجد غض؟ وان غض المحبوب قبل المحب، فعما غض؟ وإن نظر المحبوب إلي المحب
قبل نظر المحب إلي المحبوب، فمن أي طريق دعاء المحبوب للمحب؟
الجواب
لبيك تلبية مراد بتلبيتك ما كان مني حسن محكومتك، جري واستخرجته منه.
أما المحب إذا نظر إلي المحبوب في غض المحبوب عن المحب، ماذا المحب في المحب؟
فان
المحب، إذا نظر الى المحبوب، في غض المحبوب ينظر إليه بوجد التعلق به،
صرفا من كل وجه. ويمتد به النظر علي في طلب المحبوب. فلا يزال ناظرا مادام
وجد الحيرة. فإذا وجد وجه، غض متأنسا بتوجه الطلب له من وجه. ولا يمتد نظر
المحب الحيرة. فإذا وجد بطلب، يسعى به الى المحبوب إلا علي وجه غض. فإذا
تقابل المحب والمحبوب في نظرهما، فان نظر المحب يثبت في المحب ملؤا
بالمحبوب، ويضعف المحب عن حمل مقابلة نظر المحبوب، فيغض حياء مصاحبة حكم
نظر المحبوب. ويثبت نظر المحبوب في المحبوب تعد فلا يجوزه المحبوب من بعد،
لأن المحبوب لا يصاحب بنظره نظر المحب اظهر علي نفسه لبسة الإقرار بحب
المحب له، ولبسة الاعتراف بحبه يثبت فيه غيرة علي المحب من المحب.
وإذا ثبتت الغيرة في المحبوب علي المحب، لبس المحبوب لبسة الطلب فإذا
لبس المحبوبة لبسة الطلب للمحب، فني المحب عن حمل حكم المحبوب له، وبقي
بحكم تقليب طلب المحبوب له. فإذا بقي بحكم المحبوب له، كانت مناظر المحبوب
إليه علي حكم صيانته أن يكون نظر إلا عن حكم ما يودعه المحبوب في وجده من
حكم نظره إليه.
ويثبت نظر المحب في المحب إذا تقابل نظره ونظر المحبوب
إليه عن المحب والمحبوب في ابتداء مصافحة النظر. لأن ابتداء نظر المحب عن
السر الذي هجم به المحبوب علي المحب.
فلا يحمل المحبوب مكافحة النظر عن
الهجم، فتجتاحه لواحظ المحبوب عن البقيا بالمحبوب للمحب، وعن البقيا
بالمحب للمحب وللمحبوب، ويكون باقيا للمحبوب بالمحبوب. فإذا امتد التقابل،
اثبت نظر المحب في وجد المحب ارتياحا الى المحبوب. فإذا اثبت نظر المحب الى
المحبوب في تقابل نظر المحب والمحبوب ارتياحا الى المحبوب، أدركته لواحظ
المحبوب.
فأشفق المحبوب علي المحب ان يخرجه الارتياح إلي الإنس. فيخرجه
الإنس إلى اطراح حق المحبوب. فهناك يغض المحبوب. وقد يدرك المحبوب ذلك من
وجد المحب في نظر المحب، فيحيل المحبوب مناظره عن حكم البسط: وهو ان لا
يطرف ولا يرجع جفنا علي جفن الى حكم القبض، وهو ان يصرف لحظه عن لحظ المحب
الى كل المحب، سوي لحظه.
فإذا فقد المحب مقابلة لحظ المحبوب للحظه، ورآه ناظرا الى سوي لحظه،
أدرك انقلاب وجد المحبوب به في صرف لحظه عن لحظه إلي ملاحظة غير لحظه. فرجع
عن الارتياح بسر الأنس الى الارتياح بوجد الهيبة. وحكم ذلك فيه نظره إلي
ما سوي نظر المحبوب. فإذا أدرك المحبوب انصراف نظر المحب عن منظره، صرف
نظره عن لحظه وغير لحظه، ليرجع المحب، من بعد، الى النظر الى المحبوب علي
حكم الطلب الذي يستحقه المحبوب، ولأن المحبوب يحتشم من صرف نظره عن المحب،
والمحب ناظر إليه، لأن المحب لا يحمل صرف نظر المحبوب في نظره هو الى
المحبوب، كما لا يحمل مصاحبة ابتداء نظر المحبوب، لأنه يبتديء ناظرا عن
المعني الذي هجم به، فلا يحمل هجمه ويغض عن المعني الذي تعزز به. فلا يحمل
قربه.
كذلك وصفي علي حكم الانفراد، ووصفك علي حكم الاختصاص. فنظر المحب الى
المحبوب، في غض المحبوب عن المحب فيما بيني وبينك، هو نظرك الى في نظرك الى
الجزاء، علي حكم العلم المتعلق بي، لا علي حكم الوجد. سره منك الحشمة من
النظر إلي الجزاء، لا الكراهة. فلا تزال ن نظرك الى الجزاء، مادام وجدك
بحكم العلم المتعلق بي، لا يحب أن المحب لا يزال ناظرا الى المحبوب علي حكم
الحيرة فيه في شا إلي أن يبدو له شاهد طلب المحبوب من وجه. فيغض أنسا
بسبيل إذا كان المحب لا يحمل المحبوب بحكم المحبوب، صرفا من حكم أبدي لك
علي ألسنة المعارف علم التعلق بي علي حكم الوجد.
فان التعلق علي حكم
الوجد، اقتضاك العلم: فأنت بجواب الاقتضاء الاقتضاء طلب من المقتضي. فأنست
بطلب منهوج، فصرفت من الى. تماسك 'فيه وتمامه لك بحكم البدل. والشرط عن
التعلق بي علي حكم العلم بالتعلق بي طمعا في أن يبلغك الطلب بي علي حكم
الوجد: كما أن المحب إذا بدا له في نظره الى المحبوب في عنه شاهد طلب يوصله
بالمحبوب، غض عن النظر الى المحبوب الذي يرجو ان يوصله بالمحبوب. فنظرك
الى الطلب المنهوج إخلاص التعبد، كما ان نظر المحب إلي طلبه إخلاص في حكم
الطلب. منك إلي الطلب إخلاص في حكم استحقاق الحق، ولا النظر الطلب إخلاص في
التعلق بالمطلوب من حيث المطلوب. لأن الحب الطلب.
والمحبوب إذا أحب
محبه، لم يرض منه بحكم الحب الممتزج وأراد منه ان يكون بحكمه صرفا من حكم
الحب. لأن الحب لاغ المحبوب، والمحبوب في حكم التعزر يمنع من الطلب، ويأنف
أن وكل حكم للمحب فهو متعلق بنعت بين الحكم وبين المحب:
وحكم تعرض، وحكم حب، وحكم محبة، وليس للمحبوب حكم يتعلق به بنعت، فتختلف حكوماته. إنما هو بسر التعلق بالمحبوب من كل وجه.
وأما
نظر المحب والمحبوب، إذا تصاحبا فيه علي حكم التقابل في النظر، فهو حكم ما
بيني وبينك بمعني لا يكشفه البشرية ولا يطلع عليه في الجبلة. وإنما هي
مواهب علي حكم سر حكم لا ينقال.
بينة
كل العيون تتساوي نواظرها وتتباين مناظرها. فمناظر العموم من نواظرها في
إطراقها فعن قصد ما ترجع نظرا، ولو كافحها المنظور بالمنظر تقية وقفها عن
الإطراق إلا بها وأرسلها عن النظر إلا به. فحيرت عن الايراء في المرأى،
وانفصلت عن الرئي بالموري.
والخصوص يجدون بالمنظور في شاهد النظر. فإذا أوقفهم علي حواضر المرئية
وينسي بهم مبالغ الاحتمال، أحالهم عما وجدوا به. فاطرقوا بوجد الإحالة، لا
بوجد الإمالة وبعلم الوجد المحول.
فان أريد الخصوص بنظر بعد الإطراق، فبوجد جديد. وإذا أريد العموم، فبعلم جديد.
وحين اخبر المطرق بي للمطرق به، أشرت إلي، ولما يدركني فاخبره أني. ولا يوجد بي بصدق انه عنك، كما أصدق انك عني.
وسائطك إليٌ همك! فإذا رأيته متعلقا بمرادي، فهو ا
تحية حبية
لعائد إليك بجوابي. وإن رأيته متعلقا بمرادك، أين نظرت من مرادي، فخونه فيما يعود به إليك من جوابي.
وقد عدل بك عن طريق مراده طريق مرادك من مراده، فحجبا أين ظفرت بجوابه؟
ووسائطي
إليك الطمأنينة فيما يعود به الهم إذا تعلق بمرادي. علامتان، ان لم تأتني
بهما، فقد اطمأنت بغرورك، وهما: سكوت عن غضك فيما ألزم ومحوك لرؤية فضلك
فيما أشهدك من تمام من العافية.
ولسكوت لسان الشرع عن غضك علامتان، ان
لم تأت بهما فقد أصمتك دعواك، فخيل لك الصمم فقد لسان الذم، وهما: شهادته
لك بتمامك في اجتناب التأويل وطرح الفضول التي لا يمكنها عندك إلا مراعاتها
عليك من مراعاة الفرائض به، وهو همك وعقلك. فإذا جعلتهما راعيين لغرض
يرعاه نظري، مقته، ولفضل يرعاه نظرك، حبه، وشر الرعي، فلم يمكنك إفراد هم
للفرائض وعقل للفضائل، اختلط لاختلاط رعيهما. فهما راعيان في جبلة راع
واحد.
ولا يصح رعي الحقيقة، لأن الحقيقة تعتبر ما أوجبت. فإذا صح لها
كما أمرت دعت وندبت، احتسبت بالفضل من حيث دلت علي حفظ. ولا يصح رعي الفضل
بلسان التأويل، لأن التأويل يوجه وجوها في التوجه اليها، من حيث استحسان
الهوى، وجه القصد. والفرض ولا يحكم في شرطه. والحق تعالي أظهر مظهرا أوجده،
أي نقش واعلمه به تعالي إقرارا وتسليما، واستأثر عليه بالعلم به قبل في
كونه وبعد قيامه. فكان علمه موجودا له لا به. وأبانه عن أمره لاعنه، فكان
أمره وهو قدرته صفة له تعالي فاقتضت الصفة موصوفا بها وموصوفا له. فالحق
تعالي موصوف بالصفة، والحدث موصوف له الصفة. ولا ينبغي للحدث ان يكون وصفا
للحق تعالي، من قبل انه كان في العلم قدم. فلو كان الحدث صفة القدم، لما
نصب علم القدم. والحق سبحانه وتعالي مستغن بوجوده عما أوجد له به. وكما أن
العلم اقتضي عالما، وهو الحق، واقتضي معلوما وهو العبد، فكذلك الصفة تقتضي
موصوفا وهو الحق، ويقتضي واصفا وهو العبد. فإذا جعل الوصف صفة والمعلوم
علما، يذهب إلزام العلم والصفة لعالم ومعلوم وواصف وموصوف.
أخبار الأدب: 8 يونيو 2003
محمد بن عبدالجبار النفّري (ت 354 هـ/965م)
من تحاور ومن يسمع
ليس هو أن تتعلم الإقبال ، هو أن تتعلم الانصراف .
اطرد عقلك عن الحكمة المرتبة .
بين النطق والصمت برزخ فيه قبر العقل وفيه قبور الأشياء .
إنما أحادثك لترى ، لا لتُحادثَ . فإذا حادثتُك رأيت فإذا رأيت ، فلا حديث .
بيتي في الحكمة وليس للحكمة باب ولا سور. وكل بيتي أبواب ولا سقف له يظلّه ، ولا أرض له تقلّه .
لكل شيء سر : إذا وقفت عليه ، حملته ولم يحملك ، ووسعته ولم يسعك .
السر
في العمل ، حصول الآخرة وبها استجاب العمال للعمل ، وفي استجابتهم للعمل ،
يختلفون فيه ويفترقون عنه ، فالعلم مختلفٌ . ومن استجاب له ، يختلف
باختلافه .
إن دخلت في العلوم ، فادخلها عابراً : إنما هي طريقٌ من
طرقاتك فلا تقف فيه ، فيأتيك الذين بنوا فيه ، فيغروك بمنازلهم التي بنوها
فيه .
ليس أمامكم باب فتقصدون ، وليس وراءكم باب فتلفتوا إليه .
قُلْ حتى أسمع .
جاءتك
الحروف ، فقالت لك : قل للأنس ، وجاءتك الحروف ، فقالت لك : قل للجن .
وجاءتك الحروف ، فقالت لك : قل للملائكة . وجاءتك الحروف فقالت لك : قل لله
، قل للحروف : إنما أنت لله .
إن قلوب الأنس ، أبوابها إلى كل الحرف .
سر فأنا دليلك إليّ .
لمن تحاور ومن يسمع منك
نادى : يا جدل ، يا جدال ، ويا »لم« ! ويا »كيف « ! ويا دليل ، ويا سيل ! فجاءه كل شيء إلا الحكمة .
قد
جعلت المعاني في عقلك ، وجعلت الحروف على لسانك ، فالحروف أسمائي ،
والمعاني فعلي ، وقد جعلت لك إظهار فعلي بأسمائي . فإن جمعت بي حرفين في حق
، شهد ذلك وإن جمعت بي حرفين في غير حق ، شهدا عليك .
ليس كل ناجٍ حكيماً .
إنك ما أضمرت بقلبك .
كل اسم من أسمائي مجلسٌ . فقف في مجلس المبدئي المعيد .
ضاق العلم : العلم ضيّقٌ . ضاقت المعرفة : المعرفة ضيق . ضاق الأدب : الأدب ضيق . ضاق الكون : الكون ضيق .
في الرؤية ضيقٌ تعرفه ، ولا تعبره .
الأبواب
إليّ كلمات . لكل باب ألف كلمة . كل كلمة منها موقف فيه . ففي كل باب ألف
موقف . والأبواب بينك وبيني . والأبواب لك إليّ . ليس لي إليك باب . ولا
بيني وبينك باب . أنت لي ، والأبواب لي . فأنت والأبواب بين يدي . أوقفك
منها فيما أشاء
كلمة الباب كلمة اسمها كلمة ، وكلمتين اسمها كلمة ، وكلمات اسمها كلمة .
لن تراني ، حتى تراني أفعل .
العلم كله طريقٌ إلى العمل .
الجهل عمود الطمأنينة .
المحادثة لسان من ألسنة المعرفة .
الحرف موقوف على هيئته .
ليس الكاف تشبيهاً ، هي حقيقة أنت لا تعرفها إلا بتشبيه .
يوم الموت يوم العرس ويوم الخلوة يوم الأنس .
أغريتك بي حيث لم أجعلك على ثقةٍ من عمرك .
أنظر إليك في قبرك وليس معك ما أردته وما أرادك .
إذا رأيت النار فقع فيها ولا تهرب فإنك إن وقعت فيها انطفت وإن هربت منها طلبتك و أحرقتك .
أنا أوقد النار باليد الثانية .
مالي بابٌ ولا طريق .
إذا كنت كما أريد في كل شيء فابك على نفسك ونادني أعوذ بك من سوء القرين .
نم لتراني فإنك تراني .
العلم
حرف لا يعربه إلا العمل ، والعمل حرف لا يعربه إلا الإخلاص . والإخلاص حرف
لا يعربه إلا الصبر، والصبر خوف لا يعربه إلا التسليم .
الشك في الحرف إذا عرض لك فقل من جاء بك .
الكيف في الحرف .
العبارة حرف ولا حكم لحرف .
إذا جِزتَ لحرف وقفت في الرؤية .
اعلم واجتهد واعمل واجتهد و اجتهد واجتهد فإذا فرغت فالقه في الماء .
لن تدوم في عمل حتى ترتبه وتقضي ما يفوت منه وإن لم تفعل لم تعمل ولم تدم .
سيأتيك
الحرف وما فيه وكل شيء ظهر فهو فيه وسيأتيك منه اسمي وأسمائي سرىّ وسر
إبدائي وسيأتيك منه العلم وفي العلم عهودي إليك و وصاياتي وسيأتيك منه السر
وفي السر محادثتي لك وإيماني فسيدفعونك عنه فادفعهم عن نفسك .
لا تدفعهم بمحاورة فلن تستطيع محاورة حق .
الحرف حجاب والحجاب حرف .
العلم المستقر هو الجهل المستقر .
الحرف لا يلج الجهل ولا يستطيعه .
الحرف دليل العلم والعلم معدن الحرف .
أصحاب الحروف محجوبون عن الكشوف قائمون بمعانيهم بين الصفوف .
هلك من ركب وما خاطر .
في المخاطرة جزء من النجاة .
الوقفة خروج الاسم من الحرف .
إذا خرجت عن الحرف خرجت عن الأسماء .
أنا منتهى أعزائي إذا رأوني اطمأنوا بي .
كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة .
الجهل حجاب الرؤية والعلم حجاب الرؤية
من عرف الحجاب أشرف على الكشف .
رأس الأمر أن تعلم ن أنت خاص أم عام .
من يعمل الخاص على أنه خاص هلك .
إن كنت ذا مال فما أنا منك ولا أنت مني .
رؤيتي لا تأمر ولا تنهي ، غيبتي تأمر وتنهي .
لا تقف في رؤيتي حتى تخرج من الحرف و المحروف .
إن لم تشهد ما لا ينقال تشتت بما ينقال .
العبارة ميلٌ فإذا شهدت مالا يتغير لم تمل .
الحرف يعجز أن يخبر عن نفسه فكيف يخبر عني .
أنا جاعل الحرف والمخبر عنه .
كل كاتب يقرأ كتابته وكل قارئ يحسب قراءته .
الكون موقف .
الوسوسة في كل موقف والخاطر في كل كون.
طافت الوسوسة على كل شيء إلا على العلم .
معرفة لا جهل فيها لا تبدو ، جهل لا معرفة فيه لا يبدو .
الشهادة أن تعرف وقد ترى ولا تعرف .
كله لا أنظر إليه ولا يصلح لي .
ليس أعطيك أكثر من هذه العبارة .
أقعد في ثقب الإبرة ولا تبرح وإذا دخل الخيط في الإبرة فلا تمسكه وإذا خرج فلا تمدّه وافرح فإني لا أحب إلا الفرحان .
المماليك في الجنة والأحرار في النار .
مسابك غلط والغلط لا يملك به صواب .
هذه أوطان العامة .
إن لم ينعقد الحياء بهذا الرمز لم ينعقد أبداً.
لحجاب العلوم ظاهر هو علم الحروف ، وباطن هو حكم الحروف .
الخارجون عن الحرف هم أهل الحضرة .
الخارجون عن أنفسهم هم الخارجون عن الحرف .
الحرف يسري حيث القصد جيم جنة جيم جحيم .
قال لي من أهل النار ، قلت أهل الحرف الظاهر قال من أهل الجنة ، قل أهل الحرف الباطن .
كلما قويت في الجهل قويت في العلم .
إن لم تدر من أنت لم تفد علماً ولم تكسب عملاً .
أنا أقرب من الحرف وأن نطق ، وأنا أبعد من الحرف وإن صمت .
الحرف خزائني فمن دخلها فقد حمل أمانتي .
الحرف لغات وتصريف وتفرقة وتأليف وموصول ومقطوع ومبهم ومعجم وأشكال
وهيئات ، والذي أظهر الحرف في لغة هو الذي صرفه والذي صرفه هو الذي فرقه
والذي فرقه هو الذي ألفه والذي ألفه هو الذي واصل فيه والذي واصل فيه هو
الذي قطعه والذي قطعه هو الذي أبهمه والذي أبهمه هو الذي أعجمه والذي أعجمه
هو الذي أشكله والذي أشكله هو الذي هيأه ، ذلك المعنى هو معنى واحد ذلك هو
نور واحد ذلك الواحد هو الأحد الواحد .
رمزت الرموز فانتهت إليّ و افصحت الفواصح فانتهت إليّ .
صاحب الرؤية يفسده العلم كما يفسد الخل العسل .
أنا الظاهر فلا تحجبني الحواجب وأنا الباطن لا تظهرني الظواهر .
أول الفتنة معرفة الاسم .
الحروف
كلها مرضى إلا الألف ، أما ترى كل حرف مائل ، أما ترى الألف قائماً غير
مائل ، إنما المرض الميل وإنما الميل للسقام فلا تمل .
الحرف ناري الحرف قدري الحرف حتمي من أمري الحرف خزانة سري .
تعرف الأسماء وأنت في بشريتك وتعرف الحروف وأنت في بشريتك يأكل الخبل عقلك.
ليحذر من عرف أسمائي من خبل عقله ثم
ليحذر من عرف أسمائي من خبل عقله .
مقامك
من وراء الحرف لديّ ومن وراء مفاتيح الحروف . فإذا أرسلتك إلى الحروف
فاقتبس حرفاً من حرف كما نقتبس ناراً من نار ، أقول لك اخرج ألفاً من باء
اخرج باء من باء اخرج ألفاً من ألف .
(نصوص غير منشورة )
المخاطبات
بينة
كل العيون تتساوي نواظرها وتتباين مناظرها. فمناظر العموم من نواظرها في
إطراقها فعن قصد ما ترجع نظرا، ولو كافحها المنظور بالمنظر تقية وقفها عن
الإطراق إلا بها وأرسلها عن النظر إلا به. فحيرت عن الايراء في المرأى،
وانفصلت عن الرئي بالموري.
والخصوص يجدون بالمنظور في شاهد النظر. فإذا أوقفهم علي حواضر المرئية
وينسي بهم مبالغ الاحتمال، أحالهم عما وجدوا به. فاطرقوا بوجد الإحالة، لا
بوجد الإمالة وبعلم الوجد المحول.
فان أريد الخصوص بنظر بعد الإطراق، فبوجد جديد. وإذا أريد العموم، فبعلم جديد.
وحين اخبر المطرق بي للمطرق به، أشرت إلي، ولما يدركني فاخبره أني. ولا يوجد بي بصدق انه عنك، كما أصدق انك عني.
وسائطك إليٌ همك! فإذا رأيته متعلقا بمرادي، فهو ا
تحية حبية
لعائد إليك بجوابي. وإن رأيته متعلقا بمرادك، أين نظرت من مرادي، فخونه فيما يعود به إليك من جوابي.
وقد عدل بك عن طريق مراده طريق مرادك من مراده، فحجبا أين ظفرت بجوابه؟
ووسائطي
إليك الطمأنينة فيما يعود به الهم إذا تعلق بمرادي. علامتان، ان لم تأتني
بهما، فقد اطمأنت بغرورك، وهما: سكوت عن غضك فيما ألزم ومحوك لرؤية فضلك
فيما أشهدك من تمام من العافية.
ولسكوت لسان الشرع عن غضك علامتان، ان
لم تأت بهما فقد أصمتك دعواك، فخيل لك الصمم فقد لسان الذم، وهما: شهادته
لك بتمامك في اجتناب التأويل وطرح الفضول التي لا يمكنها عندك إلا مراعاتها
عليك من مراعاة الفرائض به، وهو همك وعقلك. فإذا جعلتهما راعيين لغرض
يرعاه نظري، مقته، ولفضل يرعاه نظرك، حبه، وشر الرعي، فلم يمكنك إفراد هم
للفرائض وعقل للفضائل، اختلط لاختلاط رعيهما. فهما راعيان في جبلة راع
واحد.
ولا يصح رعي الحقيقة، لأن الحقيقة تعتبر ما أوجبت. فإذا صح لها
كما أمرت دعت وندبت، احتسبت بالفضل من حيث دلت علي حفظ. ولا يصح رعي الفضل
بلسان التأويل، لأن التأويل يوجه وجوها في التوجه اليها، من حيث استحسان
الهوى، وجه القصد. والفرض ولا يحكم في شرطه. والحق تعالي أظهر مظهرا أوجده،
أي نقش واعلمه به تعالي إقرارا وتسليما، واستأثر عليه بالعلم به قبل في
كونه وبعد قيامه. فكان علمه موجودا له لا به. وأبانه عن أمره لاعنه، فكان
أمره وهو قدرته صفة له تعالي فاقتضت الصفة موصوفا بها وموصوفا له. فالحق
تعالي موصوف بالصفة، والحدث موصوف له الصفة. ولا ينبغي للحدث ان يكون وصفا
للحق تعالي، من قبل انه كان في العلم قدم. فلو كان الحدث صفة القدم، لما
نصب علم القدم. والحق سبحانه وتعالي مستغن بوجوده عما أوجد له به. وكما أن
العلم اقتضي عالما، وهو الحق، واقتضي معلوما وهو العبد، فكذلك الصفة تقتضي
موصوفا وهو الحق، ويقتضي واصفا وهو العبد. فإذا جعل الوصف صفة والمعلوم
علما، يذهب إلزام العلم والصفة لعالم ومعلوم وواصف وموصوف.
أخبار الأدب: 8 يونيو 2003
محمد بن عبدالجبار النفّري (ت 354 هـ/965م)
من تحاور ومن يسمع
ليس هو أن تتعلم الإقبال ، هو أن تتعلم الانصراف .
اطرد عقلك عن الحكمة المرتبة .
بين النطق والصمت برزخ فيه قبر العقل وفيه قبور الأشياء .
إنما أحادثك لترى ، لا لتُحادثَ . فإذا حادثتُك رأيت فإذا رأيت ، فلا حديث .
بيتي في الحكمة وليس للحكمة باب ولا سور. وكل بيتي أبواب ولا سقف له يظلّه ، ولا أرض له تقلّه .
لكل شيء سر : إذا وقفت عليه ، حملته ولم يحملك ، ووسعته ولم يسعك .
السر
في العمل ، حصول الآخرة وبها استجاب العمال للعمل ، وفي استجابتهم للعمل ،
يختلفون فيه ويفترقون عنه ، فالعلم مختلفٌ . ومن استجاب له ، يختلف
باختلافه .
إن دخلت في العلوم ، فادخلها عابراً : إنما هي طريقٌ من
طرقاتك فلا تقف فيه ، فيأتيك الذين بنوا فيه ، فيغروك بمنازلهم التي بنوها
فيه .
ليس أمامكم باب فتقصدون ، وليس وراءكم باب فتلفتوا إليه .
قُلْ حتى أسمع .
جاءتك
الحروف ، فقالت لك : قل للأنس ، وجاءتك الحروف ، فقالت لك : قل للجن .
وجاءتك الحروف ، فقالت لك : قل للملائكة . وجاءتك الحروف فقالت لك : قل لله
، قل للحروف : إنما أنت لله .
إن قلوب الأنس ، أبوابها إلى كل الحرف .
سر فأنا دليلك إليّ .
لمن تحاور ومن يسمع منك
نادى : يا جدل ، يا جدال ، ويا »لم« ! ويا »كيف « ! ويا دليل ، ويا سيل ! فجاءه كل شيء إلا الحكمة .
قد
جعلت المعاني في عقلك ، وجعلت الحروف على لسانك ، فالحروف أسمائي ،
والمعاني فعلي ، وقد جعلت لك إظهار فعلي بأسمائي . فإن جمعت بي حرفين في حق
، شهد ذلك وإن جمعت بي حرفين في غير حق ، شهدا عليك .
ليس كل ناجٍ حكيماً .
إنك ما أضمرت بقلبك .
كل اسم من أسمائي مجلسٌ . فقف في مجلس المبدئي المعيد .
ضاق العلم : العلم ضيّقٌ . ضاقت المعرفة : المعرفة ضيق . ضاق الأدب : الأدب ضيق . ضاق الكون : الكون ضيق .
في الرؤية ضيقٌ تعرفه ، ولا تعبره .
الأبواب
إليّ كلمات . لكل باب ألف كلمة . كل كلمة منها موقف فيه . ففي كل باب ألف
موقف . والأبواب بينك وبيني . والأبواب لك إليّ . ليس لي إليك باب . ولا
بيني وبينك باب . أنت لي ، والأبواب لي . فأنت والأبواب بين يدي . أوقفك
منها فيما أشاء
كلمة الباب كلمة اسمها كلمة ، وكلمتين اسمها كلمة ، وكلمات اسمها كلمة .
لن تراني ، حتى تراني أفعل .
العلم كله طريقٌ إلى العمل .
الجهل عمود الطمأنينة .
المحادثة لسان من ألسنة المعرفة .
الحرف موقوف على هيئته .
ليس الكاف تشبيهاً ، هي حقيقة أنت لا تعرفها إلا بتشبيه .
يوم الموت يوم العرس ويوم الخلوة يوم الأنس .
أغريتك بي حيث لم أجعلك على ثقةٍ من عمرك .
أنظر إليك في قبرك وليس معك ما أردته وما أرادك .
إذا رأيت النار فقع فيها ولا تهرب فإنك إن وقعت فيها انطفت وإن هربت منها طلبتك و أحرقتك .
أنا أوقد النار باليد الثانية .
مالي بابٌ ولا طريق .
إذا كنت كما أريد في كل شيء فابك على نفسك ونادني أعوذ بك من سوء القرين .
نم لتراني فإنك تراني .
العلم
حرف لا يعربه إلا العمل ، والعمل حرف لا يعربه إلا الإخلاص . والإخلاص حرف
لا يعربه إلا الصبر، والصبر خوف لا يعربه إلا التسليم .
الشك في الحرف إذا عرض لك فقل من جاء بك .
الكيف في الحرف .
العبارة حرف ولا حكم لحرف .
إذا جِزتَ لحرف وقفت في الرؤية