تاريخ التسجيل : 11/04/2010 وســــــــــام النشــــــــــــــاط : 3
01102011
ميكانيزم الخوف في الدماغ
الانسان مثله مثل بقية الحيوانات لديه ردود فعل انعكاسية تسمح له بالتعاطي مع الخطر قبل ان يبدأ التفكير الواعي. الجسم يفرز على الفور هرمونات تهيء الجسم لاسوء الاحتمالات: الشعر يقف، يزداد معدل خفقات القلب، يرتفع ضغط الدم و العضلات تتوتر. نحن نهرب او ندخل في صراع قبل ان نعيي مالذي حدث بالفعل، مما يعني ان هناك ميكانيزم إتخاذ قرار اوتوماتيكي. دراسة هذا الميكانيزم يظهر بوضوح ان افعالنا ليست الا انعكاسات لتفاعلات كهربائية وكيميائية، واي خطأ فيها يشكل خطر على ردود فعلنا العكسية مما قد يهدد وجودنا. على الاخص يظهر بوضوح ان الجبن والشجاعة على العموم مسألة خارجة عن سيطرة الانسان نفسه وليس هو المسؤول عن جبنه.
كيف يحدث هذا؟ الجواب يوجد في ميكانيزم عمل الدماغ. العالم الامريكي المتخصص بالدماغ Joseph Le-Doux من جامعة نيويورك تمكن من خلال تجربة على الجرذان من البرهنة على ان موجات قوية محفزة للتردد والقلق لاتمر عبر الطريق العادي مخترقة منطقة الدماغ التي تحتوي على الوعي، بل ان الموجات تأخذ طريق اقصر مباشرة الى مركز الانذار.
عندما نرى مثلا، سيارة قادمة بإتجاهنا بسرعة كبيرة، لايوجد مايكفي من الوقت لمعالجة نبضات رد الفعل في مركز البصر الواقعة في مؤخرة الرأس وفي مركز الذاكرة الواقعة في مقدمة الرأس . النبضات الكهربائية ترسل مباشرة الى الجزء المسمى amygdala الذي يقوم فورا بوضع الجسم في حالةانذار قصوى ، في نفس اللحظة نطلق ارجلنا للفرار.
بعد 15 سنة من التجارب على إخافة الفئران توصل العالم Joseph Le-Doux الى ان الدماغ يملك طريقين للاشارات النبضية المرتبطة بالمشاعر: الاول سريع مخصص للمشاعر العنيفة مثل الخوف، والثاني طويل مخصص للمشاعر الطرية الاكثر وعيا مثل الحب. هذا الطريق القصير يمكن ان يكون سبب صعوبة السيطرة على مشاعر الغضب الهائجة.
الفئران تتشابه مع لانسان العالم Joseph Le-Doux اجرى تجاربه على الفئران وليس الانسان، ورغم ذلك فهو مقتنع ان الفئران تتشابه مع الانسان بما يكفي للتعرف على كيفية تعامل الدماغ الانساني مع المشاعر القوية. اقسام الدماغ التي تتعاطى مع الخوف ضرورية لجميع الكائنات في الصراع من اجل البقاء، بغض النظر عن الماكن الذي تعيش فيه هذه الكائنات. الخوف هو شعور لاغنى عنه من اجل البقاء ولذلك لازالت الكائنات تملكه رغم التطور وبفضله.
Joseph Le-Doux بدأ تجاربه بتخويف الفئران بواسطة الصوت ليتبعه صعقة كهربائية خفيفة. الفئران تعلموا بسرعة ان الصوت يعني خطر والصوت جعلهم يتجمدون من الخوف حتى ولو لم يحصلوا على صعقة. الحلقة الثانية في التجربة كانت وضع خريطة لطريق النبضات الكهربائية لمشاعر الخوف في دماغ الفئران. السؤال الاول كان لمعرفة فيما اذا كان لمركز حاسة السمع اية اهمية في إطلاق مشاعر الخوف. لقد قام بتخريب مركز السمع عند عدد من الفئران ولكنهم لازالوا يخافون بنفس الطريقة كما في السابق.
النبضات الصوتية تعالج ايضا في المركز المسمى thalamus حيث يجري ربط مختلف مناطق الدماغ مع بعضها. عندما يجري تخريب هذه المنطقة تقفد الفئران القدرة على تذكر ان الصوت كان إشارة تحذير عن الخطر. لقد ظهر ان الاشارات تعبر الدماغ ذاهبة الى thalamus ولكن هذا لايعني بالضرورة ان الاشارات تستمر بعد ذلك في طريقها الى مركز السمع او مركز الذاكرة من اجل ان ينشأ الخوف عند الفئران.
من اجل التحقق من هذه العلاقة بدأ Joseph Le-Doux بقطع الاعصاب المنطلقة من هذا المركز الى بقية انحاء الدماغ كل عصب على حدة لرؤية النتائج التي يخلفها. التجربة اثبتت ان الخوف يختفي فقط عند قطع عصب الاتصال بين thalamus والمنطقة المسماة amygdala. المنطقة المذكورة اخيرا على شكل اللوزة وتتموضع فوق العصب الشوكي. من وظيفتها التحكم بضربات القلب والتنفس وضغط الدم، وهي جميعا وظائف لها علاقة بالخوف.
مسؤولية amygdala عن تحضير الجسم للخطر، بإعتبارها مركز الطوارئ، اظهرته التجارب الاخرى. الفئران المصابة بإضرار في amygdala لم يحدث لديهم التجمد عن الحركة بسبب الخوف لصدور الصوت، وضغط الدم لم يرتفع. لقد فقدوا القدرة على الخوف.
بتعبير اخر فأن طريق إشعار الخوف يمر من thalamus الى amygdala التي تقوم على الفور بقرع اجراس الخطر. النبضات التي توقظ الخوف الواعي مثلا بسبب رؤية شخص نخاف منه ، تأخذ طريقا اخر واطول. هنا تقوم النبضات بالذهاب عبر thalamus الى مركز البصر ومنه الى مركز الذاكرة، حيث يجري تحليل النبضات التي تحفز الخوف قبل ارسال الاشعارات الى amygdala الذي يقوم عندئذ بتحضير الجسم.
عندما نعايش حادث يبعث على الخوف يجري تخزين هذه المعايشة في amygdala حيث تبقى طول العمر. بقية اجزاء الدماغ يقومون بتحليل هذه المعايشة ويتحكمون بمشاعر الخوف، عندما لايبقى من سبب للخوف.
هذا الميكانيزم قام Joseph Le-Doux ايضا بدراسته. في البداية جرى تعليم الفئران ان تخاف الصوت المترافق مع الصعقة الكهربائية. فيما بعد اصبح الصوت لايتبعه صعقة كهربائية. بعد فترة من الزمن بدأت الفئران تشعر بالارتخاء وخوفها اصبح يختفي ببطء.. الان قام الباحث بتدمير منطقة الوعي عند مجموعة من الفئران فكانت النتيجة ان الفئران لم يعد يستطيعوا التوقف عن الخوف.
التجربة اثبتت ان مركز الذاكرة في مقدمة الدماغ يقوم في الحالات الطبيعية بالتحكم بمشاعر الخوف الغير ضرورية. لهذا السبب لانشعر بالرعب عندما نسمع زئير الاسد في حديقة الحيوانات، لكون الذاكرة تعلم انه مسجون في قفص. غير ان هذا الميكانيزم ليس فعال مئة بالمئة ولايجب ان يكون. عندما يتعلق الامر بالحياة او الموت فمن الافضل ان نكون على حذر، ونكون خائفين مرة زائدة احسن من مرة ناقصة.
من الناحية العصبية اظهر Joseph Le-Doux ان الروابط العصبية التي ترسل النبضات من مركز الذاكرة الى amygdala ليست نامية بنفس درجة المسيارات العصبية التي ترسل الاشارات الى الجهة المعاكسة. هذا يعني ان الاشارات عن الخوف الصادرة عن الاميغدالا اقوى من نبضات التهدئة الواعية، مما يجعل من الصعب تهدئة الخوف لوقت طويل بعد معايشة مخيفة بعمق.
حسب الباحث جوزيف، يعتبر هذا الاكتشاف كافي لايضاح اسباب كون الانسان غالبا يجد صعوبة في السيطرة على مشاعر الحركة مثل الخوف. وبالرغم من عدم انتهاء وضع خارطة تامة وكاملة لطريق جميع انواع النبضات فعلى الاغلب تملك بقية المشاعر الاساسية مثل الجوع والرغبات الجنسية الميكانيزم نفسه.
Row A illustrates areas of the prefrontal cortex where higher cognitive processes occur. Row B shows brain areas involved in visual aspects of recreating memories, which can be actively suppressed. Row C shows areas of the brain involved in creating and remembering memories. These areas can also be suppressed with practice. Credit: Science